في عالمنا المعاصر، ومع الانتشار الواسع لمنصات التواصل الاجتماعي، تتصاعد الأصوات المحذرة من خطر التطرف الفكري الذي يهدد العديد من المجتمعات، ورغم تعدد الأسباب التي تساهم في ظهور هذا التطرف، هناك بعض الأسباب الأخرى التي تقود إليه، وهي بعيدة كل البعد عن مدى الإيمان بهذه الأفكار المتطرفة.

ومن أبرز هذه الأسباب التنمر والعنصرية.

. فكيف تقود هاتان الظاهرتان إلى الانجراف في تيار التطرف؟ وكيف يمكن حماية الأبناء من هذا الخطر؟

حملة «تعزيز قيم الهوية الوطنية»

نسلط في السطور التالية الضوء على العلاقة بين ظاهرتي التنمر والعنصرية والسقوط في فخاخ التطرف، مع تقديم روشتة واضحة للأهل لحماية أبنائهم من هذا الخطر، وهو ما يأتي في ضوء حملة توعوية أطلقتها «الوطن» بعنوان «تعزيز قيم الهوية الوطنية»، تحت شعار «اختر طريقك.. في الوطن النجاة والآمان»، والتي تهدف إلى حماية أبناء المجتمع من تيارات التطرف والشر التي لا تجر عليهم إلا بالضرر، وجاءت هذه الحملة ضمن 3 أخريات لمواجهة الانحراف والتطرف الاجتماعي والفكري والديني، تحت شعار «مجتمع صحي آمن.. أوله وعي وأوسطه بناء وآخره تنمية».

التنمر والعنصرية والانجراف في تيارات التطرف

وتتمثل العلاقة بين ظاهرتي التنمر والعنصرية والانجراف في تيارات التطرف في أن هاتين الظاهرتين تشكلان جرحًا عميقًا في نفوس ضحاياهما؛ إذ يزرعان فيهم مشاعر الإحباط والغضب والعداء تجاه المجتمع، وهذا الشعور بالظلم والتهميش يجعلهم أكثر عرضة للتأثر بالأفكار المتطرفة التي تقدم لهم وعودًا بالانتقام والقوة، حسب الدكتور وليد هندي، استشاري الصحة النفسية، خلال حديثه لـ«الوطن».

وتقود ظاهرتا التنمر والعنصرية إلى التطرف من خلال زرع بعض التأثيرات السلبية في نفوس ضحاياهما، منها الشعور بالهوية المفقودة؛ إذ يبحث الضحايا عن هوية جديدة تعوضهم عن الهوية التي فقدوها بسبب التنمر والعنصرية، وقد تجذبهم الأفكار المتطرفة لأنها تقدم لهم إحساسًا بالانتماء والهوية القوية، كما يدفع الشعور بالظلم والمهانة العديد من الضحايا إلى البحث عن طرق للانتقام من المجتمع الذي أساء إليهم، وقد يجدون في التطرف الفكري وسيلة لتحقيق هذا الانتقام.

تأثيرات نفسية عميقة للتنمر والعنصرية

تترك ظاهرتا التنمر والعنصرية آثارًا نفسية عميقة على الضحايا، مثل الاكتئاب والقلق وانعدام الثقة بالنفس، وهذه الآثار النفسية تجعلهم أكثر عرضة للتأثر بالتطرف الفكري، كما أن المتطرفين يستغلون ضعف الضحايا ونزعاتهم الانتقامية لتجنيدهم في صفوفهم، ويقدمون لهم الدعم النفسي والمادي، ويصورون لهم أنهم يحاربون الظلم والاضطهاد.

وهناك مجموعة من العوامل التي تساهم في زيادة الآثار السلبية لـ التنمر والعنصرية وتعزيز فرص التطرف، منها غياب الدعم الاجتماعي؛ إذ يفتقر العديد من ضحايا التنمر والعنصرية إلى الدعم الاجتماعي اللازم للتغلب على آثار هذه التجارب المؤلمة، وأيضًا الفراغ الفكري، وقد يستغل المتطرفون الفراغ الفكري لدى الشباب، لا سيما الذين يبحثون عن معنى للحياة.

حماية الأبناء من التأثيرات السلبية للتنمر والعنصرية

وقدم «هندي» روشتة لأولياء الأمور لحماية أبنائهم من التأثيرات السلبية للتنمر والعنصرية، جاء في مقدمتها بناء علاقة قوية مع الطفل، من خلال الاستماع الفعال وتخصيص وقتًا للاستماع إليه دون مقاطعة، والتعبير عن الاهتمام بمشاعره وأفكاره، وأيضًا التواصل المفتوح وتشجيع الطفل على مشاركة كل ما يمر به، سواء كان ذلك إيجابيًا أو سلبيًا، فضلًا عن أهمية جعل الطفل يشعر بالأمان والثقة الكافية لمشاركة أي مشكلة يواجهها مع والديه.

كما يجب على الوالدين شرح معنى التنمر والعنصرية لأطفالهما، والتأكيد على أن هذه الأفعال غير مقبولة وغير أخلاقية، مع استخدم أمثلة واقعية من الحياة اليومية لتوضيح هذه المفاهيم، وأيضًا تشجيع الطفل على التعبير عن رأيه فيها.

مهارات حياتية يحتاجها الأطفال

كما أشارت الدكتورة صفاء حمودة أستاذ الطب النفسي، بطب الأزهر، خلال حديثها لـ«الوطن»، إلى بعض الطرق التي تساعد أولياء الأمور في حماية أبنائهم من التأثر والسقوط فريسة لأضرار ومخاطر التنمر والعنصرية، منها تعليم الطفل مهارات الحياة المختلفة، مثل الثقة بالنفس؛ كونها تساعد الطفل في قبول نفسه كما هو بل وبحب وسعادة، وأيضًا مهارة حل المشكلات بطرق سلمية وبناءة، إلى جانب مهارة التواصل الفعال مثل التعبير عن المشاعر بطريقة واضحة ومحترمة.

من المهم أيضًا لأولياء الأمور تعليم الطفل التبليغ عن أي حالة تنمر يشهدها أو يتعرض لها، وتشجيعه على الدفاع عن نفسه بطريقة سلمية، مثل طلب المساعدة من شخص بالغ، مع التأكيد للطفل على أن التنمر ليس خطأه، وأن عليه رفض هذا السلوك: «مهم جدًا الانتباه لأي سلوك غريب يظهر على الطفل، زي الانطواء أو العزلة أو التوتر»، وفقًا لـ«حمودة»، وأنه في حال ملاحظة هذه العلامات لا بد من الحديث مع الطفل ومساعدته، والاستعانة بمتخصص إذا لزم الأمر.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: أضرار التنمر أفكار متطرفة التطرف الفكري أسباب التطرف الفكري وأیض ا

إقرأ أيضاً:

«تريندز» يبدأ جولة بحثية عالمية لتعزيز الحوار الفكري والتعاون

أبوظبي: «الخليج»
في إطار رؤيته الطموحة لتوسيع آفاق التعاون البحثي، وتكريس مكانته كمركز بحثي عالمي رائد، أعلن مركز «تريندز للبحوث والاستشارات» بدء جولة بحثية معرفية تشمل ثلاث قارات، هي أوروبا وأمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية، مروراً بفرنسا، والولايات المتحدة، والأرجنتين.
وتهدف الجولة، التي تبدأ في التاسع من أبريل، وتسمر حتى 23 منه، إلى تعزيز الحوار الفكري العالمي، وتبادل الرؤى العلمية حول قضايا بحثية ومعرفية في مجالات عدة أبرزها استشراف المستقبل والذكاء الاصطناعي والابتكار والاستدامة، إضافة إلى نشر قيم التعايش ومواجهة الفكر المتطرف والعنف.

فرنسا


ويبدأ «تريندز» جولته في العاصمة الفرنسية باريس، من 11 إلى 14 أبريل، يشارك خلالها بمعرض باريس الدولي للكتاب، عقد ثلاث ندوات وجلسات نقاشية في قاعة الشرف الدولية بالقصر الكبير في باريس، وهي، ندوة «فرنسا والاتحاد الأوروبي ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. أفكار جديدة للعلاقات الدولية في النظام العالمي المقبل، وندوة «جماعات الإسلام السياسي والنزعات الانفصالية في أوروبا.. التحديات وسبل المواجهة، وحلقة نقاشية «الشباب.. جسر للتواصل بين الثقافات.
وضمن جهوده لمواجهة أفكار وأيديولوجيات الجماعات المتطرفة، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، يعود «تريندز» مرة أخرى إلى مجلس الشيوخ الفرنسي، لينظم تحت قبته بمشاركة نخبة من البرلمانيين والخبراء الدوليين في فرنسا وأوروبا ندوة «الذكاء الاصطناعي والإرهاب، كما سيشارك في ندوة «مستقبل اليمن».
وعلى مستوى الشراكات البحثية.. سيبحث آليات التعاون مع عدد من المؤسسات البحثية والأكاديمية الفرنسية، ولاسيما في مواجهة التطرف والجماعات الإرهابية، ومنها: المحفل الفرنسي الكبير، والجمعية الوطنية الفرنسية، والمجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا CRIF»، ووزارة الداخلية الفرنسية، والبرلمان الفرنسي، والمعهد الفرنسي للرأي العام «IFOP»
وسيشهد جناح «تريندز» في معرض باريس الدولي للكتاب توقيع إصدارات جديدة للمركز باللغتين الفرنسية والإنجليزية، من أبرزها «تطبيق نماذج التدريب والمحاكاة في الأمن السيبراني» للدكتور محمد الكويتي، رئيس مجلس الأمن السيبراني لحكومة دولة الإمارات. كما سيعلن إصدار النسختين العربية والإنجليزية لكتاب «أموال الإرهاب» للسيناتوره نتالي جوليه، ودراسة «نموذج الإسلام الشامل في الخطاب الديني الإرشادي» لدومينيك آفون.

الولايات المتحدة


ويواصل «تريندز»عقب ذلك جولته البحثية حيث سيحل في الولايات المتحدة، ويبدا بافتتاح مكتب تريندز الفعلي في واشنطن رسمياً وينظم فعالية افتتاحية للمكتب عن «مستقبل الشراكة بين الولايات المتحدة والشرق الأوسط: أثر التكنولوجيا والابتكار».
كما ستشمل مهمة واشنطن زيارات بحثية معرفية لكل من البيت الأبيض، ومجلس الأمن القومي، ووزارة الخارجية، ومركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS) بمركز وادهوانو للذكاء الاصطناعي. كما تشمل الجولة جلسة حوارية مع جامعة جونز هوبكنز، وغيرها من المؤسسات البحثية، حيث ستنظّم حلقات نقاش، وتوقيع اتفاقيات تعاون بحثي مشترك مع المؤسسات الأكاديمة والبحثية.كما ستشمل الجولة زيارات متخصصة لمراكز الذكاء الاصطناعي والسياسات الرقمية، ومعهد الشيخ زايد للابتكار في جراحة الأطفال.

الأرجنتين


وفي المحطة الأخيرة من الجولة العالمية ل«تريندز» سيحل وفد المركز البحثي في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس، حيث سيشارك في معرض بوينس آيرس الدولي للكتاب، كما سيعقد جلسات حوارية مع مسؤوليين وخبراء المعهد الوطني للخدمة الخارجية، بإدارة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في وزارة الخارجية الأرجنتينية والكونغرس الوطني، ومجموعة الصداقة الأرجنتينية – الإماراتية، وسينظم مائدة مستديرة بشأن العلاقات بين منطقتي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأمريكا اللاتينية، بالاشتراك مع المجلس الأرجنتيني للعلاقات الخارجية، وستكتمل مهمة الأرجنتين بتوقيع مذكرة تفاهم بحثي مع جامعة الدفاع الوطني، وجلسة حوارية ينظمها مكتب تريندز الافتراضي في بوينس آيرس مع وزير الشؤون الاستراتيجية الأرجنتيني لمناقشة تأثيرات الذكاء الاصطناعين أضاف الى نقاش مع المجلس الأرجنتيني للعلاقات الخارجية.

بناء الجسور


وقال الدكتور محمد عبدالله العلي، الرئيس التنفيذي للمركز إن الجولة العالمية التي تشمل فرنسا والولايات المتحدة والأرجنتين هدفها تعزيز الحوار العالمي وتبادل الأفكار في التحديات الدولية، وتوسيع نطاق الشراكات الأكاديمية والبحثية، وتقديم رؤى علمية معمّقة، وتمكين الشباب وتعزيز مشاركتهم في الأبحاث المستقبلية، ودعم البحث العلمي كأداة لتقديم حلول مبتكرة ومستدامة.
وأكد أن هذه الجولة محطة مهمة في مسيرة المركز، ومكاتب تريندز الخارجية تسهّل تبادل الخبرات والكوادر والتعاون في الإنتاج العلمي والمعرفي وحلقة وصل تعزز حضوره على الساحة البحثية العالمية.

مقالات مشابهة

  • نشرة المرأة والمنوعات | أشخاص أكثر عرضة لالتهاب الجيوب الأنفية وطرق الوقاية.. علامات تظهر على القدمين تنذر بالسكتة القلبية
  • خلي بالك.. أشياء تجعلك أكثر عرضة للنوبة القلبية
  • نصائح مهمة لمرضى الحساسية للوقاية من الاضطرابات الجوية .. احذرها
  • الحبس والغرامة.. عقوبة إهمال ذوي الهمم أو التنمر عليهم
  • مرصد الأزهر: التفكك الأسري عامل رئيس في انجراف الشباب نحو التطرف الفكري
  • علاج جميع مشاكله.. روشتة محمد الناظر لوقف تساقط الشعر
  • «تريندز» يبدأ جولة بحثية عالمية لتعزيز الحوار الفكري والتعاون
  • «تريندز» يبدأ جولة عالمية لتعزيز الحوار الفكري والتعاون البحثي
  • هل تخزن طعامك بأمان؟ دليلك للوقاية من التسمم الغذائي
  • كركوك.. استنفار بيطري للوقاية من الحمى النزفية