يصادف، السبت، الثامن والعشرين من أيلول/ سبتمبر، الذكرى الـ24 لاندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية "انتفاضة الأقصى"، التي استشهد خلالها ما يقرب من 4500 فلسطيني، وأصيب أكثر من 50 ألفا، بحسب تقرير لوكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا".

كانت الشرارة التي أطلقت الانتفاضة، هي زيارة زعيم المعارضة في حكومة الاحتلال آنذاك أرئيل شارون إلى باحات المسجد الأقصى المبارك، مدعوما بحراسة مشددة لم تشهدها القدس المحتلة من قبل، حيث رافقه نحو ثلاثة آلاف من شرطة الاحتلال والمخابرات والحرس، لتندلع مواجهات عنيفة بين مئات المواطنين الذين هبوا لطرد شارون وقواته، قبل أن تمتد لكامل فلسطين، وتصبح في ساعات قليلة "الانتفاضة الثانية".



اندلعت الانتفاضة بعد شهرين من المفاوضات الفاشلة التي عقدت في منتجع "كامب ديفيد" بدعوة من الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون، ومشاركة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، ورئيس وزراء الاحتلال الأسبق إيهود باراك، في تموز/ يوليو من العام 2000.


وشهد عصر الخميس 28 أيلول/ أيلول 2000 مواجهات بين مصلين وشبان غاضبين وشرطة الاحتلال وحرس حدوده وقواته الخاصة، التي اقتحمت باحات الأقصى، لتأمين تدنيسه من قبل زعيم حزب الليكود المتطرف أرئيل شارون، وعدد من أعضاء حزبه اليمينيين، فكانت تلك الساعات الشرارة الأولى لانطلاق الانتفاضة الثانية، والتي عُرفت فيما بعد باسم "انتفاضة الأقصى".

أصيب في أحداث اليوم الأول 20 شابا بجروح مختلفة، وشهد اليوم الثاني مواجهات أكثر عنفا بعد انتهاء صلاة الظهر، أسفرت عن استشهاد ستة شبان و300 جريح.

السبت، 30 أيلول/ سبتمر، وهو اليوم الثالث للأحداث، عم إضراب شامل وحداد عام، واتسعت رقعة المواجهات لتشمل كافة المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، ما أسفر عن استشهاد 13 فلسطينيا واصابة 623، وكان من بين الشهداء الطفل محمد جمال الدرة بعد أن حاصرته النيران الإسرائيلية بين يدي أبيه، وأمام كاميرات التلفاز، فهزت صورته ضمائر البشر في كل أرجاء المعمورة، وصار بذلك رمزا للانتفاضة الفلسطينية في كل مكان.

وفي اليوم التالي، الأحد، الأول من تشرين الأول/ أكتوبر، استشهد عشرة فلسطينيين وأصيب 227 آخرين، واستخدم الاحتلال في تلك المواجهات المروحيات وصواريخ "اللاو".

وخرجت أولى المظاهرات المساندة للشعب الفلسطيني في تصديه لقوات الاحتلال، ورفضه المساس بمقدساته الإسلامية، فكانت مظاهرة مخيم عين الحلوة، تلاها مظاهرة حاشدة في مخيم اليرموك القريب من دمشق، لتمتد لاحقا إلى معظم العواصم والمدن العربية والإسلامية والغربية، حيث شهد بعضها مسيرات مليونية، وبدأت حملات تبرعات ضخمة عبر شاشات التلفزة العربية، حيث تم تخصيص أيام مفتوحة للتبرع لصالح الانتفاضة، وخرج عشرات الجرحى للعلاج في المستشفيات العربية.

وفي ذات اليوم الأول امتدت المواجهات إلى داخل أراضي عام 1948، إذ نفذ الفلسطينيون هناك إضرابا شاملا وقاموا بالاحتجاج والاشتباك مع وحدات الشرطة الإسرائيلية التي اعتقلت 18 من المشاركين، وقتلت عمر أحمد جبارين (21 عاما) قرب أم الفحم، ليكون شهيد الانتفاضة الأول من أراضي الـ48، وأصابت سبعة متظاهرين بالرصاص الحي، وثلاثة وخمسين بالطلقات المطاطية.

وبعدها بعدة أيام، أستشهد 13 مواطنا من داخل أراضي عام 48 خلال مواجهات مع الشرطة الإسرائيلية في عدد من البلدات والمدن الفلسطينية، في أوسع مشاركة للفلسطينيين بالداخل في التصدي للاحتلال.

وفي اليوم الخامس للانتفاضة، استشهد ثمانية فلسطينيين في مواجهات في الداخل، وفي يوم الثلاثاء، سادس أيام الانتفاضة، استشهد 9 فلسطينيين في الضفة، وغزة، وكفر مندا.

في الثاني عشر من تشرين أول/ أكتوبر، قتل جنديان إسرائيليان بعد أن دخلا بطريق الخطأ إلى مدينة رام الله، بأيدي الشبان الغاضبين، وردت "إسرائيل" بشن هجمات صاروخية بالطائرات العمودية على بعض مقار السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة.

في الخامس عشر من تشرين الأول/ أكتوبر، وبحلول اليوم الثامن عشر للانتفاضة استشهد الشاب رائد حمودة متأثرا بجروحه، مسجلا الرقم 100 في سجل شهداء الانتفاضة.

وفي السابع عشر من تشرين أول/ أكتوبر، تم الاتفاق على وقف إطلاق النار وسحب القوات الإسرائيلية، ولكن استشهاد تسعة مواطنين وإصابة أكثر من مائة آخرين في مواجهات عنيفة في الحادي والعشرين من أكتوبر/ تشرين أول جدّد المواجهات، التي ازدادت وتيرتها كما ونوعا.

الاحتلال من ناحيته صعد المواجهة، فاغتالت طائراته الناشط البارز في حركة "فتح" حسين عبيات، وذلك بتاريخ التاسع من تشرين الثاني/ نوفمبر، بعد قصف سيارته بالصواريخ في مدينة بيت لحم، لتكون البداية في سلسلة اغتيالات الاحتلال للنشطاء الميدانيين وقادة الفصائل والعمل الوطني، حيث كان أمين سر حركة فتح في مدينة طولكرم ثابت ثابت، الهدف الثاني للاغتيال بعد عبيات.

لاحقا ازدادت وتيرة اغتيالات الاحتلال، وشملت معظم الفصائل الفلسطينية وقادتها، وأبرزهم: اغتيال الزعيم الروحي لحركة حماس أحمد ياسين، وخلفه عبد العزيز الرنتيسي، إضافة إلى اغتيال الأمين العام للجبهة الشعبية أبو علي مصطفى، ومئات النشطاء البارزين من مختلف التنظيمات.

يذكر أنه في 18 أيار/ مايو 2001، دخلت طائرات الـ(اف 16) المقاتلة معترك الانتفاضة، وقصفت مقرات للشرطة الفلسطينية في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، ما أسفر عن استشهاد عشرة مواطنين.

ولعل من أبرز أحداث الانتفاضة اجتياح العام 2002، التي أطلق عليه جيش الاحتلال عملية "السور الواقي"، حيث بدأت دبابات الاحتلال بدخول مدينة رام الله في 29-3-2002، ومحاصرة مقر الراحل عرفات، وكنيسة المهد، وإبعاد المقاتلين الذين تحصنوا داخلها إلى غزة والأردن ودول أوروبية، وأعادت فيها "إسرائيل" اجتياح جميع مدن الضفة الغربية.


في ساعات فجر يوم الأحد 31/3/2002، جرى اجتياح مدينة قلقيلية، وفي اليوم التالي اجتيحت مدينة طولكرم، وفي الثاني من نيسان/ أبريل من العام ذاته اجتاحت قوات الاحتلال بيت لحم، فيما اجتاحت سلفيت وجنين ونابلس في اليوم الذي يليه، وارتكب الاحتلال خلال الاجتياحات العديد من المجازر بحق المدنيين، أبرزها: مجزرة مخيم جنين، الذي صمد لأكثر من أسبوعين في وجه آلة القتل والخراب الإسرائيلية، ودمر الاحتلال البنى التحتية وقطع أوصال المدن والمناطق الجغرافية بالحواجز والسواتر الترابية، التي زاد عددها عن 600 حاجز، ووصلت أعداد الشهداء إلى المئات والجرحى إلى الآلاف، ودمرت مئات المنازل والمنشآت والمركبات.

وكان من أشد نتائجها خرابا، بناء جدار الفصل والتوسع العنصري، الذي يبلغ طوله 728 كم، ويلتهم 23% من أراضي الضفة الغربية، خاصة في مناطق جنين وقلقيلية وسلفيت والقدس المحتلة، ويفصل 36 قرية "72000" مواطن عن أراضيهم الزراعية، ويقسم الضفة الغربية الى كنتونات منفصلة، وضم 11 قرية فلسطينية "26 ألف نسمة" الى أراضي الـ48، إضافة إلى حرمان الفلسطينيين من 50 بئر مياه جوفي، توفر 7 ملايين متر مكعب من المياه، تقع ضمن الأراضي التي تم الاستيلاء عليها.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية سياسة عربية الفلسطينية انتفاضة الأقصى الاحتلال شارون فلسطين الاحتلال شارون انتفاضة الأقصى المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الضفة الغربیة من تشرین فی الیوم

إقرأ أيضاً:

كيف خطط نتنياهو لتحقيق وصية شارون في الجولان المحتل؟

واستغلت إسرائيل سقوط نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد وفرحة السوريين بذلك فجر 8 ديسمبر/كانون الأول الجاري، فتوغلت تحت جنح الظلام داخل مرتفعات الجولان السوري المحتل.

وتناول برنامج "المرصد" في حلقته بتاريخ (2024/12/23) أبعاد التوغل الإسرائيلي في الجولان السوري المحتل وتدمير القدرات العسكرية الإستراتيجية السورية وأهدافها البعيدة وتداعياتها المنتظرة والمواقف الدولية الرافضة لها.

ولا يمكن توقع ما ستقدم عليه إسرائيل في الفترة المقبلة لتغيير الخرائط والجغرافيا على أرض الواقع، خاصة أن رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو يظل الأكثر تعلقا بفكرة تمدد إسرائيل، ولا يكاد يفوت فرصة لعرضها والتلويح بها تحت ذرائع شتى.

وبث برنامج المرصد تقريرا موسعا رصد فيه التحركات الإسرائيلية بدءا من اجتماع طارئ عقد قبل أيام قليلة من سقوط الأسد، وضم نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس ورئيس الأركان هرتسي هاليفي وقيادة المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي.

ووفق التقرير، فإن نتنياهو ينفذ وصية رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون بعدم إعادة الجولان إلى سوريا، ويستعجل الأسابيع المتبقية لدخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في 20 يناير/كانون الثاني 2025.

إعلان

ووقّع ترامب في ولايته الرئاسية الأولى مرسوما رئاسيا عام 2019 اعترف فيه بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان، في حين أطلقت إسرائيل اسم "مرتفعات ترامب" على إحدى مستوطنات الجولان المحتل، وأقامت نصبا تذكاريا له تكريما لدوره التاريخي في توسعة حدود إسرائيل.

وكان نتنياهو قد أعلن بعد ساعات من سقوط الأسد انهيار اتفاقية فض الاشتباك التي وقّعت مع الجيش السوري في عام 1974، زاعما أن القوات الإسرائيلية ستبقى مؤقتا في المناطق التي توغلت فيها.

تحركات إسرائيل في سوريا

واستعرض التقرير التحركات الإسرائيلية داخل الأراضي السورية، إذ توغلت الدبابات الإسرائيلية داخل المنطقة العازلة في مرتفعات الجولان، وأطلقت طائراتها لتدمير القدرات العسكرية السورية.

وفي 17 ديسمبر/كانون الأول الجاري أعلن نتنياهو من فوق جبل الشيخ السوري -الذي احتلته القوات الإسرائيلية- البقاء فيه إلى حين التوصل إلى ترتيب مختلف.

وكانت إحدى الوحدات العسكرية الإسرائيلية نفذت في عملية خاطفة إنزالا جويا فوق قمة جبل الشيخ الواقع على حدود لبنان وسوريا وفلسطين.

وضمنت إسرائيل باحتلالها جبل الشيخ السيطرة على أعلى قمة مراقبة إستراتيجية مطلة على كامل الحدود من حولها، بالتوازي مع توغل وحدات عسكرية متخصصة داخل البلدات السورية الحدودية.

ولم تتوقف التحركات الإسرائيلية عند هذا الحد فحسب، بل نفذ الطيران الإسرائيلي أكبر عملية قصف جوي في تاريخه دمر خلالها كل القدرات العسكرية الإستراتيجية للجيش السوري، في عملية استباقية شاركت فيها القوات البحرية الإسرائيلية.

بدورها، قدّمت حكومة تصريف الأعمال السورية أول شكوى رسمية للأمم المتحدة ضد إسرائيل، وطالبت باتخاذ إجراءات عاجلة تجبر تل أبيب على وقف هجماتها ضد الأراضي السورية والانسحاب من المناطق التي توغلت فيها عند الحدود الجنوبية.

23/12/2024

مقالات مشابهة

  • الخارجية الفلسطينية تحذر من مخططات الاحتلال لتهويد المسجد الأقصى  
  • الرئاسة الفلسطينية: نحذر من المساس بالوضع التاريخي والقانوني للمسجد الأقصى
  • محدث: "فتح" والرئاسة الفلسطينية تُعلّقان على اقتحام بن غفير للمسجد الأقصى
  • الخارجية الفلسطينية: تصريحات بن غفير بشأن أدائه طقوسا تلمودية داخل المسجد "استفزاز للمسلمين"
  • «انتهاكا فاضحا لقدسيته».. الأوقاف الفلسطينية تستنكر اقتحام المتطرف بن غفير للمسجد الأقصى
  • قيادي في “انصار الله” يحذر “الانتقالي” من انتفاضة “إصلاحية” 
  • شهداء ومصابون في قصف إسرائيلي على مدينة رفح الفلسطينية
  • استشهاد الكاتبة الفلسطينية ولاء الإفرنجي وزوجها في قصف إسرائيلي على مخيم النصيرات
  • كيف خطط نتنياهو لتحقيق وصية شارون في الجولان المحتل؟
  • نتنياهو: لن نكشف عن تفاصيل المفاوضات والإجراءات التي نقوم بها