التجهيز لحقبة جديدة في الشرق الاوسط
تاريخ النشر: 28th, September 2024 GMT
عبدالله ديدان
مشروع الشرق الاوسط الجديد، الذي أعدته كونداليزا رايس، إبان توليها وزارة الخارجية الامريكية وقبلها مجلس الامن القومي فى فترتي حكم الرئيس الامريكي جورج بوش، كان مصمما لايجاد معالجات جذرية لازمة الجماعات الاسلامية الارهابية وبنفس طويل، حيث تم تصنيف جماعات الاسلامية السياسي المتشددة الى فئتين، فئة الاخوان المسلمين السنية وفئة المتشددين الشيعة المحور الايراني، وكلاهما تصنفان جماعات مهددة للسلم والاستقرار الاقليمي والدولي وكل الجماعات الارهابية فى العالم، تم بروزها من خلال هذين المشروعين، لذلك وضعت امريكا رؤيتها على اساس تفكيك البني الجذرية لهاذين المحورين، جماعة الاخوان المسلمين تم تجميعهم عن طريق الانتخابات، بعد ماعرف بثورات الربيع العربي فى معاقلهم المسيطرة والمرجعية، فى كل من مصر وتونس ومن ثم، تم الانقضاض عليهما من الداخل والفتك بهما، بواسطة انقلابات مدعومة ومؤيدة ومطلقة اليد للتخلص منهما، فمات قادة الاخوان فى سجون السيسي فى مصر، بينما يواصل قيس السعيد القضاء على القنوشي ورهطه بتؤدة وروية مستقاة من التاييد الامريكي والغربي، اما المحور الشيعي الايراني وتمدده فى لبنان عبر حزب الله وحماس فى غزة والحوثيين فى اليمن ومجموعاته الاخري فى العراق وسوريا، يشكل المحور القتالي المسلح المستهدف لاسرائيل كزريعة ولكن فى حقيقة الامر، هو يستبطن المشروع التوسعي الايراني فى المنطقة ومحاصرة دول الخليج الغنية والمتحالفة مع امريكا والمصادقة مؤخرا لاسرائيل، ظلت امريكا ترجئ تفكيك هذا المحور الى حين اقتلاع الاخوان المسلمين الملهمين والمنتجين للجماعات الارهابية، بعده بدأ الاتجاه الى محور ايران الذي لن يصمد طويلا، فإيران انهكتها العقوبات والحصار الاقتصادي الذي جعل الشعب الايراني يتوق الى الفرار من دولة الملالي المتشددة والمعادية للعالم، مما افقد ملالي ايران الزخم الداخلي القديم، بعد انكشاف مشروعهم داخليا، القائم على المتاجرة بالدين والجالب للعداوات الخارجية بما يهدد أمن ايران نفسها، منذ شهور بدأت امريكا والغرب عملها فى هذا المحور من خلال جر حماس لمهاجمة اسرئيل فى اكتوبر الماضي وهى شرارة اشعال معركة التفكيك، فكان القضاء على رؤوس حماس والاف المقاتلين والابرياء من الشعب الفلسطيني فى غزة، كما بدأ الهجوم العسكري بالطيران على الحوثيين، بعد ابتلاعهم الطعم فى البحر الاحمر، واثناء ذلك، تم الانقضاض على حزب الله بضربات حاسمة، فكان ان تم القضاء على كل قادته ومعظم ترسانته العسكرية، غالبا ما تتحول المعركة الى اليمن بعد فشل التحالف السعودي الاماراتي فى انجاز المهمة، بسبب اعتماده على قوات مرتزقة سودانية وعدم خبرته فى مثل هذه الحروب….
الان تتم قصقصة اجنحة ايران القوية فى المنطقة وربما يتم وضعها امام خيارين فقط، التخلص طوعا واختيارا من مشروعها النووي او تدميره، عبر جرها الى حرب مباشرة مع اسرئيل، وهو الشيء الذي لا تريده ايران الضعيفة والمعزولة، لذلك نري رئيسها بزسكشيان المنتخب حديثا، بعد قتل الرئيس السابق ابراهيم رئيسي، يحاول فى نيويورك ان يقول كلاما يحتوي على جمل تعبر عن الرغبة فى التهدئة التى ما عادت ممكنة الا وفق الشروط الامريكية- الاسرائيلية -الغربية- الخليجية والخليجية هذه تجلت فى زيارة مخمد بن زايد الى امريكا والتة سبقت انعقاد الجمعية العامة للامم المتحدة، بحصيلة تريليون دولار وشراكة دفاعية رئيسية بين الامارات وامريكا.
لا أحد يمكنه ان ينجد ايران حاليا، فروسيا تم اغراقها تماما فى حرب مع النيتو، تدور فى الاراضي الاوكرانية ويتم استنزافها اقتصاديا وعسكريا بصورة مهولة وهي تقف وحيدة، امام قوي عسكرية واقتصادية واسعة ومتمكنة وتمتلك خبرة طويلة فى ادراة الصراع، بينما روسيا دولة الرجل الواحد، بوتين، يمكن ادخالها فى نفق معقد لا تعرف كيف تخرج منه، وهو ما يحدث فعلا، بينما الصين تلعب على المستقبل وتفكر فى ملء الفراغ الاقتصادي الذي ستتركه روسيا حين تشيخ فى مستنقع اوكرانيا.
السودان ليس بعيدا عما يجري، فهو جزء اساسي فى منظومة الاخوان المسلمين والمحور الايراني مثله مثل حماس تماما، لا يمكن قراءة التلكؤ الدولي فى الضغط من اجل ايقاف الحرب السودانية، ومسارعة امريكا للامساك بهذا الملف، فور اشتعال الحرب فى ١٥ ابريل، الا من خلال مشروع الشرق الاوسط الجديد، هذه الحرب لم تكن غير متوقعة وليست مفاجئة مطلقا، فالحركة الاسلامية السودانية مدفوعة بمحركات ذاتية واقليمية تخص مصالح متداخله هي جزء منها، كان من السهل وضعها فى طريق اشعال الحرب للتخلص منها، حتى ولو كان الثمن الذي يدفعه الشعب السوداني، ثمن باهظ كما يحدث الان، فالسياسات الغربية والامريكية لا تشترط سلامة الشعوب، حين يتعلق الامر بمصالحها وامنها القومي الممتد فى كل القارات..
المنطقة مقبلة على حقبة جديدة، تتسم بالعنف المفرط والخاطف مالم تمضي الامور فى اتجاه حرب مباشرة مع ايران، الكاسب الاكبر من هذا الصراع سيكون افريقيا التى ستتلقي كيكة التغيير، دون ان تدفع ثمنها واذا احسن القادة الافارقة قراءة هذه التحولات، يمكنهم ان يكونوا شركاء مستفيدين مع الخليج والغرب، اذ ان الدول الافريقية ليست جزءا من حواضن الارهاب والجماعات الاسلامية المتشددة باستثناء الصومال التى تم تخليصها منهم بجهد افريقي مدعوم غربيا…
نقلاً عن صفحته بفيسبوك
الوسومعبدالله ديدانالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الاخوان المسلمین
إقرأ أيضاً:
وزير الأوقاف لـ صدى البلد: بناء الإنسان المصري جوهر مشروع تجديد الخطاب الديني
أكد الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف على أن مشروع تجديد الخطاب الديني لم يكن في يوم من الأيام مجرد شعار يُرفع، أو عنوان يُردد في المؤتمرات والندوات، بل هو رؤية متكاملة ومحاور استراتيجية محددة سعت وزارة الأوقاف إلى تجسيدها على أرض الواقع بكل وعي وإرادة وتصميم، من خلال خطة شاملة بُنيت على أربعة محاور رئيسة، تعالج التحديات الفكرية والإنسانية والحضارية المعاصرة، وتسعى لبناء الإنسان المصري بناءً متوازنًا، وتفتح له آفاقًا رحبة نحو الانتماء والوعي والعمل والإنتاج.
وأضاف الأزهري في تصريح خاص لـ “صدى البلد ” أن المحور الأول المحور الأول هو مواجهة التطرف الديني، وقد كانت هذه القضية على رأس أولوياتنا، إدراكًا منا لحجم ما خلفه الفكر المتطرف من فوضى فكرية واجتماعية، وما سببه من اختطاف لتعاليم الدين السمحة وتشويه لصورة الإسلام في أذهان البعض، ومن ثمّ تحركت الوزارة بخطى ثابتة في تفكيك هذا الفكر المتشدد، من خلال نشر الوسطية، وتفنيد شبهات الجماعات المتطرفة، وتصحيح المفاهيم المغلوطة.
أما المحور الثاني، فهو مواجهة التطرف اللاديني، حيث لم نغفل في خضم معركتنا مع الغلو الديني، عن خطورة الاتجاه المضاد له، وهو التفريط المطلق الذي يفرغ الدين من مضمونه، ويهاجم الثوابت، ويشيع روح التمرد على القيم الدينية والمرجعيات الأخلاقية، ومن هنا جاءت برامج الوزارة الفكرية والإعلامية والثقافية لتؤكد أن الدين ليس عائقًا أمام التقدم، بل هو دافع نحوه، وأن التجديد لا يعني أبدا التفريط، بل الجمع بين الأصالة والمعاصرة، وقد حملت منابرنا هذا التوازن الدقيق، وجعلنا من خطابنا أداة لبعث الوعي الحقيقي، لا الاستعراض الكلامي، حيث واجهنا حملات التشكيك، وعززنا الثقة في الثوابت الإسلامية، وبيّنا للناس أن الهجوم على الثوابت لا يمت للتجديد بصلة، بل هو تطرف من نوع آخر لا يقل خطرًا عن غلو المتشددين، وناقشنا العديد من القضايا كالإلحاد والطلاق.
ثم يأتي المحور الثالث: بناء الإنسان، وهو في الحقيقة جوهر مشروعنا كله، لأن الإنسان هو الركيزة الحقيقية لأي نهضة، ومن ثمّ كان اهتمامنا منصبًا على بناء العقل المصري بناءً مستنيرًا، وصياغة وعيه على أسس وطنية، دينية، وثقافية متزنة، وقد أطلقت الوزارة لهذا الغرض العديد من المبادرات والبرامج التي تستهدف التثقيف الديني والوطني والاجتماعي، بدءًا من البرامج التدريبية النوعية للأئمة والواعظات، مرورًا بالمشاركة في قوافل توعوية للشباب في المدارس والجامعات، ووصولًا إلى الشراكات الاستراتيجية مع مؤسسات الدولة المختلفة لترسيخ مفاهيم الانتماء، واحترام القانون، وحماية النشء من الفكر المتطرف أو اللاواعي.
وأما المحور الرابع: صناعة الحضارة، فهو تتويج للمحاور السابقة، لأنه إذا تمكنا من تحرير الفكر من الغلو والتفريط، وبنينا الإنسان علمًا وخلقًا ووعيًا، استطعنا أن ننهض بالحضارة في صورتها المتكاملة، حضارة تؤمن بالقيم، وتبني بالعلم، وتحترم التراث، وتواكب العصر، وتبني جسورًا بين الدين والدولة، وبين الأصالة والتحديث.
واختتم الأزهري حديثه قائلا: ما أُنجز في هذه المحاور الأربعة خلال الفترة الماضية يُعدّ تأسيسًا قويًا لمرحلة جديدة من الوعي الديني الوطني، حيث تجاوزنا مرحلة رد الفعل، وانتقلنا إلى مرحلة التخطيط والرؤية، لنُنتج خطابًا دينيًا أصيلًا، معاصرًا، يواكب حاجات العصر، ويواجه تحديات الواقع، ويعزز من قيم التسامح والانتماء، ويضع الإنسان في قلب المعادلة الحضارية.
ومن هنا نقول فتجديد الخطاب مهمة مستمرة لا تنقضي بزمن، ويأتي في القلب منه الارتباط الوثيق بأحوال الناس ومعايشهم ومستجدات الحياة في الكون كله.