حماس تنعى نصر الله وتعتبر اغتياله عملا إرهابيا مكتمل الأركان
تاريخ النشر: 28th, September 2024 GMT
نعت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله الذي قضى في غارة إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية أمس الجمعة، واصفة اغتياله بأنه "عمل إرهابي مكتمل الأركان".
وقال نائب رئيس المكتب السياسي للحركة خليل الحية، في كلمة مصورة بثتها الجزيرة، "ننعى اليوم رجلا وقائدا عظيما عاش حياته مجاهدا مقاوما حتى لقي ربه شهيدا في عرينه، لم يغادره رغم قسوة العدوان"، مضيفا "ننعى اليوم الأخ العزيز والقائد المجاهد سماحة السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله اللبناني".
وأضاف الحية: "ننعى سماحة السيد حسن نصر الله وإخوانه المجاهدين الذين ارتقوا معه إلى العلا في الهجوم الصهيوني الغادر والجبان الذي استهدف الضاحية الجنوبية لبيروت يوم أمس"، مؤكدا مدى إرهابه وتجاوزه لكل القوانين والمبادئ الإنسانية في فلسطين والمنطقة.
عمل إرهابي مكتمل الأركانوتابع "إن اغتيال الاحتلال الصهيوني الأخ المجاهد الكبير السيد حسن نصر الله وإخوانه من قادة الحزب هو عمل إرهابي مكتمل الأركان، وانتهاك لسيادة لبنان، وتوسيع لدائرة عدوانه، ويتحمل الاحتلال مسؤوليته وتداعياته".
وقال الحية "إن الاحتلال الصهيوني لن يفلح في كسر إرادة المقاومة الباسلة، بل سيكون عنوان مرحلة من مراحل الثأر المقدس لكل الدماء النازفة"، مضيفا: "اليوم تمتزج دماء الشهيد القائد حسن نصر الله مع دماء الشهيد القائد إسماعيل هنية ودماء الشهيد القائد صالح العاروري، ودماء عشرات الآلاف من شهداء فلسطين ولبنان ودماء شهداء الأمة في معركة طوفان الأقصى على طريق تحرير القدس والمسجد الأقصى المبارك".
وقال الحية: "لقد قضى السيد نصر الله شهيدا بعد حياة حافلة بالتضحية والمقاومة استشهد فيها نجله وأحباؤه، وما وهن يوما، بل واصل العمل في كل الميادين دفاعا عن كرامة هذه الأمة وسيادتها، وفي القلب منها القدس والمسجد الأقصى المبارك، حتى نال ما يتمناه الأحرار والشرفاء باستشهاده على طريق ذات الشوكة".
وأضاف أن "الشهيد حسن نصر الله ترك من خلفه رجالا أشداء يحملون الراية من بعده، يكملون المسير نحو القدس، ويواصلون مشاركتهم في طوفان الأقصى وإسناد غزة في معركتها".
رحيل نصر الله لن يخلق فراغاوتابع "إننا وقد خبرنا إخواننا في حزب الله، لواثقون من قدرتهم على سرعة ترتيب صفوفهم والاستمرار على ذات النهج الذي سار به سماحة السيد حسن نصر الله، ولن يفلح العدو الصهيوني في خلق أي فراغ في مؤسساته القيادية".
كما أكد الحية أن "المقاومة اليوم وهي تقدم قادتها وكوادرها شهداء، لن تهزم أبدا بإذن الله، بل تزيدها هذه الدماء قوة وصلابة وعزيمة لا تلين للمضي على خطى القادة".
وختم بالقول إن "حماس وحزب الله وكل قوى المقاومة في فلسطين ولبنان والمنطقة ستواصل طريق الجهاد والمقاومة، واثقة من حتمية النصر، وتدرك أن هذا الاحتلال وإن تجبر فإنه زائل لا محالة، بحول الله وقوته".
وفي وقت سابق اليوم، أعلن حزب الله استشهاد أمينه العام في الغارة التي شنتها إسرائيل على ضاحية بيروت الجنوبية أمس الجمعة، وذلك بعد ساعات من تأكيد تل أبيب رسميا تصفية نصر الله.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات السید حسن نصر الله مکتمل الأرکان
إقرأ أيضاً:
القائد الشهيد السيد حسين بدر الدين الحوثي .. باعث العرفان العملي
من وجع المستضعفين.. ومن عين العاصفة، ومن بؤرة الوعي، ومن وضوح البصيرة، جاء السيد القائد الشهيد..
جاء متكئاً على سيف جدّه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كأنّه النذير العريان، صارخاً في بريّة الأمّة التي غفلت واستكانت، وسلّمت قيادتها للطغاة العابثين، ليردّها إلى حوض ماء الحياة الحقّة الذي يمثّله كتاب الله، حيث هو المآل والمرجع، وهو الدواء الشافي لكل مرضٍ عضال، وفي الوقت الذي كان حاكم اليمن يسلّم فيه مفاتيح صنعاء للأمريكان وأدواتهم الإقليميين، دون أيِّ اعتراض وأمام القوى والأحزاب والشخصيات التي وقفت متفرجة على هذه الطامّة، جاء رجل من أقصى اليمن يسعى منبّهاً ومحذّراً من المصير الذي ينتظر اليمن أرضاً وإنساناً، في حال استمر هذا النهج المدمّر الذي سلكه الحاكم وزمرته..
الذي حدث هو أنّ أمريكا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر2001، قررت أن تبدأ مشروع تدمير المنطقة وإعادة تموضعها بشكل جديد، وتقويض بعض الأوضاع القائمة، ودفعها لصالح المشروع الصهيوني وأداته الأهم (أعني إسرائيل)، وكانت تلك الأحداث الذريعة التي تذرّعت بها الولايات المتحدة لإعادة احتلال المنطقة بدعوى مكافحة الإرهاب.
بات مصطلح “الإرهاب” السلاح الذي تهدّد به أمريكا المنطقة، وحسب مفهومها فإنّ “الإرهاب” يعني ويطول أيّة جهة ترفض الهيمنة والتسلّط الأمريكي، وتقاوم الكيان الصهيوني، وقد صُنّفت اليمن على قائمة الإرهاب الأمريكية من قبل أحداث سبتمبر2001م، وذلك إثر الهجوم على المدمّرة الأمريكية (يو.إس.إس.كول) في ميناء عدن في 12/أكتوبر/2000م وإعلان تنظيم القاعدة مسؤوليته عن العملية التي أسفرت عن مقتل /17/ من أفراد طاقم المدمّرة وجرح /39/ من جنود المارينز، هذه العملية التي كانت بمثابة البوابة التي استغلّها الأمريكيون للدخول الوقح والاستفزازي لليمن وبمباركة وخضوع من السلطات وقتها..
وقد استغلّت الولايات المتحدة أحداث الـ11 من سبتمبر وقبله حادثة المدمّرة كول، والتعاطف العالمي لانتزاع تفويض المجتمع الدولي لها بالحرب على (الإرهاب) وابتزاز الأنظمة والحكومات العربية، والإسلامية بالذات، وإرغامها على التكيّف والتماهي مع مبدأ “من ليس معنا فهو ضدنا” الذي تبنّته إدارة بوش الابن في حربها العالمية على (الإرهاب)، واستهدفت إخماد أي صوت مناهض لأمريكا..
وفي هذا السياق أطلق السيد القائد الشهيد حملة توعية جماهيرية مكثّفة كان من ضمنها (الشعار) ((الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللّعنة على اليهود، النصر للإسلام)) معتبراً الشعار حرباً نفسية مضادة للحروب النفسية التي يشنّها أعداء الأمة لهزيمتها وإرهابها كما جرى في أفغانستان والعراق وفلسطين.. وفي إجابته على تساؤل البعض: ما قيمة مثل هذا الشعار؟ قال السيد القائد الشهيد: “هذا الشعار لا بدّ منه في تحقيق النصر في هذه المعركة، معركة أن يسبقنا الأمريكيون إلى أفكارنا، إلى أفكار أبناء هذا الشعب، وإلى أفكار أبناء المسلمين، وبين أن نسبقهم نحن، أن نرسخ في أذهان المسلمين أنّ أمريكا هي الإرهاب، أنّ أمريكا هي الشر” إضافةً إلى أنّ رسالة هذا الشعار هي الإدانة الأخلاقية والسياسية والقانونية لمساعي فرض الوصاية الأمريكية، وتطويع الوعي اليمني والإسلامي عموماً للقبول بها، وتحصين وعي المجتمع من الاختراق والتطويع لصالح المخططات والمشاريع التوسعية، وخلق رأي عام ممانع لمشروعها.
إنّ التحدّي الأكبر الذي واجهه السيد القائد الشهيد هو تبنّيه العودة إلى المرجعية القرآنية الحاكمة في الوقت الذي كانت الولايات المتحدة تصنّف القرآن بأنّه كتاب “الإرهاب” الأول، وقد تبعها في ذلك الغرب المستكبر، والأدوات الذليلة من أبناء المنطقة حكّاماً ونخباً وأحزاباً إلّا من رحم ربّي، ناهيك عن تجارب الحركات الإسلامية التي عجزت عن تقديم النموذج الذي يطمئن إليه الناس، وهذا التحدّي الذي خاضه السيد (رضوان الله عليه) قابلته استحقاقات لم تتأخر، وكانت السلطات الحاكمة حينذاك في اليمن مدعومة بالأمريكي جاهزة للانقضاض على المشروع الوليد الذي بزغ نجمه في منطقة مرّان في محافظة صعدة، وعلى مدى سنوات خاضت الجماعة الوليدة ومعها مشروعها القرآني مواجهات دامية، استخدم فيها النظام اليمني أسلحته وأدواته لاجتثاث الجماعة كما كان يصرّح رئيس البلاد في ذلك الوقت..
ولم تكن المواجهات العسكرية والإعلامية والثقافية والاجتماعية مع السلطة وحدها هي التي فرضت على الجماعة، بل كان هناك ما هو أخطر من ذلك، وهو توظيف ذات البيئة (المذهبية) التي خرج منها السيد القائد الشهيد لمواجهة المشروع الثقافي القرآني، واستخدمت السلطة لذلك العديد من علماء المذهب ووجوهه للرد على السيد باعتباره محرّفاً للمذهب وخارجاً عن أصوله ومبادئه، وذلك في محاولة خبيثة من النظام لضرب المشروع من داخله..
وكما فشلت الحملات العسكرية والأمنية والإعلامية، فقد فشلت كل محاولات السلطة الأخرى في إيقاف حركة المشروع القرآني المبارك، الذي تمكّن بفضل الله ورحمته وتأييده من تجاوز كل العقبات والابتلاءات بنجاح وصولاً إلى يوم الفتح الإلهي في الحادي والعشرين من سبتمبر2014م..
إنّ الشروط الموضوعية التي أوجدت المشروع القرآني لعبت دوراً مقدّراً في دفع هذا المشروع إلى ساحة الحضور في اليمن، لكن الحقيقة التي يغفل عنها الكثيرون هي أنّ ذات الشروط وأكثر على صعيد الإمكانات والعلاقات والارتباطات الداخلية والخارجية كانت متوفّرة لدى الآخرين من أبناء الحركات الإسلامية في اليمن كالإخوان المسلمين والسلفيين والصوفيين، ومع هذا ظلّت هذه الجماعات تراوح مكانها، وفي حالة حضور تقليدي باهت، وغير فاعل في واقع الحياة، وحتى الحالة الزيدية لم تكن أحسن حالاً من هذه الحالات، بل لربما كانت أكثر بؤساً، ورغم تأسيس الحزب الزيدي “حزب الحق” إلّا أنّ هذا الحزب تعثّر مبكّراً، ولم يلعب دوراً ذا بال في الوسط الزيدي فضلاً عن الوسط اليمني عامّة..
ولذا فإنني استطيع القول إن الشرط الذاتي الذي توفّر لجماعة المشروع القرآني كان هو العامل الحاسم فيما وصلت إليه هذه الجماعة أو هذا التيار، وهذا الشرط الذاتي يمكن تلخيصه في مؤسس هذه الجماعة ومنشئها وأعني السيد القائد الشهيد، ومعه الثلّة المؤمنة بالخط الذي اختطّه.
إنّ شخصية القائد هي التي منحت هذه الجماعة الفائض الإيماني والمعنوي، الذي برز في كل المحطات التي عبرتها، هذه الشخصية التي قدّمت النموذج المعرفي بالله المخالف للنماذج التاريخية التي تحدّث عنها العرفاء الذين وقفوا عند العرفان النظري ولم يتجاوزوه، بينما كان نموذج السيد القائد الشهيد المؤسس قائم على المعرفة، وهو من قاد هذه الجماعة للتعاطي مع آيات القرآن على أنّها حقائق وليس مجرّد جمل تتلى في الصلوات وفي المناسبات، وبذلك تحقّقت في الواقع مصاديق الثقة بالله والتوكّل عليه والتسليم بحتمية إنجازه وعده، وعلى هذا الأساس طبعت هويّة هذه الجماعة الفريدة الفذّة.
* كاتب وباحث