السناوي: صعوبة التأقلم مع الحياة الجامعية في السنوات الأولى قد تؤثر على نفسية الطلبة

العجمي: الضغوطات الأكاديمية تؤثر بشكل كبير على الصحة النفسية للطلبة

السعدي: القلق من تراجع المستوى الدراسي وعدم تحقيق آمال العائلة يزيد من الضغوطات النفسية

الجرداني: على الجامعة تعزيز التواصل مع الطلبة لمساعدتهم في التغلب على التحديات المختلفة

 

الرؤية- فيصل السعدي

يُؤكد عدد من المختصين والطلبة أنَّ الضغوطات الأكاديمية في المرحلة الجامعية قد تتسبب في إصابة بعض الطلبة بأمراض نفسية تختلف أعراضها وفقاً للتحديات التي يواجهها الطلاب، مشددين على ضرورة تضافر الجهود بين العائلة والمؤسسة الأكاديمية والمجتمع للتخفيف عن الطلبة وتعزيز التواصل معهم، وإرشادهم إلى استراتيجيات تنظيم الوقت والتكيف مع الحياة الجامعية ومساعدتهم على تحسين المستوى الدراسي.

ويقول الدكتور حمد بن ناصر السناوي، استشاري أول ورئيس قسم الطب السلوكي بمستشفى جامعة السلطان قابوس، إن طلبة الجامعات قد يواجهون ضغوطاً وتحديات مختلفة خاصة في السنوات الأولى، نظرا لأنهم ينتقلون من نظام تعليمي إلى نظام مختلف من حيث المناهج وطرق المذاكرة والاحتياج إلى مهارت مختلفة في البحث والتفكير واستيعاب المادة العلمية، كما يمثل التعلم باللغة الإنجليزية لدى طلبة بعض التخصصات العلمية تحديا أيضا، إلى جانب جدول الدراسة الذي تكون فيه المحاضرات موزعة على فترات متقطعة خلال اليوم، وبالتالي يجد الطالب نفسه بدون محاضرات خلال منتصف النهار على أن يستانف المحاضرات في الفترة المسائية مما يصيبه بالإرهاق والملل.

ويوضح السناوي: "قد يجد بعض الطلبة صعوبة في التأقلم مع بيئة الجامعة ليكون عرضة للإصابة ببعض الأمراض النفسية مثل القلق والاكتئاب وربما تعلم عادات غير صحية مثل التدخين، وقد يعاني بعض الطلبة الذين يدرسون في جامعات بعيدة عن أسرهم من الوحدة وصعوبة تنظيم الوقت والاعتماد على النفس في إعداد الطعام، كما أن الطلبة المتعثرون أكاديميا قد يصل بهم الأمر إلى تدني درجاتهم بشكل مستمر والدخول ضمن ما يعرف بفترة الملاحظة الأكاديمية، حيث يمهل الطالب فترة لتحسين درجاته قبل الفصل من الجامعة، وهذا الأمر بالتحديد يشكل ضغطًا كبيرًا على الطالب وأهله أيضا حيث يصيبهم القلق على مستقبل الابن أو البنت كما يخافون الفضيحة عندما يسمع الأهل والجيران بأن ابنهم قد تم فصله".

ويلفت استشاري أول ورئيس قسم الطب السلوكي بمستشفى جامعة السلطان قابوس إلى أن علامات تدهور الحالة النفسية لدى الطلبة تختلف من شخص لآخر، فالبعض يغلب عليه الأعراض النفسية مثل التوتر والقلق والميل إلى العزلة وتبني الأفكار السلبية حتمية الفشل وأنه لا جدوى من المحاولة، بينما يعاني البعض من الإرهاق الجسدي وصعوبة النوم فيبدو عليه الشحوب والتعب، في حين يلجأ البعض إلى التدخين أو الهروب من مواجهة الضغوطات عن طريق السلوك الإدماني، مثل الإكثار من تصفح مواقع التواصل الاجتماعي أو المبالغة في ارتياد النادي الرياضي والتقاط الصور أمام المرآة ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، بينما يلجأ البعض إلى ما يسمى بالأكل العاطفي فيسرف في تناول الطعام الغني بالكربوهيدرات مثل الحلويات والسكريات مما يسبب زيادة ملحوظة في الوزن".

ويبين السناوي: "الطلبة الذين يدرسون خارج مناطقهم قد يواجهون صعوبة في التأقلم مع الحياة بعيدا عن الأسرة، كما أن بعض السمات الشخصية للطالب يمكن أن تساهم في تعرضه للضغط النفسي مثل الأفراد الذين يفتقدون إلى المرونة الشخصية في اكتساب مهارات جديدة تتناسب مع الحياة الجامعية، كما أن الطالب الذي يعاني من القلق الاجتماعي أو الشخصية الانعزالية يجد صعوبة في تكوين صداقات جديدة ويفتقد وجود شخص يفضفض معه ويشاركه همومه ويقدم له النصيحة السديدة".

وعن الحلول التي يمكن أن تخفف من الضغوطات النفسية، يقول: "هناك مهارات مختلفة يمكن أن تقلل من الضغوطات النفسية في مرحلة الجامعة، مثل تعلم الاستراتيجيات الأساسية في إدارة الوقت والمذاكرة الصحية واتباع نمط حياة صحي مثل تناول الطعام الصحي وممارسة الرياضة والنوم الجيد وإجراء تمارين الاسترخاء"، لافتا إلى أن الجامعات تقدم خدمات الإرشاد الأكاديمي والنفسي للطلبة تتضمن محاضرات لتنمية الصحة النفسية للطالب، وتقديم الاستشارات النفسية لمن يعاني من الصعوبات النفسية، كما توجد لجان لتقييم الوضع النفسي للطلبة المتعثرين ومساعدتهم في تخطي الصعوبات الدراسية، إلى جانب الفعاليات التثقيفية التي تسهم في مواجهة وصمة العار المرتبطة بالمرض النفسي وإتاحة المجال للطلبة للتعرف على طرق طلب المساعدة.

ويؤكد السناوي أهمية دعم الأسرة للطالب نفسيًا ومعنويًا ومساعدته في التغلب على الضغوطات الدراسية، وذلك عبر اتباع منهج الوسطية والاعتدال في تمكين الإبن في اختيار التخصص مع متابعته المستمرة ومساعدته للتغلب على مخاوفه وتعزيز ثقته بنفسه، مضيفا: "نجد أحيانا بعض الآباء يتدخلون كثيرا في اختيار الطالب لتخصصه حتى وإن اختلفت مجالات اهتمامه، كما أنهم يمارسون الضغط عليه للتفوق والحصول على الدرجات العليا والتنافس مع الآخرين وهذا أمر خطأ".

وينصح السناوي الطلبة بتعلم طريقة تنظيم الوقت وحسن اختيار الأصدقاء الذين يساهموا في تجاوز الأزمات النفسية، بالإضافة إلى الاستفادة من خدمات الإرشاد الأكاديمي النفسي التي تقدمها معظم الجامعات وعدم التردد في طلب المساعدة عند الشعور بأعراض الضغط النفسي.

من جهته، يرى فراس العجمي- طبيب نفسي- أن من الضغوطات الأكاديمية التي يعاني منها بعض الطلبة قد تنشأ نتيجة متطلبات الدراسة الكثيرة مثل الأبحاث والامتحانات والمشاريع، حيث يجد بعض الطلاب صعوبة في تنظيم الوقت والالتزام بالمواعيد النهائية، في حين يشعر آخرون بالقلق حول أدائهم الأكاديمي وتوقعات الأساتذة والعائلة، إلى جانب التنافس الشديد بين الزملاء والخوف من الفشل.

ويؤكد العجمي أن الضغوط الأكاديمية تؤثر بشكل مباشر على الصحة النفسية للطلاب، حيث يمكن أن تؤدي إلى القلق والاكتئاب والتوتر، وبالتالي فإنَّ بعض الطلاب قد يعانون من اضطرابات في النوم أو تناول الطعام، وصعوبة في التركيز وانخفاض مستوى الثقة بالنفس؛ وهذه المشكلات النفسية قد تؤدي إلى تدهور الأداء الأكاديمي مما يزيد من حدة التوتر والضغط.

ويوضح أنَّ هناك عدة علامات تشير إلى أنَّ الطالب يواجه ضغوطا نفسية، مثل الانعزال الاجتماعي وتقلبات المزاج وفقدان الحماس وعدم الاهتمام بالأنشطة الدراسية وتراجع الأداء الأكاديمي بشكل ملحوظ، وإهمال العناية الشخصية، والشعور بالصداع أو الآلام الجسدية وصعوبة النوم، مشيرًا إلى أن الفئات الأكثر عرضة للضغوط الأكاديمية هم الطلاب الذين يدرسون تخصصات تتطلب الكثير من العمل الأكاديمي المكثف مثل الطب والهندسة، بالإضافة إلى الطلاب الذين يعتمدون على المنح الدراسية حيث يواجهون ضغوطًا مالية مما ينتج عنها قلق إضافي، إلى جانب الطلاب الذين يفتقرون إلى الدعم الاجتماعي أو يعانون من صعوبات في إدارة الوقت.

وينصح العجمي الطلبة الجامعيين باتباع عدة استراتيجيات لتخفيف الضغوط الأكاديمية، مثل تنظيم الوقت بشكل فعال، وتحديد أولويات المهام، والاسترخاء وممارسة الأنشطة البدنية، وبناء شبكة دعم اجتماعي مع الزملاء والأصدقاء، والاستفادة من موارد الدعم الأكاديمي في الجامعة مثل المرشدين والمستشارين النفسيين.

وفي المقابل، يقول علي بن ناصر السعدي- طالب جامعي- إن الضغوطات الدراسية تمثل تحديًا كبيرًا يواجهه العديد من الطلاب، مبينا: "أجد نفسي في بعض الأحيان عاجزًا أمام الضغوطات الأكادمية خصوصًا مع بعض المواد التي تتطلب جهدًا إضافيًا، كما هو الحال في فترة الاختبارات المصحوبة بدوامة من التفكير وقلة النوم وبالتالي قد ينقص من مستواي الدراسي الفعلي، كما أن المناهج الدراسية الثقيلة وكثرة المواد والاختبارات تسبب ضغطًا كبيرًا، إلى جانب رغبتي في تحقيق درجات عالية مقارنة بزملائي وعدم تحقيق آمال أهلي يفاقم من شدة  القلق، حيث أعيش ليالي عصيبة في بعض الفترات ومع تزايد التوتر والتفكير المستمر حتى أشعر بالإرهاق العقلي والبدني ويتزايد عندي الخوف والتفكير في المستقبل".

وذكر السعدي: "لا أواجه صعوبات كثيرة في إدارة الوقت بين الدراسة والحياة الشخصية؛ لأنني مع بداية كل أسبوع دراسي أقوم بإعداد جدول زمني أدون فيه أعمالي وواجباتي الدراسية  بالإضافة إلى تخصيص وقت للعائلة ووقت لممارسة الأنشطة وفي حال حدوث أي ظرف يؤثر على جدولي الزمني فإنني أعوض هذا الوقت بوقت إضافي في الأسبوع الذي يليه، كما أن التحدث مع أفراد عائلتي يخفف عني الضغوطات ويزيح عن كاهلي القلق، ومن المهم تنظيم وقت المذاكرة والتحضير المبكر للاختبارات".

ويؤكد الطالب عمران بن سعيد الجرداني أن الضغوط الأكاديمية تعتبر جزءا من حياة أي طالب، ومن الضروري أن يعرف الطالب كيفية التعامل مع هذه التحديات ويضع خطة ينظم بها شؤون حياته، مشددا على ضرورة وجود داعم للطالب في مسيرته التعليمية سواء من الأهل أو الأصدقاء أو الأستاذة في الجامعة.

ويقترح الجرداني تنظيم ندوات ومحاضرات للطلاب لتوجيههم نفسيا ومعرفيا من قبل الجامعة وتعزيز التواصل معهم  للوقوف على التحديات التي تواجههم ومساعدتهم على تجاوزها.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

“إنسان” تستعرض تجربتها في ملتقى المركز الوطني لتعزيز الصحة النفسية

الجزيرة – جواهر الدهيم

شاركت الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام بمنطقة الرياض “إنسان ” في ملتقى ( تأهيل الفئات الأكثر عرضة ) الذي نظمه المركز الوطني لتعزيز الصحة النفسية تحت شعار نحو دعم شامل وتمكين مستدام،  والذي استهدف المختصين والجهات المختصة بتقديم الدعم للفئات الأكثر عرضة من الأشخاص ذوي الإعاقة والأيتام والمعنفين والأحداث والسجناء وأسرهم.

وتضمنت مشاركة الجمعية بورقة عمل قدمها مدير عام الجمعية محمد بن سعد المحارب بعنوان ” دور جمعيات ومؤسسات رعاية الأيتام في المملكة في تقديم الدعم بأشكاله النفسي والوقائي والتأهيل” تناول فيها أهم الدراسات وأحدثها في الجمعيات الخيرية والخدمات المقدمة للمستفيدين بجميع المجالات، إضافة إلى أهمية الدور التكاملي بين القطاعات الثلاثة لتحقيق الدعم النفسي والوقائي والتأهيلي، والاعتبارات الأساسية للدور التكاملي والتي تمثلت في احتياج الطفل اليتيم إلى التوجيه والإرشاد، وقلة تجاوب الطلبة مع المرشدين، إضافة إلى ميل اليتيم إلى العزلة والانطوائية أو الانفصال عن الآخرين، والسلوك غير السوي لدى اليتيم لجذب الانتباه.

اقرأ أيضاًالمجتمعأمير المنطقة الشرقية يكرّم الفائزين بجائزة الأحساء للتميّز في دورتها الثانية

كما عرج المحارب بالحديث إلى أدوار الأخصائي الاجتماعي في رعاية الأيتام، ونماذج التكامل الثلاث الإنمائي والوقائي والتأهيلي عند العمل مع الجمعيات الخيرية لرعاية الأيتام، والمهارات الحياتية واللازمة للتعامل مع الأيتام، وأنواع البرنامج الوقائي ووسائل التحقق، وأمثلة للنموذج العلاجي، وأنواع الرعاية التأهيلية للطفل، والأساليب العلاجية لبرنامج التدخل المهني.

وقدم المحارب عبر ورقة العمل مجموعة من التوصيات أبرزها تحقيق الشراكة بين القطاع الحكومي والأهلي وغير الربحي  بما يخدم الأطفال الأيتام، والعمل على تطبيق تجربة جمعية إنسان على بقية الجمعيات التي تعنى برعاية الأيتام. والتكامل بين الجوانب النمائية والوقائية والعلاجية التأهيلية.

وكذلك العمل على رعاية الأيتام من جميع الجوانب النفسية، والاجتماعية، والتثقيفية والتحصيلية، إضافة إلى الاهتمامات بالحاجات النفسية والاجتماعية لدى الأيتام، وضرورة الاستعانة بالخبراء والمتخصصين عند وضع البرامج والخدمات الخاصة بالرعاية الاجتماعية، وتحقيق التكامل والتنسيق بين جميع البرامج والخدمات الخاصة بالرعاية الاجتماعية المقدمة للأطفال الأيتام، وأهمية بناء الثقة وإشراك الأسرة والمجتمع في برامج وخدمات الرعاية الاجتماعية المقدمة من قبل الجمعيات بما يسهم في تقبلهم ومشاركتهم في هذه البرامج والخدمات.

مقالات مشابهة

  • “إنسان” تستعرض تجربتها في ملتقى المركز الوطني لتعزيز الصحة النفسية
  • الصحة النفسية والرفاه الاجتماعي
  • الرئيس السيسي: الدولة ضاعفت عدد الجامعات
  • كيف تؤثر الأحلام على الحالة النفسية؟.. حاجات لو عملتها مش هتشوف كوابيس
  • وكيل تعليم الغربية يكرم أوائل الطلبة بقرية شبراملس
  • "الشباب والرياضة": 11 مساحة آمنة للسيدات في 7 محافظات لدعم الصحة النفسية
  • جامعة الفيوم تفتتح مركز خدمة الطلبة ذوى الإعاقة
  • «STEM قنا».. مدرسة تجمع بين التميز العلمي والتنمية النفسية «صور»
  • الدكتور مهاب مجاهد يفوز بجائزة الكويت للإبداع في مجال الصحة النفسية
  • جائحة صامتة.. تدهور الصحة النفسية خطر كامن في أماكن العمل