عادل الباز: ما الجديد في رحلة البرهان لنيويورك؟
تاريخ النشر: 29th, September 2024 GMT
1 الجديد هو التوقيت ، وهي اللغة التي تحدث بها ، وهي بعض المواضيع التي تطرق لها في خطابه في الأمم المتحدة، وفي المؤتمر الصحفي الذي أعقب الخطاب، الجديد هو الاستقبال الذي حظي به من جماهير الجالية هناك، كذلك سمع العالم لأول مرة حكاية حرب الجنجويد وماذا فعلت بالسودانيين.
2
من حيث التوقيت، فإن مغادرة قائد دولة إلى خارج بلاده وسط معمعة حرب مشتعلة في طول البلاد وعرضها فإن ذلك يعني أن القيادة ليس لديها ماتخاف عليه او منه، و يشي ذلك بأن ثقتها متوفرة في كل القيادات التي تتولى أمر البلاد وتدير المعركة على الأرض، وكما يشير السفر في هذا التوقيت إلى الاطمئنان على الأوضاع في كافة جبهات القتال، وخاصة وسط تسريبات بقرب بسقوط الفاشر خلال الأسبوع الماضي.
الملاحظة الثانية في التوقيت الذى تزامن مع انفتاح كبير وغير مسبوق للجيش في كافة المحاور، إذ استطاعت القوات المسلحة السيطرة على 90% من الكباري ومداخل الخرطوم، وكأن السفر كان مخططاً له او هو جزء من عملية التمويه الواسعة التي قامت بها القوات المسلحة وهي تستعد للعبور الكبير.
3
الملاحظات حول اللغة، هى لغة الواثق من النصر أو هي لغة المنتصر، إذ أنطلق الخطاب من منصة الهجوم، فهاجم المليشيا وداعميها الإقليميين قائلاً (العدوان المدمر الذي تقوده مليشيا الدعم السريع مسنودة بدول في إقليمنا وفرت لهم الدعم المالي وسهلت لهم تجنيد وترحيل المرتزقة والسلاح مما تسبب في قتل عشرات الآلاف وتهجير ملايين السودانيين)، مشيراً لرصد جرائم تطهير عرقي وتهجير قسري وإبادة جماعية ارتكبتها مليشيا الدعم السريع.
ثم هاجم المجتمع الدولي الذي وقف صامتاً أمام جرائم الجنجويد التي هي ضد كل الشرائع والقوانين الدولية حين قال (أنا أتساءل هنا لماذا لم تتخذ المنظومة الدولية إجراءً حاسماً ورادعاً حيال هذه المجموعة ومن يقف خلفها رغم كل ما ذكرت وشاهد العالم من إرتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، وتلك المجموعة ترفض تنفيذ قرارات مجلس الأمن والمنظمات الإقليمية هذا الأمر يعزز ما ذكرته من ضرورة إصلاح مجلس الأمن حتى لا تصبح إزدواجية المعايير والإفلات من العقاب والمساءلة سمة من سمات هذه المنظمة).
واصل الرئيس البرهان في أكثر من فقرة في الخطاب هجومه غير المسبوق على سياسات وممارسات المؤسسات الدولية قائلاً (إن تنامي تصرفات الانفراد خارج نطاق الأمم المتحدة بما يتنافى مع الميثاق والقانون الدولي واستخدام وسائل وآليات الإكراه السياسي والاقتصادي لتحقيق أهداف سياسية تساهم بشكل رئيسي في زعزعة الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي وإشعال الحروب كما أن الانتقائية وازدواجية المعايير باتت السمة الغالبة في العلاقات الدولية). في المؤتمر الصحفي الذي عقد بنيويورك امس واصل الرئيس إفاداته وأبدى استغرابه من موقف المجتمع الدولي وقال إن ما يجري هو وجه من وجوه الاستعمار الجديد. واللافت والجديد أيضاً في المؤتمر الصحفي هو حديثه عن تورط الإمارات، إذ لأول مرة يذكر الرئيس البرهان الإمارات بالإسم كدولة متورطة في الحرب في السودان حين قال(هناك أدلة كثيرة تثبت تورط دولة الإمارات في حرب السودان، مشيراً لرصد حركة الطيران بنقل الأسلحة للمليشيات من الإمارات ليوغندا ثم إلى تشاد وهو أمر أثبتته تقارير الأمم المتحدة.
4
ملاحظة أخرى من المهم رصدها أيضاً، هو إلحاح الرئيس على موضوع تصنيف المليشيا كمنظمة إرهابية، إذ كرر تلك المطالبة في خطابه ثلاثة مرات مشدداً على ضرورة تصنيف المليشيا المتمردة على الدولة، كميليشيا إرهابية لأنها اقترفت كل ما تقوم به المجموعات الإرهابية في العالم. قائلاً (ما رصد لها من جرائم تطهير عرقي وتهجير قسري وإبادة جماعية ارتكبتها مليشيا الدعم السريع يوجب تصنيفها كجماعة إرهابية، فهي تمارس جميع هذه الجرائم باستمرار وبكل أسف تجد الدعم والمساندة من دول في الإقليم تمدهم بالمال والمرتزقة لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية في تحدٍ صارخ للقانون والإرادة الدولية) .
5
أخيراً كان مدهشاً ذلك الاستقبال الحميم الذى تلقاه الرئيس البرهان من أفراد الجالية السودانية أمام مبنى الأمم المتحدة، إذ لأول مرة يتلقى رئيس سوداني مثل هذا الاحتفاء وكان عهدنا دائماً أن الرؤساء يستقبلون بالهتافات المعارضة لسياساتهم.
المهم أيضاً أن كثير من الرؤساء الذين التقاهم البرهان قد سمعوا منه مباشرة قصة الحرب وكذلك الصحفيين.
6
بهذه الزيارة والخطاب واللقاءات، تم دق آخر مسمار في نعش الشكوك حول شرعية الحكومة والتخرصات التي روجها أعداء السودان وعملاء الغرب وعبيد الدراهم، ها هو الرئيس البرهان يؤكد شرعيته الدولية ويصعد أعلى منظمة في العالم ليخاطب العالم والأمم “غير المتحدة” لا لكي يداهنها ويخضع لترهاتها وتصوراتها وظلمها، بل ليهاجمها ويعرّي ممارساتها ومواقفها وسياستها تجاه ما يجري في السودان مطالباً المنظمة الدولية بإصلاح نفسها قبل أن تسعى لإصلاح العالم.
عادل الباز
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الرئیس البرهان الأمم المتحدة
إقرأ أيضاً:
تتهمها بتسليح قوات الدعم السريع..السودان ترفع دعوى ضد الإمارات في محكمة العدل الدولية
الثورة / الخرطوم/ وكالات
قالت محكمة العدل الدولية أمس الأول إن السودان رفع دعوى على دولة الإمارات، متهما إياها بتسليح قوات الدعم السريع شبه العسكرية وانتهاك التزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها بسبب الهجمات في ولاية غرب دارفور.
فيما قال مسؤول إماراتي في بيان لرويترز إن بلاده ستسعى إلى رفض القضية على الفور. وتقول الإمارات إن القضية تفتقر إلى “أي أساس قانوني أو واقعي”.
وتتعلق الاتهامات بهجمات عرقية مكثفة شنتها قوات الدعم السريع والمليشيات العربية المتحالفة معها ضد قبيلة المساليت غير العربية في عام 2023م بغرب دارفور، وهي الهجمات التي رصدتها رويترز بالتفصيل. ووصفت الولايات المتحدة تلك الهجمات بأنها إبادة جماعية في يناير كانون الثاني.
ولم ترد وزارة الخارجية السودانية بعد على طلب التعليق، واطلعت رويترز على نسخة من الطلب الذي تقدم به السودان.
ودأب مسؤولون سودانيون على اتهام الإمارات بدعم قوات الدعم السريع في الحرب الأهلية الدائرة منذ نحو عامين، وهي اتهامات تنفيها الإمارات لكن خبراء من الأمم المتحدة ومشرعين أمريكيين يرون أن الاتهامات لها ما يدعمها.
وجاء في بيان لمحكمة العدل الدولية أن السودان اتهم قوات الدعم السريع بارتكاب “إبادة جماعية وقتل وسرقة ممتلكات واغتصاب وتهجير قسري وتعد على ممتلكات الغير وتخريب ممتلكات عامة وانتهاك حقوق الإنسان”.
وقالت الحكومة السودانية إن “جميع هذه الأعمال ارتُكبت وأعان عليها دعم مباشر قدمته الإمارات إلى قوات الدعم السريع المتمردة والميليشيات المرتبطة بها”.
وقال المسؤول الإماراتي “الإمارات على علم بالطلب المقدم من ممثل القوات المسلحة السودانية في الآونة الأخيرة لمحكمة العدل الدولية، وهو ليس إلا حيلة دعائية خبيثة تستهدف تحويل الانتباه عن الضلوع الراسخ للقوات المسلحة السودانية في الفظائع واسعة النطاق التي ما زالت تدمر السودان وشعبه”.