علي الفاتح يكتب: حفرة الشرق الأوسط..!
تاريخ النشر: 29th, September 2024 GMT
تسببت جرائم الكيان الصهيونى ضد الشعبين الفلسطينى واللبنانى فى صناعة حفرة من جحيم بطول وعرض منطقة الشرق الأوسط بعمقها الجغرافى والتاريخى.
استراتيجياً الكيان الصهيونى أول الضحايا، ستلتهم نيران تلك الحفرة وجوده وليس فقط قدرته على البقاء والعيش فى سلام واستقرار.
دول الإقليم وأنظمته السياسية تملك فرصة، ربما تكون الوحيدة، للنجاة، فليس أمامها سوى استدعاء سفينة نوح من أعماق تراثها.
هذه المرة يحتاج بناء السفينة إلى إعادة تقييم الرؤية الاستراتيجية لدى كل دولة من دول الشرق الأوسط لجيرانها فى الإقليم، خاصة أولئك الذين كانت تنظر لهم كمنافسين، أو كطرف آخر للصراع على النفوذ.
بشكل أساسى كل من مصر والسعودية وتركيا وإيران، القوى الأربع الفاعلة الحقيقية فى الشرق الأوسط، معنية بتدشين سفينة النجاة مما هو قادم.
بدون هذه السفينة قد تجد دول المنطقة نفسها متورطة فى حرب إقليمية شاملة بسبب تمدد الإرهاب الصهيونى.
الشرق الأوسط عائم على كنز من الثروات المتعددة والمتنوعة التى أنتجتها حضاراته وثقافاته المختلفة، وشعوبه بما لديها من إرث ربما تكون قادرة على إنتاج قيم حديثة وحضارة جديدة، بعد أن فُرض عليها خيار المقاومة بكل أشكالها السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية المسلحة بالمنهج العلمى العقلانى.
قد تبدو اللحظة الراهنة بائسة، ومع ذلك يمكن القول إن طبيعة التحديات وأدوات المواجهة لم تتبلور، لكنها حتماً ستتجلى أمام الجميع فى اللحظة التى يدركون فيها أن بقاءهم مرهون بالأخذ بخيار المقاومة.
الكيان الصهيونى لم يعد يشكل تهديداً للأمن القومى الخاص بالشرق الأوسط فقط باحتلاله لدولة فلسطين وحروبه التى يشنها ضد شعوب المنطقة، فقد بات يشكل تهديداً وجودياً باستخدامه اللاإنسانى للتكنولوجيا الحديثة والتطور العلمى لإبادة الشعوب المجاورة وفرض سيطرته الأبدية عليها واستعبادها بعد تحقيق حلمه بما يسمى إسرائيل الكبرى، غير أن ذلك ليس كل شىء، فقد صنع الاحتلال الصهيونى حفرة النار التى سيصلى بها.
فبفرض أن جيش الاحتلال تمكّن من تحقيق انتصار عسكرى حاسم على المقاومة فى فلسطين ولبنان، لن يستطيع العيش بسلام واستقرار، حيث ستتمكن فصائل المقاومة الحالية من إعادة بناء نفسها مع استيعاب دروس الماضى والحاضر، وستظل تشكل بؤراً جديدة للمقاومة تهدد أمنه وتجعله فى حالة استنفار، وقد تتخذ أشكالاً أكثر عنفاً وشراسة، لأنها ستكون ردة فعل على جرائم الإبادة الوحشية المرتكبة فى فلسطين ولبنان والمتوقع امتدادها كمرحلة أولى فقط إلى سوريا والعراق واليمن.
الشهيد الأردنى ماهر الغازى، الذى قتل ثلاثة مستوطنين على معبر الكرامة الحدودى، إحدى بشائر تلك البؤر، التى ربما بدأت تتشكل على وقع مشاهد الدم.
ملحوظة على الهامش: ماهر ابن قبيلة الحويطات حفيد الشيخ عودة أبوتايه الحويطى الفارس الذى استطاع الإطاحة بقلعة العقبة أثناء الثورة العربية ضد الاحتلال العثمانى.
وقد خرج من ظهر عودة أبوتايه وعمر المختار وأدهم الشرقاوى ملايين لن يقوى الكيان الصهيونى على مواجهتها.
ومن المفارقات العجيبة أنه قد تكمن مصلحة الكيان الصهيونى فى عدم مقدرته على حسم حربه فى غزة وجنوب لبنان عسكرياً، مما يضطره إلى التراجع التكتيكى فى الميدان العسكرى والسياسى، كما قال المرشد الإيرانى مؤخراً، من باب حفاظه على حماية ما تبقى من قدرات حزب الله البشرية والعسكرية بعد تلقيه ضربات موجعة على يد جيش الاحتلال.
تراجُع الكيان الصهيونى عن مغامراته العسكرية يقوده إلى اتفاق سياسى شامل يُخرجه من مأزق غزة، ويحقق هدفه من الحرب على لبنان بإعادة أكثر من 120 ألف إسرائيلى من مدن وقرى الشمال.
مصلحة الكيان الصهيونى تكمن أيضاً فى الاستجابة لضغوط التحالف الدولى من أجل إقامة دولة فلسطين الذى أعلنت عنه المملكة السعودية مؤخراً فى الأمم المتحدة، وهو تحالف يضم الدول العربية ودول الاتحاد الأوروبى، وهدفه إعلان قيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية والانخراط فى مفاوضات سلام شامل وعادل.
أغلب الظن أن الكيان الصهيونى ماضٍ إلى الهاوية بتمسكه بتحقيق النصر المطلق على المقاومة، وهذا هو المستحيل بعينه تكتيكياً واستراتيجياً.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: جرائم الكيان الصهيونى حزب الله الشعب الفلسطينى الشعب اللبنانى الکیان الصهیونى الشرق الأوسط
إقرأ أيضاً: