إنما الفقه الرخصة من ثقة وترشيد التفقه

أثارت تدوينة للدكتور أحمد الريسوني حول تعاطي كرة القدم من لدن النساء لغطا كبيرا من بعضهم.. وتناول الدكتور الريسوني القضية تناولا مقاصديا حول هذه السائلة من خلال أسئلة تدعو للتفكير قائلا: "النقاش الدائر بين بعض الإخوة حول لاعبة كرة القدم المتحجبة نقاش مفيد ولا بد منه لتدقيق الفهم وترشيد التفقه.

.

قبل أيام سألتني سائلة عبر الواتساب عن هذه اللاعبة.. وهل ذلك جائز؟ فأجبتها باقتضاب بهذه الكلمات: "يمكن أن يقال: لا بأس، لا مانع.. لكن ماذا وراء ذلك؟ وماذا بعد ذلك؟ فالأمور بعواقبها ومجمل آثارها وانعكاساتها..".

وهذا يعني أن الحالات لا تستوي؛ لأننا لا نحكم فقط على ما يجري في الملعب من تداريب ومباريات، بل على ما قبلها، وما بعدها، وما خلفها.. وتأثير ذلك على حياة اللاعبات وزواجهن وأمومتهن ومستقبلهن في كهولتهن وشيخوختهن.. وهذا نقاش وتشاور عائلي لا بد منه قبل الإقدام..

لكننا حين نتحدث عن حالة لاعبة معينة.. قد اخترقت وصمدت وارتقت، ولا علم لنا بما سوى ذلك، لا يسعنا إلا أن نقدر لها قدراتها وحفاظها على حجابها، وإعلانها الاعتزازَ به رغم التشويش والضغط، باعتباره تكليفا من تكاليفها العينية، وباعتباره رمزا ولواء، له دلالات وإيحاءات إيجابية متعددة، تزداد رمزيتها وأهميتها وفوائدها بالنظر إلى طبيعة المجال والبيئة والجمهور، حيث توجد وتظهر وتشاهد هذه الفتاة المحجبة.. فذلك هو أهم ما يستحق الاعتبار والتقدير."

وعند التأمل في هذا الجواب ستكتشف أنه جواب متوازن لم يسارع إلى الإباحة المطلقة ولا إلى أو التحريم المطلق.. ولكن الأمور بعواقبها وأن الحالات لا تستوي.. ولكن حين يتعلق الأمر بحالة صمدت وارتقت وحافظت على حجابها رغم الضغط والتشويش فلا يسعنا يقول الريسوني إلا أن نقدر لها قدراتها وحفظها على حجابها ..

والمتأمل في جواب الريسوني يجد أنه جواب دقيق، وأنه لم يسارع إلى الإباحة المطلقة ولا إلى التحريم المطلق، وأن الحكم يرتبط بكل حالة حسب الظروف العائلية والقدرة على التوفيق ثم قدرة الحالة على الارتقاء.. والقدرة على الصمود وعلى التزام اللاعبة بالحجاب وعلى فرض اختيارها واقتناعها واجتهادها على التوفيق بين هذه المطالب التي تبدو متعارضة..

 وهنا استحضرت مقولة العلماء: "إنما الفقه الرخصة من ثقة أما التشديد فيجيده كل واحد".

بعض ردود الفعل والتعقيبات لم تستسغ صدور مثل هذا الجواب من الريسوني وصارت تتساءل: "هل اللباس الذي ظهرت به اللاعبة زينة تتوفر فيه مواصفات الحجاب؟ وماذا عن مصافحتها لمدرب الفريق الوطني بعد الانتصار.. وهلم جرا !".

والواقع أنني لا أريد أن أدخل في تفاصيل هذا النقاش ولا أن أقدم جوابا فقهيا لا أعتبر نفسي مؤهلا له.. ولكن لي ملاحظة وهي أن جرعة من التشدد والورع تبدو زائدة عند عدد من الملتزمين كلما تعلق الأمر بقضايا المرأة والأحكام المرتبطة بها في لباسها وخروجها ودخولها وأنشطتها العامة وغير ذلك... كما أن عددا من الأسئلة والتحوطات تظهر حين يتعلق بمشاركة النساء في أنشطة عامة فيها اختلاط بين الجنسين وفي ملبسهن ومظهرهن أكثر مما تظهر حين يتعلق الأمر بالرجال.. مما يظهر معه الرجال وكأنهم أقدر على إيجاد الأعذار لأنفسهم ونظرائهم !..

فلماذا إذن يميل أغلب المسلمين وبالأخص كثير من الملتزمين منهم إلى التماس الأعذار وقبولها للرجال الذين يتساهلون مثلا في ملبسهم ومواصفاته وكثيرا ما يصف ويشف!!، أو لا يعفون لحاهم أو يأخذون منها بشكل مفرط بحيث لا يطبقون الأمر والهدي النبوي بالإعفاء مع حق الشارب؟

كيف نقبل هذا التساهل ونتجاوز عنه ونتشدد مع المرأة المسلمة ولا تقبل منها أعذارا ولا نقدر أوضاعها أو اجتهاداتها في ظروف صعبة وأوساط لا ترحب باحتجاب المرأة المسلمة؟

علما أن الوسط الكروي المغربي من فريق الجيش الملكي والمنتخب الوطني ومدربه الأجنبي لم يتدخلوا في اختيار اللاعبة بل إن انفنتيو رئيس الجامعة الدولية لكرة القدم قد احتفى بزينة كأول امرأة تمارس كرة القدم مع ارتداء الحجاب.

من الغريب أيضا أن تلتقي في إدانة اللاعبة المغربية التي أصرت على الظهور بما اعتبرته حجابا أصوات من المسلمين تستنكر فعلها هذا مع موقف عتاة العلمانيين الفرنسيين الذين لم يستسيغوا أن يشاهدوا على تلفازهم نقل مقابلة الربع حيث ستظهر اللاعبة "زينة" في أحد سافر لعتاة العلمانية الفرنسية المتطرفة.. ليتها تقع.. ولعلكم تعرفون عما أتحدث!!

وكان يكفي أن يصدر هذا الموقف من العلمانيين كي يفقه بعضنا أن مظهر اللاعبة بن زينة يشكل تحديا للعلمانية الفرنسية المتطرفة التي لا تقبل أدنى مظهر يذكر بالإسلام ويكشف عورة العلمانية المتطرفة.

 للأسف الشديد باسم الغيرة الدينية غفل بعضنا عن عدد من المعاني.

من الغريب أيضا أن تلتقي في إدانة اللاعبة المغربية التي أصرت على الظهور بما اعتبرته حجابا أصوات من المسلمين تستنكر فعلها هذا مع موقف عتاة العلمانيين الفرنسيين الذين لم يستسيغوا أن يشاهدوا على تلفازهم نقل مقابلة الربع حيث ستظهر اللاعبة "زينة" في أحد سافر لعتاة العلمانية الفرنسية المتطرفة.. ثانيا نسي أصحاب الغيرة الدينية المزعومة أن منهج الإسلام والتوجه العام لشريعته يقوم على حث الناس على الاجتهاد قدر الاستطاعة في الطاعات.. والحث على الارتقاء فيها كما أن الإسلام درجات: الإسلام والإيمان والإحسان.

ثالثا من يزعم من الرجال أن مظهره الحالي لباسا ولحية وتعاملا.. قد بلغ فيه الرجال الكمال؟  لا احد يزعم أنه في لحيته ولباسه قد بلغ الكمال في الاقتداء بمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

رابعا هو هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في التعامل مع من تاب إلى الله وقصد الإسلام لكنه بحكم بدايته لا يمكن أن ننتظر منه التزام السابقين.. وهو ما تدل عليه عبارة السلف: "أسلم وحسن إسلامه".

ولعل موقف الرسول صلى الله عليه وسلم من الأعرابي الذي تبول في المسجد نموذج عملي على حكمته صلى الله عليه وسلم لاحتضان المبتدئين والنهي عن زجرهم والغلظة عليهم.. فكاد الصحابة أن يفتكوا به فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم قائلا: "لا ترموه!! أي لا تعنفوه وتقطعوا عليه قضاء حاجته !! وقع هذا في المسجد!! "أريقوا على بوله سحلا من ماء!!. وماء طهور!! لكنه أولا وقبل كل شيء كان ماء الحكمة والاحتضان !!

ولم يكن سلوكا أرعنا يحول دون الناس ودون رحمة الإسلام وحكمته في احتضان المبتدئين في طريقهم إلى الله أو الذين حيلت بينهم وبين اتباع هديه صلى الله عليه وسلم موانع قاهرة بلغت إلى حد إعلان الكفر به رغم اطمئنان القلب بالإيمان!! كما حدث مع عمار بن ياسر الذي أكره على الكفر بلسانه وسب النبي صلى الله عليه وسلم فنزل قوله تعالى: "إن عادوا فعد ".........

ما تعانيه " زينة" من تنمر باسم الغيرة على الدين لا يختلف كثيرا عن فعل من قاموا يريدون البطش بالإعرابي.. المشار إليه .. رغم أن هناك بونا شاسعا بين الحالتين!!!

ولا يختلف هؤلاء كثيرا ممن يعتبرون أنفسهم "سدنة" للمساجد الذين يطاردون الأطفال منها حرصا على سكينتها ونظافتها..!!!

ومن الصور التي بقيت عالقة بذهني ما فعله بي أحد قيمي مسجد "اسباتة" وقد كان من أهم انشغالاته مطاردة الأطفال ومنعهم من دخول المسجد.. !!!

حدث ذات يوم أنني دخلت الصلاة مع الجماعة... سجدت مع الساجدين.. لكن قيم المسجد رحمه الله (باكبور) رفعني وأنا ساجد ورمي بي خارج المسجد!!! صورة لا تنسى.. لكنها تعكس غيرة على نظافة المسجد.. لكنها قد تنفر جيلا كاملا من المسجد لا قدر الله!!

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير كرة القدم لاعبة الحجاب المغربي المغرب كرة قدم حجاب جدل لاعبة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة صلى الله علیه وسلم

إقرأ أيضاً:

صلاة عيد الفطر بالمسجد للنساء.. 10 محظورات لمن تستعد للخروج الآن

يحين بعد قليل موعد صلاة العيد 2025 ، والتي تعد سُنة مؤكدة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو ما يطرح السؤال عن صلاة عيد الفطر بالمسجد للنساء ؟ ، وهل الأفضل للمرأة أن تصليها في المسجد أم في البيت؟، واستفهامات أخرى كثيرة تدور في فلك صلاة عيد الفطر بالمسجد للنساء ، وما يتعلق بها من أحكام ، خاصة أنه يفصلنا عن موعد صلاة عيد الفطر 2025 دقائق قليلة ، لهذا يتزايد البحث في هذه الآونة عن صلاة العيد ، فإذا كانت من الأمور المعروفة للرجال ، فإنه ينبغي معرفة أحكام صلاة عيد الفطر بالمسجد للنساء ، لعلهن يستفتحن بها يوم العيد فتتلون أيامهن القادمة بالأعياد والأفراح والجبر.

صلاة عيد الفطر اليوم.. أحكامها لتصليها مثل النبي وترقب 7 عجائباحذر.. فعل محرم في أول أيام عيد الفطر بعد الفجر نهى عنه الرسولتكبيرات العيد مكتوبة .. وعدد تكبيرات صلاة عيد الفطر .. 4 صيغ لها صحيحة شرعاموعد صلاة العيد.. توقيتها بالساعة والدقيقة في 33 مدينةصلاة عيد الفطر بالمسجد للنساء

قالت دار الإفتاء المصرية، إن صلاة العيد سُنَّةٌ مؤكدة واظب رسول الله -صلى الله عليه وآلـه وسلم- على أدائها، وأمر الرجال والنساء –حتى الحُيَّض منهن- أن يخرجوا لها، ومن ثم فإنه يستحب أن يحرص الناس جميعًا رجالًا ونساءً على صلاة العيد لما فيه من الاجتماع على الخير وإظهار الفرح والسرور.

واستندت لما جاء في الحديث الذي روى البخاري ومسلم عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْها- قَالَتْ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُخْرِجَهُنَّ فِي الْفِطْرِ وَالأَضْحَى الْعَوَاتِقَ وَالْحُيَّضَ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ، فَأَمَّا الْحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الصَّلاةَ وَيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِحْدَانَا لا يَكُونُ لَهَا جِلْبَابٌ، قَالَ: لِتُلْبِسْهَا أُخْتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا»، والْعَوَاتِق: هِيَ مَنْ بَلَغَتْ الْحُلُم أَوْ قَارَبَتْ، أَوْ اِسْتَحَقَّتْ التَّزْوِيج، وَذَوَات الْخُدُور هن الأبكار.

وأجمع جمهور العلماء أن خروج المرأة لصلاة العيد ليست واجبة، لكنها سنة، فمن السنة أن يخرج النساء إلى المصلى في يوم العيد لما في الصحيحين وغيرهما أن أم عطية الأنصارية رضي الله عنها قالت: "أُمرنا –وفي رواية أَمرنا- تعني رسول الله صلى الله عليه وسلم-: أن نخرج في العيدين العواتق وذوات الخدور، وأمر الحيض أن تعتزل مصلى المسلمين".

وبناء على ذلك فإنه من السنن المؤكدة خروج النساء لصلاة العيدين، لكن بشرط أن يكن متسترات غير متبرجات ولا متطيبات، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وليخرجن تفلات" يعني غير متطيبات رواه أبو داود ، وإذا لم تستطع المرأة الخروج إلى صلاة العيد فإنها تصلي في بيتها ركعتين، وقيل تصلي أربع ركعات بتسليمة أو تسليمتين، وذلك لما روي عن عبد الله بن مسعود أنه قال: من فاتته العيد فليصل أربعا، ومن فاتته الجمعة فليصل أربعا. وروي عن على رضي الله عنه أنه قال: إن أمرت رجلا يصلي بضعفة الناس أمرته أن يصلي أربعًا.

وورد أن صلاة عيد الفطر للنساء في المسجد مستحب بشرط كونها لا تخشى منها الفتنة مع البعد عن الطيب والزينة، قال النووي في المجموع : قال الشافعي والأصحاب رحمهم الله : يستحب للنساء غير ذوات الهيئات حضور صلاة العيد، وأما ذوات الهيئات وهن اللواتي يُشتَهين لجمالهن فيكره حضورهن ، هذا هو المذهب والمنصوص ، وبه قطع الجمهور، وحكى الرافعي وجهاً أنه لا يستحب لهن الخروج بحال ، والصواب الأول.

وجاء أنه إذا خرجن استحب خروجهن في ثياب بذلة ولا يلبسن ما يشهرهن ، ويستحب أن يتنظفن بالماء ، ويكره لهن التطيب لما ذكرناه في باب صلاة الجماعة. هذا كله حكم العجائز اللواتي لا يشتهين ونحوهن. فأما الشابة وذات الجمال ، ومن تشتهى فيكره لهن الحضور ، لما في ذلك من خوف الفتنة عليهن وبهن (فإن قيل ) هذا مخالف حديث أم عطية المذكور (قلنا ) ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت : لو أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء لمنعهن كما منعت نساء بني إسرائيل ، ولأن الفتن وأسباب الشر في هذه الأعصار كثيرة بخلاف العصر الأول.

وقال الشافعي في الأم: أحب شهود النساء العجائز وغير ذوات الهيئات الصلاة والأعياد ، وأنا لشهودهن الأعياد أشد استحباباً مني لشهودهن غيرها من الصلوات المكتوبات . وقال الخرشي في شرحه لمختصر خليل المالكي : يعني أنه يجوز ويندب للمتجالة المسنة التي لا أرب للرجال فيها أن تخرج إلى صلاة العيد والاستسقاء وأحرى للفرض ، أما متجالة لم ينقطع أرب الرجال منها بالجملة فهذه تخرج للمسجد ولا تكثر التردد؛ كما في الرواية .

وقال ابن قدامة في المغني: لا بأس بخروج النساء يوم العيد إلى المصلى ، وقال ابن حامد : يستحب ذلك ، وقد روي عن أبي بكر وعلي رضي الله عنهما ، أنهما قالا : حق على كل ذات نطاق أن تخرج إلى العيدين ، وكان ابن عمر يُخرِج من استطاع من أهله في العيدين ، وروت أم عطية قالت : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرجهن في الفطر والأضحى : العواتق ، وذوات الخدور ، فأما الحيض فيعتزلن الصلاة ويشهدن الخير ودعوة المسلمين ، قلت : يا رسول الله : إحدانا لا يكون لها جلباب ؟ قال : لتلبسها أختها من جلبابها . متفق عليه ، وهذا لفظ رواية مسلم ، ولفظ رواية البخاري ، قالت : كنا نؤمر أن نخرج يوم العيد ، حتى تخرج البكر من خدرها ، وحتى يخرج الحيض فيكن خلف الناس ، فيكبرن بتكبيرهم ، ويدعون بدعائهم ، يرجون بركة ذلك اليوم وطهرته . ... إلى أن قال : وإنما يستحب لهن الخروج غير متطيبات ولا يلبسن ثوب شهرة ولا زينة ويخرجن في ثياب البذلة ، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : وليخرجن تفلات . ولا يخالطن الرجال ، بل يكن ناحية منهم. وعليه.. فخروج المرأة لصلاة عيد الفطر أو الأضحى مستحب بشرط ألا تُخشَى منها الفتنة مع بُعدها عن استعمال الطيب والزينة ، ومن السنة أن تؤدى صلاة العيد في المصلى وليس في المسجد إلا لعذر وهذا في غير مكة.

وقال ابن قدامة في المغني: السنة أن يُصلَى العيد في المصلى ، أمر بذلك علي رضي الله عنه ، واستحسنه الأوزاعي ، وأصحاب الرأي ، وهو قول ابن المنذر ، وحكي عن الشافعي : إن كان مسجد البلد واسعاً ، فالصلاة فيه أولى ، لأنه خير البقاع وأطهرها ، ولذلك يصلي أهل مكة في المسجد الحرام . ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخرج إلى المصلى ويدع مسجده، وكذلك الخلفاء من بعده ، ولا يترك النبي صلى الله عليه وسلم الأفضل مع قربه ويتكلف فعل الناقص مع بُعدِه ، ولا يشرع لأمته ترك الفضائل ، ولأننا قد أمرنا باتباع النبي صلى الله عليه وسلم والاقتداء به ، ولا يجوز أن يكون المأمور به هو الناقص ، والمنهي عنه هو الكامل ، ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى العيد بمسجده إلا من عذر ، ولأن هذا إجماع المسلمين ، فإن الناس في كل عصر ومصر يخرجون إلى المصلى ، فيصلون العيد في المصلى ، مع سعة المسجد وضيقه ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في المصلى مع شرف مسجده .

صلاة عيد الفطر للنساء

ورد أن صلاة عيد الفطر للنساء سُنة مؤكدة واظب عليها النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأمر الرجال والنساء بأدائها، –حتى المرأة الحائض تخرج للاستماع إلى خطبة العيد ولا تؤدي صلاة العيد وتكون بعيدة عن المصلى، ويستحب لمن تذهب لأداء صلاة عيد الفطر الحرص على الاغتسال وارتداء أفضل الثياب، مع التزام النساء بمظاهر الحشمة وعدم كشف العورات، والالتزام بغض البصر عن المحرمات، كما يستحب التبكير إلى مصلى العيد بسكينة ووقار، ويستحب الذهاب من طريق والعودة من طريق آخر، لحديث جابر رضي الله عنه: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ» رواه البخاري، ومن الحكمة في ذلك: أن يوافق تسليم الملائكة ووقوفهم على أبواب الطرقات، وأن يشهد له الطريقان بإقامة شعائر الإسلام.

قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إن ذهاب الرجال والنساء إلى صلاة العيد أمر مستحب؛ مستندا إلى ما أخرجه البخاري ومسلم عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالَتْ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم -أَنْ نُخْرِجَهُنَّ فِي الْفِطْرِ وَالأَضْحَى الْعَوَاتِقَ وَالْحُيَّضَ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ، فَأَمَّا الْحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الصَّلاةَ وَيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِحْدَانَا لا يَكُونُ لَهَا جِلْبَابٌ، قَالَ: «لِتُلْبِسْهَا أُخْتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا».

وأوضح المركز أن حرص الرجال والنساء والأطفال على الخروج لصلاة العيد أمر محمود، لما فيه من اجتماع على الخير، وإظهار للفرح بإتمام عبادة الله عز وجل، منوهًا بأنه إذا أقيمت صلاة العيد فينبغي الفصل بين الرجال والنساء، فيصلي الرجال في الصفوف الأولى ثم الصبيان ثم النساء، فلا تقف المرأة عن يمين الرجل ولا عن شماله في الصلاة، اتباعًا لسنة سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم - ، لما رواه أَبي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ، قال: أَلَا أُحَدِّثُكُمْ بِصَلَاةِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم -قَالَ: «فَأَقَامَ الصَّلَاةَ، وَصَفَّ الرِّجَالَ وَصَفَّ خَلْفَهُمُ الْغِلْمَانَ، ثُمَّ صَلَّى بِهِمْ فَذَكَرَ صَلَاتَهُ»، ثُمَّ قَالَ: «هَكَذَا صَلَاةُ -قَالَ عَبْدُ الْأَعْلَى: لَا أَحْسَبُهُ إِلَّا قَالَ: صَلَاةُ أُمَّتِي».

وتابع: «من محاسن الشريعة الإسلامية أنها تصون المجتمع، وتسد أبواب الفتنة، وتقمع داعي الهوى، وتحافظ على الرجال والنساء معًا، وتمنع كُلَّ ما من شأنه أن يخدِش الحياء أو يتنافى مع الذوقِ العام، كما أن في هذا التنظيم والترتيب تعظيمًا لجناب العبادة، واحترامًا للوقوف بين يدي الله تعالى».

واستطرد: «حينما رأى -صلى الله عليه وسلم - اختلاط الرجال بالنساء في الطريق الموصل إلى المسجد عقب خروجهم منه، وَجَّه أن يسير الرجال في وسط الطريق، وأن تسير النساء على حافتيه»، مضيفا: عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم -، يَقُولُ: وَهُوَ خَارِجٌ مِنَ الْمَسْجِدِ فَاخْتَلَطَ الرِّجَالُ مَعَ النِّسَاءِ فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم -لِلنِّسَاءِ: «اسْتَأْخِرْنَ، فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكُنَّ أَنْ تَحْقُقْنَ الطَّرِيقَ، عَلَيْكُنَّ بِحَافَّاتِ الطَّرِيقِ» فَكَانَتِ الْمَرْأَةُ تَلْتَصِقُ بِالْجِدَارِ حَتَّى إِنَّ ثَوْبَهَا لَيَتَعَلَّقُ بِالْجِدَارِ مِنْ لُصُوقِهَا بِهِ.

وأشار إلى أنه لا ينبغي أن تُصلِّي المرأة بجوار الرجل إلا في وجود حائل بينهما، فإن صلَّت بجواره دون حائل فالصلاة باطلة عند الأحناف، ومكروهة عند جمهور الفقهاء، وخروجًا من هذا الخلاف، وحرصًا على صحة الصلاة بالإجماع، ومراعاة للآداب العامة التي دلَّت عليها الشريعة، وحثَّت عليها الفطرة، ووافقها العرف؛ ناصحًا بالالتزام بتعاليم الشرع بترتيب الصفوف، ووقوف كلٍّ في مكانه المُحدد له شرعًا.

حكم صلاة عيد الفطر في البيت

ورد عن حكم صلاة عيد الفطر في البيت صلاة العيد سُنة من صلاها أخذ ثوابها ومن لم يصليها فلا وزر عليه، فصلاة العيد يصح أن تصلى جماعة ويصح أن تصلى فرادى، ويجوز أداء صلاة العيد في المنزل، حيث إذا صلى شخص صلاة الفجر، ونام، ولم يلحق بصلاة العيد، فيمكنه أن يؤديها في منزله.

مقالات مشابهة

  • متتابعة أم متفرقة.. كيف كان النبي والصحابة يصومون الست من شوال؟
  • حكم من أكل أو شرب ناسيًا أثناء صيام الست من شوال.. دار الإفتاء توضح
  • من لم يصل صلاة العيد أول يوم.. 9 حقائق قد تجعلك تندم
  • سنن عيد الفطر.. أكلة أوصى بها الرسول قبل الخروج للصلاة
  • صلاة عيد الفطر بالمسجد للنساء.. 10 محظورات لمن تستعد للخروج الآن
  • وفاة لاعبة ناشئة في مصر إثر سقوط عارضة مرمى
  • بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام
  • على سنة وهدي خير البرية
  • أنوار الصلاة على رسول الله عليه الصلاة والسلام
  • دعاء وداع شهر رمضان .. تعرفوا عليه