جريدة الرؤية العمانية:
2025-07-29@08:29:07 GMT

أحاديث عن التاريخ.. مختلفاته!

تاريخ النشر: 28th, September 2024 GMT

أحاديث عن التاريخ.. مختلفاته!

 

يوسف عوض العازمي

@alzmi1969

 

 

"أنت نتاج قراراتك وليس ظروفك" ستيفن كوفي.

 

******

الأحاديث عن التاريخ لاتنتهي ولاتمل، يبدأ الجدل حولها ولاينتهي حتى قيام الساعة، لأن التاريخ هوتدوين شخصية الإنسان وطباعه وأحواله وظروفه ومجريات الحاصل من حوله، ولايكاد حدث ينشئ إلا تضاربت حولة متناقضات التدوين والتأريخ، وكلا يؤكد مقولته وكتابته، ويستصعب على باغي الحقيقة الوصول لمبتغاه، بيسر وسهولة، فأصبح فرز الغث من السمين أمرًا باهظًا وشبه مستحيل.

تصور أن يحصل حدث كبير في وقتنا الحاضر، وتقوم وسائل الإعلام ومنصات الأخبار بنقل الخبر، وهنا حاول أن تتابع الخبر من عدة أوجه مختلفة، سيبرز لك تأثير الآيديولوجية على تغطية الخبر، وترى بشبه استحالة وجود فهم واتفاق مشترك لحالة وبنية الحدث، فكلٌ يغني على ليلاه أو آيديولوجيته.

في زماننا وحتى على مر الأزمنة والعصور تتدخل الآيديولوجية بأنواعها في صياغة الأخبار، فعلى سبيل المثال لا الحصر توفي أحد القادة أو أحد المؤثرين سياسيا أو اقتصاديا أو علميا أواجتماعيا أو ثقافيا، فإن تابعت تغطية خبر الوفاة ستجد تناقضا فاضحا واضحا بين التغطيات، لاننسى بأن التغطية بحد ذاتها هي تأريخ، لذلك مسؤولية الإعلامي جسيمة وليست يسيرة، فهناك من يصف المتوفى بالشهيد، وهناك من يصفه بالمقتول، وهناك أيضاً من سيصفه بالهالك، ولا تستغرب إن تمَّ وصفه بإحدى التغطيات بالنافق، كلٌ بحسب معطياته وقناعته وأيضاً مصالحه الخاصة.

لذلك فإن استخدام خاصية التحليل والتفكير النقدي أمر مهم جدًا في دراسة وقراءة الأحداث التاريخية، ولن أذكر أي حدث كمثال فالدنيا مليئة بالأحداث التي دونتها ملايين الصفحات وآلاف الكتب، في الماضي والحاضر وكذلك ما سيكون بالمستقبل.

احسب معي العرق / البلد / اللغة / الدين / الآيديولوجية / المصالح الاقتصادية / السياسية، وربما الثقافية كل ماسبق له تأثيره الظاهر والباطن في كيفية المعالجة التأريخية والإعلامية في تغطية الحدث، ولك أن تتصور وجود ألف منصة إعلامية لتغطية حدث ما، في الواقع لن تجد خبرا واحدا بل ألف خبر، وكما أسلفت في سطور سابقة كلا يغطي على ليلاه، وستجد ألف قصة وحكاية لذات الحدث، بالطبع ولا نقاش أن المرتكزات المتفق عليها بين الألف منصة هي المعلومات البديهية مثل أطراف الحدث / المكان / الزمان، غير ذلك تمتع بالقراءة لألف رواية لقصة واحدة !

قال تعالى: "لَقَدۡ كَانَ فِی قَصَصِهِمۡ عِبۡرَةࣱ لِّأُو۟لِي ٱلۡأَلۡبَابِۗ" (يوسف: 111).

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

القانون الدولي ودروس التاريخ

لم يعد العالم يملك تلك القواعد التي توافق عليها بعد الحرب العالمية الثانية، وعادت إلى المشهد الدولي تلك الموازين التي تعتمد على السلاح والخطاب الإعلامي المتغوّل الذي لا يقيم أي اعتبار للقيم والمبادئ والأخلاق الإنسانية. ففي غزة -كما في مناطق أخرى في العالم- تسقط العدالة سقوطا كاملا ومدويا تحت وقع التفجيرات، والإبادة الجماعية والتجويع، وتغيب الشرعية القانونية خلف جدار من المسوغات الجاهزة التي باتت منكشفة أمام العالم أجمع رغم بقائها مكتوبة في المواثيق المعلقة على جدران المنظمات الدولية.

ولا يجد القانون الدولي طريقا للتطبيق إلا حين يتوافق مع مصالح الكبار الذين يملكون القوة المطلقة في العالم، سواء القوة العسكرية أو القوة الاقتصادية، ولا عزاء للضعفاء الذين يحاولون الاحتماء بالقوانين الدولية التي لم يشاركوا حتى في وضعها.

رغم ذلك فإن العودة مرارا للحديث عن القانون وعن أهمية أن يسود بين الدول ليست عودة الضعفاء؛ فالأمر في غاية الأهمية، وضرورة واقعية لتجنب الانحدار الكامل نحو عالم تسوده شريعة الهيمنة. وأظهرت التجارب الحديثة - من غزو العراق إلى تفكيك ليبيا - أن إسقاط الأنظمة من الخارج دون مسارات شرعية لا يمكن أن نتج ديمقراطيات، ولكنه يخلّف فراغا أمنيا يستدعي الفوضى بالضرورة، ويمنح القوى المتربصة فرصة لإعادة التشكل الأمر الذي يحول الدول إلى دول فاشلة قابلة لتشكيل بؤر إرهاب وتطرف وتراكم مع الوقت قدرا كبيرا من الأحقاد والضغائن التاريخية التي لا تتآكل بسهولة، ولكنها تتراكم مع تراكم الندوب والجروح والمآسي.

كان ميثاق الأمم المتحدة بكل ما فيه من قصور محاولة لتقييد اندفاع القوة، وإرساء حد أدنى من الضوابط التي تحول دون تكرار مآسي النصف الأول من القرن العشرين. لكن غياب الإرادة السياسية، وتغوّل المصالح، أضعفا هذا الإطار وجعلاه أداة انتقائية تُستخدم أحيانا لتسويغ التدخل، وتتجاهل في أحيان أخرى الإبادة، والتجويع، والتطهير العرقي.

وأكثر ما يزيد المشهد تعقيدا هو صعود سرديات جديدة تُضفي على التدمير شرعية إعلامية تحت عناوين كـ«الدفاع عن النفس»، أو «مكافحة الإرهاب» بينما تُهمّش جرائم الإبادة الجماعية، والتهجير القسري، وتُسكت أصوات الضحايا، وتُعاد صياغة الحقيقة؛ وفقًا لما تقرره غرف الأخبار في العواصم القوية.

ورغم ما في القانون الدولي من ثغرات فالحل ليس في سقوطه، ولكن في ترميمه؛ حيث يبقى المسار الوحيد الممكن لبناء علاقات مستقرة لا تقوم على موازين السلاح، بل على موازين المسؤولية والمساءلة. لكنه بحاجة إلى إرادة جماعية؛ لتجديد شرعيته، وتوسيع قاعدته الأخلاقية، ووقف استغلاله كسلاح إضافي في يد الأقوياء.

وإذا كان التاريخ لا يُعيد نفسه فإنه يعيد تحذيراته، ومن لا يستمع لها سيجد نفسه في الدائرة ذاتها من العنف، والفوضى، وغياب الأفق. فلنتعلم هذه المرة قبل أن يُصبح القانون ذكرى من الماضي، ومجرد حلم جميل في كُتب العلاقات الدولية.

مقالات مشابهة

  • الفظائع التي لن ينساها التاريخ
  • عاجل | الصحفيين الأردنيين” تحذّر من انتحال الصفة الإعلامية خلال تغطية نتائج التوجيهي
  • القانون الدولي ودروس التاريخ
  • بدعم اليونسكو.. 25 إعلامي يشاركون في دورة تدريبية لتطوير مهارات «تغطية الكوارث»
  • ارتفاع قتلى جنود الاحتلال في خان يونس بعملية المقاومة أمس
  • إعلام عبري: ارتفاع عدد القتلى في الحدث الأمني بخان يونس إلى 3 جنود
  • عاجل | مواقع إسرائيلية: ارتفاع عدد الجنود القتلى في الحدث الأمني الصعب بخان يونس أمس إلى 3
  • سقوط قتلى وجرحى في هجوم فلسطيني كبير استهدف قوة إسرائيلية في خان يونس
  • دار الإفتاء توضح حكم تغطية القدمين في صلاة المرأة
  • نجاح استئصال ورم كبير في القولون الأيمن باستخدام الروبوت في الخبر