لجريدة عمان:
2024-09-28@20:20:43 GMT

الصراع لم ينته بعد!!

تاريخ النشر: 28th, September 2024 GMT

قد يعتقد بعض المراقبين الأجانب، أو بعض أصدقائهم من العرب أن الصراع قد حُسم بعد أن دُمرت غزة وأصبحت أنقاضًا على ساكنيها، وبعد أن استُشهد ما يقرب من خمسين ألفًا وأكثر من ضعفهم من المصابين والعجزة غالبيتهم من النساء والأطفال والشباب، وربما ينتشي هؤلاء المراقبون بعد الضربات الموجعة التي حلت بالمقاتلين في لبنان وخصوصًا وقد استخدم العدو سلاحًا جديدًا لم تعرفه الحروب الحديثة وهو لا يقل خطورة عن الأسلحة الكيماوية التي حرمتها كل القوانين والأعراف الدولية، بعد أن اخترق العدو الإسرائيلي أجهزة البيجر والأجهزة اللاسلكية مما تسبب في استشهاد آلاف اللبنانيين وترويع كل سكان جنوب لبنان وضاحية بيروت الجنوبية.

اعتقد الجيش الإسرائيلي أنه انتهى من معارك غزة والضفة الغربية، لكي يتفرغ للقضاء على الجبهة الشمالية في لبنان سواء في الضاحية الجنوبية من بيروت أو في جنوب لبنان حتى بوابة فاطمة وهي الحدود الفاصلة مع العدو الإسرائيلي. لقد اعترف حسن نصر الله أن العدو قد استهدف خمسة آلاف من اللبنانيين في يومين وهي أحداث مروعة صرح بأنها مجزرة غير مسبوقة وغير متوقعة، وعلى الرغم من ذلك فقد قال: إن هذه الضربة الموجعة لن تُسقطنا، بل ستزيدنا قوة، لقد راح العدو الإسرائيلي يواصل قذف المنازل والمؤسسات الاقتصادية والتعليمية عبر طائراته وصواريخه ملحقًا ضررَا بالغًا بجنوب لبنان وضاحية بيروت الجنوبية. وكانت رسالة نتنياهو واضحة وقد اتسمت بالجبروت والاستعلاء من خلال خطاب وجهه إلى الإسرائيليين والمقاومين اللبنانيين حينما قال: «لن تتوقف الحرب إلا بعد عودة الإسرائيليين إلى مستوطناتهم في شمال إسرائيل»، وقد علق عليها حسن نصر الله بكل قوة: «لن نوقف هجماتنا على شمال إسرائيل إلا بعد توقف الحرب في غزة، وأتحداكم فلا سبيل إلى وقف المقاومة إلا بعد وقف القتال على غزة والضفة الغربية».

من خلال ضربة إسرائيلية واحدة استشهد فيها القياديان في حماس إبراهيم عقيل وأحمد وهبي ومعهما أكثر من ألف شهيد في هجوم مباغت على ضاحية بيروت الجنوبية، ومن خلال تصريحات الساسة الأمريكيين والإسرائيليين معًا يتحدثان عن هدفهما الحقيقي وهو تغيير خارطة المنطقة وهو ما صرح به نتنياهو في كثير من أحاديثه، بل تغيير خارط الشرق الأوسط برمتها، ومن الواضح أن إسرائيل ستعمل قريبًا على ضم الضفة الغربية ضمًا كاملا ولا أتصور أن ما حدث من هجوم على أحد مقرات حزب الله في جنوب بيروت أو الهجوم على جنوب لبنان والوصول إلى أماكن محددة اختارها العدو بكل عناية ودقة يمكن أن يكون عشوائيًا بل أستطيع القول إن إسرائيل زرعت لها عملاء سواء من اللبنانيين أو من أعضاء حزب الله وهو ما يستوجب الاهتمام والعناية وإجراء تحقيق دقيق للوصول إلى هؤلاء الخونة حفاظًا على سلامة الجبهة اللبنانية من الاختراق.

وسط كل هذا الدمار والقتل من عدو يملك كل مقومات الحرب الحديثة وبدعم متواصل من الولايات المتحدة الأمريكية والغرب تعود حاملة الطائرات الأمريكية إلى شرق البحر المتوسط لكي تكون على أهبة الاستعداد لدعم إسرائيل في الوقت الذي يواصل فيه وزير الخارجية الأمريكي (بلينكن) تصريحاته المكررة بضرورة وقف إطلاق النار والدخول في مفاوضات سلام بهدف إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، ولم يتحدث عن قتل المئات كل يوم في عزة والقطاع، وتدمير قطاع غزة لدرجة أن 75% من المباني والمنشآت قد دُمرت، ولم يشاهد أطفال غزة وهم يتحلقون وسط الأنقاض لتلقي دروسهم، وأخيرًا لبنان التي يُصرح الرئيس بايدن ووزير خارجيته بأن إسرائيل محقة في عدوانها على لبنان، والعجيب في الأمر أن ساستنا وإعلامنا يتحدثون صباح مساء عن دور الوسيط الأمريكي معتبرينه وسيطًا محايدًا، فهو ضالع ومتضامن مع إسرائيل تخطيطًا، وتنفيذًا، ودعمًا بهدف واضح للعيان وهو إيجاد شرق أوسط جديد لا نعرف له حدودًا ولا نهايات بعد أن ألقينا بكل أوراق الصراع في يد أمريكا وفي غياب واضح وفج من قادتنا العرب ومؤسساتنا، الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، وهو ما يدعوني إلى الاعتقاد الجازم بأن البعض من قادة دولنا متورطين في هذا الصراع غير مكترثين بفكرة الشرق الأوسط الجديد الذي تعمل عليه أمريكا منذ عهد الرئيس ترامب.

السؤال الذي لم يجب عليه الإسرائيليون وأصدقاؤهم الأمريكان: ما هو مستقبل الشرق الأوسط الذي يزعمون قيامه؟ حتى إذا ضم الإسرائيليون غزة، والضفة، وجنوب لبنان هل سيتوقف الصراع؟ هل ستأمن إسرائيل على حياة أبنائها، واقتصادها، ورفاهية شعبها؟ فالتاريخ يقدم لنا دروسًا عملية لكل الدول التي سبق لها أن وقعت فريسة للاستعمار عبر التاريخ من الاستعمار البرتغالي، والبريطاني، والفرنسي، والألماني، جميعها تشكل دروسًا عملية يستقي منها الفلسطينيون أملهم وخبراتهم، وخصوصًا وأن المقاومة الفلسطينية واللبنانية صامدة مُصرة على القتال جيلا بعد جيل، فقد لا يُحسم الصراع في الجيل المعاصر ولكن هل ينسى الأبناء والأحفاد استشهاد آبائهم وهدم بيوتهم ومعاناة أهلهم؟

سيبقى الصراع ما بقيت إسرائيل مصرة على عدوانها وستأتي أجيال أكثر قوة وأشد عزيمة للقصاص مما حدث وهي قضية لم تستوعبها إسرائيل ولا الولايات المتحدة الأمريكية، التاريخ يحمل لنا دروسًا عظيمة لشعوب عظيمة تعرضت لعدوان أشد قسوة عبر كل مراحل التاريخ.

نحن جميعًا في حاجة إلى قراءة التاريخ جيدًا ولعل المثال الأكثر وضوحًا والذي نستعيده في هذه اللحظة الحرجة حينما وقعت فرنسا خلال القرن السادس عشر تحت الاحتلال الإنجليزي، والألماني والأسباني في عدوان مشترك إبان الحروب الإيطالية اُحتلت فيه العاصمة الفرنسية باريس، وراح الحلفاء يتفاوضون على إنهاء فرنسا من الوجود وتوزيع مناطقها بين الحلفاء المحتلين بعد أن أُبيد الجيش الفرنسي عن آخره، وقد انتفض الفرنسيون بقيادة فتاة (جان دارك) لم تتجاوز العشرين عامًا وقاومت مقاومة شرسة التف من حولها النساء والرجال مما شتت قوة الحلفاء وألحقت بهم هزيمة لم يتحملوها إلا أنهم ألقوا القبض عليها وقدمت لمحاكمة شهيرة بتهمة السحر لأنها أحدثت معجزة لم يستوعبها الحلفاء.

سيبقى التاريخ يمدنا بتجارب مذهلة لشعوب ناضلت في سبيل الحصول على حريتها ولعل الشعب الفلسطيني سيكون آخر هذه الشعوب المناضلة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: جنوب لبنان بعد أن

إقرأ أيضاً:

وسط تفاقم الصراع في المنطقة.. موديز تخفض تصنيف إسرائيل

خفضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني، الجمعة، التصنيف الائتماني لإسرائيل إلى "Baa1" وأبقت على توقعاتها للتصنيف عند "سلبي" وسط تفاقم الصراع في المنطقة مع جماعة حزب الله.

وقالت موديز: "المحرك الرئيسي وراء خفض التصنيف هو واعتقادنا أن المخاطر الجيوسياسية تفاقمت بشكل كبير إلى مستويات مرتفعة للغاية، مما ينذر بعواقب مادية سلبية على الجدارة الائتمانية لإسرائيل على المدرى القريب والبعيد".

وخفضت وكالة فيتش التصنيف الائتماني لإسرائيل من "‭‭A+‬‬" إلى "A" الشهر الماضي، وأبقت على توقعات التصنيف "سلبية".

تسببت الحرب مع حركة حماس المتواصلة منذ نحو عام في قطاع غزة، بتداعيات على الاقتصاد الإسرائيلي شملت التباطؤ وتراجع أنشطة قطاعات مختلفة، وصولا الى ارتفاع نسبة الفقر، بحسب تقرير لوكالة فرانس برس.

وقبل اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر، كان اقتصاد إسرائيل يعاني أساسا على خلفية الاحتجاجات الحاشدة التي شهدتها البلاد على مدى أشهر ضد إصلاحات قضائية اقترحتها حكومة بنيامين نتانياهو.

لكن الاقتصاد تلقى ضربة قاسية بفعل الهجوم والحرب التي أعقبته، والمتواصلة بلا أفق لحل يضع حدا لها.

وبعدما تقلص الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 21 في المئة في الربع الأخير من العام 2023 الذي اندلعت الحرب خلاله، استعاد الاقتصاد بعضا من عافيته مطلع السنة الحالية. وزاد الناتج المحلي بنسبة 14 في المئة في الأشهر الثلاثة الأولى من 2024، بحسب بيانات رسمية.

إلا أن النمو تعثر في الربع الثاني، واقتصر على نسبة 0.7 في المئة.

وخفضت وكالات التصنيف الدولية الثلاث الكبرى تقييمها لديون إسرائيل.

وتوقعت وكالة فيتش في أغسطس أن الحرب في غزة، وهي الأطول التي تخوضها إسرائيل منذ إقامتها في العام 1948، قد تمتد الى سنة 2025.

وحذرت الوكالة من "أخطار اتساع هذه الحرب إلى جبهات أخرى".

مقالات مشابهة

  • يديعوت أحرونوت: توقيت الصراع بين إسرائيل وحزب الله غير مناسب لإيران
  • في غزة ولبنان..مصر تتهم إسرائيل بتوسيع رقعة الصراع في المنطقة
  • مع تفاقم الصراع.. "موديز" تخفض تصنيف إسرائيل إلى "Baa1"
  • وسط تفاقم الصراع في المنطقة.. موديز تخفض تصنيف إسرائيل
  • وزير الخارجية المصري: إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال هي المسؤول الأول عن توسيع رقعة الصراع
  • خبير عسكري: استهداف نصر الله نقطة تحول أساسية في الصراع مع إسرائيل
  • رويترز: ضربات إسرائيل أكبر هجوم على الضاحية الجنوبية لبيروت منذ بداية الصراع
  • بلينكن يُحذر إسرائيل: تصعيد الصراع مع لبنان سيصعّب مسألة عودة المدنيين على جانبي الحدود
  • يستخدمها حزب الله... بين لبنان وسوريا إليكم ما استهدفته إسرائيل اليوم