من المتوقع أن تكون لعملية الاغتيال الإسرائيلية للأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله، العديد من التبعات الكبيرة في منطقة الشرق الأوسط، خاصة أنها جاءت في أكبير هجوم على بيروت منذ حرب صيف عام 2006.

وقال محلل شؤون الشرق الأوسط في صحيفة يديعوت أحرونوت، أفي يسسخروف: إن "حسن نصر الله، ليس مجرد قائد آخر لمنظمة إرهابية، واغتياله لا يمكن مقارنته بأي عملية اغتيال لقادة الجناح العسكري لحماس أو حزب الله.

. إنه زلزال ضخم في الشرق الأوسط وفي عالم الإرهاب ككل، وستكون له تداعيات يصعب حاليًا تقدير حجمها"، على حد وصفه.

واعتبر يسسخروف أن الاغتيال "خسارة غير مسبوقة لحزب الله الذي فقد أهم شخصية في المنظمة منذ تأسيسها، كما أنها خسارة غير مسبوقة لإيران التي فقدت وكيلها الأول خارج حدودها/ وهي ضربة كبيرة لكل المنظمات الإرهابية التي رأت في نصر الله شخصا تمكن من إذلال إسرائيل وتحويلها إلى بيت العنكبوت ولا شيء أكثر من ذلك".

وأضاف "كان نصر الله أكثر من مجرد إرهابي، لقد كان رائدًا في مجال السياسة والإرهاب والربط بينهما، وتولى منصب الأمين العام للمنظمة وهو في سن الثانية والثلاثين فقط، خلفًا لعباس الموسوي الذي اغتالته إسرائيل عام 1992، وسرعان ما أصبح نجمًا صاعدًا في سماء الإرهاب العالمي وكذلك على الساحة السياسية في العالم العربي والإسلامي، وبالتأكيد في لبنان".


وأوضح أن "نصر نجح في تغيير وجه المنطقة، وخاصة وجه لبنان تحت قيادته، وتحوّل حزب الله من ميليشيا صغيرة ومعزولة إلى إمبراطورية عسكرية تسيطر على قوات في سوريا وكذلك في اليمن والعراق، وربما كانت علاقاته الوثيقة مع الزعيم الروحي لإيران، خامنئي، هي التي ساعدته على أن يُنتخب في عام 1992، لكنه سرعان ما أثبت امتلاكه حسًا سياسيًا متطورًا لا يُخجل أي سياسي مخضرم".

وأضاف أن نصر الله "أزال العديد ممن كانوا يعتبرون محافظين ومتطرفين بشكل خاص في صفوف المنظمة، ومن خلال ذلك مهد الطريق لدخول حزب الله إلى النظام السياسي اللبناني، وفي الانتخابات البرلمانية في آب/ أغسطس 1992، شارك لأول مرة ممثلون عن المنظمة الشيعية وفازوا بجميع المقاعد الثمانية التي ترشحوا لها، ولأول مرة منذ تأسيسه عام 1982، أصبح حزب الله منظمة سياسية شرعية داخل لبنان، رغم استمراره في الاحتفاظ بالسلاح خلافًا لبقية التنظيمات".

واعتبر أن "هذه الخطوة جعلت حزب الله المنظمة الأهم بين الشيعة (الذين كانوا أكبر مجموعة دينية في لبنان) وتفوق على حركة أمل التي كانت حتى ذلك الحين المنظمة رقم واحد. كما حصل نصر الله على هالة خاصة كقائد متواضع، وعلى عكس السياسيين الآخرين، كان على استعداد لفقدان أحبائه في إطار الجهاد ضد إسرائيل. فقد قتل ابنه هادي في مواجهة مع قوة من الجيش الإسرائيلي عام 1997".

وأكد أن "حزب الله  اكتسب الكثير من القوة في لبنان، وفي السنوات الأخيرة لم يكن من الممكن تعيين رئيس أو رئيس وزراء دون مباركة حزب الله، ولا حتى قائد الجيش، رغم أنه يجب أن يكون مسيحيًا، ولا حتى قادة المناطق في الجيش اللبناني".

وذكر أن "انسحاب إسرائيل من لبنان في آيار/ مايو 2000، ومن ثم حرب لبنان الثانية، جعلا من حسن نصر الله شخصية محبوبة في جميع أنحاء العالم الإسلامي، بما في ذلك السني، ولقد ظهر الرجل الذي تمكن من "إذلال" إسرائيل مرارًا وتكرارًا، الرجل الذي جلب "النصر من الله". اعتبر خبيرًا في شؤون إسرائيل، وأصبح القائد الذي لا يرقى إليه شك داخل المنظمة وخارجها أمام الإيرانيين. تحولت مجلس الشورى الذي كان من المفترض أن يقود حزب الله إلى مجموعة من المعجبين، معظمهم من أفراد العائلة والأصدقاء المقربين، وتمتع نصر الله بمكانة لا يمكن التشكيك فيها".

وأوضح أن نصر الله "أنشأ وسائل إعلامية جميعها تخدم حزب الله وأجندته، بدءًا من قناة المنار، ولاحقًا قناة الميادين، فهمًا منه لأهمية وسائل الإعلام الجماهيرية في كسب القلوب، وحاول دائمًا أن يصور نفسه على أنه وطني لبناني، لكنه كان مرتبطًا بإيران أكثر من أي شيء آخر".

وزعم أنه "تخلص من الأعداء عندما كان ذلك ضروريًا وساعد رجال حزب الله السوريين في اغتيال رفيق الحريري، وكان يعرف كيف يرسل القوات عندما حاولت قوة سياسية منافسة أن ترفع رأسها ضده في لبنان عام 2008".

وقال "كان نصر الله هو من سمح بتغلغل إيران في لبنان، والسيطرة على الدولة من خلال حزبه الذي لم يكن مجرد حزب لبناني. كان حزب الله ملتزمًا أيديولوجيًا بإيران أولاً، وبعد ذلك بالشيعة في لبنان".
إنقاذ الأسد


أكد المحلل الإسرائيلي أن "الحرب الأهلية في سوريا قادت نصر الله إلى اتخاذ قرار مصيري بإرسال قوات لإنقاذ بشار الأسد، وقاتل رجاله على جميع الجبهات ضد داعش وضد المعارضة السورية المعتدلة، وبدأ رجاله في العمل في اليمن والعراق والبحرين وفي جميع أنحاء العالم. تحول حزب الله تحت قيادة نصر الله إلى واحدة من أكبر إمبراطوريات تهريب المخدرات في العالم، وهو من أسس ما يعرف بالإرهاب المرتبط بالمخدرات، أي تجارة المخدرات لتمويل الأعمال الإرهابية"، على حد وصفه.

وذكر أن نصر الله "هو الذي غرس في قلوب الكثير من المسلمين حول العالم فكرة أن إسرائيل ضعيفة مثل خيوط العنكبوت. لكن غطرسة نصر الله كانت أيضًا سببًا في سقوطه، وقيادة حزب الله لمدة 32 عامًا قادته إلى ارتكاب أخطاء عديدة، وآخرها كان التضامن مع حماس وقراره بمهاجمة إسرائيل في 8 أكتوبر 2023. كان نصر الله واثقًا جدًا من ضعف إسرائيل وتفككها لدرجة عدم قدرتها على الهجوم القوي ضد حزب الله، لكنه الآن يدفع ثمن غطرسته".

وبين أن "الوريث الذي تم ترشيحه لخلافة نصر الله هو هاشم صفي الدين، ابن عم نصر الله من جهة أمه، ولا يُعرف حتى الآن ما إذا كان هاشم صفي الدين بجانبه أثناء القصف الإسرائيلي أمس، وهناك أسماء أخرى أيضًا، مثل محمد يزبك وآخرين".

وختم أن "إيران  ستتمكن في النهاية من تعيين خليفة لحسن نصر الله، لكن على عكس ما حدث مع الموسوي في عام 1992، فإن اغتيال شخصية بهذه الأهمية والكاريزما سيترك فراغًا كبيرًا في المنظمة وفي لبنان وعلى خريطة الإرهاب العالمية".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية الإسرائيلية اللبناني نصر الله حزب الله لبنان إسرائيل حزب الله نصر الله صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حزب الله فی لبنان نصر الله الله إلى الله ا

إقرأ أيضاً:

مؤرخ إسرائيلي: حرب لبنان لاستعادة الردع الذي فقدناه في 7 أكتوبر

قال المؤرخ والسفير الإسرائيلي السابق لدى الولايات المتحدة ميخائيل أورن إن الحرب التي تشنها إسرائيل في لبنان يجب أن تعمل على استعادة الردع الإسرائيلي الذي لم تتمكن تل أبيب من استعادته بعد هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، داعيا إلى استخلاص دروس مهمة من الماضي العسكري لواشنطن.

وفي مقاله في صحيفة يديعوت أحرونوت، قال أورن "بالنسبة لجميع الإسرائيليين، سيكون يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول دائما يوما يحمل في طياته المعاناة والجحيم والألم الشديد. ولا يمكن لأي إنجاز عسكري أو سياسي، مهما كان عظيما، أن يخفف من هذا الألم الذي سيبقى في قلوبنا إلى الأبد، ومع ذلك، لا يزال من الممكن استعادة قوة الردع التي فقدتها إسرائيل في ذلك اليوم في الحرب مع حزب الله في لبنان".

تشكيك

وبينما اعتبر أن إسرائيل -قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023- تمكنت من تعزيز مكانتها بوصفها قوة عسكرية رادعة في مواجهة إيران وحلفائها، وعززت اقتصادها وساعدت في تمهيد الطريق للسلام مع الدول العربية المهمة، أكد أن هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الذي "تمكنت فيه من قتل 1200 إسرائيلي وأسر 252، دمر صورة إسرائيل القوية".

وأشار أورن إلى أنه "وفقا لمعظم التقييمات المهنية، لم يتمكن الجيش الإسرائيلي بعد أكثر من 11 شهرا من القتال العنيف من استعادة سمعته ولم تهزم حماس بعد، على الرغم من الضربات القاسية التي تعرضت لها".

وتساءل "أين هو الجيش الذي هزم قوات 4 دول عربية في 6 أيام عام 1967، والذي سارع إلى التعافي من الهجمات المفاجئة لسوريا ومصر عام 1973، والذي أنقذ المحتجزين في عنتيبي عام 1976، وتمكن من تدمير المفاعل النووي العراقي في عام 1981؟".

ورأى السفير الإسرائيلي السابق أن ما جرى منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي ألقى بظلال من الشك على القدرات الدفاعية والهجومية لجيش الاحتلال، وأضر بأمن تل أبيب، في حين أدى الفشل في وقف قصف حزب الله لشمال إسرائيل لمدة عام كامل تقريبا إلى تفاقم هذا الضرر لأنها كانت تقوم بأعمال انتقامية محدودة شجعت الحزب على تكثيف إطلاق النار.

وعن الحرب في لبنان، قال أورن إن إسرائيل قضت على العشرات من قادة حزب الله ودمرت آلاف الصواريخ، ولكن "الحزب لا يزال أبعد ما يكون عن الهزيمة الكاملة ولم يستخدم بعد ذخيرته الأكثر دقة وفتكا".

وشدد على عدم تراجع إسرائيل عن هدفي وقف إطلاق الحزب النار عليها ودفعه إلى ما وراء نهر الليطاني، لأنه "إذا فشلت تل أبيب في تحقيق ذلك، فلن تتمكن من إعادة عشرات الآلاف من مواطنيها المشردين إلى ديارهم".

مخاطر

ورغم تقديره بأن تحقيق هذه الأهداف المحدودة ينطوي أيضا على خطر فتح جبهة أكثر قوة ضد إيران، وخلق توترات متزايدة مع البيت الأبيض الذي يسعى إلى تهدئة الوضع، فإنه يرى أن "مخاطر تجنب الحرب تفوق مخاطر استمرارها، لأن قدرة إسرائيل على تحقيق السلام والأمن في الأمد البعيد في الشرق الأوسط أصبحت على المحك، وليس فقط إنقاذ الشمال".

وقارن السفير الإسرائيلي السابق وضع إسرائيل الحالي بالوضع الذي أدى لدخول الولايات المتحدة إلى الحرب العالمية الثانية عام 1941 بعد هجوم اليابان المفاجئ على بيرل هاربر.

وقال "بعد 6 أشهر من بيرل هاربر، في معركة ميدواي، عكست القوات الأميركية ميزان القوى ضد اليابان وتمكنت من التعافي، وحققت انتصارات تاريخية كادت تمحو هذه الهزيمة من صفحات التاريخ، ولذلك يجب أن تعمل تل أبيب بالطريقة نفسها تماما، ومن أجل القيام بذلك يجب أن تحقق نصرا حاسما على حزب الله".

وخلص إلى أنه "عندما تواجه إسرائيل لبنان، هذه هي معركتها من أجل ميدواي". وإذا ترددت في القضاء على الحزب، فلن يمكنها استعادة سمعتها التي فقدتها في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، "وسيرافقنا الألم والصدمة في ذلك اليوم لبقية أيامنا، يجب أن نفعل كل شيء لاستعادة صورة إسرائيل في الردع والقوة".

مقالات مشابهة

  • أمناء حزب الله من التأسيس .. نصر الله الأمين العام الثاني الذي تغتاله (إسرائيل)
  • خطيب مفوّه ويتابعه الأعداء.. نصر الله: المعمم الذي صنع قوّة إقليمية هزمت إسرائيل
  • إعلام إسرائيلي: تقديرات بأن نصر الله كان في المخبأ الذي تعرض للهجوم بالضاحية الجنوبية
  • تفاصيل حول محمد سرور، المسؤول عن صواريخ الحوثي الذي اغتالته إسرائيل
  • عاد من اليمن قبل 3 أيام.. من هو محمد سرور الذي قتلته إسرائيل؟
  • إسرائيل تضرب الضاحية مجددا.. وتستهدف قياديا كبيرا في حزب الله
  • مؤرخ إسرائيلي: حرب لبنان لاستعادة الردع الذي فقدناه في 7 أكتوبر
  • يديعوت أحرونوت تحذر من فخ الموت الذي يعده حزب الله: إسرائيل غير مستعدة للهجوم البري
  • بالفيديو.. محلل سياسي: إسرائيل بدأت اجتياح لبنان برًا وبحرًا وجوًا لضرب حزب الله