لجريدة عمان:
2024-11-18@13:45:22 GMT

نعم يجب أن يستقيل بلينكن لكن ليس وحده

تاريخ النشر: 28th, September 2024 GMT

ترجمة: أحمد شافعي

تشير السهام جميعا فـي الآونة الأخير إلى وزير الخارجية الأمريكية أنطوني بلينكن بعد إدانته فـي تقرير بروببليكا الذي وثَّق تجاهله وإهماله للنتائج التي توصلت إليها وكالات تابعة له ومفادها أن حكومة إسرائيل تتسبب عامدة فـي مجاعة فـي غزة. وبذلك، يكون بلينكن قد انتهك أيضا قوانين أمريكية تنظم مبيعات الأسلحة لمنتهكي حقوق الإنسان.

ووفقا لبروريببليكا:

«قدمت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية تقديرها لوزير الخارجية أنطوني بلينكن كما قام مكتب اللاجئين فـي الخارجية الأمريكية بإطلاع كبير الدبلوماسيين على موقفه فـي أواخر أبريل. وكانت النتيجة التي توصلا إليها مذهلة لأن القوانين الأمريكية تلزم الحكومة بقطع شحنات الأسلحة عن البلاد التي تحول دون وصول الدعم الإنساني الأمريكي. وإسرائيل تعتمد اعتمادا كبيرا على قنابل وأسلحة أخرى أمريكية فـي غزة منذ هجمات حماس فـي السابع من أكتوبر».

تفاصيل تقرير بروريببليكا مزعجة. فقد انتهت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية إلى أن ما جرى فـي غزة كان «من أسوأ الكوارث الإنسانية فـي العالم». وقد استقالت ستايسي جيلبرت، المستشارة العسكرية المدنية السابقة فـي مكتب السكان واللاجئين والهجرة التابع لوزارة الخارجية، اشمئزازا من تقديم بلينكن تقريرا مضللا تضليلا صارخا إلى الكونجرس. وقالت جيلبرت إن «هذا التقرير سوف يظل يطاردنا بأكاذيبه الصارخة».

وفـي مقال بمجلة «ذي نيو ريببليك»، أشار يوسف منير رئيس برنامج فلسطين/إسرائيل فـي المركز العربي فـي واشنطن إلى أنه:

«عندما يكتب تاريخ حرب إسرائيل فـي غزة، لن تعوزنا الكلمات المخصصة للأشرار الأمريكيين فـي هذه القصة، وسيكون وزير الخارجية أنطوني بلينكن قريبا من قمة هذه القائمة. فلقد سنحت الفرصة لبلينكن ـ كما علمنا هذا الأسبوع ـ لتغيير مسار هذه الحرب، وإنقاذ أرواح لا حصر لها، وذلك بمحض اتباع القانون الأمريكي. لكنه اختار التحايل على القانون ومخادعة الكونجرس والشعب الأمريكي، وليس ذلك إلا ليضمن استمرار تدفق القنابل إلى إسرائيل وهي ترتكب المذبحة تلو الأخرى فـي غزة».

دعت النائبة رشيدة طالب بدورها بلينكن إلى الاستقالة. وهذا مطلب منطقي تماما، لكن يجدر بنا أن نوضح لماذا لن يلتفت إليه. فواقع الأمر هو أن نقد رشيدة طالب لبلينكن لن يجد آذانا مصغية إلا من حفنة أعضاء فـي الكونجرس كلهم ينتمون إلى جناح اليسار فـي الحزب الديمقراطي. والحقيقة المؤسفة هي أن بلينكن لم يكن أكثر من محض انعكاس لسياسة خارجية أمريكية متفق عليها من الحزبين وتعلي أولوية علاقة أمريكا بإسرائيل إعلاء كبيرا على حقوق الإنسان الفلسطينية. ومن المؤكد أنه يشار فـي بعض الأحيان إلى معاناة الفلسطينيين بعبارات الأسى والأسف على ألسنة زعماء سياسيين من أمثال جو بايدن وكامالا هاريس، لكن الأدلة الوافرة توضح أن حياة الفلسطينيين لا تمثل فـي المطلق أحد عوامل القرارات السياسية.

لقد اتضح الفساد الحقيقي فـي سياسة بايدن الخارجية ـ التي لا يمثل بلينكن أكثر من منفذ لها ـ فـي مقالة مطولة لفرانكلين فوير نشرت أخيرا فـي ذي أطلنطيك. والكاتب والمجلة كلاهما له وزنه. ففوير هو مؤلف كتاب «السياسي الأخير» (2023)، وهو سرد شديد التعاطف مع ولاية بايدن الرئاسية، أساسه اطلاع عميق على البيت الأبيض. ويتضح هذا الاطلاع العميق بالقدر نفسه فـي المقالة الأخيرة. ومجلة «ذي أطلنطيك» واحدة من أشد المجلات الأمريكية صهيونية، ورئيس تحريرها هو جيفري جولدبرج الذي كان حارسا سابقا فـي سجن تابع للجيش الإسرائيلي.

فـي ضوء نشر المقال فـي هذا المصدر، لا غرابة فـي أن تفوح من مقالة فوير رائحة الدفاع، بل إن المقالة تبدو فـي بعض المواضع وكأنها مرافع محامي دفاع مكلف بتمثيل مذنب صارخ الإدانة. وثقل الحجة الكبيرة فـي المقالة هو أن بيت بايدن الأبيض قد عمل مخلصا من أجل السلام لكنه قوبل طيلة الوقت بظروف «وضع مستحيل».

غير أن فوير كاتب أمين، والصورة التي يصورها، سواء عمد إلى ذلك أم لم يعمد إليه، صورة مدمرة بقدر تقرير بروببليكا.

بشأن مسألة المجاعة الإسرائيلية العمدية، يطرح فوير تفصيلا مثيرا يؤكد ذلك. فـي مطلع أبريل، التقى مستشار الأمن الوطني جيك سوليفان بمسؤولين إسرائيليين فـي غرفة تقدير المواقف وكان مستعدا لأن يقول لهم «إنكم على وشك أن تتحملوا مسؤولية ثالث مجاعة فـي القرن الحادي والعشرين». ولكن سوليفان لم يستطع قط أن يقول كلمته، لأن الإسرائيليين أثاروا أزمة جديدة فـي البيت الأبيض بأن قالوا لسوليفان إنهم قصفوا للتو القنصلية الإيرانية فـي سوريا وقتلوا قادة عسكريين إيرانيين بارزين.

وهذا مثال ممتاز للقصة التي يرويها فوير: يحاول البيت الأبيض أن يفعل الصواب لكن الأحداث والتهورات اليومية تطغى عليه.

لكن بالإمكان قراءة الأدلة التي يطرحها فوير قراءة أخرى: لقد سمح البيت الأبيض لنفسه بالتعرض دائما لغلبة إسرائيل بسبب التزام بايدن الطاغي بإيجاد نظام تحالف إقليمي يربط بقوة بين الولايات المتحدة والدولة اليهودية والأوتقراطيات السنية الثرية بالنفط.

يوجز فوير أجندة بايدن بأنها ضمان لدعم لا يتزعزع لإسرائيل فضلا عن هذه الأهداف الأخرى:

إذ أرادت الأجندة اجتناب حرب إقليمية قد تستدرج إليها الولايات المتحدة. وطمحت إلى التوسط من أجل إنهاء الصراع، وتحرير ما يقدر بـ251 رهينة اختطفتهم حماس وأخذتهم إلى قطاع غزة. وسعت إلى إخلاء غزة من حكم حماس، وتفكيك القدرات العسكرية للجماعة. وبالرغم حجم هذه المهام، فقد سارعت الأجندة إلى سعيها باتجاه صفقة التطبيع السعودية.

ووفقا لرواية فوير، لا تبدو الموازنة العامة جيدة:

واجهت الإدارة موقفا مستحيلا، ولقرابة السنة، تمكنت بطريقة ما من منع توسع الحرب إقليميا. لكنها لم تعثر بعد على سبيل إلى إطلاق سراح الرهائن، أو إيقاف القتال، أو إعادة عملية سلام أوسع نطاقا إلى مسارها. وهو ما يجعل من هذا التاريخ تشريحا للفشل، وقصة قوة عظمى أفرطت فـي التوسع ورئيسها الهرم وقد عجزا عن فرض كلمتهما فرضا حاسما فـي لحظة أزمة.

وسط تصاعد الهجوم الإسرائيلي على لبنان، ما من سبب يدعو إلى تصديق أن الحرب قد اجتنبت حقا. وفـي حدود عدم تفاقم الأزمة، يجب ألا ينسب الفضل إلى إدارة بايدن وإنما إلى ضبط النظام الإيراني الحاكم نفسه، برغم أن إسرائيل لم تزل تختبر صبره. بعبارة أخرى، ما من شيء إيجابي يذكر فـي تركة بايدن.

ووفقا لما كتب فوير، بحلول التاسع من مارس:

«كان بايدن يشعر بالانخداع. أولا قال الإسرائيليون إن الحرب سوف تنتهي بحلول الكريسماس، ثم قالوا إنها سوف تنتهي بحلول فبراير. والآن عادوا يقولون إنهم سوف يغزون رفح بما من شأنه أن يطيل أمد الحرب لشهور عديدة.

لكن الإسرائيليين لم يخدعوا بايدن، وإنما هو الذي سمح لنفسه أن ينخدع، لأن سياسته الخارجية تقوم على الأوهام.

وليس عزم أنطوني بلينكن على التضليل بشأن مجاعة غزة غير مثال ساطع لسياسة بايدن الخارجية المضللة الوهمية. وسوف تكون استقالة بلينكن موضع ترحاب، لكنها لن تحقق شيئا يذكر. ويجب أن يأتي التغيير الإيجابي فـي حال فوز كامالا هاريس بالانتخابات وتغييرها فريق بايدن المختص بالسياسة الخارجية كله. لكن سوف يجب أيضا أن ترفض الالتزام الوهمي بالتحالف السعودي الإسرائيلي الذي يمثل جذر المشكلة. فبرغم جاذبيته، يبقى هذا السيناريو مستبعدا ما لم تتوافر معارضة أكبر وأوسع لإجماع الحزبين الأمريكيين على السياسة الخارجية.

جيت هير مراسل الشؤون الوطنية في مجلة ذي نيشن ومقدم بودكاست (ذي تايم أوف مونسترز) الأسبوعي فيها.

عن ذي نيشن

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: البیت الأبیض فـی غزة

إقرأ أيضاً:

وكيلة وزير الخارجية الأمريكية إلى الجزائر ومصر تتناول الجهود التعاونية للتصدي للاتجار بالبشر ومعالجة الأزمات الإنسانية في غزة والسودان

من المزمع أن تسافر وكيلة وزير الخارجية للأمن المدني والديمقراطية وحقوق الإنسان عزرا زيا إلى العاصمة الجزائرية الجزائر والعاصمة المصرية القاهرة في الفترة من 17 إلى 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2024 للتواصل في التعاون الإنساني

سفر وكيلة وزير الخارجية زيا إلى الجزائر ومصر
ترجمات باللغة العربية

15 تشرين الثاني/نوفمبر 2024

وزارة الخارجية الأمريكية
مكتب المتحدث الرسمي
تعميم إعلامي
15 تشرين الثاني/نوفمبر، 2024

من المزمع أن تسافر وكيلة وزير الخارجية للأمن المدني والديمقراطية وحقوق الإنسان عزرا زيا إلى العاصمة الجزائرية الجزائر والعاصمة المصرية القاهرة في الفترة من 17 إلى 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2024 للتواصل في التعاون الإنساني في جميع أنحاء الشرق الأوسط وأفريقيا وحقوق الإنسان والانخراط في التعاون لمكافحة الاتجار بالبشر والمخدرات غير المشروعة.

وستعمل وكيلة الوزير زيا في الجزائر العاصمة على قضايا الاستقرار والأمن والازدهار في شمال أفريقيا ومنطقة الساحل. وستؤكد على دعم الولايات المتحدة للحريات الأساسية، بما في ذلك حرية الدين أو المعتقد أو التعبير، بالإضافة إلى إدارة الهجرة الآمنة والمنظمة والإنسانية، فضلا عن الجهود التعاونية للتصدي للاتجار بالبشر وتعزيز التعاون في مجال مكافحة المخدرات في جميع أنحاء المنطقة. كما ستنضم وكيلة وزير الخارجية زيا إلى مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف.

وستؤكد وكيلة الوزير في القاهرة على الشراكة القوية بين الولايات المتحدة ومصر، بما في ذلك في مجال حقوق الإنسان، فضلا عن دعم الولايات المتحدة لاستضافة مصر السخية للاجئين وطالبي اللجوء من الصراعات الإقليمية. وستعمل على تعزيز جهودنا المشتركة لمعالجة الأزمات الإنسانية في غزة والسودان وكذلك تجتمع مع مجموعة واسعة من الشركاء الحكوميين والمجتمع المدني والمنظمات الدولية.. وسينضم غليها نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل كريستوفر لو مون.

ويمكنكم الحصول على مزيد من المعلومات من خلال متابعتنا على العنوان التالي: @UnderSecStateJ في تطبيق إكس وكذلك العنوان التالي: @UnderSecStateJ في تطبيق LinkedIn.

   

مقالات مشابهة

  • قبل الرحيل.. بايدن يمنح أوكرانيا الضوء الأخضر لاستخدام الأسلحة الأمريكية داخل الأراضي الروسية
  • الخارجية الروسية: استهداف البلاد بأسلحة أمريكية يعني إشعال حرب عالمية على يد العجوز «بايدن»
  • تحول كبير.. بايدن يسمح لأوكرانيا باستخدام الأسلحة الأمريكية في ضرب العمق الروسي
  • بايدن يرفع حظر استخدام أوكرانيا للأسلحة الأمريكية لشن هجمات داخل روسيا
  • البنوك الأمريكية تطالب ترامب بالحفاظ على نفس مكتسباتها في عهد بايدن
  • حدثٌ من ثلاثة وحده يوقف الحرب
  • «بايدن» لـ«شي»: المنافسة «الصينية – الأمريكية» يجب ألا تتحول إلى نزاع
  • وكيلة وزير الخارجية الأمريكية إلى الجزائر ومصر تتناول الجهود التعاونية للتصدي للاتجار بالبشر ومعالجة الأزمات الإنسانية في غزة والسودان
  • «الخارجية الأمريكية»: ملتزمون بحل يسمح بعودة السكان في لبنان وإسرائيل لمنازلهم
  • الخارجية الأمريكية: بلينكن أكد لنظيره الإسرائيلي التزام واشنطن بأمن تل أبيب