هل عجّلت الانتخابات الأميركيّة قرار اغتيال نصرالله؟
تاريخ النشر: 29th, September 2024 GMT
كتب جورج عيسى في" النهار": منذ دخلت الولايات المتحدة المرحلة الأخيرة من الانتخابات الرئاسية، وهي عادة تبدأ يوم عيد العمال الذي تحتفل به البلاد أوائل أيلول سرت تحليلات بخصوص ما ستفعله إسرائيل في الشرق الأوسط خلال هذه الفترة. بدأت إسرائيل تصعّد عملياتها ضد "حزب الله" في لبنان أواسط الصيف، لذلك قال محللون إن رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو سيواصل الحرب حتى يوم الانتخابات تقريباً.
افتقر هذا التحليل إلى الإجابة على نقاط أساسية: كيف أمكن أن تغض إدارة بايدن الطرف عن حرب قد تكلف حزبها البيت الأبيض؟
لم يكن هناك من جواب شافٍ على السؤال. من جهة، كان الديموقراطيون بحاجة إلى الصوت العربي الغاضب مما يجري في غزة، وهو صوت متركز في ولاية ميشيغان المتأرجحة. هناك، تبدو المرشحة الديموقراطية ونائبة بايدن كامالا هاريس متقدمة بهامش ضئيل على منافسها دونالد ترامب (1.8 نقطة مئوية بحسب آخر معدل استطلاعات ريل كلير بوليتيكس).
أظهر بايدن أنه واحد من الرؤساء الأميركيين الأكثر حرصاً على المصالح الإسرائيلية، إن لم يكن أحرصهم على الإطلاق. لهذا السبب ربما، لم يفرض بايدن خلف الكواليس ما يكفي من الضغط على نتنياهو كي ينهي حربه على غزة. تصح تلك الفرضية على مسار نتنياهو في حربه على "حزب الله". لكن مجدداً، لا تحل هذه الفرضية نقطة ضعفها الأساسية.
سيدعم بايدن نتنياهو في حربه، لكنه لن يصل إلى حد دعمه له على حساب دعمه لنائبته. إذا كانت الحرب على غزة ستضعف قاعدة التصويت العربية لهاريس، بل قاعدة التصويت الشبابية لها بشكل عام، فسيتوجب على بايدن ضغط الفرامل على المساعدات السياسية والديبلوماسية والعسكرية لإسرائيل. بعد انتهاء الانتخابات، سيكون بإمكان الديموقراطيين العودة إلى مساندة حليفتهم إذا احتفظوا بالبيت الأبيض.
العقبة الأخرى أمام معرفة جوهر الحسابات الدقيقة لبايدن وإدارته هي معرفة ما إذا كانت أميركا قادرة فعلاً على ممارسة الضغط الكافي على حلفائها لتغيير سلوكهم. على عكس الشائع، يبدو أن ثمة حدوداً للنفوذ الأميركي على الحلفاء. لم تستطع أميركا دوماً فرض إملاءاتها على حليفتها سايغون خلال حرب فيتنام، وكذلك على حليفتها كابول خلال العقد الماضي تقريباً. كان حلفاء أميركا يدركون في خضم تحالفهم أن الولايات المتحدة لن تتخلى عنهم لأن البديل عنهم سيئ أو أسوأ. في نهاية المطاف، لن تقوم واشنطن بدعم أعدائها فقط لأنها مستاءة من حلفائها. لذلك، تمتع الحلفاء بهامش لتخييب ظن أميركا.
حتى في التطورات الأحدث، تبدو الولايات المتحدة عاجزة عن التحكم بسلوك حلفائها. ما يحصل في أوكرانيا دليل فاقع على ذلك. لم ترد إدارة بايدن مثلاً أن تطلق كييف هجومها على كورسك. وذكرت تقارير أن إدارة بايدن طلبت من أوكرانيا عدم استهداف المنشآت النفطية في روسيا، خشية من أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع أسعار الطاقة وانعكاس ذلك سلباً على الاقتصاد الأميركي، وبالتالي، على الآفاق الانتخابية للديموقراطيين.
على افتراض صحة تلك التقارير، لا يحتاج متابعو الحرب بين روسيا وأوكرانيا إلى الكثير من الجهد لمعرفة أن كييف لم تلتزم بهذا الطلب، هذا إن لم تصعّد هجماتها على المنشآت النفطية بشكل أكبر. من هنا، تبدو وجهة النظر التي تقول إن الضغوط الأميركية على الحلفاء ليست دوماً ناجحة وجهة نظر منطقية.
مع ذلك، لا يعني ما سبق أن الضغط الأميركي، ولو كان قاصراً عن تحقيق أهدافه بشكل دائم، هو ضغط غير معرقل.
نقطة التحول؟
بالعودة إلى الأمثلة السابقة، لا تزال أوكرانيا ملتزمة بالخط الأحمر الأميركي القاضي بعدم السماح لها باستخدام الصواريخ البعيدة المدى في عمق الأراضي الروسية. ورضخت حكومة كابول لطلب إدارة ترامب القاسي والمتمثل بالإفراج عن آلاف مقاتلي "طالبان" من السجون الأفغانية. كذلك، بدا أن لتمرد نتنياهو على قرارات بايدن حدوداً.
يوم الأربعاء، أصدرت الولايات المتحدة وعدد من حلفائها بياناً دعا إلى وقف "فوري" لإطلاق النار لمدة 21 يوماً بحيث يؤدي إلى توفير مساحة "نحو التوصل إلى تسوية ديبلوماسية". في حين أنه لم يكن من المتوقع أن يؤدي ذلك إلى وقف إسرائيل الحرب، أمكن قول إن مساحة المناورة أمام الحكومة الإسرائيلية بدأت تضيق. يمكن أن يكون الواقع الجديد قد سرّع مواصلة نتنياهو تصعيد الحرب حتى أوصله إلى اغتيال أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله.
لكن قد تكون الصورة أوسع بقليل من الضغط الحالي الذي يمكن أن تمارسه إدارة بايدن. ربما وسّع نتنياهو إطار عملياته تحديداً لاستباق لفوز هاريس بالرئاسة. يعني فوز هاريس، بحسب الباحث السابق في "معهد هدسون" لي سميث، أربعة أو ثمانية أعوام أخرى من بيت أبيض مكتظ بمساعدي أوباما السابقين والمصممين على حماية إيران ووكلائها.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الولایات المتحدة إدارة بایدن
إقرأ أيضاً:
ما خيارات نتنياهو في ظل رفض حماس التمديد للمرحلة الأولى من اتفاق غزة؟
لا يزال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يواصل مناوراته وتهديداته باستئناف الحرب على قطاع غزة، مستغلا في ذلك عدم توصل مباحثات القاهرة إلى ما كان يصبو إليه، وهو تمديد المرحلة الأولى من اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، الشرط الذي ترفضه حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
ووفق القناة الـ13 الإسرائيلية، سيبحث نتنياهو الليلة خيارات عسكرية عند انتهاء وقف إطلاق النار، وهو القرار الذي يأتي بعد محادثات القاهرة، التي قال مسؤولون إسرائيليون إنها "لم تكن جيدة".
وفي هذا السياق، يعتقد الكاتب المختص في الشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين أن "نتنياهو يضع المسدس على طاولة المفاوضات ويشحنه"، ولم يستبعد أن يقوم بمناورات عسكرية ميدانية فعلية، بعد أن تنتهي المرحلة الأولى من الصفقة، ولذلك يجب أخذ تصريحاته حول إمكانية استئناف الحرب بجدية.
غير أن موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي -يضيف جبارين- يتوقف على موقف الوسطاء، وخاصة المبعوث الأميركي ستيفن ويتكوف، الذي قال جبارين إنه كانت له تصريحات إيجابية تتعلق بضرورة الذهاب إلى مفاوضات المرحلة الثانية.. لكن هل سيعبأ نتنياهو بهذا الموقف؟ يتساءل المتحدث نفسه.
ولفت جبارين في السياق ذاته إلى أن البيت الأبيض أعطى قبل عدة أيام نوعا من التفويض لرئيس الوزراء الإسرائيلي ليدير هذه المرحلة وفق ما يراه مناسبا، وجاء ذلك على لسان الرئيس دونالد ترامب ومبعوثه الخاص إلى الشرق الأوسط ويتكوف.
إعلانغير أن هذا التفويض الأميركي يبدو مكبّلا من الداخل الإسرائيلي الذي يطالب بإعادة الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية في غزة، حسب جبارين.
ومن جهته، يقول الباحث في الشؤون السياسية والإستراتيجية، سعيد زياد إن هناك "حالة انقلاب" على الاتفاق، لأن نتنياهو يريد أن يأخذ الأسرى لدى المقاومة ثم يكمل أهداف الحرب، ولا يريد الذهاب إلى المرحلة الثانية من الاتفاق لعلمه أن ذلك يعني بقاء حماس في الحكم وعلى الأرض، وأن الحرب ستتوقف تماما وينسحب الجيش الإسرائيلي من غزة.
وحسب زياد، يعمل الوسطاء حاليا على محاولة ضبط سياق التفاوض على المرحلة الثانية ومنح الأطراف الوقت اللازم لذلك، ورجح أنهم يسعون إلى تمديد المرحلة الأولى لأسبوعين على الأقل حتى يكون المناخ مناسبا لمفاوضات المرحلة الثانية، مشيرا إلى أن حماس لن تقبل بالإفراج عن أسرى مقابل تمديد المرحلة الأولى.
وكشفت هيئة البث الإسرائيلية أن الوسطاء حذروا إسرائيل من أنه إذا لم تبدأ محادثات المرحلة الثانية فلا تمديد لوقف النار.
وحول ما إذا كانت واشنطن ستسمح باستئناف الحرب في غزة، زعم تيم كوسنتين، نائب رئيس تحرير صحيفة " الواشنطن تايمز"، أن "الإدارة الأميركية لا تسيطر على إسرائيل، ولا يمكن أن تجبر نتنياهو على القيام بأي شيء".
لكنه أكد أن "نتنياهو يتعرض لضغوط أميركية كبيرة كي يواصل خط السير من أجل السلام"، مشيرا إلى أن ترامب حتى قبل استلامه السلطة كان يتعاون مع مصر وإدارة سلفه جو بايدن لتحقيق وقف إطلاق النار في غزة.
وقال إن "حماس تريد أن تستمر كحزب سياسي ضمن الشعب الفلسطيني، لكن إذا كان الهدف هو السلام فلا بد أن تقبل بالتنحي".
وتنتهي غدا السبت المرحلة الأولى التي استمرت 6 أسابيع، وقد امتنعت إسرائيل عن الدخول في مفاوضات بشأن المرحلة الثانية، وتسعى لتمديد الأولى لاستعادة مزيد من أسراها في غزة دون التعهد بإنهاء الحرب.
إعلانوقالت حركة حماس في وقت سابق إنه مع انتهاء المرحلة الأولى من الاتفاق، تؤكد الحركة "التزامها الكامل بتنفيذ كافة بنود الاتفاق بجميع مراحله وتفاصيله".