حسن نصر الله.. حرب شاملة وحسابات جديدة!
تاريخ النشر: 28th, September 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يفرض اغتيال زعيم حزب الله السيد حسن نصر الله تحديات جديدة على عواصم منطقة الشرق الأوسط، وليس فقط المقاومة اللبنانية وطهران باعتبارها الداعم الرئيس لها.
بداية لم يكسب الكيان الصهيونى من جريمته الإرهابية، وما سبقها من جرائم قتل وإبادة فى غزة ولبنان؛ إلا حصد المزيد من الكراهية والحقد بين شعوب المنطقة وأغلب نخبها السياسية والثقافية والاجتماعية، ما يعنى استحالة قدرته على العيش بسلام.
جريمة الكيان جعلت إمكانية توقيع اتفاقات تطبيع جديدة معه من سابع المستحيلات، على الأقل فى المدى المنظور والمتوسط.
حملات المقاطعة ربما تتجاوز منتجات الشركات الغربية والدولية عابرة القارات لتطال كافة الأنشطة الاقتصادية لحكومات الدول التى قامت بالتطبيع مؤخرًا، إذا هى مضت فى إعلان أنشطتها التطبيعية بعد أن ملأت رائحة الدماء العربية ربوع المنطقة.
حزب الله ومن خلفه الجمهورية الإيرانية مطالبون بإعادة تقييم عملية تأمين كل ما يتعلق بالبيانات العسكرية والشخصيات القيادية وسلاسل الإمداد.
علاوة على مراجعة وسائل الاتصال المستخدمة من هواتف وأجهزة لاسلكية وشفرات للتواصل وصولا إلى أجهزة الحاسوب؛ ناهيك عن مراجعة الإجراءات الخاصة لتحصين الأشخاص والأفراد المتعاملين مع الأجهزة الأمنية فى إيران ومؤسسات حزب الله ضد عمليات التجنيد.
ما جرى يعد اختراقًا أمنيًا واسع النطاق غير مسبوق عبر العناصر البشرية وأدوات التكنولوجيا الحديثة؛ ولا يوجد ما يضمن أن ذات الاختراق ليس حادثًا بالفعل فى باقى الإقليم.
دول المنطقة هى الأخرى مطالبة بذات الإجراءات خاصة العراق وسوريا واليمن والأردن.
صياغة حسابات جديدة وإعادة توصيف حقيقة المواجهات العسكرية الدائرة سواء فى غزة أو فى جنوب لبنان باتت عملية ملحة ومفروضة على جميع الأطراف فى الإقليم.
إيران - السعودية - مصر - تركيا، هذه الدول معنية بهذه المسألة، فما نحن بصدده حرب شاملة فى طريقها لتصبح إقليمية حتى لو حاول البعض تجاهل هذه الحقيقة.
منذ تحول ثقل الجهد العسكرى الصهيونى نحو الحدود اللبنانية بدأت هذه الحرب؛ وربما أخطأ حزب الله عندما قرأ المشهد بوصفه تصعيدا عسكريا تدريجيا من قبل العدو الصهيونى، مما جعله يتوانى عن توجيه ضربات موجعة إلى قلب الكيان.
اعتبر زعيم الحزب حسن نصر الله ان استهداف جيش الاحتلال للضاحية الجنوبية فى بيروت قاصر على الأهداف العسكرية، ومن ثم اكتفى بتوجيه ضرباته الصاروخية إلى مراكز تجمع وقواعد قوات الاحتلال فى شمال فلسطين المحتلة.
لم تنل الطلعات الجوية الاسرائيلية من قيادى حزب الله فقط؛ ففى كل مرة كان يسقط إلى جانبهم عشرات الشهداء من المدنيين.
فى يوم واحد قتل الاحتلال ٥٥٨ لبنانى مدنى وربما يتضاعف هذا العدد عدة مرات فى استهداف الجمعة الكئيبة ٢٧ سبتمبر التى شهدت اغتيال زعيم الحزب، فقد سويت منطقة سكنية كاملة بالأرض، وكانت تحوى أبراجًا بلغ بعضها ١٤ طابقا.
تباطوء الكيان الصهيونى تجاه القيام باجتياح برى ولو جزئى، لا يعنى أننا بصدد مواجهة عسكرية قائمة على التصعيد المتدرج.
هذا التقدير جعل المقاومة فى لبنان وجبهات إسنادها فى اليمن والعراق تتباطأ هى الأخرى فى مواجهة العدو على نحو شجعه على اتباع سياسة قطع الرؤوس الكبيرة.
وأغلب الظن ووفقًا لما ورد فى كلمة الإرهابى نتنياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة سيمضى جيش الاحتلال فى هذه السياسة مع الفصائل العراقية ومواقع تمركز فصائل المقاومة فى سوريا واليمن ثم القواعد الصاروخية الإيرانية ومواقعها العسكرية؛ عندما يطمئن لتفكيك حزب الله وليس مجرد إجباره على التراجع لإعادة التمركز ما وراء نهر الليطانى.
الكيان الصهيونى أعلن الحرب الشاملة على لبنان وسيمضى إلى توسيعها لتشمل الإقليم من اليمن جنوبًا إلى سوريا والعراق شمالًا وإيران شرقًا ولكن تحت سقف ضرب القواعد العسكرية مستغلًا خشية كل هذه الأطراف الانجرار إلى حرب إقليمية يعتقدون خطأ أنها لن تندلع بعد.
إلى الذين فرحوا بمقتل حسن نصر الله، تعزيز قدرة الكيان الصهيونى على العربدة وارتكاب الجرائم ضد شعوب المنطقة وتمكينه من رسم مستقبل الخريطة السياسية فى لبنان؛ لن يكون إلا بداية لتمكين ذراعه القذرة لتطال دول المنطقة كافة، وإعادة رسم خارطة الشرق الأوسط بأكمله على نحو ما أوضح الإرهابى نتنياهو أمام الأمم المتحدة.
ليس على الدول الكبرى فى الإقليم الدخول فى حرب وإنما عليها فقط تنحية خلافاتها وعقد تحالف استراتيجى يأخذ طابعا اقتصاديا تجاريا يتعاونون تحت مظلته فى مجالات الطاقة والتصنيع؛ فهم بذلك يبنون حائط صد لا يمنعهم فقط من التورط فى حرب وإنما يقطع ذراع الكيان الصهيونى ويمنعه من التلاعب بأمنها واستقرارها وربما أجبره على الإذعان والاعتراف بدولة فسطينية على حدود ٤ يونيو ١٩٦٧.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: حسن نصر الله اغتيال اغتيال زعيم حزب الله حزب الله لبنان الكيان الصهيوني الکیان الصهیونى حزب الله
إقرأ أيضاً:
الاحتلال يتلاعب بالحقائق.. مسعفو غزة ضحايا تغيير الروايات العسكرية
تتواصل التوترات في قطاع غزة مع ظهور روايات متضاربة من جيش الاحتلال الإسرائيلي حول استهداف 15 مسعفا فلسطينيا في الشهر الماضي.
ونشرت صحيفة "الغارديان" تقريرًا أعده الصحفي بيتر بيومنت، تناول فيه تغييرات الرواية الإسرائيلية بشأن مقتل 15 مسعفًا في الشهر الماضي، مشيرًا إلى أن هذا التغيير هو جزء من تاريخ طويل للجيش الإسرائيلي في تغيير رواياته حول مقتل المدنيين الفلسطينيين.
وأوضح بيومنت أن هذا النهج الذي يتبعه الجيش الإسرائيلي في الحالات الكبرى التي يتم فيها استهداف مدنيين ليس جديدًا، حيث يبدأ الجيش عادةً بالتنصل من المسؤولية في البداية، وفي بعض الحالات أثناء حرب غزة، يتم إلقاء اللوم على حماس، مدعيًا أن الصواريخ التي أُطلقت سقطت قبل أن تصل أهدافها داخل إسرائيل.
وأضاف بيومنت أنه إذا لم يقتنع أحد بهذا التبرير، يلجأ الجيش إلى الزعم بأن معظم القتلى كانوا من المقاتلين أو أنهم ضحايا جانبيون بسبب استهداف المقاتلين وفي حالة مسعفي غزة، كانت الحادثة الأخيرة التي تم فيها تغيير الرواية.
وأشار الكاتب إلى استهداف الصحفية الفلسطينية-الأمريكية شيرين أبو عاقلة، التي كانت تغطي أحداثًا في مخيم جنين عام 2022 في البداية، كانت إسرائيل قد نسبت مقتلها إلى مقاتلين فلسطينيين، حيث قال رئيس الوزراء في ذلك الوقت، نفتالي بينيت، إن أبو عاقلة "قتلت على الأرجح" برصاص من مقاتلين فلسطينيين.
وبعد يوم من تصريحاته، خرجت الحكومة الإسرائيلية لتشجب "الاتهامات المتسرعة"، مع الإشارة إلى أن أحد الجنود هو من قتلها، لكنها وصفت الحادثة بـ"المضللة وغير المسؤولة".
وأشار إلى أن الأدلة وشهادات الشهود أجبرت الجيش الإسرائيلي على الاعتراف بأن الصحفية قتلت برصاص جندي إسرائيلي، لكن الجيش ادعى أن الحادثة كانت غير مقصودة وأنها كانت "خطأ نادر" بسبب مسؤولية فردية، وليس بسبب خطأ من النظام العسكري.
وفي حالة مسعفي غزة الذين استشهدوا في 23 آذار / مارس، كان التفسير الأولي للجيش الإسرائيلي عند اكتشاف جثثهم في مقبرة جماعية هو أن سياراتهم كانت "تتقدم بشكل مثير للريبة نحو قوات الجيش الإسرائيلي وبدون مصابيح أمامية أو إشارات طوارئ".
وأضاف الكاتب أنه مع ظهور شهادات الشهود وفيديو من هاتف أحد المسعفين، تبين أن هذه الرواية كانت غير صحيحة، حيث كانت سيارات الإسعاف مزودة بمصابيح أمامية وكان المسعفون يرتدون سترات عاكسة.
وتابع الكاتب أن إسرائيل زعمت، دون تقديم أدلة، أن ستة من المسعفين كانوا مرتبطين بحماس، حتى لو كانوا عزلاً من السلاح، ورغم ذلك، تم دعم هذه الرواية من قبل الحسابات المؤيدة لإسرائيل على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث نشر أحد الحسابات فيديو على منصة "إكس" يظهر بشكل غامض أن أحد المسعفين كان يحمل سلاحًا. لكن قناة "دوتشيه فيليه" الألمانية (دي دبليو) فحصت الفيديو وخلصت إلى أنه لم يكن سلاحًا، بل كان مجرد ظل ألقته الأضواء المشعة.
يرى بيومنت أن الهدف من هذا التعتيم هو التشويش على التحقيقات من بدايتها. وعندما يعلن الجيش الإسرائيلي عن فتح تحقيق تكلف فيه المدعي العام العسكري، غالبًا ما تكون النتائج غامضة، نادرًا ما تؤدي إلى اتهامات خطيرة.
وفقًا لتحقيق أجرته منظمة "يش دين" الحقوقية الإسرائيلية، والتي نشرت تقريرًا العام الماضي، فإن الآلية التي أنشأها الجيش الإسرائيلي للتحقيق في جرائم الحرب المحتملة تهدف إلى التهرب من المسؤولية مع إظهار أن هناك عملية قانونية جارية. وأظهرت دراسة أعدتها المنظمة لـ"جميع الشكاوى المحالة إلى الجيش" خلال الحملات العسكرية الإسرائيلية الكبرى على مدى العقد الماضي، أن "664 شكوى على الأقل أُحيلت للمراجعة"، وأن "542 حادثة 81.6 بالمئة أُغلقت دون تحقيق جنائي"، بينما أدت 41 حادثة فقط 6 بالمئة إلى فتح تحقيقات جنائية.
وقد دفع هذا الوضع منظمة "يش دين" إلى الاستنتاج بأن آلية إنفاذ القانون الإسرائيلية نادرًا ما تحقق ضد الجنود من الرتب الصغيرة، ولا تفتح تحقيقات مع كبار القادة العسكريين.
وقد أثار هذا التحقيق تساؤلات في ألمانيا، التي تعد من أقوى الدول الداعمة لإسرائيل في أوروبا. حيث قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية، كريستيان فاغنر، بعد ظهور تسجيل فيديو للحادثة المتعلقة بالمسعفين: "هناك تساؤلات جوهرية حول تصرفات الجيش الإسرائيلي". وأضاف أنه "هناك حاجة ماسة للتحقيق ومحاسبة الجناة"، مشيرًا إلى أن "التحقيق الكامل في الحادثة يؤثر في مصداقية الدولة الإسرائيلية".
كما أشار عاموس هاريل في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية إلى أن كل هذه التلاعبات في الرواية قد تحجب الحقيقة الأكثر قسوة، وهي أن جميع الفلسطينيين في غزة - بما فيهم المدنيون - يُنظر إليهم على أنهم تهديد يجب مواجهته بالقوة المميتة. وذكر هاريل أنه قبل أيام تم عرض فيديو يظهر فيه قائد كتيبة يتحدث إلى جنوده عشية عودتهم إلى القطاع قائلاً: "أي شخص تقابله هناك هو عدو، إذا حددته هو عدو وإذا حددته فتخلص منه".