يشهد العالم اليوم تحولات سريعة، وتغيرات جذرية، في مختلف المجالات، ما يضع الأفراد، والمجتمعات أمام تحدّيات معرفية وعلمية هائلة. ومع تزايد تدفق المعلومات عبر الإنترنت، ووسائل الإعلام المختلفة، أصبحت الحاجة ملحة لتعزيز مهارات التفكير النقدي لدى الأفراد، للتعامل مع هذا الكم الهائل من المعارف بطريقة منهجية ومنطقية.
في مدينة جدة، كما في باقي مدن المملكة، تنتشر المنتديات، والدوريات الاجتماعية غير الرسمية، التي تُعرف بأسماء مثل “الأحدية” أو “الاثنينية” أو “الثلوثية”. في هذه اللقاءات الأسبوعية، يجتمع الأصدقاء والأقارب للتسلية ولمناقشة مواضيع متنوعة تشمل الجوانب الاجتماعية والأدبية والاقتصادية والعلمية، غالباً ما تستند هذه النقاشات إلى كم كبير من المعلومات المتدفقة عبر الإنترنت ووسائل الإعلام الرقمية وغيرها، وتدور حولها نقاشات حامية تتباين فيها الآراء بين مؤيد ومعارض، ويلاحظ أن البعض يربط هذه المواضيع، بنظريات المؤامرة، التي أصبحت تسيطر على عقول كثيرين حول العالم، بغضّ النظر عن خلفياتهم العلمية والفكرية.
من هذا المنطلق، تبرز أهمية امتلاك الأفراد مهارات تمكنهم من تحليل وتقييم المعلومات بشكل منطقي، قبل إتخاذ القرارات، أو تشكيل الآراء.
هذه المهارات التي تُعرف بالتفكير النقدي، تعتبر أساساً للتحليل العلمي، والمنهجي للمعلومات، .. وتُمكِّن الفرد من إستخلاص نتائج مستقلة بعيداً عن التأثيرات العاطفية، أو الأحكام المسبقة.
التفكير النقدي يتطلب إتخاذ القرارات بناءً على الأدلة والبراهين المنطقية، بعيداً عن المؤثرات العاطفية، أو الإفتراضات غير المدعومة بالدلائل الحقيقية.
ولهذا السبب، يعدّ تضمين مهارات التفكير النقدي في المناهج التعليمية، خطوة أساسية لبناء جيل قادر على مواجهة التحديات المعرفية.
فهذه المهارات تساعد الطلاب على تحليل المعلومات بشكل نقدي، ممّا يُسهم في تعزيز استقلاليتهم الفكرية، ويجنِّبهم الوقوع في فخ التبعية، وإنقياد القطيع للأفكار المضلِّلة.
إضافةً إلى ذلك، يُسهم التفكير النقدي في تعزيز القدرات الإبداعية والإبتكارية، ويشجع على التفكير خارج النطاق التقليدي، ممّا يسهم في تكوين شخصيات قادرة على الإبتكار والتجديد في مختلف المجالات.
لذا، فإن تعليم مهارات التفكير النقدي، يُعد استثماراً في مستقبل الطلاب، حيث يُمكِّنهم من تطوير مهارات حياتية أساسية لمواجهة تحديات العصر.
في الختام، يتضح أن إدراج مهارات التفكير النقدي في المناهج التعليمية، ليس مجرد ضرورة تربوية فحسب، بل هو إستثمار في المستقبل. فمن خلال تعزيز هذه المهارات، يتمكن الأفراد من أن يصبحوا مفكرين مستقلين قادرين على تحليل وتقييم المعلومات بشكل نقدي، ممّا يتيح لهم اتخاذ قرارات مستنيرة مبنية على أسس علمية ومنطقية، ويُسهم في بناء مجتمع أكثر وعياً، واستعداداً للتعامل مع التعقيدات والتحدّيات التي يواجهها العالم اليوم.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: مهارات التفکیر النقدی
إقرأ أيضاً:
أمين الفتوى: لا يجوز استخدام الأحاديث الضعيفة في إصدار الأحكام الفقهية
قال الشيخ محمد كمال، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن الحديث «كل قرض جر نفعًا فهو ربا»، ليس صحيحًا منسوبًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، لافتا إلى أن هذا الحديث لا يجوز الاستناد إليه في مسائل الفقه الإسلامي.
وأكد أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال حوار مع الإعلامية زينب سعد الدين، بحلقة برنامج «فتاوى الناس»، المذاع على قناة «الناس»، أن هذه القاعدة فقهية وليست حديثًا نبويًا، ورغم انتشاره بين بعض الناس، لكن ضعف العلماء والفقهاء هذا الحديث، خلال محركات البحث وفي مؤلفاتهم، ومن حرم من المشايخ معاملات البنوك بالاستناد لهذا الحديث يجب أن يعلموا أنه ليس صحيحًا.
الأحاديث الضعيفة لا يجب استخدامها في إصدار أحكام فقهيةوتابع: «إذا كان الحديث ضعيفًا، فهذا يعني أنه لا يمكن استخدامه في إصدار أحكاما فقهية، ولكن هناك قاعدة فقهية صحيحة تُطبق في حالة القروض بين الأفراد، حيث يُعتبر أخذ فائدة أو نفع إضافي على القرض ربا محرمًا، أما في حالة البنوك، فإن المعاملات تختلف».
وأشار إلى أن البنك هو مؤسسة اعتبارية لا تمتلك الأموال بشكل شخصي، بل هي تعمل كوسيط بين المودعين والمقترضين، والبنوك لا تملك الأموال التي تقدمها كقروض، بل هي أموال المستثمرين والمودعين، وبالتالي لا تجري عليها الأحكام نفسها التي تُطبق على القروض بين الأفراد.
واختتم: «إن الربا يُحكم عليه في المعاملات بين الأشخاص الطبيعيين، أما المؤسسات المالية فهي لا تُحاكم بنفس الطريقة، لكن في حال استغلال الحاجة بين الأفراد، مثلما يحدث بين شخصين، فإن هذا يُعتبر استغلالًا محرمًا».