لجريدة عمان:
2025-03-12@23:39:20 GMT

الصراع لم ينته بعد!!

تاريخ النشر: 28th, September 2024 GMT

قد يعتقد بعض المراقبين الأجانب، أو بعض أصدقائهم من العرب أن الصراع قد حُسم بعد أن دُمرت غزة وأصبحت أنقاضًا على ساكنيها، وبعد أن استُشهد ما يقرب من خمسين ألفًا وأكثر من ضعفهم من المصابين والعجزة غالبيتهم من النساء والأطفال والشباب، وربما ينتشي هؤلاء المراقبون بعد الضربات الموجعة التي حلت بالمقاتلين في لبنان وخصوصًا وقد استخدم العدو سلاحًا جديدًا لم تعرفه الحروب الحديثة وهو لا يقل خطورة عن الأسلحة الكيماوية التي حرمتها كل القوانين والأعراف الدولية، بعد أن اخترق العدو الإسرائيلي أجهزة البيجر والأجهزة اللاسلكية مما تسبب في استشهاد آلاف اللبنانيين وترويع كل سكان جنوب لبنان وضاحية بيروت الجنوبية.

اعتقد الجيش الإسرائيلي أنه انتهى من معارك غزة والضفة الغربية، لكي يتفرغ للقضاء على الجبهة الشمالية في لبنان سواء في الضاحية الجنوبية من بيروت أو في جنوب لبنان حتى بوابة فاطمة وهي الحدود الفاصلة مع العدو الإسرائيلي. لقد اعترف حسن نصر الله أن العدو قد استهدف خمسة آلاف من اللبنانيين في يومين وهي أحداث مروعة صرح بأنها مجزرة غير مسبوقة وغير متوقعة، وعلى الرغم من ذلك فقد قال: إن هذه الضربة الموجعة لن تُسقطنا، بل ستزيدنا قوة، لقد راح العدو الإسرائيلي يواصل قذف المنازل والمؤسسات الاقتصادية والتعليمية عبر طائراته وصواريخه ملحقًا ضررَا بالغًا بجنوب لبنان وضاحية بيروت الجنوبية. وكانت رسالة نتنياهو واضحة وقد اتسمت بالجبروت والاستعلاء من خلال خطاب وجهه إلى الإسرائيليين والمقاومين اللبنانيين حينما قال: «لن تتوقف الحرب إلا بعد عودة الإسرائيليين إلى مستوطناتهم في شمال إسرائيل»، وقد علق عليها حسن نصر الله بكل قوة: «لن نوقف هجماتنا على شمال إسرائيل إلا بعد توقف الحرب في غزة، وأتحداكم فلا سبيل إلى وقف المقاومة إلا بعد وقف القتال على غزة والضفة الغربية».

من خلال ضربة إسرائيلية واحدة استشهد فيها القياديان في حماس إبراهيم عقيل وأحمد وهبي ومعهما أكثر من ألف شهيد في هجوم مباغت على ضاحية بيروت الجنوبية، ومن خلال تصريحات الساسة الأمريكيين والإسرائيليين معًا يتحدثان عن هدفهما الحقيقي وهو تغيير خارطة المنطقة وهو ما صرح به نتنياهو في كثير من أحاديثه، بل تغيير خارط الشرق الأوسط برمتها، ومن الواضح أن إسرائيل ستعمل قريبًا على ضم الضفة الغربية ضمًا كاملا ولا أتصور أن ما حدث من هجوم على أحد مقرات حزب الله في جنوب بيروت أو الهجوم على جنوب لبنان والوصول إلى أماكن محددة اختارها العدو بكل عناية ودقة يمكن أن يكون عشوائيًا بل أستطيع القول إن إسرائيل زرعت لها عملاء سواء من اللبنانيين أو من أعضاء حزب الله وهو ما يستوجب الاهتمام والعناية وإجراء تحقيق دقيق للوصول إلى هؤلاء الخونة حفاظًا على سلامة الجبهة اللبنانية من الاختراق.

وسط كل هذا الدمار والقتل من عدو يملك كل مقومات الحرب الحديثة وبدعم متواصل من الولايات المتحدة الأمريكية والغرب تعود حاملة الطائرات الأمريكية إلى شرق البحر المتوسط لكي تكون على أهبة الاستعداد لدعم إسرائيل في الوقت الذي يواصل فيه وزير الخارجية الأمريكي (بلينكن) تصريحاته المكررة بضرورة وقف إطلاق النار والدخول في مفاوضات سلام بهدف إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، ولم يتحدث عن قتل المئات كل يوم في عزة والقطاع، وتدمير قطاع غزة لدرجة أن 75% من المباني والمنشآت قد دُمرت، ولم يشاهد أطفال غزة وهم يتحلقون وسط الأنقاض لتلقي دروسهم، وأخيرًا لبنان التي يُصرح الرئيس بايدن ووزير خارجيته بأن إسرائيل محقة في عدوانها على لبنان، والعجيب في الأمر أن ساستنا وإعلامنا يتحدثون صباح مساء عن دور الوسيط الأمريكي معتبرينه وسيطًا محايدًا، فهو ضالع ومتضامن مع إسرائيل تخطيطًا، وتنفيذًا، ودعمًا بهدف واضح للعيان وهو إيجاد شرق أوسط جديد لا نعرف له حدودًا ولا نهايات بعد أن ألقينا بكل أوراق الصراع في يد أمريكا وفي غياب واضح وفج من قادتنا العرب ومؤسساتنا، الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، وهو ما يدعوني إلى الاعتقاد الجازم بأن البعض من قادة دولنا متورطين في هذا الصراع غير مكترثين بفكرة الشرق الأوسط الجديد الذي تعمل عليه أمريكا منذ عهد الرئيس ترامب.

السؤال الذي لم يجب عليه الإسرائيليون وأصدقاؤهم الأمريكان: ما هو مستقبل الشرق الأوسط الذي يزعمون قيامه؟ حتى إذا ضم الإسرائيليون غزة، والضفة، وجنوب لبنان هل سيتوقف الصراع؟ هل ستأمن إسرائيل على حياة أبنائها، واقتصادها، ورفاهية شعبها؟ فالتاريخ يقدم لنا دروسًا عملية لكل الدول التي سبق لها أن وقعت فريسة للاستعمار عبر التاريخ من الاستعمار البرتغالي، والبريطاني، والفرنسي، والألماني، جميعها تشكل دروسًا عملية يستقي منها الفلسطينيون أملهم وخبراتهم، وخصوصًا وأن المقاومة الفلسطينية واللبنانية صامدة مُصرة على القتال جيلا بعد جيل، فقد لا يُحسم الصراع في الجيل المعاصر ولكن هل ينسى الأبناء والأحفاد استشهاد آبائهم وهدم بيوتهم ومعاناة أهلهم؟

سيبقى الصراع ما بقيت إسرائيل مصرة على عدوانها وستأتي أجيال أكثر قوة وأشد عزيمة للقصاص مما حدث وهي قضية لم تستوعبها إسرائيل ولا الولايات المتحدة الأمريكية، التاريخ يحمل لنا دروسًا عظيمة لشعوب عظيمة تعرضت لعدوان أشد قسوة عبر كل مراحل التاريخ.

نحن جميعًا في حاجة إلى قراءة التاريخ جيدًا ولعل المثال الأكثر وضوحًا والذي نستعيده في هذه اللحظة الحرجة حينما وقعت فرنسا خلال القرن السادس عشر تحت الاحتلال الإنجليزي، والألماني والأسباني في عدوان مشترك إبان الحروب الإيطالية اُحتلت فيه العاصمة الفرنسية باريس، وراح الحلفاء يتفاوضون على إنهاء فرنسا من الوجود وتوزيع مناطقها بين الحلفاء المحتلين بعد أن أُبيد الجيش الفرنسي عن آخره، وقد انتفض الفرنسيون بقيادة فتاة (جان دارك) لم تتجاوز العشرين عامًا وقاومت مقاومة شرسة التف من حولها النساء والرجال مما شتت قوة الحلفاء وألحقت بهم هزيمة لم يتحملوها إلا أنهم ألقوا القبض عليها وقدمت لمحاكمة شهيرة بتهمة السحر لأنها أحدثت معجزة لم يستوعبها الحلفاء.

سيبقى التاريخ يمدنا بتجارب مذهلة لشعوب ناضلت في سبيل الحصول على حريتها ولعل الشعب الفلسطيني سيكون آخر هذه الشعوب المناضلة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: جنوب لبنان بعد أن

إقرأ أيضاً:

العاشر من رمضان.. عيسى الخرافين: استطاعت مصر اختراق الإنذار المبكر داخل إسرائيل

كشف الشيخ عيسى الخرافين شيخ مشايخ قبائل سيناء، عن أن استطاعت مصر اختراق الانذار المبكر داخل إسرائيل بعيون ساهرة داخل إسرائيل.

قبل لقاء القمة.. وعكة صحية تصيب ابنة رامي ربيعةسمير فرج: نحتاج لعودة روح أكتوبر في الوقت الحاليمصر حققت انتصار ساحق على العدو الإسرائيلي في حرب اكتوبر

واضاف عيسى الخرافين، في مداخلة هاتفية مع الإعلامي سيد علي، مقدم برنامج حضرة المواطن، المذاع عبر قناة الحدث اليوم ، اليوم الثلاثاء، أن كان لها دور هام في انتصارات حرب أكتوبر، متابعا أنه مصر حققت انتصار ساحق على العدو الإسرائيلي في حرب اكتوبر المجيدة.
وتابع الشيخ عيسى الخرافين شيخ مشايخ قبائل سيناء، أن الجيش المصري حقق الصعب وحرر الأرض بالدماء وسحق الإسرائيليين من الأراضي المحتلة.

مقالات مشابهة

  • بعد حصارها لغزة.. اليمن يخنق “إسرائيل” في البحر الأحمر
  • القوات المسلحة تحظر سفن “إسرائيل” وفق معادلة “الحصار بالحصار
  • الحوثيون يبدؤون حظر سفن إسرائيل وحماس والجهاد ترحبان
  • الجيل: الجيش المصري سجله حافل ببطولات ستظل راسخة في التاريخ
  • "الجيل": سجل الجيش المصري حافل ببطولات ستظل راسخة في التاريخ
  • إنجاز لبناني في الألعاب العالمية الشتوية 2025
  • ريهام العادلي تكتب: نصر العاشر من رمضان .. عندما حطم الصائمون أسطورة جيش إسرائيل
  • العاشر من رمضان.. عيسى الخرافين: استطاعت مصر اختراق الإنذار المبكر داخل إسرائيل
  • بعدما فُقِدَ يوم أمس في جنوب لبنان.. هذه آخر المعلومات عن العسكريّ زياد شبلي
  • حرب العاشر من رمضان.. مصر تنفذ أكبر عملية خداع إستراتيجي في التاريخ