أثارت الغارات الإسرائيلية التي استهدفت منطقة حارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت، يوم أمس الجمعة، جدلاً واسعاً وتكهنات حول مصير الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، إلى أن حسم الأمر، اليوم السبت، بإعلان الجيش الإسرائيلي أن العملية العسكرية قد حققت أهدافها، وذلك قبل أن ينعى حزب الله رسمياً أمينه العام.
وتوّجت عملية اغتيال أعلى هرم في حزب الله، التي جاءت في اليوم الخامس من تصعيد العمليات العسكرية الإسرائيلية بشكل كبير على جبهة جنوب لبنان، سلسلة من عمليات اغتيال استهدفت قادة الحزب.
ويطرح اغتيال نصر الله، تساؤلات حول مصير الحزب وخليفة أمينه العام في المرحلة المقبلة.
بداية النهاية؟يمر حزب الله حالياً بحالة من الفوضى" كما يقول الباحث السياسي نضال السبع، "فهو لم يستعد بعد توازنه عقب الضربات الأمنية والعسكرية الكبيرة التي تعرض لها، بالتالي فإن تركيزه في هذه المرحلة ينصب على ترتيب صفوفه".
ويعاني حزب الله بحسب ما يشدد السبع في حديث لموقع "الحرة"، "من اختلالات كبيرة، خاصة على الصعيدين العسكري والأمني"، ويشرح "لم تحقق الصواريخ التي يطلقها منذ عام أهدافها المرجوة"، مستشهداً باستهدافاتها الأخيرة لعكا وصفد، "حيث سقطت أغلب الصواريخ في البحر أو في مناطق حرجية".
وعلى الصعيد الأمني، يشير السبع إلى قضية الأجهزة اللاسلكية و"البيجر"، "حيث سقط حزب الله في فخ شرائها واستخدامها، مما سمح باستهداف عناصره عبرها، إضافة إلى سهولة الوصول إلى قياداته، وهو ما يعكس ضعفاً أمنياً كبيراً في بنيته التنظيمية".
وحول ما إذا كانت هذه المرحلة تمثل بداية النهاية لحزب الله، استبعد الباحث السياسي ذلك، مشيراً إلى أن "الحزب وُلد من رحم الحرب الأهلية وبالتالي هو يتكيف مع واقع الاحتلال والمقاومة أكثر من الانتظام في السلطات السياسية، وهو قادر على إعادة ترتيب صفوفه بفضل امتلاكه العديد من الكوادر المهمة. ومع ذلك، هو يواجه امتحانه الأكبر المتمثل في سد الثغرات الأمنية وإعادة بناء قدراته العسكرية التي استهدفتها وما تزال العمليات الإسرائيلية".
كما يعتبر رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات العامة، العميد الركن المتقاعد هشام جابر، في حديث لموقع "الحرة" أنه "رغم الخسارة الكبيرة لحزب الله إلا أن كل أمين عام في الحزب يعتبر نفسه مشروع شهيد ويعمل دائماً على إعداد خليفته"، مذكّراً بأن نصر الله نفسه تولى قيادة الحزب بعد اغتيال عباس الموسوي.
من جانبه يقول الكاتب والباحث السياسي الدكتور مكرم رباح في حديث لموقع "الحرة" إن "مصير حزب الله هو الزوال كفكرة إذا استطاع الشعب اللبناني بناء دولة وجيش قادرين على منع تكرار ما حدث مع الحزب وأخواته"، مشدداً على أن "هذا لا يعني أن إيران لن تستمر في محاولاتها لتدمير لبنان."
بداية النهاية؟يتطلب استمرار حزب الله في المعركة كما يقول السبع "مراجعة داخلية عميقة لإعادة ترتيب صفوفه، ومعالجة الاختلالات في الملفات الأمنية والعسكرية وحتى الإعلامية، بصورة عاجلة، خصوصاً أن الخطاب الإعلامي للحزب كان يرسم صورة متفائلة للمعركة، إلا أن الوقائع على الأرض أظهرت عكس ذلك تماماً".
ويحذر السبع من أن "التجارب، بدءاً من اتفاقية أوسلو وغيرها، أظهرت أن التنازلات تثير شهية الإسرائيليين للمزيد من المطالب. وعندما يتمكنون من تحقيق إنجازات ميدانية، فإن ذلك يدفعهم إلى تصعيد أكبر بهدف فرض واقع سياسي يخدم مصالحهم".
الأمر الوحيد الذي يُعوَّل حالياً وفق ما يقوله السبع، هو "تحركات رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، إلى جانب الزعيم السياسي وليد جنبلاط، في جهودهم للتواصل مع الأطراف الدولية، لا سيمامع الفرنسيين والأميركيين، بهدف التوصل إلى وقف للمعركة".
وفي حال فشل المجتمع الدولي في وقف إطلاق النار، فإن نتانياهو قد ينقل، وفق ما يقوله السبع "مشهد العنف من غزة إلى جنوب لبنان، لاسيما وأنه يمتلك الضوء الأخضر لمواصلة عملياته العسكرية حتى الانتخابات الأميركية المقبلة، مما يعني أن لبنان قد يواجه 40 إلى 50 يوماً من الاستهدافات الصاروخية الممنهجة".
يذكر أن هاشم صفي الدين يعتبر "المرشح الأبرز لخلافة نصر الله"، كما يقول جابر، لافتاً إلى أن "موقعه القيادي في الحزب يجعله الخيار الأكثر احتمالاً"، كما يشير إلى أن شخصيات أخرى، مثل نعيم قاسم وبعض أعضاء المجلس القيادي، قد تكون أيضاً ضمن الخيارات المحتملة.
هاشم صفي الدين.. من هو خليفة نصرالله المحتمل؟ ألقى مقتل زعيم حزب الله، حسن نصر الله، في غارات جوية على إحدى ضواحي بيروت الضوء على الرجل الذي يعتبر على نطاق واسع وريثه، هاشم صفي الدين.وفي سياق متصل، يتوقع رباح أن يخلف صفي الدين نصر الله، قائلاً إنه "أحد أقارب نصر الله ويمثل خط ولاية الفقيه"، كما يعبّر السبع عن إمكانية أن يكون صفي الدين هو الخليفة المرتقب لنصر الله.
وصفي الدين هو من الشخصيات البارزة في حزب الله، حيث يتولى رئاسة المجلس التنفيذي، وعضو في مجلس الجهاد، الذي يدير العمليات العسكرية للجماعة.
ينحدر صفي الدين من بلدة دير قانون النهر، الواقعة في منطقة صور بجنوب لبنان، وهو مرتبط بعلاقة قرابة مع الأمين العام للحزب، حسن نصر الله.
صنفت وزارة الخارجية الأميركية صفي الدين في عام 2017، كإرهابي، وفي يونيو الماضي، هدد بتصعيد كبير ضد إسرائيل، وذلك بعد مقتل أحد القادة العسكريين الآخرين في الحزب.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: صفی الدین نصر الله حزب الله إلى أن
إقرأ أيضاً:
حزب الله يبالغ في توظيف التحرك جنوبا؟
كتب ابراهيم بيرم في" النهار": "الزحف الشعبي" نحو البلدات الأمامية التي ما زالت تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي هو النهج الذي اختار "حزب الله" وجمهوره التعامل به أخيرا، سعيا منه لاستعادة ما فقده من صورة "قوة وهيبة"، ولإجبار الإسرائيلي على إخلاء تلك البلدات الحدودية.لكن السؤال المثار هو ما جدوى هذا النوع من الحراك أمام صلف عدو ينطلق من معادلة أنه نجح لتوه في توجيه ضربة ميدانية قاصمة إلى الحزب؟ وهل في مقدور الحزب أن يحافظ على "زخم" هذا الحراك الشعبي إذا ما صدقت التكهنات بأن الإسرائيلي عازم على تمديد بقائه حيث هو بعد انتهاء المهلة الثانية المحددة في 19 شباط الجاري؟.
بات الحزب يتصرف على أساس أنه نجح في إرساء معادلة ذات وجهين: الأول أنه مع جمهوره أثبت أنه ليس في وارد الوقوف مكتوفا وعاجزا رغم كل ما تلقاه من ضربات، والثاني أنه قادر على اجتراح أساليب مواجهة تؤثر على إسرائيل من غير السلاح، وهو عازم على المضي قدما في ما بدأه.
المعلوم أيضا أن ثمة أصواتا داخلية تعالت أمام مشهد الأحدين في الجنوب، معتبرة أن الأمر لا يعدو كونه "بهورة ومغامرة بلا جدوى"، وأن الحزب يبحث عن انتصار معنوي يعوض له خسارته الكبرى.
للحزب بطبيعة الحال وجهة نظر أخرى يعبّر عنها نائب صور حسن عزالدين، إذ يؤكد أن "الانتفاضة الشعبية على الاحتلال أخيرا هي انتفاضة عفوية تثبت أن أبناء الجنوب ما زالوا رغم كل جراحاتهم، مستعدين لتحدي الاحتلال ولو بصدورهم العارية، ليثبتوا أيضا أنهم ليسوا في وارد الاستسلام والقبول بنتائج العدوان. وهذا يعني أن الإسرائيلي رغم حجم الوحشية في حربة لم ينجح في كي وعي الناس وجعلهم يستسلمون ويقبلون بالاحتلال.
ويضيف: "المقاومة عندنا لها أوجه عديدة، منها التعبوي ومنها السياسي والديبلوماسي والثقافي وذروتها بطبيعة الحال المقاومة المسلحة، لذا ليس انتقاصا أو وهنا أن يعود أبناء القرى الجنوبية إلى أسلوب الانتفاضة الشعبية التي مارسوها في الأشهر الأولى للاحتلال الإسرائيلي للجنوب عام 1982، والذي تشهد عليه النبطية ومعركة وعشرات القرى الأخرى ونحن في هذا الإطار لا نجد فرقا بين المقاوم الذي يوجه صاروخه نحو دبابة إسرائيلية وتلك السيدة الجنوبية التي وقفت الأحد الماضي أمام الدبابة الإسرائيلية متحدية فكلا الفعلين يترجم التمسك بالأرض والعزم على طرد المحتل".
يتابع عز الدين: "لا بد أن نشير إلى أن الأهالي المحتشدين على مداخل بلداتهم الحدودية وهم في أقصى حالات التحدي والتحفز والاستنفار، إنما هم البيئة الحاضنة للمقاومة والتي هي نفسها فقدت الأبناء والأرزاق والبيوت وعانت مرارة النزوح".
وردا على القول إن هذا الفعل "كان بهورة بلا نتيجة"، يؤكد أن هذا الحراك هو الذي أجبر العدو على إخلاء العديد من البلدات التي كان محظورا على سكانها العودة إليها، و آخرها عيترون والطيبة".
ويخلص إلى "أن الحراك لن يتوقف فنحن والأهالي على موعد كل أحد، بل كل يوم، وكلنا ثقة بأن العدو سيجد نفسه مجبرا يوما ما على الانسحاب".