الجريمة والعقاب
تاريخ النشر: 28th, September 2024 GMT
د. محمد بن خلفان العاصمي
هناك مبدأ أساسي في القانون يقول إن الجهل بالقانون لا يعفي من العقوبة، وبالفعل فإن كثيرا من الناس يظن أن عدم علمه بتجاوزه للقانون يعفيه من المساءلة القانونية والمسؤولية، ولذلك يقع كثير من الناس في نطاق الجريمة دون قصد أو لنقل بشكل دقيق دون إدراك لعواقب أفعاله وسلوكياته، وخاصة في هذا الوقت الذي انتشرت فيه وسائل التواصل الاجتماعي وتقنية المعلومات، حيث يخلط الكثيرون بين حرية التعبير والتعدي على الحريات العامة والخاصة، ويأتي بأفعال محرمة دون إدراك منه حتى يقع في المحظور.
إن المواطنة الصالحة تقتضي من الفرد الحرص على معرفة القوانين والتشريعات وقواعد السلوك المنظمة للمجتمع والتي تحكم العلاقات بين أفراده والتعاملات فيما بينهم، وقد صدرت العديد من القوانين المنظمة لهذا الشأن مثل قانون الجزاء وقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات وقوانين المعاملات المدنية والإلكترونية والتجارية، وكل ذلك من أجل تنظيم العلاقات وتحديد منظومة الحقوق والحريات والسلوك العام بما يحفظ حق كل فرد من أفراد المجتمع دون إفراط وتفريط.
وفي حقيقة الأمر أرى أنه من الواجب علينا جميعاً الاطلاع على هذه القوانين والتشريعات ومعرفة جميع تفاصيلها خاصة مع انتشار وسائل تقنية المعلومات بكافة أشكالها والتطبيقات الإلكترونية بمختلف أنواعها وتعاطينا اليومي معها بحيث أصبحت جزءا أساسيا من حياتنا، هذه المعرفة تجنبنا الاستخدام الخاطئ لها والذي يوقعنا تحت طائلة القانون، فعلى سبيل المثال يظن الكثيرون أن إعادة نشر وتداول الشائعات والترويج لها لا يضعه في ممارسة تستوجب العقوبة وأن التقاط صورة عابرة فيها أشخاص دون علمهم ورضاهم أمر طبيعي ، وتداول محتويات مخلة بالآداب العامة وبها سلوكيات خاطئة أمر يقع ضمن حدود الحرية الشخصية، وهذا غير صحيح بالمطلق بل هي تصرفات تعرضه للمساءلة والعقوبة.
وفي الفترة الماضية لاحظنا أن العديد ممن يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات الإلكترونية ينقل وقائع حدوث جريمة في مكان ما لا وجود لها وينشر خبر وجود مجموعات من جنسيات في أماكن معينة دون تثبت وهناك من ينتهك خصوصية الناس معتقداً أن ما يقوم به هو من باب الحريات الشخصية التي يحق له ممارستها، وربما يعود هذا الأمر إلى عدم وجود معرفة حقيقة لدى الفرد بالآداب العامة كمفهوم يظن أنه ملتزم بها ويحصرها في بعض السلوكيات بينما هي منظومة اجتماعية غير مكتوبة ولكنها تشكل سلوك الأفراد والقيم الاجتماعية والأخلاقية والمبادئ العامة للمعاملات والعلاقات الاجتماعية بين الأفراد، وهي ما تمثل سمات المجتمع وعاداته وتقاليده وأعرافه.
إن الحرص أثناء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وتقنية المعلومات واجب، فقد انتشرت وبشكل كبير تطبيقات ومواقع تستدرج الشباب وأفراد المجتمعات وتجرهم للدخول والمشاركة في المنظمات الإرهابية دون إدراك منهم لخطورة هذا الأمر ومقدار الأثر القانوني الذي يترتب على ذلك، وقبل كل هذا ما يجره هذا الفعل من عواقب وخيمة على الإنسان والمجتمع من مشاكل وخراب وفساد، وقد يقوم البعض بالترويج. والنشر لهذه المنظمات دون محاذير منه وقد يساهم في تمكينها من تحقيق أهدافها خاصة لأولئك المهوسين بالتقاط الصور فيقع في المحظور من خلال تصوير مواقع خاصة وعسكرية ومنشآت محمية بحكم القانون، وينشرها على الإنترنت تستفيد منها هذه المنظمات، ولذلك أقر المشرع عقوبات شديدة لمن يثبت مشاركته ونشره للأفكار والأعمال الإرهابية تصل للسجن المطلق والغرامة المالية التي تصل إلى 200 ألف ريال.
علينا أن نحرص دائما على سلوكياتنا والتأني كثيراً في أفعالنا وتصرفاتنا وأن نتعامل بحذر شديد مع ما بين أيدينا من تقنيات ووسائل إلكترونية، وأن نحرص على تثقيف أنفسنا وأبنائنا ومجتمعنا حول خطورة هذه التقنيات التي بين أيدينا، وادعو الجميع إلى قراءة القوانين المنظمة خاصة قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 12/ 2011، حيث اعتبر المعرفة بمواده صمام أمان للجميع وحماية للمجتمع من الاستخدام السيئ لوسائل التواصل الاجتماعي وتقنية المعلومات وخصوصاً بعد انتشار تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي مكنت من إنتاج محتويات تستهدف حياة الأفراد الخاصة دون مراعاة لقواعد السلوك العام.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
رئيس موازنة النواب يكشف أهم مشروعات القوانين المقرر مناقشتها بدور الانعقاد الحالي
كشف النائب فخري الفقي ، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب عن أهم مشروعات القوانين التي سيناقشها مجلس النواب خلال دور الانعقاد الحالي.
وأشار الفقي في تصريحات خاصة لـ"صدى البلد" إلى أن لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب ستناقش مشروع بقانون الموازنة الجديدة للدولة عام 2025 – 2026 ، وننتظر إرسالها من الحكومة إلى مجلس النواب نهاية مارس المقبل أو أول إبريل المقبل.
وكان قد وافق مجلس الوزراء، خلال اجتماعه ؛ برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي، على مشروع موازنة العام المالي الجديد ٢٠٢٥/ ٢٠٢٦، وقرر إحالته إلى مجلس النواب.
وخلال الاجتماع، استعرض/ أحمد كجوك، وزير المالية، أهم ملامح مشروع الموازنة الجديدة، مشيراً إلى أن الإيرادات تُقدَّر بنحو ٣,١ تريليون جنيه بمعدل نمو سنوي ١٩٪، والمصروفات تصل إلى ٤,٦ تريليون جنيه بزيادة ١٨٪، لافتًا إلى استهداف تحقيق فائض أولى ٧٩٥ مليار جنيه بنسبة ٤٪ من الناتج المحلي وخفض دين أجهزة الموازنة العامة إلى ٨٢,٩٪.
وأكد الوزير، خلال حديثه، العمل على تنفيذ التوجيهات الرئاسية بزيادة الإنفاق على قطاعات الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية ومساندة القطاعات الإنتاجية والتصديرية، موضحًا أنه تم استيفاء الاستحقاق الدستوري المقرر للإنفاق على التعليم والصحة والبحث العلمي، وتخصيص ٦٧٩,١ مليار جنيه لأجور العاملين بالدولة بنمو سنوي ١٨,١٪ لاستيعاب الزيادات الجديدة المقررة في أول يوليو المقبل.
وأضاف: تم تخصيص ٢٢ مليار جنيه للأدوية و١٢,٤ مليار جنيه للمواد الخام و١١ مليار جنيه للمستلزمات الطبية و٢,٨ مليار جنيه لصيانة الأجهزة الطبية و٥ مليارات جنيه للأدوية العلاجية وألبان الأطفال، و١٥,١ مليار جنيه للعلاج على نفقة الدولة لمن ليس لديهم تغطية تأمينية من المواطنين محدودي الدخل، و٥,٩ مليار جنيه للتأمين الصحي على الطلاب والمرأة المعيلة والأطفال و"التأمين الصحي الشامل".
وأشار/ أحمد كجوك إلى أنه تم تخصيص ٧٣٢,٦ مليار جنيه للدعم والمنح والمزايا الاجتماعية بزيادة ١٥,٢٪ لتخفيف الأعباء عن المواطنين، واستهداف الفئات الأولى بالرعاية، لافتًا إلى تخصيص ١٦٠ مليار جنيه لدعم السلع التموينية ورغيف الخبز بنمو سنوي ٢٠٪، وهناك ٣٥٪ زيادة في معاش الضمان الاجتماعي "تكافل وكرامة" ليصل إلى ٥٤ مليار جنيه ولاستيعاب رفع المساندة النقدية الشهرية بنسبة ٢٥٪ من أبريل المقبل، وتخصيص ٧٥ مليار جنيه لدعم المواد البترولية ونحو ٧٥ مليار جنيه إضافية لدعم الكهرباء، و٣,٥ مليار جنيه لدعم توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.
وأكد الوزير، زيادة مخصصات مساهمة الخزانة العامة للدولة في صناديق المعاشات لتصل إلى ٢٢٧,١ مليار جنيه، مشيرًا إلى تخصيص ٥,٢ مليار جنيه لدعم السكة الحديد و١,٨ مليار جنيه لاشتراكات الطلبة بالقطارات ومترو الأنفاق و٢,٥ مليار جنيه لدعم نقل الركاب بالقاهرة والإسكندرية.
وأوضح الوزير أنه تم تخصيص ٧٨,١ مليار جنيه لدعم الأنشطة الإنتاجية والتصديرية والسياحية ودفع النمو وتعزيز الثقة في الاقتصاد المصري، وهو ما يمثل زيادة قدرها ٣ أضعاف مخصصات الأعوام السابقة، لافتا إلى أنه تم تخصيص ٨,٣ مليار جنيه لمبادرة دعم القطاع السياحي و٥ مليارات جنيه للأنشطة الصناعية ذات الأولوية، و٣ مليارات جنيه لمبادرة تحويل المركبات للعمل بالغاز الطبيعي، ومن ٣ إلى ٥ مليارات جنيه حوافز نقدية للمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، ومليار جنيه لمبادرة توفير سيارات تاكسي تعمل بالغاز الطبيعي وسيارات ربع نقل وطرحها للشباب.
وأشار/ أحمد كجوك إلى أنه تم تقديم موازنة الحكومة العامة "الموازنة العامة للدولة والهيئات العامة الاقتصادية" بإيرادات متوقعة ٧,٢ تريليون جنيه ومصروفات ٨,٥ تريليون جنيه، لافتًا إلى أننا نستهدف تحقيق فائض أولى أعلى للحكومة العامة، ونعمل على خفض مديونية الحكومة العامة إلى أقل من ٩٢٪ من الناتج المحلي الإجمالي.