نفزع بآمالنا إلى الكذب لقد وصلنا مرحلة إغلاق الأجهزة حتى لا نتثبت من خبر صحيح. لم يولد الطوفان فينا قوة تكفي لنوسعه خارج غزة. مقعد المتفرج مريح والدعاء على السجادة يسقط عنا الواجب الأصلي. حقيقة بقاء غزة وحدها تقترب. سنغلق الأجهزة ونتدبر أدعية جديدة وننغمس في الخبز الذليل. ألم نكبر بما يكفي لنقدر قيمة الحرية وندافع عنها؟
نعيد ترتيب كراساتنا الفكرية حول روح الشعب وطبيعة النخب يمكننا ممارسة جيمناستيك فكري بكلمات كبيرة مبهرة.
انتظرنا أن نكتب هذه الورقة حتى ينظر في تعديل القانون الانتخابي في تونس. وكنا نقول لن تصل قلة الحياء والوقاحة إلى هذا الحد من العبث. لقد وصلت وصحت الظنون التي كنا نؤجل تصديقها.(تكتيك إغلاق الأجهزة للهروب من الخبر).
أجهضت انتخابات تونس قبل خوضها واتضحت النتيجة ولن نجازف بتوقعات حول ما يليها فالحرية ليست قيمة مشتركة عند التونسيين. بعض التفصيل قد يفيد قارئا عابرا.
فضيحة قانونية وعار أبدي
كان التحكيم في النزاعات الانتخابية منذ الاستقلال يتم من قبل المحكمة الإدارية ولأنه لم تكن هناك نزاعات انتخابية في زمن الرئيس الملك والبرلمان ذي اللون الواحد فإن المسألة كانت مجهولة عند الجمهور الواسع المشغول بالخبز. بعد الثورة تعلمنا اختصاصات المحاكم وفهمنا الفرق بين نزاع عدلي ونزاع انتخابي حتى صار هذا النقاش يجري في مقاهي العامة حول طاولات لعب الورق. بركات الثورة.
نعرف يقينا والمنقلب يعرف أكثر منا أن النخب الصاخبة في الافتراضي ليس لها جمهور تحركه. حوانيت صغيرة في العاصمة تجلس في مكاتب مرفهة أو صالونات تتجادل في شكل البيضة أغلبها لا يزال يفرك يديه سعيدا بتفكيك الحزب الوحيد الذي له جمهور يمكن تحريكه.لم يغير الانقلاب خريطة التقاضي حتى وقفت المحكمة الإدارية ضد الهيئة الانتخابية وأسقطت قراراتها المتعلقة بإقصاء مرشحين. عدد من القضاة واجهوا الضغوط وتمسكوا بضمائرهم. لم يرق ذلك للمنقلب وهيئته. فقدم إلى برلمانه تعديلا يحيل بمقتضاه التحكيم في النزاع الانتخابي إلى القضاء العدلي. وقد تم تمرير التعديل بشبه إجماع (102 ضد 14). انتبهنا إلى فقرة جديدة في الدرس القانوني. لا يمكن تعديل القانون الانتخابي في سنة الانتخابات وتفطنا إلى هذا النص كوني استوردناه من قوانين الغرب الثابتة. لا ضير فكل شكل الدولة وتراتيبها مستوردة كانت لنا في مجتمعاتنا الريفية شيء يشبه هذا الاتفاق النبيل (الاتفاق يكون في الحرث وليس في الحصاد).
لا ثقافتنا وأخلاقنا البدوية صمدت ولا القوانين الوضعية المنسوخة. نحن نواجه حالة من العبث بالقانون بواسطة مؤسسات الدولة الشكلية نفسها. لفائدة شخص علمنا احترام القانون قبل أن يتحول إلى أكبر عابث به فنحن اضطررننا إلى إجراء مقارنات مع بن علي نفسه. كان مستوليا اغتصب بلدا وشعبا لكنه أبقى على احترام الأشكال. أما هذا فسرطان فاش.
رفض نتيجة الصندوق قبل فتحه
إحالة النظر إلى القضاء العدلي دون الإداري مكشوفة غايتها. لم يعد يمكن إلغاء الانتخابات لكن وجب ضمان نتيجتها للمنقلب على القانون والقضاء والمنطق.
يذهب الناس للتصويت للشخص الأخير الذي يعد باحترام المؤسسات والقانون. ومهما كان العدد الذي سيصوت له سيطعن فيها بذريعة تمت تهيئتها/ تسبقتها أمام أعين الناخبين هذا المرشح مسجون بتهم تزييف تزكيات بما يجعل فوزه باطلا. ويقوم القضاء العدلي الذي نظفه المنقلب من كل احتمالات الرفض بإلغاء أصوات الفائز وبطلانها فيكون المنقلب فائزا بقوة القضاء. الجميع الآن يقول ذلك ويراه عاريا ويتذكر رواية ماركيز عن قصة موت معلن. لقد تمسك الجميع ببصيص الأمل أن يرفض البرلمان التعديل ولكن كان ذلك أقرب إلى الدعاء بنصر غزة من فوق السجادة دون النزول إلى محاصرة سفارات العدو في الأقطار. أمل الكسالى العاجزين بل أمل الخانعين الكافرين بالحرية الهاربين من دفع أثمانها.
هل يجرؤ على فعل ذلك؟ هذه من جنس السؤال هل يعدل القانون الانتخابي في سنة الانتخابات. لقد فعل وسيفعل بلا حياء لماذا كل هذه القوة ضد المؤسسات؟ بسيطة أنه هو أو من يدفعه يفهم حقيقة الشارع ويستهين بها. هذه الشارع لا يخيف وبه عاهات أصلية كانت السبب الأصلي في الانقلاب لذلك يمضى قدما وقد يكون يضحك في خلوته ساخرا من الجعجعة في الافتراضي.
ثم ماذا بعد العبث؟
معجزة أو لا شيء ونرجح اللاشيء وقد تجرأنا مرات على فتح الأجهزة لتلقي الخبر المزعج. المعجزة هي اتفاق كل فرقاء السياسة المعارضين في الافتراضي للانقلاب والتصويت بكثافة كاسحة للسيد الزمال المرشح السجين مع يقين مسبق بإلغاء نتيجة الصندوق بالقضاء بما يحول إجماع التصويت إلى إجماع للدفاع عن النتيجة خارج القضاء وليس خارج القضاء إلا الشارع.
نفتح الأجهزة ونتلقى الخبر الميتاستاز. هذا الشارع لا يتفق أبدا. نعرف يقينا والمنقلب يعرف أكثر منا أن النخب الصاخبة في الافتراضي ليس لها جمهور تحركه. حوانيت صغيرة في العاصمة تجلس في مكاتب مرفهة أو صالونات تتجادل في شكل البيضة أغلبها لا يزال يفرك يديه سعيدا بتفكيك الحزب الوحيد الذي له جمهور يمكن تحريكه.
تقول الزعامات القائمة على حوانيت لقد تخلصنا من حزب النهضة وفككناه. في الأخير هذا الانقلاب ليس شرا كله. يقول بعض المراجعين ربما احتجنا جمهور النهضة الآن فنحن لا نملأ الشارع والشعب الكريم لا يسير وراءنا. فيكون الرد إذا اعتمدنا عليهم الآن سيفتكون الحكم لاحقا. سيكون ذلك إعادة إحياء ما أمتنا فكيف نقبل وقد تحررنا منهم؟.تقول الزعامات القائمة على حوانيت لقد تخلصنا من حزب النهضة وفككناه. في الأخير هذا الانقلاب ليس شرا كله. يقول بعض المراجعين ربما احتجنا جمهور النهضة الآن فنحن لا نملأ الشارع والشعب الكريم لا يسير وراءنا. فيكون الرد إذا اعتمدنا عليهم الآن سيفتكون الحكم لاحقا. سيكون ذلك إعادة إحياء ما أمتنا فكيف نقبل وقد تحررنا منهم؟.
المنقلب ومن معه ليسوا بعيدين عن هذه النقاشات لذلك يبنون عليها. التظاهر في الشارع بحجم ما رأينا محتمل ويمكن السماح له حتى بالتحرش بالأمن فالوضع تحت السيطرة بل يقدم صورة جميلة عن وضع ديمقراطي.
ما العمل يا عمي لينين؟
لا شيء يا شعبا قرأ كل كتب الثورات ولم يؤمن بالحرية. مفتاح كل الأبواب هنا. في درجة الإيمان بالحرية إيمانا يحفز على دفع أثمانها. لقد عشنا وشفنا بعض الشعب التونسي يتظاهر في الأحياء الراقية من أجل حماية حق الكلاب السائبة في الحياة ويفرض حمايتها من القتل لحفظ الصحة العامة لكنه يضحك شامتا في إسلامي سجن وتشرد أبناؤه وتحطمت أسرته. ومازلت تطالعنا دعوات للقتل والسحل والتشريد. وبعض الذين نزلوا الشارع منذ أسبوع كانوا يتقززون من ظهور بعض الإسلاميين معهم في المظاهرة ويتحرشون بهم.
لنجهز منذ الآن ومن أجل الخصوبة الافتراضية تلك الجمل الكبيرة عن تغيير هيئة الدولة والعبث بالقانون ونندد ونشجب ونستنكر ونشرب قهوتنا ونقول في أفضل حالات التفاؤل لتونس رب يحميها. سنناضل بالقانون فالشارع قد يعيد لنا (الخوانجية) وهذا خط أحمر. ستقاتل غزة وحدها فالجميع من حولها يعقد صفقات.لنفتح الأجهزة ونتحمل صدمة الحقيقة سرطان الكفر بالحرية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه تونس انتخابات السياسة تونس انتخابات سياسة رأي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الافتراضی
إقرأ أيضاً:
"الخبر" تستضيف خبراء لحماية الأطفال من العنف.. الأحد
بحضور نخبة من الخبراء والمسؤولين، تستعد مدينة الخبر لاستضافة“ المؤتمر الإقليمي الثامن لحماية الطفل من سوء المعاملة والإهمال” في أحد الفنادق يوم الأحد المقبل، ويستمر على مدى ثلاثة أيام.
ويهدف المؤتمر الذي ينظمه مركز جونز هوبكنز أرامكو الطبي إلى مناقشة أحدث الاستراتيجيات وآليات العمل المشتركة للحد من العنف ضد الأطفال وتعزيز سلامتهم في البيئات المختلفة.
أخبار متعلقة 40 دارسًا يختتمون الدراسة المتقدمة للشارة الخشبية بالأحساءحفر الباطن.. نتائج أشواط اليوم الثاني من منافسات كأس نادي الصقوروسيشهد المؤتمر كلمات افتتاحية لعدد من الشخصيات البارزة، من بينهم الدكتورة حنان الشيخ، رئيسة اللجنة التنظيمية والعلمية للمؤتمر ورئيسة قسم صحة المرأة والطفل في مركز جونز هوبكنز أرامكو الطبي، حيث ستناقش بحثًا علميًا بعنوان "لماذا نحن هنا؟ " وستتناول العنف ضد الأطفال من منظور عام.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } "الخبر" تستضيف خبراء لحماية الأطفال من العنف.. الأحدحماية الطفلكما ستلقي الدكتورة مها المنيف كلمة بعنوان "صدى الطفولة: كيف تؤثر تجارب الطفولة المبكرة على صحة البالغين"، بالإضافة إلى مداخلة من السيد ساجي توماس حول النهج المتكامل لتعزيز نظام حماية الطفل من منظور اليونيسف. كما سيتضمن المؤتمر ورش عمل وجلسات حوارية بمشاركة نخبة من الأخصائيين الاجتماعيين، والأطباء، وممثلي المنظمات الإنسانية.
ويضم برنامج المؤتمر العديد من المحاور التي تركز على حماية الطفل، منها إدارة الأزمات وخطط السلامة، ودعم الطفل والأسرة بعد التعامل مع الحالات، ودور الجهات الحكومية والمجتمعية في دعم قضايا حماية الطفل. كما ستعرض نماذج شراكات جديدة تتيح للمجتمع المدني المشاركة في حماية الأطفال من الاعتداء.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } "الخبر" تستضيف خبراء لحماية الأطفال من العنف.. الأحد
وتتناول الجلسات وورش العمل في المؤتمر مواضيع متخصصة مثل الصحة النفسية للأطفال الناجين من الاعتداء، واستراتيجيات الرعاية المبنية على فهم الصدمات، وأساليب التقييم والتوثيق الطبي لحالات الاعتداء. بالإضافة إلى ذلك، ستُعقد جلسات تدريبية حول كيفية التعامل مع الأطفال المعتدى عليهم وتقديم الرعاية المناسبة لهم، وورش خاصة للأطباء حول التقييم الطبي لحالات الاعتداء.
ومن المتوقع أن يسهم المؤتمر في تعزيز الوعي بقضايا حماية الطفل وتقديم حلول فعّالة للتعامل مع مختلف أنواع الإساءة، وذلك من خلال تبادل الخبرات وأفضل الممارسات بين المشاركين، مما يساهم في بناء مستقبل آمن للأطفال وضمان حقوقهم.