لجريدة عمان:
2025-04-24@13:04:16 GMT

نعم يجب أن يستقيل بلينكن لكن ليس وحده

تاريخ النشر: 28th, September 2024 GMT

ترجمة: أحمد شافعي

تشير السهام جميعا فـي الآونة الأخير إلى وزير الخارجية الأمريكية أنطوني بلينكن بعد إدانته فـي تقرير بروببليكا الذي وثَّق تجاهله وإهماله للنتائج التي توصلت إليها وكالات تابعة له ومفادها أن حكومة إسرائيل تتسبب عامدة فـي مجاعة فـي غزة. وبذلك، يكون بلينكن قد انتهك أيضا قوانين أمريكية تنظم مبيعات الأسلحة لمنتهكي حقوق الإنسان.

ووفقا لبروريببليكا:

«قدمت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية تقديرها لوزير الخارجية أنطوني بلينكن كما قام مكتب اللاجئين فـي الخارجية الأمريكية بإطلاع كبير الدبلوماسيين على موقفه فـي أواخر أبريل. وكانت النتيجة التي توصلا إليها مذهلة لأن القوانين الأمريكية تلزم الحكومة بقطع شحنات الأسلحة عن البلاد التي تحول دون وصول الدعم الإنساني الأمريكي. وإسرائيل تعتمد اعتمادا كبيرا على قنابل وأسلحة أخرى أمريكية فـي غزة منذ هجمات حماس فـي السابع من أكتوبر».

تفاصيل تقرير بروريببليكا مزعجة. فقد انتهت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية إلى أن ما جرى فـي غزة كان «من أسوأ الكوارث الإنسانية فـي العالم». وقد استقالت ستايسي جيلبرت، المستشارة العسكرية المدنية السابقة فـي مكتب السكان واللاجئين والهجرة التابع لوزارة الخارجية، اشمئزازا من تقديم بلينكن تقريرا مضللا تضليلا صارخا إلى الكونجرس. وقالت جيلبرت إن «هذا التقرير سوف يظل يطاردنا بأكاذيبه الصارخة».

وفـي مقال بمجلة «ذي نيو ريببليك»، أشار يوسف منير رئيس برنامج فلسطين/إسرائيل فـي المركز العربي فـي واشنطن إلى أنه:

«عندما يكتب تاريخ حرب إسرائيل فـي غزة، لن تعوزنا الكلمات المخصصة للأشرار الأمريكيين فـي هذه القصة، وسيكون وزير الخارجية أنطوني بلينكن قريبا من قمة هذه القائمة. فلقد سنحت الفرصة لبلينكن ـ كما علمنا هذا الأسبوع ـ لتغيير مسار هذه الحرب، وإنقاذ أرواح لا حصر لها، وذلك بمحض اتباع القانون الأمريكي. لكنه اختار التحايل على القانون ومخادعة الكونجرس والشعب الأمريكي، وليس ذلك إلا ليضمن استمرار تدفق القنابل إلى إسرائيل وهي ترتكب المذبحة تلو الأخرى فـي غزة».

دعت النائبة رشيدة طالب بدورها بلينكن إلى الاستقالة. وهذا مطلب منطقي تماما، لكن يجدر بنا أن نوضح لماذا لن يلتفت إليه. فواقع الأمر هو أن نقد رشيدة طالب لبلينكن لن يجد آذانا مصغية إلا من حفنة أعضاء فـي الكونجرس كلهم ينتمون إلى جناح اليسار فـي الحزب الديمقراطي. والحقيقة المؤسفة هي أن بلينكن لم يكن أكثر من محض انعكاس لسياسة خارجية أمريكية متفق عليها من الحزبين وتعلي أولوية علاقة أمريكا بإسرائيل إعلاء كبيرا على حقوق الإنسان الفلسطينية. ومن المؤكد أنه يشار فـي بعض الأحيان إلى معاناة الفلسطينيين بعبارات الأسى والأسف على ألسنة زعماء سياسيين من أمثال جو بايدن وكامالا هاريس، لكن الأدلة الوافرة توضح أن حياة الفلسطينيين لا تمثل فـي المطلق أحد عوامل القرارات السياسية.

لقد اتضح الفساد الحقيقي فـي سياسة بايدن الخارجية ـ التي لا يمثل بلينكن أكثر من منفذ لها ـ فـي مقالة مطولة لفرانكلين فوير نشرت أخيرا فـي ذي أطلنطيك. والكاتب والمجلة كلاهما له وزنه. ففوير هو مؤلف كتاب «السياسي الأخير» (2023)، وهو سرد شديد التعاطف مع ولاية بايدن الرئاسية، أساسه اطلاع عميق على البيت الأبيض. ويتضح هذا الاطلاع العميق بالقدر نفسه فـي المقالة الأخيرة. ومجلة «ذي أطلنطيك» واحدة من أشد المجلات الأمريكية صهيونية، ورئيس تحريرها هو جيفري جولدبرج الذي كان حارسا سابقا فـي سجن تابع للجيش الإسرائيلي.

فـي ضوء نشر المقال فـي هذا المصدر، لا غرابة فـي أن تفوح من مقالة فوير رائحة الدفاع، بل إن المقالة تبدو فـي بعض المواضع وكأنها مرافع محامي دفاع مكلف بتمثيل مذنب صارخ الإدانة. وثقل الحجة الكبيرة فـي المقالة هو أن بيت بايدن الأبيض قد عمل مخلصا من أجل السلام لكنه قوبل طيلة الوقت بظروف «وضع مستحيل».

غير أن فوير كاتب أمين، والصورة التي يصورها، سواء عمد إلى ذلك أم لم يعمد إليه، صورة مدمرة بقدر تقرير بروببليكا.

بشأن مسألة المجاعة الإسرائيلية العمدية، يطرح فوير تفصيلا مثيرا يؤكد ذلك. فـي مطلع أبريل، التقى مستشار الأمن الوطني جيك سوليفان بمسؤولين إسرائيليين فـي غرفة تقدير المواقف وكان مستعدا لأن يقول لهم «إنكم على وشك أن تتحملوا مسؤولية ثالث مجاعة فـي القرن الحادي والعشرين». ولكن سوليفان لم يستطع قط أن يقول كلمته، لأن الإسرائيليين أثاروا أزمة جديدة فـي البيت الأبيض بأن قالوا لسوليفان إنهم قصفوا للتو القنصلية الإيرانية فـي سوريا وقتلوا قادة عسكريين إيرانيين بارزين.

وهذا مثال ممتاز للقصة التي يرويها فوير: يحاول البيت الأبيض أن يفعل الصواب لكن الأحداث والتهورات اليومية تطغى عليه.

لكن بالإمكان قراءة الأدلة التي يطرحها فوير قراءة أخرى: لقد سمح البيت الأبيض لنفسه بالتعرض دائما لغلبة إسرائيل بسبب التزام بايدن الطاغي بإيجاد نظام تحالف إقليمي يربط بقوة بين الولايات المتحدة والدولة اليهودية والأوتقراطيات السنية الثرية بالنفط.

يوجز فوير أجندة بايدن بأنها ضمان لدعم لا يتزعزع لإسرائيل فضلا عن هذه الأهداف الأخرى:

إذ أرادت الأجندة اجتناب حرب إقليمية قد تستدرج إليها الولايات المتحدة. وطمحت إلى التوسط من أجل إنهاء الصراع، وتحرير ما يقدر بـ251 رهينة اختطفتهم حماس وأخذتهم إلى قطاع غزة. وسعت إلى إخلاء غزة من حكم حماس، وتفكيك القدرات العسكرية للجماعة. وبالرغم حجم هذه المهام، فقد سارعت الأجندة إلى سعيها باتجاه صفقة التطبيع السعودية.

ووفقا لرواية فوير، لا تبدو الموازنة العامة جيدة:

واجهت الإدارة موقفا مستحيلا، ولقرابة السنة، تمكنت بطريقة ما من منع توسع الحرب إقليميا. لكنها لم تعثر بعد على سبيل إلى إطلاق سراح الرهائن، أو إيقاف القتال، أو إعادة عملية سلام أوسع نطاقا إلى مسارها. وهو ما يجعل من هذا التاريخ تشريحا للفشل، وقصة قوة عظمى أفرطت فـي التوسع ورئيسها الهرم وقد عجزا عن فرض كلمتهما فرضا حاسما فـي لحظة أزمة.

وسط تصاعد الهجوم الإسرائيلي على لبنان، ما من سبب يدعو إلى تصديق أن الحرب قد اجتنبت حقا. وفـي حدود عدم تفاقم الأزمة، يجب ألا ينسب الفضل إلى إدارة بايدن وإنما إلى ضبط النظام الإيراني الحاكم نفسه، برغم أن إسرائيل لم تزل تختبر صبره. بعبارة أخرى، ما من شيء إيجابي يذكر فـي تركة بايدن.

ووفقا لما كتب فوير، بحلول التاسع من مارس:

«كان بايدن يشعر بالانخداع. أولا قال الإسرائيليون إن الحرب سوف تنتهي بحلول الكريسماس، ثم قالوا إنها سوف تنتهي بحلول فبراير. والآن عادوا يقولون إنهم سوف يغزون رفح بما من شأنه أن يطيل أمد الحرب لشهور عديدة.

لكن الإسرائيليين لم يخدعوا بايدن، وإنما هو الذي سمح لنفسه أن ينخدع، لأن سياسته الخارجية تقوم على الأوهام.

وليس عزم أنطوني بلينكن على التضليل بشأن مجاعة غزة غير مثال ساطع لسياسة بايدن الخارجية المضللة الوهمية. وسوف تكون استقالة بلينكن موضع ترحاب، لكنها لن تحقق شيئا يذكر. ويجب أن يأتي التغيير الإيجابي فـي حال فوز كامالا هاريس بالانتخابات وتغييرها فريق بايدن المختص بالسياسة الخارجية كله. لكن سوف يجب أيضا أن ترفض الالتزام الوهمي بالتحالف السعودي الإسرائيلي الذي يمثل جذر المشكلة. فبرغم جاذبيته، يبقى هذا السيناريو مستبعدا ما لم تتوافر معارضة أكبر وأوسع لإجماع الحزبين الأمريكيين على السياسة الخارجية.

جيت هير مراسل الشؤون الوطنية في مجلة ذي نيشن ومقدم بودكاست (ذي تايم أوف مونسترز) الأسبوعي فيها.

عن ذي نيشن

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: البیت الأبیض فـی غزة

إقرأ أيضاً:

خطوة غير مسبوقة.. «روبيو» يكشف خطّة لإعادة تشكيل وزارة الخارجية الأمريكية

في خطوة غير مسبوقة، تثير تساؤلات حول تأثيرها على السياسة الخارجية، كشف وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو عن “خطة شاملة لإعادة هيكلة وزارة الخارجية، تهدف إلى تقليص عدد المناصب وإلغاء بعض المكاتب، بما في ذلك مكتب حقوق الإنسان”، ووصف روبيو هذه التغييرات بأنها “جذرية”.

وأشار روبيو، “إلى أن الخطة تهدف إلى تحسين كفاءة الوزارة وتعزيز المصالح الوطنية الأميركية في ظل التنافس الدولي المتزايد”.

وأكد الوزير في بيان: “في شكلها الحالي، تعاني الوزارة من التضخم والبيروقراطية ومن عجز عن أداء مهمتها الدبلوماسية الأساسية في هذا العصر الجديد من التنافس بين القوى العظمى”.

وأضاف: “لقد خلفت البيروقراطية المترامية الأطراف نظاما بات أسير الأيديولوجية السياسية المتطرفة ببدلا من تعزيز المصالح الوطنية الأميركية الجوهرية”، في إشارة إلى انتقادات اليمين لقيام الولايات المتحدة بالترويج للديمقراطية وحقوق الإنسان.

وقال: “سيكون من بين التغييرات الأساسية “إلغاء قسم يقوده وكيل وزارة الخارجية وهو منصب رفيع المستوى، وهو مسؤول عن “الأمن المدني والديمقراطية وحقوق الإنسان، وسيتم استبدال هذا المكتب بمكتب جديد لـ”تنسيق المساعدات الخارجية والشؤون الإنسانية، والذي سيستوعب مهام الوكالة الأميركية للتنمية الدولية التي قامت إدارة دونالد ترامب بإلغاء أكثر من 80 في المئة من برامجها”.

وأضاف: “سيشرف المكتب الجديد على مكتب “الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات الدينية”، وهو تحول عن مكتب “الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمالة” الحالي، والذي كان يشمل مناصرة حقوق العمال وحمايتهم في الخارج”.

وقال روبيو: “كان للإدارات السابقة من كلا الحزبين الرئيسيين في الولايات المتحدة مبعوثون منفصلون مسؤولون عن الحريات الدينية وهو منصب يجري دمجه الآن”.

وتهدف خطة روبيو أيضا إلى “إلغاء مكتب عمليات الصراع والاستقرار الذي شملت أنشطته فرقة عمل تهدف إلى توقع الفظائع في الخارج ومحاولة منعها قبل وقوعها”.

وأعاد الوزير نشر مقال وصفه بأنه حصري من موقع “فري برس” الإلكتروني والذي جاء فيه “أن الوزارة ستخفض إجمالي مكاتبها من 734 إلى 602، وأن وكلاء الوزارة سيطلب منهم تقديم خطط في غضون 30 يوما لتقليص عدد الموظفين بنسبة 15 في المئة”.

آخر تحديث: 23 أبريل 2025 - 12:25

مقالات مشابهة

  • موقع عسكري: ما أنواع أهداف الضربات الأمريكية في اليمن التي تستخدم فيها صواريخ مضادة للإشعاع الثمينة؟
  • خطوة غير مسبوقة.. «روبيو» يكشف خطّة لإعادة تشكيل وزارة الخارجية الأمريكية
  • الخارجية الإيرانية: العقوبات الأمريكية الجديدة علينا ذات دلالة سيئة
  • خطة روبيو لإعادة هيكلة الخارجية الأمريكية
  • روبيو يعلن عن إعادة تنظيم وزارة الخارجية الأمريكية.. ماذا يعني ذلك؟
  • الخارجية: غوتيريش ينساق خلف الأجندة الأمريكية لتسييس العمل الإنساني
  • إدارة ترامب تعيد هيكلة وزارة الخارجية الأمريكية.. خطة تقليص شاملة
  • طائرات الشبح الأمريكية تُقابلها صواريخ قدس اليمنية: معادلة صنعاء التي أرعبت واشنطن
  • بن غفير يصل الولايات المتحدة بعد مقاطعة إدارة بايدن له
  • وفد حكومي يعقد اجتماعاً مع مسؤولي وزارة الخارجية الأمريكية