صدى العدوان الإسرائيلي على لبنان: ما الذي قد يخفيه موقف اليمن؟
تاريخ النشر: 28th, September 2024 GMT
يمانيون – متابعات
في ظل التصعيد العسكري الأخير في المنطقة، يبرز الموقف اليمني بقيادة السيد القائد عبد الملك بدرالدين الحوثي كأحد أبرز المواقف الداعمة للبنان وفلسطين. يأتي هذا الموقف في سياق تأكيد السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي أن العدوان الإسرائيلي على لبنان هو جزء من استراتيجية أوسع تستهدف الشعب الفلسطيني، مشددًا على أن الدعم اليمني للبنان وحزب الله هو التزام راسخ وثابت.
الموقف اليمني من العدوان على لبنان: دعم ثابت ومساندة فعالة
في خطابه الأسبوعي الأخير يؤكد السيد عبدالملك أن اليمن “لن يتوانى عن إسناد المقاومة في غزة ولبنان” في إشارة إلى دعم سياسي مؤكد وعسكري محتمل، ويعتبر أن الشعبين الفلسطيني واللبناني لن يجدوا في اليمن سوى الوفاء والثبات. هذا الموقف يعكس الرغبة في تعزيز تحالفات استراتيجية هي قائمة أصلاً، لمواجهة التحديات المشتركة التي تواجه الأمة العربية والإسلامية، حيث يرتبط مصير الشعبين بمصيرهما في مواجهة العدوان الخارجي.
هذا الموقف ليس لمجرد الدعاية والاستهلاك، إذ سبقه مواقف كثيرة وإشارات، من بينها تلك التي قدمت في خطاب السيد عبدالملك خلال الذكرى العاشرة لثورة الواحد والعسرين من سبتمبر، وتكررت في خطاب الرئيس المشاط، وبيانات أنصار الله.
إن هذا الموقف نابع من ثقافة وشعور بالمسؤولية، ويعزز ذلك أن مثل هذه المواقف وبنفس المنطق جاءت في غمرة العدوانِ والحصارِ الأميركيِ السعودي على اليمن، قبل خمسِ سنواتٍ من الآن وتحديداً في العام 2017م، حين أعلن السيدُ القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي في خطابٍ تاريخيٍ بمناسبة الذكرى السنويةِ للصرخة أن اليمنَ حاضرٌ لمساندةِ حزبِ الله، وقال بالحرف الواحد ” على العدوِ الإسرائيليِ أن يحسب حسابَ شعبِنا اليمنيِ في أيةِ مواجهةٍ مستجدةٍ له مع حزبِ الله في لبنان، أو مع الفلسطينيين، نحن حاضرون في أيِ وقتٍ يحتاج منا حزب الله، أو يحتاج منا الشعبُ الفلسطيني، حاضرون حتى في مثل هذه الظروفِ أن نرسلَ المقاتلين للمشاركة في أي مواجهةٍ مستجدة”.
لربما تساءل البعضُ حينها وباستغرابٍ شديد، ما الذي يمكن لليمن فعلُه، فليخلص حاله أولاً وهو في ذلك الوضعِ الحرجِ والمعقدِ من العدوان والحصار، الذي تتولى كِبْرَه كبرياتُ دول المال والسلاح وفي المقدمة أميركا والسعودية؟ بل ربما كان البعضُ يستبعد إمكانيةَ أن تصمد اليمنُ أمام ذلك التحالف الإقليمي والدولي الذي تشكل من سبعَ عشرة دولة، فضلاً عن أن يهزمَها، ويخرج من عدوانِها وحصارِها قوةً مقتدرةً على فرض معادلاتٍ استراتيجيةٍ في الإقليم بهذا الحجمِ الذي رأيناه ورأيتموه خلال معركةِ طوفانِ الأقصى سواء في العملياتِ البحريةِ أو العملياتِ الاستراتيجية باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة بالصواريخ البالستيةِ والمجنحة والفرط صوتية.
إن ما كان مستبعداً وأشبهَ بالمستحيل بنظر البعض قبل خمس سنوات، أصبح حقيقةً ملموسةً اليوم، إذ شهد الواقع والوقائع ترجمة صادقة من رجل صادق في الحالة الفلسطينية، وسجل اليمن بالفعل تحت ظل هذا القائدِ حضوراً قويا وفاعلاً ومؤثراً اسناداً لغزةَ ومقاومتها والمظلومين فيها، وانخرط اليمن في معركة الإسناد غيرَ آبهٍ بالأثمان المترتبة على ذلك، بل سَخّر كل قدراته وقوتِه وإمكاناتِه البريةِ والبحرية والجوية في سبيل الله والمستضعفين في فلسطين، ونفذ قرابة مائة وتسعين عملية ضد السفن الإسرائيلية والمرتبطةِ بها وفرض حضراً بحريا عطلَ على إثرِه ميناءَ أمِ الرشراش “إيلات”، وأفشلَ وهزمَ أكبرى قوتين بحريتين، نعني أميركا وبريطانيا وما شكلتاه من تحالفات بحرية عجزت عن حماية السفن الإسرائيلية وفشلت في فتح الطريق أمامها، بل عجزت تلك الدول عن حماية سفنها وفرقاطاتها، وأُجبرت في نهاية المطاف على الانسحاب من مسرح العملياتِ اليمنية. هذا اليمن، يمنُ الواحدِ والعشرين من سبتمبر طور طائراتِه المسيرةَ وصواريخَه الاستراتيجية وضرب عمقَ وقلب الكيان المؤقت “تل أبيب” بطائرة يافا أولاً وتالياً بصاروخ فلسطين الفرط صوتي. ونحن هنا لسنا في وارد الاستعراض، بقدر ما نريد سرد الشواهد الحسية على أن اليمن الذي وقف مع غزة وفلسطين، لن يتردد لحظة واحدة في الوقوف مع حزب الله اللبناني إن تطلب الأمر ذلك، أولاً من منطلق الواجب الديني والأخلاقي والإنساني، ومن منطلق الوفاء، لأن اليمن ذاق مرارة الخذلان والتآمر واكتوى به، وكان من أبرز من وقفوا معه منذ اليوم الأول للعدوان حزبُ الله بقيادة سماحة الأمين العام السيد حسن نصر الله.
توقيت الموقف اليمني ودلالاته
الموقف اليمني هذه المرة يأتي بالتزامن مع العدوان الإسرائيلي الأميركي الغاشم على لبنان ومناطق انتشار حزب الله في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية وغيرها، ابتداء من جريمة البيجرات وجريمةِ اللاسلكي مروراً بالغارة العدوانية الإسرائيلية التي استهدفت بنايةً سكنيةً في منطقة القائم بالضاحية الجنوبية التي ارتقى على إثرها القائد الجهادي الكبير إبراهيم عقيل (الحاج عبدالقادر)، والقائد الجهادي أحمد محمود وهبي (أبو حسين سمير)، وعدد من كوادر قوة الرضوان، تمهيداً للعدوان الجوي الواسع الذي دشنه العدو الإسرائيلي في اليوم الأول بستمائة وخمسين طلعة جوية طالت مناطق واسعة في الجنوب والبقاع، والضاحية بضوء ودعم أميركي واضح، بما ترتب عليه من أيام دامية راح ضحيتها آلاف الشهداء والجرحى.
عدوان بهذه الوحشية، وبهذه الغطرسة والتجاوز للخطوط الحمراء لا يمكن أن يذهب إليه العدو الإسرائيلي الغارق في وحل غزة، من دون دعم وموافقة أميركية، ولا يمكن أن يحرك أسراب طائراتِه أميركية الصنع من سبعِ قواعدَ جويةٍ في الأراضي المحتلة للعدوان على لبنان من دون علم أميركا وموافقتها ودعمها ومشاركتها.
التفوق الجوي لن يحقق أهداف العدو
بعض التقارير تشير إلى أن العدو حرك أكثر من ستمئة طائرة حربية في هذا العدوان الهمجي، وفعل ما فعل من الجرائم المؤلمة والمؤسفة، ومعلوم أن معسكر الأعداء يملك تفوقاً جوياً، لكن ذلك التفوق الجوي لا يحسم معركة، ولا يحقق نصراً، و لن يحقق الأهداف التي يريدها العدو الإسرائيلي والأميركي، بفصل حزب الله أو جبهة أخرى عن مساندة غزة، كما أنه لن يحل أزمةَ المهجّرين الصهاينة من شمال فلسطين المحتلة، ولن يؤثر على قدرات وأداء حزب الله وبنيته القوية، وجمهوره وبيئته المتماسكة والمضحية، وهذا ما يؤمن به اليمنيون الأحرار، وتترجمه المقاومة الإسلامية في لبنان، وإن فكر العدو في الذهاب إلى عملية برية كما يتحدث بعض الصهاينة، فسيكون الكيان المؤقت أكبر الخاسرين.
حزب الله: حضور أقوى وأداء أكثر تأثيرا رغم العدوان
من يتابع يوميات الحرب وعمليات حزب الله المتصاعدة، ومناوراته الجديدة ضمن ثلاثة أحزمة نارية تبدأ من الحدود ولا تنتهي عند تل أبيب، يدرك أن حزب الله رغم فقده لعدد من القادة لايزال بخير، بل إن القادة الجدد ربما أكثر قسوة وغلظة على العدو.
لقد أظهرت المقاومة وبالأدلة الحسية قدرةً فائقةً في سرعة ترميم الهرم القيادي، وكانت أكثرَ حضوراً وأداءً في الميدان، وأعلنت ودشنت مرحلة الحساب المفتوح، وأدخلت على خط المواجهة أسلحةً جديدة، ووسعت عملياتِها إلى عمق خمسةٍ وسبعين كيلو متراً في العمق الاستراتيجي للعدو بقصفها الاستراتيجيِ المكثف والمُركز على أهداف عسكرية وحيوية واقتصادية في حيفا وما بعد بعد حيفا وصولا الى تل ابيب، وبدلاً من أن يحقق العدو هدفه في إعادة المغتصبين الصهاينة إلى الشمال، أصبح أمام أزمة جديدة ونازحين جدد بأضعاف أضعاف من نزحوا من الشمال. إن هذا الحزب القويَ بقدراته وقيادته وبيئته لن يُهزم أبداً، وهذا عهدنا بحزب الله الذي ما دخل ميداناً إلا كان فيه الغالب وصاحب اليد العليا.
الخلاصة
في نهاية المطاف يعتقد معظم اليمنيين بأن حزب الله لن يهزم ولن يكون وحيداً ولا متروكاً، وإن طال العدوان وطالت العربدة الصهيونية على لبنان فالشعب اليمني جاهز لكل الاحتمالات ولن يتردد في توجيه أقصى الضربات المؤلمة لكيان العدو إن وصلت الأمور إلى مرحلة تستدعي تدخلاً عسكريا، وهذا ما تؤكده القيادات بمستوياتها المختلفة.
إن الموقف اليمني تجاه لبنان وفلسطين يتجاوز كونه مجرد دعم سياسي، بل يعكس استراتيجية أوسع تهدف إلى تعزيز الوحدة والمعركة في مواجهة التحديات المشتركة. وتأكيد السيد عبدالملك على التزام اليمن بدعم المقاومة في لبنان وفلسطين، يعكس إدراكًا عميقًا لأهمية الوحدة والمساندة في صراع لا يبدو أنه سينتهي قريبًا. وفي ظل هذه الظروف، تبقى حركات المقاومة في لبنان وفلسطين محورية في رسم مستقبل المنطقة.
———————————-
الميادين|| علي ظافر
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: السید عبدالملک الموقف الیمنی لبنان وفلسطین هذا الموقف على لبنان حزب الله فی لبنان أن الیمن
إقرأ أيضاً:
20 فبراير خلال 9 أعوام.. 18شهيدًا وجريحاً وتدمير للبنى التحتية في جرائم للعدوان السعوديّ الأمريكي على اليمن
يمانيون../
تعمد العدوانُ السعوديّ الأمريكي، يومَ العشرين من فبراير خلال الأعوام: 2016م، و2017 م، و2018م، ارتكابَ جرائم الحرب، والإبادة الجماعية، بغاراتِه الوحشية، على المنازل والممتلكات والمحلات التجارية، والطرقات العامة والسيارات والشاحنات، وشبكة اتصالات، في محافظات، تعز، وصعدة، ومأرب، وحجة، وعمران.
أسفرت عن 9 شهداء، و9 جرحى، بينهم نساء وأطفال، وتهجير عشرات الأسر من منازلها، وترويع الآمنين، وقطع الطرقات، وتوقف حركة التنقل، وعرقلة اسعاف المرضى، والجرحى، واستهداف معايش المواطنين، وحرمانهم من خدمة الاتصال والتواصل، وتشديد الحصار، ومضاعفة المعاناة، في ظل صمت أممي ودولي، يشكل وصمة عار في جبين التاريخ.
وفيما يلي أبرز التفاصيل:
20 فبراير 2016.. 5 جرحى وتدمير 7 منازل وعدداً من محلات وممتلكات المواطنين بغارات العدوان على صرواح مأرب:
في العشرين من فبراير 2016م، استهدف طيران العدوان السعودي الأمريكي، مديرية صرواح محافظة مأرب بعدداً من الغارات الهستيرية، أسفرت عن، 5 جرحى،و تدمير 7 منازل وعدداً من محلات وممتلكات المواطنين، في جريمة حرب تضاف ، في جريمة حرب تضاف إلى سجل جرائمه بحق الشعب اليمني.
مشاهد الدماء، والدمار والخراب، ورعب الأطفال والنساء، ونزوح عشرات الأسر من ماويها، وفقدانها للأمن والأمن ومضاعفة المعاناة، خطوة على درب مشوار التشرد والحرمان، والغارات التي استهدفت 7 منازل لم تترك حجراً على حجر، بل تركت عشرات الأسر تبحث عن ظلٍّ يُغطي رؤوس أطفالها.
“لم نخرج بأكثر من ثيابنا التي على ظهورنا”، بهذه الكلمات تصف “إحدى النساء” لحظة هروبها مع أطفالها الستة من تحت الأنقاض. العائلات النازحة لم تجد مأوى سوى كهوف الجبال أو خيامٍ مُستعارة من أقاربهم، الأمر الأقسى هو فقدانهم لمصادر رزقهم؛ فمحل بيع المواد الغذائية، الذي كان يعيل 10 أطفالٍ يتيمين صار رماداً، ومخبز المدينة الوحيد تحوّل إلى حفرةٍ سوداء. تقول منظمة “مراقبة حقوق الإنسان”: *”80% من النازحين فقدوا مصدر دخلهم الوحيد… العدوان لا يقتل الأجساد فقط، بل يقتل أحلام الفقراء”*.
القانون الدولي تحت أنقاض صرواح
بحسب القانون الإنساني الدولي، خصوصاً المادة (25) من اتفاقية لاهاي 1907، يُحظّر تدمير الممتلكات الخاصة إلا في حالات الضرورة العسكرية القصوى، الخبير القانوني “عبد الوهاب الخيل ” يوضح: *”استهداف منازل مدنية ومحلات تجارية دون وجود هدف عسكري هو جريمة حرب، لكن من يحاكم قوةً عظمى؟”*. الجدير بالذكر أن الأمم المتحدة أدرجت صرواح ، مدينة منكوبة ، في تقريرها السنوي (A/HRC/42/CRP.3)، لكن دون أي خطوات عملية لمحاسبة مجرمي الحرب.
بين الأنقاض، يحاول الأطفال استعادة طفولتهم المسلوبة، الطفلة “مرام” (9 سنوات) تبنيت بيتاً من صفائح معدنية محترقة، وتقول: *”هذا غرفتي الجديدة، لكنني أخاف إذا عاد الطيران”*. الصدمات النفسية ظهرت بوضوح في رسومات تلاميذ مدرسة صرواح؛ فمعظمها يحوي طائراتٍ سوداء ترمي نيراناً على بيوتٍ بلا أبواب، الأخصائية النفسية تقول: *”أطفال صرواح يعانون من قلقٍ مزمن… البعض يبلل فراشه عند سماع أي صوت مرتفع”*.
السياسة الدولية: صمتٌ يُغذّي الإبادة
هذه الجريمة لم يكن حدثاً معزولاً، بل حلقةً في حربٍ دمّرت اليمن منذ 2015م، بدعمٍ غربي مباشر، المحلل السياسي “علي الديليمي ” يرى أن: *”صرواح رسالةٌ لإجبار المدنيين على النزح، تعرضت لألاف الغارات على منطقة محدودة ، وأحدثت تغيير ديموغرافية للمنطقة استراتيجية مُتعمّدة”*، ورغم مرور 9 أعوام، لم تُقدّم أي جهةٍ دولية مساعداتٍ لإعادة إعمار صرواح ، بل تُواصل دولٌ كبرى توريد أسلحة للتحالف، مُحوّلةً المدنيين إلى وقودٍ لحربٍ لا تُبقي ولا تَذر.
صرواح تُنادي… فهل من مُجيب؟
ما حدث في صرواح ليس مجرد تدميرٍ لمنازل، بل إبادةٌ لنسيجٍ اجتماعي كامل، اليوم، بينما تجلس أم ياسر على أنقاض بيتها، تُحاول جمع بقايا صور أطفالها من تحت الركام. تقول: *”أبحث عن وجه ابنتي في هذه القطعة… ربما تذكرني أنها استشهدت لأن العالم نامَ طويلاً”*. العدوان يسكت الأصوات، بأمواله ، ونفطه، وهيمنته، في المحافل الدولية، ويشتري كل القرارات، ويدفن كل القوانين ، والمعاهدات الإنسانية، لكن ذاكرة الأجيال التي نزحت من مأويها ستظلّ تُنادي: كفى!
20 فبراير 2016.. طيران العدوان يقصف شبكة الاتصالات بعمران:
وفي جريمة حرب أخرى، لغارات العدوان السعودي الأمريكي، يوم العشرين من فبراير عام 2016م، استهدفت شبكة الاتصالات بمديرية السواد محافظة عمران، أسفرت عن تدميرها بالكامل، وحرمان عشرات العزل والمناطق المجاورة من حق الاتصال والتواصل، وعزلهم عن العالم الخارجي، ومفاقمة المعاناة، والقلق وتأخر الحوالات المالية ، وصعوبة الحياة وتفقد الأهالي.
يقول أحد الأهالي ” ما كان باقي معنا في هذه المنطقة غير الاتصالات استهدفها طيران العدوان، اذا اشتي اتفقد عيالي في صنعاء، ارسل لهم رسالة مكتوبة على ورق، آل سعود دمروا كل شيء له قيمة، مصنع الأسمنت والطرقات والجسور، والمنازل، والأسواق، وقتلوا النساء، والأطفال، والكبار والصغار، حقدهم على اليمن لا يمكن وصفة، هؤلاء ليسوا مسلمين، وادعوا شعبنا اليمن إلى النفير العام، ورفد الجبهات”.
تدمير البنى التحتية والمنشآت الخدمية جريمة حرب، وانتهاك لكل القوانين والمواثيق الدولية، تتطلب من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي سرعة وقف العدوان ورفع الحصار، وإعادة الاعمار، ومحاسبة قيادات دول العدوان على جرائهم، وتقديمهم للمحاكمة.
20 فبراير 2017.. شهيدان في جريمة حرب لغارات العدوان على سيارتين تقلا مسافرين ومواد غذائية على الطريق العام بصعدة:
أما في العام 2017م، ومن اليوم ذاته، سجل العدوان السعودي الأمريكي، جريمة حرب جديدة، مستهدفاً بغاراته الوحشية، سيارتين على الطريق العام بمديرية باقم، محافظة صعدة، أسفرت عن شهيدين وقطع الطريق الرابط بين عدد من المناطق وخروجها عن الخدمة، واحتراق السيارتين وما عليها من المواد الغذائية.
لم تكن السيارتين، تحملان مسافرين فحسب، بل كانتا شريانَ حياةٍ لنحو 20 قريةً معزولةً في صعدة، الأولى تقلُّ كيسين من القمح المُتبرَّع به لمدرسة أيتام، والثانية تحمل أحد المواطنين عائدَ من السوق بعلبة أدوية لابنته المُصابة بالربو، في اللحظة التي التقط فيها سائق السيارة الثانية سيجارته الأخيرة، اخترقت طائرات العدوان السعودي الأمريكي، صمتَ الجبال، والقت غاراتها التي حوَّلَت السيارتين إلى كرات نارٍ تلفظُ أشلاءً بشريةً بين حبوب القمح المحترقة، والمواد الغذائية المتنوعة، يقول أحد الناجين: *”رأيتُ الغارة مباشرة على السيارة، وانا أعمل في الحقل المجاور، فهرعت لإسعاف السائق ، وما أن اقتربت شممتُ رائحة الجسد المحترق”*.
حصارٌ فوق الجرح
لم تكن الجريمةُ مقتصرةً على سلب الأرواح، بل امتدت إلى سرقة الأمل، الطريقُ الرابطُ بين قرى مديرية باقم صار حطاما مُلوّثاً بزيت المحركات والدماء، مما عزل آلاف المدنيين عن المستشفيات والأسواق، “أم محمد”، التي كانت تنتظر وصول الأدوية لابنها المريض بالسرطان، تقول بصوتٍ مكسور: *”مات ابني لأن الطريق صار جحيماً… العدوان قتلَه مرتين”*. أما المواد الغذائية المحترقة، فقد حولت أزمة الفقر إلى مجاعةٍ مفتوحة، حيث يعتمد 80% من السكان على المساعدات العابرة لهذا الطريق.
بحسب مراقبين حقوقيين، الجريمة تشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الإنساني الدولي، خاصةً المادة (3) المشتركة في اتفاقيات جنيف، التي تحظر استهداف المدنيين أو تدمير المواد الغذائية، القاضي عبد الوهاب الخيل “” يوضح: *”حرقُ قوافل الإغاثة جريمة حرب مكتملة الأركان… لكن الأرشيف العالمي يصمُتُ حين يكون الضحايا يمنيين”*. رغم إدراج الجريمة في تقارير الأمم المتحدة (وثيقة A/HRC/39/43)، إلا أن الضحايا ما زالوا ينتظرون تحقيقاً دولياً يُعيد كتابةَ العدالة.
يقول أحد الأهالي: “نحن في هذه المنطقة لا تتوفر لدينا أي خدمات صحية، ولا مياه، كان باقي معنا الطريق الرملية، دمروها، ومن معه اليوم مريض، او جريح، يعجز عن اسعافه، ويخاف أن ينقله على وسائل المواصلات، ممكن نتعرض للغارات، هذا عدوان أمريكي إسرائيلي سعودي، كانوا هؤلاء الشهداء مسافرين على سيارتهم ، يقصدوا الله بعد معايشهم، جمعناهم لحم، أشلاء، أنا لله وأنا إليه راجعون “.
أطفالٌ يلعَبون بين الشظايا.. ذاكرة العدوان لا تموت
بعد سبع سنوات، ما زال أهالي باقم يحفرون في ذاكرتهم عن تفاصيل اليوم الأسود، الطفل “مهدي”، الذي كان يبلغ 10 أعوام وقتها، يُظهر مكاناً محترقاً في ساقه: *”هذه ندبة لجرح بشظية غارة على منزلنا قبل النزوح، أبي كان يقول: الجوع قاتل، لكن غارات العدوان أسرع بالفتك “، أما الطريق المُدمَّر، فصار “مَعلَماً” للموت؛ فكلما حاول الأهالي إصلاحه، تعرّض لقصفٍ جديد، وكأن الحربَ تُصرُّ على أن تدفنهم أحياءً في جبالهم.
في التقويم العالمي، يُختزل فبراير/شباط بـ “الحب”، أما في صعدة، فهو شهرُ المذابح المتكررة، جريمة باقم لم تكن الأخيرة، بل حلقةٌ في مسلسل إفلاتٍ من العقاب، اليوم، بينما يُعيد الناجون بناءَ منازلهم الطينية، ويبقى العدوان والحصار يطل عليهم من الأفق، وكأنها تذكرهم: *”استهدافكم باقاً على طاولة المفاوضات، وإبادتكم أيها اليمانيون، موسمٌ مفتوح ، وان تعلق بعض الأعوام”*.
20 فبراير 2017..6شهداء وجرحى في جريمة حرب لغارات العدوان السعودي الأمريكي على منزل مواطن بحجة:
في فجر يومٍ كئيب من أيام فبراير عام 2017م، استيقظت منطقة الشعاب بمديرية حرض في محافظة حجة على صوتٍ مدوٍّ هزّ أرجاء المكان، صوتٌ لم يكن سوى صدىً لقصفٍ غادرٍ شنّه طيران العدوان السعودي الأمريكي على منزل المواطن علي أحمد ذيب.
لم يكن المنزل سوى مأوىً بسيطًا لعائلةٍ يمنيةٍ كادحة، تحاول جاهدةً أن تعيش بسلامٍ وأمانٍ في ظلّ ظروفٍ قاسيةٍ فرضتها الحرب، ولكن، يبدو أن السلام كان حلمًا بعيد المنال في ذلك اليوم المشؤوم.
تحوّل المنزل في لحظاتٍ إلى ركامٍ متناثر، وتناثرت معه أحلامٌ وطموحاتٌ بريئة، تحت الأنقاض، وُجدت جثتا شهيدين، ارتقت روحهما إلى بارئها، وأربعة جرحى يئنون من شدة الألم.
كانت المشاهد مروعةً ومفجعة، فالأطفال يبكون بحرقة، والنساء يصرخنَ بألمٍ، والرجال يحاولون جاهدين إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وسط هذا المشهد المأساوي، كانت هناك قصصٌ إنسانيةٌ مؤلمةٌ، قصصٌ عن أناسٍ فقدوا أحباءهم، وعن عائلاتٍ تمزقت، وعن أحلامٍ تبخرت.
يقول أحد المسعفين: “هذه جثة مواطن معه ماطور ، ومزرعة، وغنم ، ماله علاقة بالحرب، من بيته إلى مزرعته، عمره عشرين سنه، فقد حياته، وجه ما عاد له ملامح، جمعناه أشلاء، نطالب العالم ومجلس الأمن وكل أحرار العالم أن ينظروا إلى هذه الجرائم، التي لا ترضى ، الله ولا رسولة ولا ضمير العام ، خسر حياته واغنامه ومزرعته كل شيء تدمر ، وهذه أمه شهيده، وباقي الأسرة أطفال وزوجته كلهم جرحى”
كانت قصة علي أحمد ذيب وعائلته مجرد مثالٍ واحدٍ على مئات الجرائم المماثلة التي حدثت في اليمن خلال سنوات العدوان التسع، قصصٌ عن معاناةٍ لا تنتهي، وعن ألمٍ لا يزول، وعن أملٍ يتلاشى يومًا بعد يوم.
لقد كانت هذه الجريمة بمثابة صرخةٍ مدويةٍ في وجه العالم، صرخةٌ تطالب بوقف العدوان، وإنهاء معاناة الشعب اليمني، وتحقيق السلام العادل والشامل، صرخة تدعو العالم لمحاسبة مجرمي الحرب.
20 فبراير 2018..5 شهداء في جريمة إبادة جماعية بقصف سعودي أمريكي شاحنة مواطن بتعز:
كان الصباح الباكر ليوم 20 فبراير من العام 2018م، في مديرية مقبنة يحمل ذلك الهدوءَ الذي يسبق عاصفةً لا تُنبئُ بها السماء، أبو أحمد، سائق الشاحنة الخمسيني، يُعدّ حبال التثبيت حول الأحجار التي كان يحملها، على شاحنته التي هي “شريان الحياة” الوحيد لأطفاله ، وسكان القرية، قبيل خروج الشمس، كان متحركاً مع بعض أطفاله، وعمال ،
انطلقت الشاحنة ببطء، تحمل بين ثناياها أحلام عائلةٍ كاملة، وأُجَرَ أسر يعمل معيليها ، عمال ، فجأةً، اخترق صفيرٌ جهنميٌّ السكون، تلاه دويٌّ يُزلزل الجبال. من بعيد، شاهَدَ الأطفالُ كرةَ نارٍ تبتلع الشاحنة، وتنثر جثثاً مُشوّهة كدمى محترقة.،”أمي! أبي!” صرخ عبدالله (12 عاماً) وهو يجري نحو الحطام، قبل أن تسحبه جدته التي رأت أشلاء أبيه متناثرةً بين أشجار السدر والطلح على قارعة الطريق.
لم تكن جثث الضحايا الخمسة سوى فصولٍ من مأساةٍ طويلة، في منزل آل أحمد، صارت الزوجة الخمسينية تُنادي باسم زوجها بينما تحضن قميصه المُلوّث بدماءٍ متجمّدة، في الزاوية، رضيع يبكي دون أن تعرف أمه أنّ اللبن قد جفّ في ثدييها من الصدمة، خارجاً، تحوّلت ساحة القرية إلى محرقةٍ مفتوحة؛ جثةٌ مُفحّمة ملتصقة بمقعد الشاحنة، ويدٌ صغيرة ممسكة بدميةٍ بلا رأس.
يقول أحد شهود العيان: “هذا مواطن سواق بابور يحمل حجار، استشهدوا 5 مواطنين أبرياء، يحملوا حجار، ما ذنبهم؟ يقتلون المواطنين، وشردوا بالشعب، في أي مكان يتواجد،
بحلول الظهر، اجتمع أهل القرى المجاورة، يحملون نعوشاً من خشبٍ رخيص، لم تُبقِ النيرانُ من الجثث إلا ما يُملأ كفّاً، نساءٌ يلطمنَ وجوهَهنّ بينما تُطلِقُ إحداهنّ زغرودةً وداعيّةً غريبة، كأنها تودّع زمنَ السلام. الشاب حسن، ابن الشهيد الثالث، يقسم بين الجموع: “سأزرع في قلب الأجيال حب الجهاد في سبيل الله، ليتحرك الرجال كبار وصغار لرفد الجبهات والذود عن الوطن، يجب على الشعب اليمني التحرك الفوري لتصدي للغزاة والمحتلين، من سيدفع عنا شر الطيران سوى النفير العام ، وعلى العالم ان يتذكر هذه المحرقة ، سيتذكر الأهالي والأجيال أن هذه المنطقة قدمت قربان إلى الله ، وأن العدوان يشتهي أجساد اليمنيين.
اليوم، ما زال حطام الشاحنة يُشير إلى السماء كشاهدٍ أعمى، فيما تحوّل مكان الغارات إلى “مقبرةٍ عابرة” يزورها الأهالي كلّ فجر، أبو أحمد صار اسماً على لوحةٍ صدئة، لكنّ زوجته الثكلى توصي أطفالها بان يكبروا ويأخذا بثأر والدهم من الغزاة المحتلين، وان يكون حلمهم الالتحاق بالجيش اليمني، للدفاع عن شعبهم.
20 فبراير 2018..3 غارات لطيران العدوان السعودي الأمريكي تستهدف الطريق العام بساقين صعدة:
في صباح يومٍ العشرين من فبراير عام 2018م، استيقظت مديرية ساقين بمحافظة صعدة على وقع ثلاث غاراتٍ جويةٍ شنّها طيران العدوان السعودي، الأمريكي، استهدفت الطريق العام الذي يربط المديرية ببقية مناطق المحافظة.
لم يكن الطريق مجرد ممرٍّ للسيارات، بل كان شريان حياةٍ للمديرية، حيث كان يستخدم لنقل البضائع والمواد الغذائية والإمدادات الطبية، وكان يستخدمه السكان للتنقل بين القرى والمدن.
تسبّبت الغارات في تدمير أجزاءٍ كبيرةٍ من الطريق، مما أدى إلى قطع حركة المرور، وعزل المديرية عن العالم الخارجي، تخيّلوا معي، كيف سيكون حال قريةٍ تعتمد على هذا الطريق في الحصول على الغذاء والدواء؟ كيف سيكون حال مريضٍ يحتاج إلى الذهاب إلى المستشفى؟ كيف سيكون حال طالبٍ يريد الذهاب إلى المدرسة؟
يقول أحد مالكي السيارات: “عرقلونا، والأهالي يعملون لإعادة ترميم جزء من الطريق، وتأخر المرضى، عن الإسعاف، وتوقفت الحياة، استهداف الطرقات، يمهد لخلق نقطة ضعف لقتل وإبادة المواطنين ، في هذا المكان ، حين تهدى سرعة سياراتهم ، ويكون ضربهم أسهل”.
تسبّبت هذه الغارات في معاناةٍ كبيرةٍ للسكان، فالمواد الغذائية بدأت تنفد، والإمدادات الطبية أصبحت شحيحة، والناس أصبحوا يعيشون في عزلةٍ تامة، فلم تكن هذه الغارات مجرد عملٍ عسكريٍّ، بل كانت جريمةً إنسانيةً، جريمةٌ استهدفت حياة المدنيين الأبرياء، وحرمتهم من أبسط حقوقهم في الحياة، فهي جريمة حرب مكتملة الأركان، وتعمد لقطع الطرقات والحرابة المعلنة.