تشخيص الصناعة في السودان: ملخص لدراسة منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية
تاريخ النشر: 28th, September 2024 GMT
د. عبد المنعم مختار
استاذ جامعي متخصص في السياسات الصحية القائمة على الأدلة العلمية
تمت ترجمة هذا المقال بمساعدة فعالة من برنامج الذكاء الاصطناعي Chat GPT4.
أدناه ترجمة، مع إعادة ترتيب، للملخص التنفيذي لدراسة تشخيص الصناعة في السودان في العام 2021 والذي نشرته منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية في العام 2022.
الملخص التنفيذي: تحليل القطاع الصناعي في السودان
يهدف هذا التقرير إلى تقديم تحليل شامل لأداء القطاع الصناعي في السودان خلال السنوات الأخيرة. يركز بشكل خاص على الإمكانيات التنموية والعقبات التي تواجه الصناعة في البلاد ويقدم توصيات لمزيد من الإجراءات.
الوضع الحالي للصناعة:
القطاع الصناعي في السودان لا يزال في مرحلة "الطفولة" نسبيًا، حيث يساهم القطاع بأكثر من 30% من الناتج المحلي الإجمالي، مع هيمنة قطاع التعدين، وخاصة إنتاج الذهب، على هذه النسبة الكبيرة. إلا أن حصة التصنيع في هذا القطاع تبقى متواضعة للغاية، حيث استقرت عند 7% فقط من الناتج المحلي الإجمالي، مما يعكس أن النشاط الصناعي في السودان يتركز بشكل رئيسي حول الصناعات المعتمدة على الموارد الطبيعية، ولا يزال التحول نحو المزيد من الأنشطة التصنيعية المعقدة بطيئًا للغاية.
معظم النشاط التصنيعي لا يتعدى المرحلة الأولى من المعالجة الأساسية للموارد الطبيعية مثل الزراعة والتعدين، مع القليل من القيمة المضافة. ويمتاز السودان بسوق محلي كبير نسبيًا، حيث تركز غالبية الأنشطة الصناعية على تلبية احتياجات السوق المحلية. في المقابل، لا تزال نسبة صادرات المنتجات المصنعة إلى الخارج محدودة، حيث تمثل 4% فقط من الناتج المحلي الإجمالي.
في عام 2019، شكلت خمسة منتجات تصديرية رئيسية أكثر من 90% من إجمالي الصادرات، وهي منتجات تتعلق بشكل رئيسي بالذهب والمحاصيل الزراعية والنفط الخام. السوقان الرئيسيان اللذان يستوردان هذه المنتجات هما الإمارات العربية المتحدة والصين، اللذان استقبلا أكثر من 90% من صادرات السودان المصنعة.
التحديات والعقبات:
يعاني القطاع الصناعي في السودان من العديد من المعوقات البنيوية، والتي تشمل:
1. عدم الاستقرار الاقتصادي الكلي: التضخم المفرط والديون الكبيرة يقيدان من إمكانيات الاستثمار في التصنيع. كما أن السياسات النقدية غير المستقرة تؤثر بشكل كبير على الصناعة.
2. نقص البنية التحتية: يتضح هذا بشكل خاص في نقص إمدادات الكهرباء، حيث يواجه المصنعون مشاكل كبيرة في الحفاظ على طاقة مستدامة لتشغيل المصانع. كما أن شبكات النقل غير الكافية تعيق الحركة الفعالة للمواد الخام والمنتجات النهائية بين مناطق الإنتاج والأسواق.
3. نقص التمويل: يجد الكثير من المستثمرين الصناعيين صعوبة في الحصول على التمويل اللازم لبدء أو توسيع مشاريعهم.
4. الافتقار إلى الأطر التنظيمية: هناك نقص واضح في القوانين والسياسات الصناعية التي يمكن أن توفر بيئة مواتية للاستثمار الصناعي.
5. ضعف التكامل مع الأسواق العالمية: يعتمد السودان بشكل كبير على تصدير المواد الخام دون تحويلها إلى منتجات ذات قيمة مضافة. وتبلغ نسبة الصادرات المصنعة، كما تم ذكره، 4% فقط من إجمالي الناتج المحلي، وهو ما يوضح ضعف التكامل مع الأسواق العالمية مقارنة بالدول المجاورة أو المنافسة.
الفرص المتاحة:
يمتلك السودان العديد من الموارد الطبيعية الوفيرة التي يمكن أن توفر فرصًا كبيرة للتصنيع:
الزراعة: مع مساحات شاسعة من الأراضي الصالحة للزراعة وتوافر كميات كبيرة من المياه، يمكن أن يشهد السودان طفرة في الصناعات الغذائية الزراعية.
الثروة الحيوانية: السودان يمتلك ثاني أكبر قطيع ماشية في إفريقيا، مما يوفر فرصًا كبيرة في الصناعات المعتمدة على منتجات الألبان واللحوم.
المعادن: السودان غني بالذهب والمعادن الأخرى، لكن القيمة المضافة في هذا القطاع لا تزال محدودة.
الطاقة المتجددة أيضًا توفر فرصًا كبيرة للسودان في المستقبل. يمكن أن يسهم استثمار السودان في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في تطوير إنتاج نظيف وصديق للبيئة، مما يسهم في تحسين أداء القطاع الصناعي وتقليل الأثر البيئي.
التوصيات والسياسات المقترحة:
يتطلب تطوير القطاع الصناعي في السودان اتخاذ سلسلة من التدابير الهامة على مستوى السياسات العامة والقدرات المؤسسية:
1. استقرار الاقتصاد الكلي: لابد أن تركز الحكومة السودانية على تحقيق استقرار اقتصادي طويل الأمد. التضخم المفرط وارتفاع الديون لا يشجعان الاستثمار الصناعي. يتطلب استقرار الاقتصاد سياسات مالية ونقدية منضبطة لدعم النمو الصناعي.
2. حصاد الثمار السهلة: يمكن للسودان في المدى القريب أن يستغل الفرص المتاحة في الصناعات القائمة على الموارد الطبيعية مثل التصنيع الزراعي وإنتاج مواد البناء. هذه القطاعات تعتمد على الموارد المتاحة محليًا ويمكن أن تسهم في خلق فرص عمل وزيادة الصادرات.
3. التحول الهيكلي: يجب على السودان أن يركز في المدى البعيد على تطوير سلاسل قيمة متكاملة، بحيث يتم تحويل المواد الخام إلى منتجات نهائية ذات قيمة مضافة. هذا يتطلب استثمارات كبيرة في البنية التحتية وتطوير المهارات وتعزيز وصول المصنعين إلى التمويل.
4. الشراكات مع القطاع الخاص: التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص يعد حيويًا لنجاح السياسة الصناعية. يجب على الحكومة أن تسعى لتشجيع الاستثمارات الخاصة عبر تحسين الأطر التنظيمية وتقديم الحوافز اللازمة.
5. تعزيز القدرات المؤسسية: بناء قدرات الحكومة في صياغة وتنفيذ السياسات الصناعية يعد أمرًا ضروريًا. يفتقر السودان إلى إحصاءات صناعية موثوقة، مما يصعب من مراقبة وتحليل أداء القطاع الصناعي بشكل دقيق. يجب أن تعمل الحكومة على تحسين الإحصاءات الصناعية لتوفير بيانات قوية تساعد في اتخاذ القرارات السليمة.
الخلاصة:
يمتلك السودان فرصًا كبيرة لتطوير قطاعه الصناعي، إلا أن هناك العديد من التحديات التي تعوق تحقيق إمكاناته الكاملة. مع الاستثمارات الصحيحة والسياسات المناسبة، يمكن للسودان أن يشهد تحولًا صناعيًا كبيرًا يساهم في النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل. يتطلب هذا التحول استقرارًا اقتصاديًا، بنية تحتية قوية، سياسات تشجيعية، وتعزيز القدرات المؤسسية.
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الناتج المحلی فرص ا کبیرة استقرار ا یمکن أن
إقرأ أيضاً:
عن إجرام المجمع الصناعي العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط
لا يحتاج المرء إلى الكثير من الفطنة لكي يدرك بأنّ الولايات المتحدة تعيش على إذكاء الحروب في دول العالم، وخاصة في المنطقة العربية، وذلك من خلال دور المركّب الصناعي العسكري (Military – Industrial Complex) الذي يُعدّ مصدرًا أساسيًا لتمويل حروب الولايات المتحدة وحلفائها، وخاصة “إسرائيل”، باعتبارها الحليفة الأوثق في الشرق الأوسط منذ إنشائها في عام 1948.
إنّ عودة حرب الإبادة الجماعية التي تمارسها “إسرائيل” على غزّة والضفّة الغربية ما كانت لتكون وتستمر بهذه الوتيرة لولا الدعم الأمريكي المطلق لها، إذ لا يمكن فصل هذه الجرائم التي تقوم بها إزاء الشعب الفلسطيني عن دور المجمع الصناعي العسكري الأمريكي الذي يضطلع برفد الجيش “الإسرائيلي” بأحدث آلات القتل، وذلك من خلال شركات الأسلحة الأمريكية الشهيرة مثل: لوكهيد مارتن ورايثيون ونورثروب جرومان وجنرال دايناميكس وبوينغ … في الماضي، أثار الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور عند انتهاء ولايته في عام 1961، معضلة المجمع الصناعي العسكري وخطورته، حيث حذّر من هذا التحالف الذي يتكوّن من الكونغرس وشركات السلاح الرائدة ووزارة الدفاع الأمريكية. ووصف آنذاك الأمر بأنه تهديد للديمقراطية، فضلًا عن تأثيره المباشر في السياسة الخارجية الأمريكية.
يشكّل المُجمع الصناعي العسكري الأمريكي إلى جانب مجتمع الاستخبارات والبيروقراطية الاقتصادية ما يُسمّى بالدولة العميقة (Deep State) في الولايات المتحدة. وتُعرّف “الدولة العميقة” على أنّها مجموعة من الأفراد والمؤسسات التي تُعتبر ذات تأثير كبير في السياسات الأمريكية، ويُعتقد أنّ لديها نفوذًا كبيرًا في رسم السياسات الداخلية والخارجية، على الرغم من افتقارها إلى السلطة التشريعية الرسمية. وتشمل هذه المجموعة عناصر من الجيش، وأجهزة الاستخبارات، والبيروقراطية الحكومية، بالإضافة إلى قطاعات أخرى من المؤسسات التي يُعتقد بأنها تعمل في كثير من الأحيان بشكل مستقل عن الإرادة الشعبية أو الحكومة المنتخبة، وتهدف إلى الحفاظ على استمرارية الأوضاع التي تخدم مصالحها الخاصة. مع التأكيد على أنّ الدولة العميقة تستمدّ قوتها من أجهزة الأمن القومي والاستخبارات الأمريكية.
تشير الباحثة الأمريكية سارة لي ويتسن، إلى أنّ قطاع الصناعات العسكرية يعتمد على التأثير المباشر على المسؤولين الحكوميين، فعلى سبيل المثال تجاوزت التبرعات الانتخابية في عام 2020 عتبة الخمسين مليون دولار. وغالبًا ما يتم منح وظائف في هذا القطاع للمسؤولين الحكوميين والعسكريين، فبالنسبة إلى المسؤولين المدنيين، تُعدّ العديد من هذه الوظائف أدوات ضغط لصالح المؤسسات الدفاعية. أما المسؤولون العسكريون، فهم غالبًا ما يشغلون وظائف داخل المجمع الصناعي أو يعملون كمستشارين في البنتاغون وفروع الجيش، ويشاركون أيضًا في التفاوض وتنفيذ عقود المشتريات التي كانوا يمثلون فيها الحكومة الأمريكية سابقًا.
في انتخابات عام 2022، أنفق المجمع الصناعي العسكري ما يقارب 101 مليون دولار على جماعات الضغط، وساهم بأكثر من 18 مليون دولار في الحملات السياسية. معظم هذه الأموال كانت تذهب إلى السياسيين – سواء كانوا من الجمهوريين أو الديمقراطيين – الذين يشاركون في اللجان التي تحدد الانفاق الدفاعي السنوي. وعليه، يمكن للمقاولين توقع الحصول على حصة كبيرة من أي انفاق يخصصه الكونغرس والبنتاغون. وهذا إن دلّ على شيء، إنّما يدلُّ على مدى تغوّل وتأثير المركب الصناعي العسكري في تشكيل السياسة الخارجية الأمريكية.
على مدى عقود، اعتمدت استراتيجية الولايات المتحدة الدولية على إشعال الحروب في مختلف أنحاء العالم، وخاصة في الشرق الأوسط، نظرًا لأهميته الجيوسياسية في العقل الأمريكي. واليوم، تتركز الأنظار أكثر من أي وقت مضى على لبنان وسورية والعراق واليمن وإيران وفلسطين، وخاصة بعد أن أعطى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الضوء الأخضر لحكومة “إسرائيل” في استئناف الحرب ضدّ الفلسطينيين في الضفّة الغربية وغزّة من ناحية، وشن غارات شبه يومية على لبنان وسورية من ناحية أخرى. ففي الحرب الجارية، تسببت القوّة النارية الهائلة لجيش الاحتلال في مقتل آلاف المدنيين الفلسطينيين في غزّة وتدمير مدن كاملة، وذلك باستخدام أسلحة قدّمتها الولايات المتحدة. وتتولى الأخيرة في نفس الوقت مهمّة ردع اليمن عن مساندة غزّة والضفّة الغربية، على الرغم من أن عدوانها على اليمن لم يؤت أكله في عهد الإدارة السابقة، وعلى ما يبدو لن يحقق الأهداف المرجوة في ولاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فاليمن له خصوصية واستقلالية في محور المقاومة، إذ يتمتع بهامش مناورة وإمكانات تجعله مستمرًا في إسناد الشعب الفلسطيني حتّى وقف العدوان الإسرائيلي.
تُعدّ “إسرائيل” أكبر متلقٍ للمساعدات العسكرية الأمريكية، وقد تمّ ترجمة ذلك من خلال مذكرة تفاهم تمتد لعشر سنوات (2019 – 2028). فبحسب تفاصيل المذكرة، تقدم الولايات المتحدة سنويًا 3.3 مليار دولار كجزء من التمويل العسكري الخارجي، بالإضافة إلى 500 مليون دولار لبرامج التعاون في مجال الدفاع الصاروخي. والنقطة التي لا ينبغي إغفالها هو دور اللوبي الصهيوني وتأثيره في السياسات الأمريكية، كان من أبرز الذين أثاروا هذه المسألة هما المنظّران الأمريكيان جون ميرشايمر وستيفن والت، حين أشارا في كتابهما المعنون “اللوبي “الإسرائيلي” والسياسة الخارجية الأمريكية” (The Israel Lobby and U.S. Foreign Policy) إلى مدى قوة اللوبي “الإسرائيلي” مثل إيباك (AIPAC) في دفع الولايات المتحدة بما فيها من أكاديميين وموظفيين حكوميين وعسكريين ورجال أعمال ووسائل إعلام عالمية إلى تبني سردية ومقاربة “إسرائيلية” صرفة من أجل الحصول على كلّ أشكال الدعم الديبلوماسي والعسكري على حدّ سواء.
ولا شك في أنّ الدول العميقة بكلّ عناصرها في الولايات المتحدة تستلهم سياساتها الخارجية تجاه الدول الأخرى من المذاهب الواقعية، فالواقعيون (Realists) على اختلاف آرائهم لا يعترفون إلا بالقوّة كمحدّد محوري للبقاء والحفاظ على أمن ومصلحة الدولة. ولعلّ أكثر ما تتبنّاه السياسة الخارجية الأمريكية في هذا المضمار، هو رؤية الواقعية الهجومية (Offensive Realism) التي نظّر لها جون ميرشايمر، والتي تفترض أنّ الدول بطبيعتها تريد أن تحصل على ما أمكنها من القوّة للوصول إلى الهيمنة. وقد تجلّى ذلك من خلال الحروب العسكرية والاقتصادية والناعمة التي شنتها الولايات المتحدة على الدول التي لا تدور في فلكها، ولا أدلّ على ذلك من أمثلة، هو حروبها في فيتنام وأفغانستان والعراق…، وتمكين حليفتها “إسرائيل” من احتلال فلسطين وقضم الأراضي من دول الطوق. لذلك، لا يمكن فصل سياسات واشنطن في الماضي والحاضر عن المدرسة الفكرية التي اعتمدتها على مدى عقود، وهي مدرسة ترتكز على لغة القوّة والهيمنة، بل إن هذه المدرسة ترى لغة العدالة في النظام الدولي مناقضة لرؤيتها الفكرية ونهجها العملي. هذه النظرة الواقعية لا تسري فقط على خصوم وأعداء الولايات المتحدة، بل تمتد أيضًا لتشمل حلفاءها الأوروبيين التقليديين، وإن كان ذلك بدرجة أقل وبخطاب سياسي أكثر اعتدالًا.
في نهاية المطاف، يمكن القول إنّ المجمع الصناعي العسكري الأمريكي الذي يتمتع بأهمية كبيرة في دوائر صنع القرار، يعمل منذ عقود على تأجيج الحروب وخلق الفوضى في العالم، بهدف إنعاش الاقتصاد الأمريكي من جهة، وتقويض استقرار الدول للتمكّن من الهيمنة عليها من جهة أخرى. واليوم، نرى مفاعيله في غزّة والضفّة الغربية ولبنان واليمن وسورية والعراق. الموضوع هنا يتجاوز الوضع المأساوي في غزّة، حيث يسعى الأمريكيون و”الإسرائيليون” إلى تشكيل شرق أوسط خالٍ من أي مقاومة، وقائم على قهر إرادة الشعوب والسيطرة على المقدرات، تمهيدًا للتطبيع الجديد الذي يعطي “إسرائيل” جرعة إضافية تضمن استمرارية وجودها في منطقة معادية لها شعبيًا، وإن طبّعت بعض الأنظمة العربية معها، فالأغلبية الجماهيرية في الوطن العربي ينظرون إلى “إسرائيل” على أنّها كائن لقيط وظرفي، لن ينعم بالاستقرار على المدى القصير والطويل. ويأتي ذلك، على الرغم من أن القوى المناوئة للمشروع الأمريكي – “الإسرائيلي” تمرّ بمرحلة من الأفول، ولا نبالغ إذا قلنا بأنّ هذه القوى لا تقاتل “إسرائيل” فحسب، بل “الحضارة الغربية” المتوحشة التي خسرت سرديتها ومصداقيتها أمام شعوبها لناحية ادعائها الدفاع عن حقوق الإنسان وحق تقرير المصير (Self – determination)، وهذا ما انعكس في خروج مظاهرات جماهيرية من أعرق جامعات العالم تنديدًا بالجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني. ولعلّ الواقعيين الكلاسيكيين (Classical Realists) أصابوا حينما قالوا، إن القوى الكبرى هي عدو لنفسها بالدرجة الأولى، لأن الهيمنة التي يولدها النجاح، تدفع الفاعلين إلى النظر إلى أنفسهم ككيانات منفصلة عن مجتمعاتهم وأعلى منها، وهذا بدوره يؤدي إلى فقدان التوازن، مما يستدعي الحاجة إلى إعادة الأمور إلى نصابها وضبط النفس الجامحة.