عربي21:
2025-01-18@06:41:22 GMT

مصير المقاومة اللبنانية

تاريخ النشر: 29th, September 2024 GMT

تفرز التحولات السياسية الكبرى حركات سياسية كبرى؛ هي حصاد المرحلة والجسر الذي تعبر به الشعوب والجماهير إلى المستقبل بعد أن تأتي الحروب الكبرى على أركان الماضي. وهذا ما حدث في لبنان بعد الاجتياح الإسرائيلي عام 1982 الذي أتى وسط حرب أهلية قاسية، بقيت حركة أمل وولد من رحمها حزب الله.

بقي حزب الله على الساحة نحو أربعة عقود، ثلاثة منها تحت قيادة أمينه العام الراحل السيد حسن نصر الله.

قاد الحزب خلال هذه الفترة المقاومة ورفع شعاراتها، وتوارت معه أية مشاريع مقاومة لبنانية أخرى مثل قوات الفجر التابعة للجماعة الإسلامية السنية في لبنان. نحت حزب الله نموذجا للمقاومة اللبنانية طبق به الآفاق ونجح على مدار عقدين في العبور على جسر الطائفية محليا وعربيا وإسلاميا؛ القوميون والناصريون وجدوا في نصر الله نموذج الزعيم الذي تفتقده الساحة العربية بعد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، فهو المفوه المقاوم المقدام، والمتدينون تغاضوا عن اختلاف مذهبه واكتفوا بدائرة الإسلام والمقاومة ليصبح ممثلا للمقاومة العربية والإسلامية في مواجهة إسرائيل، وكانت صورة السيد بجوار خالد مشعل قديما كفيلة بتأكيد هذا المعنى.

أتت رياح الثورات العربية قبل نحو عشر سنوات لتصيب هذه الصورة في مقتل وتصنع شرخا هائلا، وهو شرخ ليس أقل من شرخ غزو الكويت في مطلع التسعينات، ليطرح الجميع الأسئلة الصعبة: ما هو الحد الفاصل بين ما هو سياسي وما هو أخلاقي؟ وهل تكفي مقاومة إسرائيل لغفران أية سياسات عسكرية أخرى ضربت الأخ والشقيق في مقتل؟ ووصلنا إلى النقطة الفاصلة والطوفان الأكبر يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

في وقت كان يحسب حزب الله حسابات استراتيجية معقدة لا تخرق قواعد الاشتباك، داست إسرائيل على كل القواعد والمعادلات واغتالت رئيس حماس السابق إسماعيل هنية في طهران، قبل أن تلتفت لتركز على لبنان وليسدل الستار على هذه الجولة باغتيال نصر الله
اختطف وهج رئيس حماس يحيى السنوار الأضواء من السيد حسن نصر الله، واختطفت حركة حماس زمام المبادرة. بقي حزب الله والمقاومة اللبنانية في دور المساند ورضوا بهذا الدور مساندة للمقاومة في غزة مع جبهات اليمن والعراق. وفي وقت كان يحسب حزب الله حسابات استراتيجية معقدة لا تخرق قواعد الاشتباك، داست إسرائيل على كل القواعد والمعادلات واغتالت رئيس حماس السابق إسماعيل هنية في طهران، قبل أن تلتفت لتركز على لبنان وليسدل الستار على هذه الجولة باغتيال نصر الله.

أصبح مصير المقاومة اللبنانية أو ما يمكن أن يسمى حاليا بجبهة إسناد غزة في لبنان في مهب الريح. هل هي نهاية حزب الله؟ ربما، لكنها غالبا لن تكون نهاية المقاومة اللبنانية. فمن سيحمل المشعل هذه المرة ومن سيمثل المقاومة؟ لا شك أن البلاد تمر بأيام صعبة، فهي من جهة تخشى من اجتياح بري يعيد للأذهان اجتياح بيروت 1982، ومن جهة أخرى لا تملك أوراق ضغط تكبح جماح تل أبيب.

الخيار الإيراني في منطقة نفوذه في لبنان أصبح محدود الموارد، فلبنان ليس العراق من جهة المحاصصات الطائفية والتوازنات الإقليمية والتماس الحدودي المباشر مع إسرائيل وسوريا
سيناريو التهدئة هو الأقرب من الناحية الواقعية. من الزاوية الإسرائيلية هي لحظة مواتية لوقف إطلاق النار شمالا وإعادة السكان للشمال، وهو ما يعني هزيمة مرة لحزب الله والمقاومة بشكل عام في لبنان.

في هذه اللحظات العصيبة تقف الدولة اللبنانية بكافة مكوناتها وأطيافها منذ اتفاق الطائف أمام مفترق طرق مصيري، فهي بدون المقاومة وسلاحها بلا غطاء حقيقي في مواجهة العدوان الإسرائيلي، والجراح قد أثخنت المقاومة بشكل يصعب فيه أن تدعي تمثيلا وحماية للبنان، على الأقل في الوقت الراهن.

الخيار الإيراني في منطقة نفوذه في لبنان أصبح محدود الموارد، فلبنان ليس العراق من جهة المحاصصات الطائفية والتوازنات الإقليمية والتماس الحدودي المباشر مع إسرائيل وسوريا، وقوات الفجر التابعة للجماعة الإسلامية لا تملك من النفوذ والدعم ما يؤهلها لترث مكان ومكانة حزب الله بين عشية وضحها. هي اللحظات التاريخية ذاتها التي يمر بها العالم العربي وتحمل تحولات كبرى على صعيد الدول والحركات وموازين القوى.

twitter.com/HanyBeshr

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه لبنان حزب الله نصر الله المقاومة لبنان حزب الله المقاومة نصر الله مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المقاومة اللبنانیة فی لبنان نصر الله من جهة

إقرأ أيضاً:

‏المفوض العام لـ "الأونروا": الوكالة تتعهد بمواصلة مساعدة الفلسطينيين رغم حظرها في إسرائيل

قال ‏المفوض العام لـ "الأونروا"، إن الوكالة تتعهد بمواصلة مساعدة الفلسطينيين رغم حظرها في إسرائيل.

وأعلنت إسرائيل، موافقتها رسميًا على الخطة التي اقترحتها الولايات المتحدة الأمريكية، لوقف إطلاق النار بين حزب الله وتل أبيب والذي دخل حيز التنفيذ في الساعة العاشرة من صباح يوم الأربعاء بتوقيت العاصمة اللبنانية بيروت.

وفي وقت سابق، بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي، عملية برية محدودة في جنوب لبنان تستهدف البني التحتية لحزب الله، وسط تحليق مكثف للطيران وقصف مكثف بالمدرعات والدبابات على مناطق الجنوب.

وقد شهدت لبنان حادثة مؤلمة بعد انفجار المئات من أجهزة الاتصال "البيجر" المستخدمة من قبل عناصر حزب الله، ما أسفر عن مقتل 11 أشخاص وإصابة نحو 3000 آخرين.

هذه الحادثة أثارت اهتمامًا دوليًا واسعًا، حيث كانت الأجهزة المنفجرة تُستخدم للتواصل بين عناصر الحزب.

مقالات مشابهة

  • بيئة الحزب تلوِّح بأشكال جديدة من المقاومة
  • حلقة النار ضدّ إسرائيل وأساسها لبنان.. هل انتهى دورها؟
  • جوتيريش يحث إسرائيل على الانسحاب من الأراضي اللبنانية
  • نجيب ميقاتي: الرئيس الفرنسي وعد بدعم الحكومة اللبنانية الجديدة
  • بوادر أزمة محتملة بين إسرائيل وإدارة ترامب بسبب "حزب الله"
  • إسرائيل تخشى سيناريو 2006... هذا ما قد يقوم به حزب الله
  • إسرائيل تخشى سيناريو حزب الله 2006
  • ‏المفوض العام لـ "الأونروا": الوكالة تتعهد بمواصلة مساعدة الفلسطينيين رغم حظرها في إسرائيل
  • رغم الاتفاق.. قوة إسرائيلية تتقدم من بلدة يارون اللبنانية
  • ظريف: إسرائيل خططت لتفجيرات "بيجر" في إيران