موقع النيلين:
2025-03-12@14:54:57 GMT

العبادة في الجائحة: خفف الوطء يا مفرح

تاريخ النشر: 28th, September 2024 GMT

(أعود إلى كتاباتي طوال عمر الحكومة الانتقالية فينا لأرد قوى الحرية والتغيير عن غي كثير. فلا تجدهم في براثن محنتهم، ومحنة البلد، يأخذون أنفسهم بورع النفس اللوامة في تعريض تجربتهم في الحكم لنقد ذاتي قاس لا يترك حجراً في موضعه. وعوضاً عن ذلك يملصون هزيمتهم النكراء على الكيزان كأن الثورة، متى حدثت، مطهر يستأصل شأفة خصومها لا عراك الرجال المتنى.

وكنت شكوت من نفس هذه الصناجة من الإسلاميين طوال فترة الحكم الانتقالية لما رأيتهم صعروا خدهم واستغشوا ثيابهم دون أن يروا أن دمدمة الشعب عليهم حق. فليسا من وغادة في سيرتهم وغادة لا تعود إلى دس اليسار ومن لف لفه. وهذا الكِبر جيني في طبقة البرجوازية الصغيرة التي ينتمي إليها كلاهما.
وهذه كلمة أخذت فيها على نصر الدين مفرح، وزير الشؤون الدينية والأوقاف، استبداده بالرأي في إدارة الوزارة خلال جائحة الكورونا. وأساء).
السيد نصر الدين مفرح وزير الشؤون الدينية والأوقاف إنسان نبيل الخاطرة لا شك. ولكني أخذت عليه أسلوبه القيادي بالانفراد بالقرار، أو بإعلانه، في تدبير أمر هذه الوزارة الحساسة في منعطف الجائحة. وهو المنعطف الذي القى بظل ثقيل على العبادة كما لم يفعل من قبل. أخذت على السيد الوزير أنه أعلن عن بدء فريضة رمضان وحده. ثم أعلن عن إجراءات الحجر الصحي في دور العبادة وحده. ثم ها هو يعلن أمس الأول عن العودة المشروطة للحياة إلى هذه الدور وحده. وتساءلت عن أمرين: هل تداول الوزير مع أئمة المساجد ودور العبادة الأخرى حول الإجراءات التي انتهى إليها؟ هل خصبها بتغذية راجعة منهم بعد استماع جليل لهم؟ وهل خلت الوزارة من آلية لإعلان قراراتها من سوى الوزير؟
تشرق القيادة من أسفل لأعلى لا العكس. ويحب كل إمري أن يدلي بدلوه في اختصاصه. وأن يضع بصمته على مستخرج الاجتماع، أي أن يرى صورته فيه. ومتى احتكر القائد الكلمة وعطل مساهمة من هو قائم بأمرهم نفّرهم وأدوا ما عليهم من قرار الوزير بنفس طامة.
زادت أهمية إحسان القيادة بالاستصحاب في وزارة الشؤون الدينية والأوقاف خاصة. فلا أعرف إن كانت الدولة الحديثة قد أحسنت أبداً إلى طاقمها من الموظفين والدعاة والائمة والمؤذنين. ولا أعرف إن كانوا لقوا الجزاء المادي والمعنوي المستحق. فهم أهل وزارة معاد لا معاش كانت بذرتها عند مستعمر كافر لم يكن ليكترث لدين من ركبهم استعماراً لأن معاده ليس معادهم. وأنشأ الاستعمار ثنائية في التعليم جعلت يد كلية غردون هي العليا والمعهد العلمي، مدرسة أكثر طاقم وزارة الشؤون الدينية، هي السفلي. ولم يجدوا من الاستقلال النصفة إلا حين تحالفوا مع رؤساء أو نظم جنحت للطغيان. وعرضت لهذا في كتابي “الشريعة والحداثة” وبصورة أوفي في أصله بالإنجليزية.
وتزداد أهمية الشورى مع هيئة الوزارة لأن الأمر من أعلى قد يجري على الوظيفة المدنية في وزارة المالية مثلاً ولكنه يكاد يستحيل في الوظيفة الدينية. فقد تُرْهب موظف المالية بخطر العدوى من الجائحة فيتفهم الأمر. ولا ينطبق ذلك حرفياً على القائم على الوظيفة الدينية الذي يتعزى بالتوكل وإن لم يعقلها. والموت يقع عنده من أجل في كتاب محفوظ. ولهذا لقيت إجراءات إغلاق دور العبادة في أمريكا معارضة أخذت فيها الكنائس رجال الدولة للمحاكم.
وما أعرف منظراً شهقت له مثل مرابطة مؤمنين كباريين في يوم كنسي مشهود خارج الكنيسة المغلقة التي اقتصر القداس فيها عل القساوسة لا غير. وبدا لي أولئك العُباد كمن أخذوا على حين غرة لا يعرفون موضعاً غير الكنيسة في يومهم ذاك، وفي ساعتهم تلك، ولشعيرتهم تلك. وبدوا لي مثل يتامى. وتذكرون أن الرئيس ترمب طلب الزلفى لهذا الأرق الديني الذي أحدثته الكورونا فجعل العبادة في دورها عملاً لا مندوحة منه مثل عمل الجيش الأبيض تماماً.
كتبت هنا احتج على إمام حارة ما في الثورة أمّ صلاة العيد ضارباً عرض الحائط بالحجر الصحي. ولكني تساءلت أيضاً إن كان الوزير قد اجتمع بمثله للتداول حول تعطيل الصلاة في يومها ذاك بالنسبة للجائحة، أو أدائها كل باجتهاده في حفظ التباعد الاجتماعي ولبس الكمامات. ولم يعتبر ذلك الإمام بأي من ذلك كله. ولو كان الوزير تعاقد معه على المحاذير وترك له ولغيره من الأئمة الإبداع في إطارها لما شفقنا على مصليّ ذلك الجمع.
للمعاد اشواق. وله توكل وفدائية. ولم أسعد بإرجاع النور حمد خرق بعض أهل المعاد لمحاذير وزارة الصحة إلى عقلنا الرعوي. فهذا تبسيط لديناميكية التقوى وجبر الطقوس. وربما لا احتاج للقول إن أهل المعاد في أمريكا فعلوها لبيان جبر المعاد إلا مضطراً.

عبد الله علي إبراهيم

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الشؤون الدینیة

إقرأ أيضاً:

خمس سنوات على كورونا.. كيف غيرت الجائحة وجه العالم؟

عرضت قناة «القاهرة الإخبارية»، تقريرا بعنوان «منذ خمس سنوات .. "كورونا" جائحة عالمية غيّرت وجه العالم».

منذ خمس سنوات.. كورونا جائحة عالمية غيّرت وجه العالماكتشاف فيروس كورونا جديد في الصين.. هل يشكل تهديدًا عالميًا؟

في الحادي عشر من مارس 2020 لم يعد العالم كما كان قبل هذا التاريخ، إنه اليوم الذي أعلنت فيه منظمة الصحة العالمية انتشار فيروس كورونا جائحة عالمية بعد ارتفاع أعداد المصابين والوفيات. بعدها يعيش سكان الأرض بلا استثناء حالة من الخوف والقلق من الإصابة بالفيروس الجديد.

ومنذ خمس سنوات توقفت المطارات والجامعات والمدارس وتغيرت الخريطة الاقتصادية العالمية بعد تطبيق سياسات الإغلاق والحجر الصحي. وكانت المستشفيات أكثر المباني نشاطا خلال تلك الفترة مما عرض سكان الأرض لصدمة لم يواجهوها حتى في الحروب.

ويبقى السؤال: هل تغير العالم بعد هذا التاريخ؟ الواقع الذي يعيشه العالم حاليا يقول إن بعد كورونا تغيرت مفاهيم كثيرة خاصة في مجال الصحة التي أصبحت أكثر حداثة واعتمادا على البحث العلمي بسبب الحاجة الدائمة لإيجاد لقاحات فعالة سواء ضد كورونا أو أي فيروس تطور منه.

كما أكدت مؤسسات الصحة العالمية أن المخرج من أزمات الأوبئة هو التضامن والتكامل فيما يتعلق بالإجراءات الوقائية من أي مرض جديد.

لذلك فإن إجابة السؤال ستبقى مجهولة إلى أن يواجه عالمنا جائحة صحية جديدة، وعندها ستظهر لنا الدروس المستفادة من درس كورونا.

مقالات مشابهة

  • الوزير الشيباني يلتقي بوزير الدولة في وزارة التعاون الاقتصادي والتنمية الألماني
  • وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل والمنظمة الفنلندية للإغاثة توقعان اتفاقية ‏تعاون
  • رئاسة الشؤون الدينية: عدد المستفيدين من الخدمات الإثرائية في المسجد الحرام خلال العشر الأولى من رمضان ما يقارب ٨٤٠ ألف مستفيد
  • “الشؤون الدينية”: 840 ألف مستفيد من الخدمات الإثرائية في المسجد الحرام
  • أمير الباحة يتسلم التقرير السنوي لفرع وزارة الشؤون الإسلامية بالمنطقة
  • خمس سنوات على كورونا.. كيف غيرت الجائحة وجه العالم؟
  • الكيلاني: داعمون لأي مقترح يعزز العمل الاجتماعي ويبرز دور المرأة
  • وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل تطلق منصة الإحصاء لتحديد ‏الفئات ‏الضعيفة وذوي الاحتياجات الخاصة
  • الوزير: ندرس إقامة محطة تغذية كهربائية للمنطقة الصناعية بالإسماعيلية لتلبية الاحتياجات
  • وزارة الشؤون الإسلامية تقيم حفلًا رسميًا لتنفيذ برنامج خادم الحرمين الشريفين في ماليزيا