لجريدة عمان:
2025-04-26@10:49:07 GMT

«شجريون» .. حاكم وعائلة وحاشية في منفى الأمان!

تاريخ النشر: 28th, September 2024 GMT

«شجريون» .. حاكم وعائلة وحاشية في منفى الأمان!

قدّمت فرقة موشكا المسرحية مساء أمس، الجمعة، خامس العروض المسرحية المتنافسة في مهرجان المسرح العماني الثامن، وذلك برعاية سعادة الدكتور عبدالله بن خميس أمبوسعيدي، وكيل وزارة التربية والتعليم للتعليم، وقاد العمل المخرج عبدالله تبوك، الذي قدم على خشبة مسرح مدينة العرفان العرض المسرحي «شجريون»، عن نصّ من تأليفه.

وتأخذنا مسرحية «شجريون» في رحلة عميقة إلى عوالم الصراع على السلطة والخيانة والتحديات التي يواجهها الملوك والورثة في سبيل الحفاظ على إرثهم، وتدمج المسرحية بين الأسطورة والواقع السياسي في قالب درامي يضع المشاهد أمام أسئلة حول الأحقية والعدالة، بينما تتداخل الرغبات الشخصية مع المصالح العامة.

وتبدأ الحكاية بسقوط مدينة بعد معركة عنيفة، حيث يُعلن عن مقتل القائد، مما يهيئ المشهد لمرحلة جديدة من الصراع، وتقفز المسرحية عشرين عامًا إلى الأمام لتكشف عن ملوك وشخصيات كانوا في الظل، وينتظرون اللحظة المناسبة لاستعادة سلطتهم، والملك، الرجل الحكيم الذي بلغ من العمر عتيًا، يعيش في حالة من العزلة مع ابنته رُجى وابن أخيه آتيس، بينما يحكم المدينة التاجر الخبيث وابنه إريس، في ظل سيطرة «الشجريون».

وأحد الأسئلة المحورية التي تطرحها المسرحية هو كيف يمكن لملكٍ أن يستعيد سلطته بعد أن تآكلت مع مرور الزمن؟ والجواب يتجلى من خلال الحوارات الحادة التي تكشف عن تعقيدات المشاعر الإنسانية والخيانة التي تربط الشخصيات، بدءًا من شخصية «الملك»، التي جسدها الفنان سليم العمري، والذي يتميز بالحكمة التي اكتسبها مع مرور الزمن، لكنه يعيش حالة من الإرهاق النفسي والجسدي نتيجة خسارة السلطة، ورغم كبر سنه، يظل الملك مقتنعًا بأن العودة إلى العرش ممكنة، ولكن ليس بالقوة فقط، بل بالحكمة والصبر، كما إنها شخصية مأساوية تكافح ضد الزمن، وكثيرًا ما تكون كلماته مليئة بالتشاؤم، تعكسها حالته الصحية المتدهورة وافتقاده القدرة على اتخاذ قرارات سريعة.

أما شخصية «رُجى»، التي أدتها الفنانة سهام البلوشية، تمثل العنصر العاطفي في المسرحية، فهي جميلة، ولكنها حزينة، تعيش في عزلة مع والدها، وترى أن العودة إلى العرش ليست مجرد حلم بل مسألة وقت، وتحمل رُجى ثقل الإرث الملكي، ولكنها في الوقت ذاته تتوق إلى التحرر من القيود التي فرضتها عليها العائلة والصراع المستمر، وتمثل الشخصية التي تحاول الحفاظ على التوازن بين الماضي والمستقبل، وتعد الرمز الأهم لاستمرارية السلالة الملكية.

و«آتيس»، ابن أخ الملك، الذي جسد دوره الفنان محمد الشكيلي، هو شاب متمرد وقوي، مليء بالحماسة والرغبة في التغيير، وتمثل شخصيته الأمل للشخصيات الأخرى، ولكنه في الوقت ذاته متهور في قراراته ويرفض الاستسلام للوضع الراهن، ويرى أن الوقت قد حان للتحرك واستعادة الملك المفقود، ولكنه يتعثر بين الولاء لعمه الملك ورغبته في اتخاذ خطوات جريئة بنفسه، وإنه شخصية تنظر دائمًا إلى الأمام، لكنها محاصرة بحذر من هم حوله.

أما «إريس»، الذي جسّد دوره الفنان يحيى الحراصي، هو ابن التاجر والشخصية التي تتحرك بين الخوف والطموح، وبصفته ابن التاجر يواجه إريس ضغوطًا كبيرة ليكون جزءًا من المؤامرات التي تُحاك ضد العائلة الملكية، ومع ذلك، وعلى الرغم من خلفيته، يظهر كشخصية مترددة، ممزقة بين ولائه لأبيه ورغبته في إثبات نفسه، ويمكن النظر إلى إريس كشخصية تعيش في ظل الآخرين، لكنه في نهاية المطاف يتحول إلى عنصر رئيسي في الصراع.

وجسّد الفنان محمد العبري شخصية «التاجر» والذي يُمثل الانتهازي الكبير، والرجل الذي استغل الوضع السياسي الفوضوي ليصبح أحد أهم اللاعبين في الصراع، كما إنه ذكي وماكر ولا يخشى استخدام الأساليب القذرة لتحقيق أهدافه، وبالنسبة للتاجر، كل شيء يتعلق بالمكاسب والسلطة، ويرى في ابنه إريس وسيلة لتحقيق طموحاته، ورغم كل ذكائه ومكره، يظل التاجر أسيرًا لطموحاته.

وأخيرًا، «الشجريون»، وهم جوقة تمثل الجماعة الغامضة التي تجسّد القوة الخارجية المدمرة، وهذه القوة تأسر الملك وحاشيته في جدرانهم العاجية، وهم العدو الذي يتربص بالجميع، وليسوا مجرد قوة احتلال، بل يمثلون أيضًا الفساد والعنف الذي يقلب الموازين، ومن خلال وجودهم، تبرز المسرحية الصراع الأزلي بين الخير والشر، وبين السلطة والقوة الغاشمة.

مسرحية «شجريون» ليست فقط قصة عن الملوك والسلالات الحاكمة، بل هي رحلة إلى أعماق النفس البشرية، حيث تتصارع الرغبات الشخصية مع المصالح العامة، وتجعلنا نتساءل عن معنى السلطة والخيانة والولاء، وتترك المشاهد في حالة تأمُّل عميق حول ما يجري في كواليس السلطة.

وبعد العرض المسرحي، عُقدت الجلسة التعقيبية، حيث تناولتها الدكتورة زهراء المنصور من مملكة البحرين، والكاتب والمخرج جلال بن عبدالكريم اللواتي، وبإدارة المسرحي هلال الزيدي.

وقالت المنصور: «المسرحية تقليدية الطابع وتميل إلى الكلاسيكية من البداية إلى النهاية، كما تنازل المخرج عن المشهد الافتتاحي الذي يشرح أسباب الثورة وكيف سيطر الشجريون على الحكم»، وتحدثت عن الديكور قائلة: «كان ديكور العرض ثقيلًا، وكان بالإمكان الاكتفاء بقطع أبسط ذات وجهين أو مرآتين».

وفي ملاحظة لها، قالت: «رغم أن الموسيقى أُلِّفت خصيصًا للعرض، إلا أنني شعرت بأنها لم تتناسب مع العرض كما كنت أتوقع، وظللت أتساءل إن كان هناك خلل في الأداء أم أن الموسيقى كانت هكذا من البداية». وأضافت قائلة: «إحدى المعضلات التي واجهتنا في هذا العرض وغيره هي جمع الفنان لأكثر من دور في العمل، بينما كان من الممكن الاستعانة بآخرين لتوسيع فريق العمل».

بعدها، قدّم المخرج جلال اللواتي مداخلته، مشيرًا إلى أن تعدد أدوار المخرج جعل اللعبة المسرحية تبدو فردية بدلًا من جماعية، مع احتجاجه على استخدام اللغة العربية بشكل خاطئ في بعض المواضع، مما قدّم معاني مختلفة عما كان يُراد إيصاله، كما تساءل قائلًا: «لماذا لم تُخبرنا القصة من البداية؟ ما هي الأسباب التي أدت إلى الانقلاب؟ هذه التفاصيل غائبة تمامًا».

وفي ختام الجلسة، تحدث مخرج العمل مشيرًا إلى أن لكل عرض ظروفه الخاصة، مؤكدًا أنه سيأخذ جميع الملاحظات بعين الاعتبار، وأوضح أن النص قُدّم كمشروع مقرر في مادة الماجستير، وأنها تجربته الأولى مع الأسلوب الشكسبيري، مما وضعه في موقف صعب، وفي الختام، شكر جميع فريق العمل والحضور والمنظمين.

محرك حياة

وعلى خشبة مسرح الجمعيات، قدمت كلية الشرق الأوسط عرضها «محرك حياة»، أحد العروض الموازية للمهرجان،وجاء العمل من تأليف أسامة زايد، وإعداد وإخراج خالد الشويهي.

وتطرح مسرحية «محرك حياة» قضية معقدة بطريقة رمزية قوية، حيث تدور أحداثها داخل قبو في «البيت الكبير»، ويعمل الدكتور «رامز»، المهندس الكهربائي، على تطوير مشروع طاقة بديل، يعتمد هذا المشروع على توليد الكهرباء من خلال استخدام البشر لقيادة دراجة ثابتة، بديلًا عن المولدات التقليدية التي تتسبب في تلوث البيئة، وفي هذا السياق، يظهر «نافع»، الرجل الفقير الذي يضطر للعمل كـ«محرك حياة» نتيجة حاجته الماسة للمال.

وتسلّط القصّة الضوء على الصراع الطبقي الحاد بين الشخصيات؛ «رامز»، الذي يمثل الطبقة المتعلمة والمرموقة، وأصحاب «البيت الكبير» الذين يستغلون الفقراء مثل «نافع» لتحقيق مكاسب مادية تحت غطاء «الحفاظ على البيئة»، ويطرح النظام الذي يعتمد على البشر كبديل للطاقة الحيوانية والطبيعية، تساؤلات حول استغلال الإنسان في ظل التفاوت الاجتماعي والاقتصادي.

وتتأرجح شخصية «رامز» بين العلم والطموح واستسلامه لرغبات أصحاب «البيت الكبير»، مما يجعله هو الآخر ضحية للاستغلال، وإن كان في طبقة مختلفة، وفي المقابل، يرمز «نافع» إلى الفقر والإذلال، حيث يجد نفسه مضطرًا للتخلي عن كرامته من أجل البقاء، وهذا التباين بين الشخصيتين يجسد الفجوة العميقة بين الطبقات الاجتماعية، وكيف يتحول الاستغلال إلى وسيلة للبقاء في مجتمع يفتقر للعدالة.

وتتناول المسرحية بشكلٍ غير مباشرٍ قضايا حقوق الإنسان والحيوان واستدامة الموارد البيئية، ففي الحوارات يتحدث الدكتور «رامز» عن محاولات أصحاب «البيت الكبير» تجنب استغلال الحيوانات، بينما لا يترددون في استغلال البشر، وهذا التناقض يبرز النفاق في بعض الخطابات الأخلاقية التي تبرر استغلال الإنسان بحجة الحفاظ على البيئة.

وأدى أدوار العمل كل من زكريا الريامي بدور «رامز»، وعبدالملك اليعقوبي بدور «نافع»، إلى جانب محمد الأخزمي وحواء أولاد أحمد، ليقدموا رؤية فنية تتحدى التفكير التقليدي حول قضايا الاستغلال الاجتماعي والبيئي.

مقهى المسرح

وقدّمت الجمعية العُمانية للمسرح ضمن جلساتها «مقهى المسرح» مساء أمس الأول جلسة بعنوان «الممثل.. مسؤول في وجه الجمهور»، أدارها الإعلامي أحمد الكلباني، مستضيفًا كلًا من الفنان طالب بن محمد البلوشي، والفنان الكويتي عبدالله التركماني.

وافتتح الفنان طالب بن محمد البلوشي حديثه بالتأكيد على أن التمثيل مسؤولية كبيرة، ولا يمكن للممثل النجاح إذا لم يكن محبًا للفن بشكلٍ حقيقي، وأوضح أن الممثلين الذين يصلون إلى القمّة مروا بتحديات جسدية ونفسية صعبة، مشيرًا إلى أن البعض قد يمر بفشل، لكن النجاح يأتي لمن يصر ويواصل العمل، كما عبّر عن سعادته بالشباب الذين يشاركون في التمثيل، سواء في المسرح أو التلفزيون أو الإذاعة، حيث يظهرون شغفهم الكبير ويعملون بجد لتحقيق أحلامهم، مؤكدًا أن العمل بحب وإصرار يؤدي في النهاية إلى النجاح.

وشارك البلوشي تجربة شخصية في تصوير مشهد خطير في البحر، حيث كاد يغرق بسبب مشهد معقد يتطلب التحرك داخل المياه بسلسلة ثقيلة، موضحًا أن تجاوز تلك التجارب الصعبة لا يأتي إلا بالتعاون والعمل الجماعي.

من جانبه، تحدث الفنان عبدالله التركماني عن تجربته المسرحية، موضحًا أن التمثيل ليس مجرد تجسيد لدور، بل هو فعل إبداعي يقوم على الصدق والتفاعل المباشر مع الجمهور، وأكّد أن المعاناة الشخصية، سواء كانت نفسية أو جسدية، تضيف عمقًا للأداء وتجعل الممثل قادرًا على التعبير بواقعية على خشبة المسرح، وذكر تجربة صعبة واجهها عندما كان معلقًا بحبل على ارتفاع عالٍ لمدة 45 دقيقة أثناء تقديم عرض مسرحي، مما تطلب تحضيرًا بدنيًا ونفسيًا طويلًا، وأشار إلى أن هذا النوع من الأدوار يتطلب تدريبًا مستمرًا للحفاظ على اللياقة البدنية والذهنية.

وأكّد التركماني على أهمية الجمهور في العمل المسرحي، قائلًا إن الجمهور هو المحرك الرئيسي للأداء، وأن العرض المسرحي يفقد قوته إذا شعر الجمهور بعدم الصدق في الأداء.

المكياج المسرحي

وعُقدت صباح اليوم في مسرح الردهة بمركز عُمان للمؤتمرات والمعارض، ضمن أنشطة وفعاليات المهرجان، ورشة فنية بعنوان «أساسيات الميكياج المسرحي»، قدّمها خبير المكياج المسرحي والسينمائي الفنان إبراهيم الجساسي والفنانة عزيزة البلوشية، وتمحورت الورشة حول مفاهيم المكياج المسرحي وأساسياته، حيث تم التطرق إلى تقنيات متعددة مثل زراعة اللحية ومكياج الرعب، كما تناولت الورشة المكياج التلفزيوني المستخدم لتقديم المذيعين والضيوف، والفرق بينه وبين المكياج المسرحي والسينمائي.

كذلك، شمل النقاش كيفية استخدام المكياج لتجسيد الشخصيات في العروض المسرحية، مما أتاح للمشاركين فرصة التعرّف على تفاصيل دقيقة تتعلق بهذا الفن المتخصص، وتضمّنت الورشة تطبيقات عملية للمشاركين بهدف إكسابهم أساسيات العمل في هذا المجال.

أجندة الغد

وسيكون ضيوف المهرجان وزواره غداً على موعدٍ مع عددٍ من الفعاليات المصاحبة التي تنطلق بداية من الساعة العاشرة صباحًا، حيث ستقدم مديرية التربية والتعليم بمحافظة شمال الباطنة عرض الأطفال المسرحي «وادي الحكايات» في العاشرة صباحًا على مسرح الجمعيات، بعد ذلك ستعقد فرقة «الدن» مؤتمرًا صحفيًا في مسرح الردهة للحديث عن تاريخ الفرقة ومسيرتها الفنية في تمام الساعة الحادية عشرة.

وفي الخامسة عصرًا، ستقدم جامعة الرستاق عرضها المسرحي الموازي بعنوان «النصف الآخر من السماء» على مسرح الجمعيات، وفي الثامنة مساءً، سيكون الجمهور على موعدٍ مع العرض المرتقب لفرقة الدن المسرحية «تغريبة القافر».

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: البیت الکبیر الحفاظ على إلى أن

إقرأ أيضاً:

فنانون من كل العالم في كايروترونيكا 2025: أعمال فنية رقمية من 23 دولة تضيء قلب القاهرة

يفتح مهرجان كايروترونيكا 2025 أبوابه للعالم، الذي يعقد في الفترة من 21 الى 28 ابريل الجاري،  جامعًا مجموعة غير مسبوقة من الفنانين، والفرق الفنية، والمخرجين من مختلف القارات، في احتفال بنسخته الرابعة. وتحت عنوان "تجاوز الطبيعة"، تستكشف هذه الدورة العلاقة المعقدة بين التكنولوجيا والبيئة والوعي البشري، ليس كمفاهيم نظرية، بل كوقائع نعيشها في حاضرنا المضطرب، حيث يستمر تقديم الأعمال الفنية بمساحات بذا فاكتوري، الهنجر، و الجراج بوسط البلد بالقاهرة. 


تضم هذه النسخة أكثر من 40 عملًا فنيًا مبتكرًا من 22 دولة عبر خمس قارات، مقدّمة رؤى فنية متعددة حول مستقبل الطبيعة، والهوية، والتكنولوجيا، والذاكرة. تتنوع المشاركات بين تجارب تفاعلية، ومنصات واقع افتراضي، وأعمال مجسّمة، وسرديات بصرية تعكس انشغالات عالمية ومحلية في آن واحد.
من مصر، يشارك عاصم هنداوي بعمله "سيميا حيلة لمراوغة القدر، وهو يستعرض فيلم "سيميا" تقاطع النبوءة القديمة والذكاء الاصطناعي، كاشفًا كيف يشكّل التنبؤ أداة للسيطرة وبناء العوالم في زمن الحوسبة والطاقة.، كما يقدم الفنانان سامح الطويل ورانيا جعفر مشروعًا مشتركًا بعنوان "وطن"، يستكشف المشروع سيولة الذاكرة والمنفى الثقافي عبر رحلة خيالية لآثار منفية، كاشفًا بنيات المعرفة وتاريخها داخل البنى الرقمية المعاصرة.. ويُعرض "مونولوج من التاسع " لأبوالقاسم سلامة، هو فيلم تجريبي يستعرض المراقبة والمقاومة في عالم ما بعد الحداثة، من منظور متسكع يواجه الخوف والرقابة بتوثيق شخصي وتعبير بصري نقدي، إلى جانب العمل البصري المؤثر. "ماذا يدور في بالك حين تفكر فيّ؟" للفنان يوسف منسي، يستعرض العمل علاقة عاطفية عن بُعد، حيث تكشف الرسائل المتبادلة هشاشة وحنين الحبيبين في ظل المسافة، يعكس تفاعلهم الرقمي عزلة جسدية وروابط غير مألوفة تولدها التكنولوجيا.


من العالم العربي، يقدّم محمد الفرج من السعودية عملًا بصريًا شعريًا بعنوان "حرارة / في قلبي حرارة الشمس"، يوثّق العمل مشاهد من الأحساء بتقنية التصوير الحراري، مستعرضًا أثر الحرارة على الإنسان والطبيعة، ومتأمّلًا علاقتنا بالتكنولوجيا في عالم يزداد سخونة.بينما يعرض خالد بن عفيف من السعودية أيضًا تركيب فني بعنوان "أوافق"، يطرح العمل تساؤلات حول استسلامنا غير الواعي للمراقبة الرقمية، ويكشف زيف الشفافية في علاقتنا المتسارعة مع التكنولوجيا. ومن سوريا/كندا، تأتي جوى الخش بعمل "السماء السابعة" يُعيد إحياء آثار تدمر عبر بيئة رقمية وهولوجرامات، متأمّلًا في دور التكنولوجيا كأداة ترميم وسط دمار الحرب،. ومن تونس، يعرض هيثم زكرياء "أوبرا الحجر"، عمل فني يجمع بين الصوت والصورة والجغرافيا الشعرية، مستكشفًا حكايات وأساطير جبال الرديف في تونس عبر رواة محليين. أما الفنانة هيا الغانم من الكويت، فتقدّم عملًا بصريًا بعنوان "نوخذاوين طبّعوا مركب"، يستكشف العمل علاقة المجتمع الكويتي بالبحر عبر مزج الأرشيف المرئي بالمشهد المعاصر، ليُعيد سرد التاريخ بصيغة بصرية شاعرية.


من آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية، يشارك الفنان الياباني كاتسوكي نوغامي بعمله "ذاكرة الجسد"، وهو تجربة واقع افتراضي يستحضر ذاكرة الجسد عبر الحركة والتقنيات الرقمية، مستكشفًا الهوية والذكريات بين الحقيقي والمولّد بالذكاء الاصطناعي. ومن الهند، يقدم الثنائي براتيوش بوشكار وريا راجيني (المعروفة باسم باريا) العمل الصوتي "بوليفونات دلهي"، يقدّم العمل تجربة سمعية تستكشف النغمات الخفيّة في مدينة دلهي، كاشفًا تعددية أصواتها وموسيقى الهامش المنسية. ومن جنوب أفريقيا، يُعرض "دزاتا: معهد الوعي التكنولوجي"، وهو عمل تركيبي متعدد الوسائط من إنتاج مصنع لو-ديف السينمائي (فرانسوا نويتزه، إيمي لويز ويلسون) مع راسيل لونغواني يبتكر المشروع معهدًا وهميًا يوثّق الممارسات التكنولوجية الشعبية في أفريقيا، منبها أن العلم والابتكار جزء أصيل من تاريخ القارة.. أما من كولومبيا، فيأتي الفنان سانتياجو إسكوبار جاراميلو بعمله ليوثّق العمل مرونة المجتمعات الساحلية في مواجهة تهريب المخدرات والعنف، مستعرضًا تقاليدهم الغنية وتباينها مع تهديدات الواقع. يرصد المشروع التفاعلي صراع الصيادين بين الحفاظ على السلم والانجرار نحو عالم التهريب.


أما الأعمال التي تميّزت بتفاعلها المبتكر، فيأتي في مقدمتها مشروع "جمال الأوركيد" للفنان فولكان دينشر (النمسا/تركيا)، حيث تتحول زهرة الأوركيد إلى منحوتة حية تتصل بإنستغرام: كلما زاد التفاعل معها، زادت كمية المياه التي تتلقاها عبر نظام ذكي تلقائي. وتقدم الفنانة نوا يانزما من هولندا عملًا تفاعليًا بعنوان "باي كلاود"، و هو دعوة للتأمل في العدالة المناخية والنمو الاقتصادي. ومن إسبانيا والولايات المتحدة، تقدم باتريسيا إتشيفيريا ليراس تجربة واقع افتراضي بعنوان " تذكروا هذا المكان: ٣١°٢٠'٤٦'' شمالًا، ٣٤°٤٦'٤٦'' شرقا"، يُجسّد العمل نضال نساء فلسطينيات في حماية "المنزل الهش" رغم تهديدات الواقع. ويطرح الفنان السويسري مارك لي عملًا بعنوان "تطور تأملي"، يتخيل مستقبل الكائنات الحية في ظل تدخل التكنولوجيا. ويشارك فريق "أونيونلاب" من إسبانيا بعمل بصري بعنوان "الأثر"، أما الفنان التشيكي يستكشف العمل مستقبلًا ديستوبيًا تتواصل فيه البطاطس مع البشر عبر بيانات حيوية محوّلة إلى أصوات، في نقد للزراعة الصناعية وأثر الإنسان على الكوكب، يدعو العمل إلى تخيّل علاقات جديدة مع الطبيعة باستخدام التكنولوجيا بدلًا من تدميرها.

طباعة شارك مهرجان مارك فلسطينيات

مقالات مشابهة

  • علي الشامل: سعادتي بنجاح "فهد البطل" كبيرة وأحمد عبد العزيز مايسترو الصعيد
  • فنانون من كل العالم في كايروترونيكا 2025: أعمال فنية رقمية من 23 دولة تضيء قلب القاهرة
  • كايروترونيكا 2025.. أعمال فنية رقمية من 23 دولة تضيء قلب القاهرة
  • «المشاط»: معدلات التشغيل وتنمية مهارات الشباب أحد أكبر التحديات التي تواجه قارة أفريقيا
  • حزنت جدا للمصيبة التي حلت بمتحف السودان القومي بسبب النهب الذي تعرض له بواسطة عصابات الدعم السريع
  • هاني رمزي: «لام شمسية» من أعظم الأعمال الدرامية التي قدمت على مدار التاريخ
  • احذر.. رسائل احتيالية تهدد باختراق «Gmail»
  • في ذكرى رحيله.. محمود مرسي "عتريس" الذي خجل أمام الكاميرا وكتب نعيه بيده
  • «بين السينما والدراما».. محمد عبد الرحمن يعيش حالة نشاط فني
  • وفاة الفنان والمخرج المسرحي عبد المنعم عيسى