شبكة انباء العراق:
2025-04-17@19:03:58 GMT

أ مات ( السيد) .. ؟ نعم .. ولكن أية ميتة مات ؟

تاريخ النشر: 28th, September 2024 GMT

بقلم : فالح حسون الدراجي ..

وأخيراً، وبعدما (أتعبهم) في ميادين الجهاد والكفاح والثورة .. ترجّل الفارس المقدام، وسيد المقاومة حسن نصر الله .. ترجّل عن جواده بطلاً صنديداً، واقفاً وثابتاً مثل جبل شاهق أشم.. لكنه وللأسف مضى مُكرهاً، مظلوماً، مغدوراً بكل ما في دنيا اليوم من غدر وخيانات وخسة..

لقد سقط (السيد)، مضرجاً بدمائه الشريفة، مثخناً بجراح الإباء والعزة والطهر والنبوة.

. بعد أن اجتمعت في جسده كل الجراح التي أدمت وقتلت آباءه وأجداده الشهداء، بدءاً من جرح جده الإمام علي، مروراً بجراح جده الأبهى سيد الشهداء الإمام الحسين، وليس انتهاءً بآخر من تشرفت الجروح بوشم جسده من آل ونسل هذا البيت العلوي الكريم ..

الحياة منذ مساء الجمعة وحتى مساء السبت متوقفة بكل تفاصيلها، والأنفاس لأربع وعشرين ساعة محبوسة في الصدور، تنتظر من يكذب لها أنباء الصهاينة..!

ولا أبالغ لو قلت، إن نبأ استشهاد السيد، صدم العالم بشرقه وغربه، بل وأوقف العالم على قدم واحدة، خوفاً ورعباً وألماً، وترقباً لما سيحدث غداً.. وبصراحة ودون مبالغة أقول: إن مقتل هذا الرجل الشرقي العربي المسلم المعمم البسيط، القادم من أقصى أقاصي لبنان، قد هزّ الكرة الأرضية برمتها، وهي التي لم تهتز من قبل بموت كبار الزعماء والقادة والملوك والسلاطين والأباطرة في العالم، بل ولم تكترث حتى لموت البابوات الفخام، ورحيل آيات الله الكرام، وكبار العلماء العظام.. فلماذا يهتم العالم اليوم كل هذا الاهتمام بمقتل الفتى حسن نصر الله، ولماذا يحاول (العالم) ويتمنى تكذيب خبر استشهاده، وكأنه لا يريد تصديق ذلك.. وقد يتساءل الكثير من الناس عن سبب عدم تصديق الشرق والغرب نبأ مقتل السيد، أليس السيد حسن بشراً مثل غيره: يولد ويعيش ويموت أيضاً، أليس هو (فرداً) مثلنا، ينام ويصحو ويتنفس وياكل ويشرب، ويمرض ويُشفى، ويُقتل كما يُقتل أي محارب عنيد في ميدان الجهاد ؟

ألم يقل الشاعر الشعبي العراقي من قبل: ” كل حي بالدنيا أعليه موته ..”؟

فلماذا يختلف الأمر مع (هذا السيد)..؟!

والجواب باختصار شديد: إن حسن نصر الله لم يكن ( فرداً ) مثلنا، إنما هو (مجموعة أفراد وقدرات ومواهب) مجتمعة في كيان بشري واحد، حاله حال الأولياء والأوصياء والثوار الأفذاذ، والمفكرين والمخترعين والأشخاص المنتجين الاستثنائيين في التاريخ.. اولئك الأشخاص الذين غيروا حركة ومسرى الكون، فجعلوا من اللاشيء شيئاً عظيماً، ومن اللا وجود وجوداً فاعلاً، وأحالوا الظلام نوراً، والسراب ماءً، والحجر غصناً زاهراً وردياً..

ويقيناً أن نصر الله لا يقل عن الثوار الذين مضوا إلى أبديتهم، لكنهم تركوا أثراً كبيراً في التاريخ، بدءاً من أبي ذر الغفاري، مروراً بجيفارا، وليس انتهاءً بمانديلا.. وانا حين اتحدث عن حسن نصر الله، فأنا اتحدث عنه باعتباره ثائراً كونياً وأحد قادة المقاومة العالمية، بعيداً عن انتمائه الديني أو الطائفي الضيق.

نعم اتحدث عن نصر الله الثورة، والقائد الذي أذلّ الصهاينة و(كسر خشم) المغرور (نتنياهو)، وأتحدث عن (نصر الله) الذي استلم قيادة حزب الله قبل اكثر من ثلاثة عقود، في وقت عصيب لم يكن فيه الحزب سوى اسمٍ مجهول، وكيان صغير، لا يضم غير عدد قليل من الأعضاء، إلا أن ( السيد) جعل منه حزباً كبيراً، وجيشاً مرعباً للكيان الصهيوني، وثورة مسلحة قوية أقضت مضاجع الطغاة والسفاحين..

قد أختلف، وربما يختلف معي أيضاً الكثير حول متبنيات وطروحات حزب الله الفكرية والعقائدية، لكني أتفق معه في ثوريته وتحديه وجهاده وصبره الطويل، وأقف إلى جانبه بكل قوة في تصديه للمشروع الصهيوني، والتضحيات الغالية التي دفعها، واسانده وهو يواجه بصمود إعجازي جرائم إسرائيل ومعها كل جيوش الثورة المضادة..

ولا غرابة في أن يكون حسن نصر الله اليوم رمزاً وطنياً واقليمياً وعالمياً من رموز الثورة والصمود والتحدي والمواجهة مع قوى الاستكبار والاستغلال العالمي، بعد ان نجح في تحرير أرضه المحتلة، وتمكن من قيادة الجياع والمظلومين في لبنان نحو بوابات العزة والكرامة والحرية..

لذلك وقطعاً، كان نبأ مقتله صدمة عنيفة ومدهشة ومحيرة أيضاً، بحيث لم يستطع العالم استيعابها وتصديقها حتى هذه اللحظة، رغم أن حزب الله أكد بنفسه صحة نبأ استشهاد زعيمه.

ويبدو أننا جميعاً لم نكن نصدق ولا نريد أن نصدق ذلك، رغم يقيننا أن السيد إنسان، و( بشر )، مثلنا، معرض للموت والقتل، ناهيك من أن المجرم نتنياهو وكل عصابات الصهاينة كانوا يخططون ليل نهار لقتل هذا (المعمم) الذي دمر (تفوقهم) التقني والعسكري والاستخباري المعروفين به ..!

وأخيراً : هل مات السيد ؟

نعم، مات (السيد)، ولكن أيَّة ميتة باهرة ومشرفة وعظيمة مات أبو هادي.. ثم من يضمن أن بيئة حسن نصر الله الباسلة، لم تهيء (سيداً) آخر يكمل المسيرة ويقود الجياع اللبنانيين نحو تحقيق هدف الثورة؟!.

user

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات حسن نصر الله

إقرأ أيضاً:

لا سلاح يُسلّم.. والمُحتلّ لا يؤتمن

 

 

المقاومة لا تركع، ولن تساوم، ولن تضع سلاحها مهما اشتدت المحن، ومهما تعاظمت التضحيات، لأن من حمل روحه على كفه، ومن ودّع أهله ذات فجر دون أن يدري إن كان سيعود، لا يمكن أن يخضع في منتصف الطريق، ولا يمكن أن يبادل سلاحه بسلامٍ زائفٍ أو أمانٍ ملوّث بالذل. ما يجري في غزة ليس معركة فقط، بل امتحان للأمة بأسرها، اختبارٌ لضمير العالم، ومواجهة بين الحق المجروح والباطل المدجج بالسلاح والإجرام. ولكننا نؤمن، إيمانًا لا يتزعزع، أن وعد الله حق، وأن المظلوم المنتصر حتمًا، ولو بعد حين. قال الله تعالى: “وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ”
من يطلب من المقاومة أن تسلّم سلاحها الآن، في لحظة يُذبح فيها الأطفال، وتُبتر فيها أطراف الأمهات، وتُقصف فيها البيوت فوق ساكنيها، إنما هو إما خائن باع آخر ما تبقّى من نخوة، أو أحمق لم يفقه شيئًا من دروس التاريخ. هل يُعقل أن يُطلب من المقاوم أن يُلقي سلاحه مقابل أن يتوقف عدوه عن قتله؟ أي منطق هذا؟ وأي جنون؟ إن منطق الذل لا نعرفه، ومنهج الركوع لا نؤمن به، نحن أمة كُتب عليها الجهاد منذ أن وُجد الباطل، ولسنا طلاب كراسي ولا باعة كرامة، بل نحن طلاب حق، نحمل السلاح لا لنموت فقط، بل لنحيا أعزاء، ولتُكمل الأجيال القادمة الطريق. قال الله سبحانه: “كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ”
إن غزة اليوم لا تطلب منّا البكاء، ولا تشتكي، ولا تتوسّل، بل تصرخ فينا أن نثبت، أن نكون أوفياء للدماء التي سالت، أن نكون كما وعدنا أنفسنا وأبناءنا أن نكون: أحرارًا لا نساوم، جنودًا لا نخذل، رجالًا لا نبيع القضية في سوق الذل والمصالح. في كل طفل يُستخرج من تحت الركام، في كل أمٍّ تحتضن قطعةً من جسد ابنها، في كل مقاوم يقف في نفقٍ مظلم يترقب ساعة الاشتباك، هناك رسالة واحدة: لن نُهزم… ولن ننكسر… ولن نستسلم.
نحن في اليمن، بكل أطيافنا وقوانا الحيّة، نقف إلى جانب فلسطين ومقاومتها، لا نُساوم في ذلك، ولا نطلب مقابلاً، لأن فلسطين ليست قضية سياسية عابرة، بل هي بوصلتنا الإيمانية، قضيتنا الوجودية، رمز كرامتنا ومعنى صمودنا. ونعلم أن الله معنا، كما كان مع من سبقنا من المجاهدين: “كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ”
أمريكا اليوم، ومعها كيان الاحتلال ومن خلفهم بعض الأنظمة العربية المتواطئة، يظنون أنهم قادرون على كسر إرادة المقاومة عبر الحصار والتجويع والتدمير والابتزاز السياسي. ويظنون أن التلويح بوقف القتل مقابل نزع السلاح سيُرهب المقاومين، لكنهم لا يعرفون من يواجهون. إنهم يواجهون رجالًا لم يعودوا يرون في الحياة قيمةً إن كانت دون كرامة، ولم يعودوا يرون في البندقية عبئًا بل شرفًا، ولم يعودوا يقاتلون من أجل أنفسهم فقط، بل من أجل كل حرٍّ على هذه الأرض.
إن دماء الشهداء التي نزفت في غزة، والتي سالت في جنين ونابلس والضفة وكل شبر من فلسطين، لن تذهب سُدى. إنّ أرواحهم تصرخ في وجه العالم الصامت، وتلعن كل من باع، وكل من سكت، وكل من تخلّى. هؤلاء الشهداء هم الشهود على المرحلة، هم من يكتبون بدمهم صفحة الخلاص، وهم الذين يعلّموننا أن الحياة لا تُقاس بعدد السنين، بل بعزّة الموقف. قال الله تعالى: “وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ”
وليعلم الجميع، أن غزة اليوم ليست وحدها، وأن المقاومة ليست جسدًا معزولًا، بل هي نبضٌ حيٌّ يسري في شرايين الأمة، وأن اليمن، وكل محور المقاومة، من لبنان إلى العراق إلى إيران إلى سوريا وكل الشرفاء في العالم، يقفون كالسد المنيع في وجه مشاريع الهيمنة والإذلال. هذه معركة واحدة، جبهة واحدة، وإن اختلفت الجغرافيا، لأن المعركة هي معركة هوية ووجود، لا مجرد حدود.
فليصمت المطبعون، وليرتجف الخائفون، ولينظر المتآمرون إلى عاقبة خيانتهم، فالتاريخ لا يرحم، والله لا يغفل، والحق لا يموت. نحن مع المقاومة، نحن مع غزة، نحن مع كل من يقف في وجه الطغاة، ولن نتراجع عن هذا الموقف مهما كلفنا، لأننا نؤمن أن هذه المعركة ليست فقط لأجل فلسطين، بل لأجلنا جميعًا، لأجل أن يظل في هذا العالم متّسعٌ للحرية، وكرامةٌ للبشر، وصوتٌ للحق.
وسيبقى سلاح المقاومة مرفوعًا، ما دام هناك محتل، وما دام هناك شهيد ينتظر، وأسير يتألم، وأرض مغتصبة، وحق مهدور.

مقالات مشابهة

  • السيد القائد للشعب اليمني: أدعوكم بدعوة الله “انفروا خفافاً وثقالاً” اخرجوا كجزء من جهادكم استجابة لله سبحانه ونصرة للشعب الفلسطيني المظلوم
  • السيد القائد: نزع سلاح المقاومة! غير منطقي وسخيف
  • السيد عبدالملك الحوثي: لبنان محسوب ضمن مشروع “إسرائيل الكبرى” والعدو الصهيوني يطمع في السيطرة التامة عليه
  • أمين الفتوى: الرحمة هي الأساس الذي يُبنى عليه أي مجتمع إنساني سوي
  • لا سلاح يُسلّم.. والمُحتلّ لا يؤتمن
  • الدب الأمريكي الذي قد يقتل صاحبه!
  • الإفتاء: من حق الزوجة الخروج للعمل إذا رفض زوجها.. ولكن بشروط
  • ابن حزم الأندلسي.. العالم والفقيه والشاعر الذي أُحرقت كتبه
  • محافظ الغربية يهنئ بطل العالم محمود السيد لحصوله على الذهبية في سيف المبارزة
  • من النبي الوحيد الذي يعيش قومه بيننا حتى الآن؟ علي جمعة يكشف عنه