زرياب عوض الكريم

من التوريط السياسي في الحرب إلى تفخيخ الجوار الإجتماعي

بدأت هذه الحرب 15 إبريل 2023 بكسر كل الموبقات (أخلاقيات المنافسة الإجتماعية والصراع) Conflict Morals وتحدي التابوهات الإجتماعية الدارجة في الصراع الإجتماعي منذ القرن السادس عشر عصر (القيمان) والغارات القبلية بغاية النهب والسلب ، ضد وحدة إثنيات العطاوة ومنافستها السياسية للقومية الشمالية في مؤسسة الحكم.



بدأت أيضاً بإحتكار القوميين الشماليين للخطاب الأخلاقي أو (الأخلاقوي) ، في محاولة رسم صورة معيارية وتنميطية للنظام الأخلاقي العام والنظام الإجتماعي للحرب في مجتمعات ماقبل الإستعمار (المهمشة) و(المستبعدة) من تكوين دولة 1820 الكولونيالية وإعادة إنتاجها في 1956 ، المجتمعات التي تعاني أصلاً من هشاشة بنيوية في التنظيم الإجتماعي السياسي مرتبطة بغياب أو تحويل (تحوير) الإزدواجات السيسيوإقتصادية ضد مصالحها  أو  بتعبير مبسط المجتمعات المهمشة والمستبعدة التي تعيش حالة هشاشة أو لا دولة stateless لم تمنعها من تنظيم ردة فعلها ليس على التهميش بل على محاولة الإجتثاث الإثني والإبادة العقابية بعد إقصاء محمد حمدان دقلو من السلطة  Detribalization ، المجتمعات المستبعدة من تكوين القومية الوطنية (السودانية) التي أُفترضت لعضويتها الخضوع لهيمنة مجتمعات القومية الشمالية و الإستيعاب في ثقافتها المقترضة (ثقافية الإقطاع الإسلامي). والتي حرمت من التمدين الغربي المتكافئ ضمن خصوصيتها الثقافية Urbanization.

وُظفت هذه الصورة التنميطية والمعيارية المختلقة والمتوهمة كقالب تعسفي لتشويه (الآخر) وتأثيمه وشيطنته وتجريمه ، كإبتزاز إجتماعي وهوياتي بغاية الحصول على تنازلات سياسية من وحدة إثنيات العطاوة عن منافسة القومية المهيمنة على مؤسسة الحكم (البريتورية) praetorian state أو العسكرية في الأصل منذ 1958.

تلك التابوهات الإجتماعية التي تمثل قواعد إشتباك Red lines  وخطوط تلاقي تواصلية أولية لفصل النزاعات لا تغفلها المجتمعات الأنثربولوجية في غمرة الصراعات ولم يتم تجاوزها من قبل  في أقصى درجات العنف الداخلي بين القوميين الشماليين  (الحرب الأهلية داخل الشمال 1970).

تعريض الجناح اليميني للقوميين الشماليين (الجبهة الإسلامية Inf) بوحدة إثنيات العطاوة Pan-attawism التي تمثل قاعدتها الإجتماعية المورد السياسي political resource لإرادة محمد حمدان دقلو في تجاوز محاولات دولة 1956 المنتجة للحروب والميليشيات والعنف مقاومة الإصلاح السياسي بتوقيعه وثيقة الإتفاق الثنائي Framework Agreement مع الجناح اليساري من القومية الشمالية المهيمنة المنتج تأريخياً للعقلانية السياسية والمؤسس لمدرسة النقد الذاتي والحوار الذاتي داخل مؤسسة الإقطاع والكمبرادورية (مؤسسة الجلابة) لقومية عدوانية هجومية ومحاربة منذ 1820. هذا التعريض أو التنكيل المزدوج (ثقافياً وسياسياً) ليس جديداً ، فقد مثل من قبل في 1933 و1955 ردة فعل القوميين الشماليين وعنفهم الثقافي والقمعي على صعود القومية الإقليمية الجنوبية تحت هيمنة الإستوائيين أولاً Equatorian (واحدة من القوميات الثقافية المتعددة داخل الجنوب) ومن ثم تحت طليعة أو هيمنة دينكا بور وبحرالغزال لاحقاً Jeing. وردة فعلهم أيضاً على مقاومة القومية الجنوبية لإعلان الشماليين من طرفهم دولة لا تمثل التنوع ولا التعددية الثقافية الإثنية ولا المواطنة في 1955.

التاريخ الطويل للقومية الشمالية منذ تأسيسها السياسي في القرن التاسع عشر كتحالف مركنتيلي للإنتفاع من دولة الغنيمة التركو مصرية الإستخراجية Predatory state ، والسلوك التنظيمي للقوميين الشماليين في حيثيات تأسيس الدولة الكولونيالية ينتهي بها إلى وصف (الجوار غير الحسن)  Agressive neighbouring للأقاليم والإثنيات المجاورة لها وجودياً والمتساكنة معها قسرياً.

منذ الثلاثينات (1938) فشلت القومية الشمالية في إنتخاب وتأسيس تقاليد سياسية حاسمة Critical traditions لنقل السلطة فيما بينهم أو تفادي الصراع الداخلي ، وقد قام الجناح اليساري ومدرسة العقلانيين (مدرسة الشمالي الآخر) داخل نظام 25 مايو 1969 اليساري الإشتراكي ببلورة أيدلوجية وسياسية لفكرة ووثيقة - المصالحة الوطنية- كفكرة مستوحاة من الفكر الأوربي الشرقي (دستور 1973 كان مستوحى من مسودة الدستور اليوغسلافي وتعديلاته في الأربعينيات) national reconciliation عام 1977 ، بدعم من الرئيس السابق جعفر محمد نميري لتجاوز مأزق الإنتقال والهبوط السياسي decline وحدة الإستقطاب التي افرزتها جملة الإصلاحات الإجتماعية التي نهضت بها (مايو) وقاومها اليمينيون والإقطاعيين الشماليين بمن فيهم الجبهة الإسلامية (حسن الترابي) والصادق المهدي والجبهة الوطنية (حسين الهندي)  الذين طالبوا بإلغاء السلام مع الجنوب 1972 وتقويض الإصلاحات الأخرى التي أعتبروها مهددات ستراتيجية لثوابت القومية الشمالية social Threat.

سنبرز لاحقاً كيف أن تلك الثوابت القومية أو الشوفينية على الأصح ، هي ثوابت متوهمة ومختلقة من صناعة مجموعة من الإنتهازيين والشخصيات القلقة التي استثمرت في التطرف وصناعة الكراهية والتفوق الإثني المأزوم (أيدلوجيا العرق المتطرفة) وفي مقدمتها حسن الترابي بعد أكتوبر 1964 وبعض الإثنيات الكمبرادورية من خلاسيي غرب إفريقيا black mestizos الذين كانوا يزايدون على القومية الشمالية في تبني خطاب وهوية الإقطاع الإسلامي (الأسلمة والتعريب) . وليست من صناعة اي إجماع توافقي ميكانيكي أو بلورة سياسية.

صعود نجم الحركات المتطرفة عرقياً وهوياتياً وعلو سهمها السياسي داخل المجتمعات الشمالية منذ الخمسينيات وعودتها للظهور في السبعينات مثل الجبهة الإسلامية للقوميين الشماليين 1986 و حركة العميد عبدالعزيز خالد (بعثي شمالي قام بإعدام عشرات من إثنيات البدويت - التقريت في هجومه على مدينة طوكر منتصف التسعينات) عدا المتطرفين منهم داخل الأحزاب الكلاسيكية الذين يعملون في نسق تنظيمي فردي ، يمثل إنتخاب القومية الشمالية لمصالحها والدفاع عن تلك المصالح والإمتيازات البرجوازية غير المتكافئة ، أو غير المشروعة بتعبير القائد الجنوبي جون قرنق دي مابيور. المصالح والإمتيازات التي يحميها عنف المؤسسة العسكرية.

لذا كنت اقول دائماً في مقالات سابقة أن البريطانيين بدل أن يقوموا بالتحديث السياسي Westernization للبنيات الإجتماعية لمجتمعات ماقبل الإستعمار الوطنية 1898 وتكوينها المتعدد إثنياً والمتفاوت ثقافياً وهيكلياً ، قاموا بتهجين النظرية الإستعمارية منذ هربرت كتشنر كما وينجت باشا وصولاً إلى صيغة إستعمار جديد neocolonization تختلف إلى حد ما عن صيغته بدول غرب إفريقيا ، انهم قاموا بدلاً عن ذلك بتوطين الإقطاع الإسلامي Islamist Feudalism Indigenization لمصلحة القومية الشمالية (النيوكولونيالية) وتلقيحه ببنيات الإقطاع الأوربي في القرن التاسع عشر 1820.

مأزق القومية الشمالية في السودان الأنغلو مصري 1898 هو واحد من أكثر مشكلات العالم الثالث إستعصاءاً ، وهو أزمة ماثلة في جمهورية الستينيات أو جمهوريات مابعد الإستعمار التي ظهرت في الستينيات كدولة مأزومة من الداخل ونتاجاً للتدخل الإستعماري الغربي عسكرياً وسياسياً وثقافياً ، أزمة إستغلال القوميات الثقافية Cultural nationalisms داخل مجتمعات الإستعمار (المجتمعات الخاضعة للدولة الكولونيالية) لعلاقتها الكمبرادورية بالشرق أو الغرب ،  أو توظيف تفوقها الثقافي من خلال إرتباطاتها بتلك البنى الخارجية في قهر القوميات والإثنيات السياسية الأخرى الأقل تحديثاً أو تغريباً أو تطوراً إجتماعياً من خلال منظومة إستعمار داخلي Internal colonization.

بموجب تلك العملية التي هندسها البريطانيون أصبحت القوميات والإثنيات السياسية الأخرى المستبعدة من تكوين الدولة ، أو اريد لها في هذه الهندسة التراتبية - الهيراركية الإجتماعية و الإدراكية أن تكون مجرد طبقات هامشية في خدمة القومية الشمالية وفي فلكها كإثنيات ستلايت - تابعة [راجع النموذج الروسي من الإستعمار الداخلي في كتابات إلكسندر إتكند]. أو حتى كطوائف مهمشة وتابعة أو مساعدة Caste على غرار النموذج الهندي والموريتاني ، وهو ماكان عليه الحال في الستينيات قبل مايو 1969 وصعود الثورة الثقافية لجون قرنق أو (تحدي قرنق) Garangism التي أدت إلى إنفجار الهويات والإنقسامات الثقافية والإثنية لا بل ولادة (الجنوب الجديد) داخل الشمال الكبير سابقاً Greater North 1955 بدلاً من تكتله دينياً ضد الجنوب والجنوبيين.

منذ عام 1964 يدور صراع محموم بين جناحي القومية الشمالية اليساري واليميني بين محاولة إجتراح إصلاحات فوقية أو غير جراحية بنيوية بما فيه الكفاية للدولة العميقة deep state تعيد إنتاج هيمنتهم ولا تلغيها ، وبين مقاومة هذه الإصلاحات من الأساس وقطع الطريق أمامها التيار الذي تمثله الجبهة الإسلامية للقوميين الشماليين يمينية التوجه.

رغم أن حرب 15 إبريل تحولت من اول يوم إلى حرب شاملة لمصلحة مقاومة وحدة إثنيات العطاوة Pan-attawism وفي صالح الهامش المزدوج والمهمشين إجمالاً. إلا أنها كثورة زحف من الريف إلى المدينة الميتربولية تبدوا حرب إرهاب سياسي مضادة أو تغييراً من أعلى From Above و ثورة سلبية Passive revolution بدون ديناميات إجتماعية بدون توجيه ثقافي. تصحح اخطاءها و وتستدرك وعيها التاريخي ببطء.

من المهم قبل تشريح البنية الصراعلوجية للإنقسام الشمالي الداخلي الذي تحت ظلاله إندلعت حرب 15 إبريل Northern factionalism conflict-logy الإضاءة إلى التنظيم السيسوسياسي للقومية الشمالية في الأربعينيات والنزاع التشريحي بينهم حوله.

northernwindpasserby94@gmail.com

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: القومیة الشمالیة الجبهة الإسلامیة الشمالیة فی

إقرأ أيضاً:

خطاب كشف الحقائق قراءة في خطاب الأخ المشير الركن مهدي المشاط – ‏رئيس المجلس السياسي الأعلى.. بمناسبة حلول الذكرى الـ 62 لثورة 26 سبتمبر

 

‏كان الرئيس المشاط موفقا في كلمته الهامة بمناسبة العيد الثاني والستين لثورة 26سبتمبر مساء أمس الأول، حيث سبق ولحق المزايدين على هذه الثورة والمحتفلين بها من تحت أعلام الدول التي حاربت ثورة سبتمبر ثمانية أعوام في بداياتها الأولى قبل 62 عاماً، ولم تعترف بها ولا بالحكم الجمهوري إلا بعد أن ضمنت إفراغها من محتواها ووضعت رجالها في مفاصلها حتى ضمنت تبعيتها لها وعدم خروجها عن الطاعة، في خطاب وطني وضع النقاط على الحروف أسميته خطاب كشف الحقائق.

بعد أن أشار إلى استمرار العدوان والحصار على اليمن من ذات العدو، ليوضح لنا حقيقة من يزايد على هذه الثورة، حيث قال فخامته: ((وليس من قبيل الصدفة أن ذات القوى والدول التي تصدرت مشهد مواجهة بلدنا في السادس والعشرين من سبتمبر قبل ٦٢ عاماً هي نفسها اليوم من تواجه شعبنا اليمني العزيز، للحيلولة دون تحقيق ما يصبو إليه من استقلال وحرية ورفاه وحياة كريمة)).

موضحا أن أهم الأسباب التي جعلت من أعداء الثورة بالأمس هم أعداء الجمهورية اليمنية اليوم أو بالأصح أعداء ثورة 21 سبتمبر وأعداء أي محاولة يمنية للخروج من التبعية لهم، هي الأهداف التي نادت بها ثورة الـ26 والتي عملت تلك الدول على إفراغها من محتواها ومن تلك الأهداف ((بناء جيشها الوطني القوي، المقتدر على حماية سيادة البلد، وحماية ثرواته، ورفع مستوى الشعب اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً وثقافياً))، ورغم سمو تلك الأهداف التي صاغها ثوار سبتمبر وأرادوا بها العزة والتقدم والرقي والعيش الكريم للشعب اليمني كحق مشروع لأي أمة تتوق إلى التقدم والانعتاق من الظلم والجهل والفقر والمرض، إلا أن من يزايدون على الثورة اليوم من داخل بلاط تلك الدول التي وقفت حائلا أمام تطبيق وتحقيق تلك الأهداف.

لكنها كما قال فخامة الرئيس: إن تلك القيادات من حيث تعلم ومن حيث لا تعلم ((رهنت القرار اليمني، وفتحت الباب على مصراعيه أمام التدخلات الخارجية، فكانت الطعنة القاتلة التي انغرست في الظهر منذ الأيام الأولى!))، والرئيس هنا أيها الإخوة أوضح لنا جميعا ما يعرفه الكثير، ويترددون في الجهر به بسبب المصالح الضيقة أو الخوف من التصفية، ومثَّل ذلك باغتيال الشهيد الرئيس إبراهيم الحمدي والشهيد الرئيس صالح الصماد.

الذين حاولوا الاستقلال عن التبعية ورسموا مشاريع للنهوض باليمن وتعزيز استقلاله المهم، ها هو الرئيس يذكر شعبنا بحقيقة ما حصل لثورة 26 سبتمبر وأهدافها في البداية والوسط وفي النهاية حتى أصبحت ثورة 21 مسألة حتمية وضرورة لا بد منها للقضاء على التبعية والانحراف الذي حصل لثورة ٢٦ سبتمبر، ولم تأت للقضاء على أهداف ثورة 26 سبتمبر، كما يحاول البعض أن يصورها، بل جاءت لحفظها والحفاظ عليها، وما هو حاصل من عدوان وحصار وتآمر اليوم تحت شعار «الاحتفاء بالثورة»، فالسبب في ذلك أن ثورة ٢١ وقيادتها بقيادة السيد المجاهد عبدالملك الحوثي أعادت لأهداف الثورة اليمنية قيمتها واعتبارها وصوبت مسارها، والإنسان العادي فقط وهو يتابع ما يجري في البلد من يوم تفجرت ثورة 21 سبتمبر 2014م ويطابقه على أهداف 26سبتمبر، سيجد أنها من حيث الشكل حفظت لثورة 26 سبتمبر شكلها وعلمها ونشيدها وشعارها ومناسبتها، ومن حيث الموضوع فقد حققت تلك الأهداف وتعمل على تنفيذها، إضافة إلى أن أهدافها هي التي اقتضتها المرحلة واللحظة أن تتبناها بالإضافة لأهداف ثورة ٢٦ سبتمبر، ولا أظن أنكم أيها الناس بعيدون عما تحقق، فنجد أنه اليوم تم بناء الجيش اليمني والأمن القوي الذي ينتمي للوطن وأصبح لدينا جيش وطني عقيدته الدفاع عن الدين والسيادة والاستقلال، جيش للشعب وليس شعباً للجيش ولاؤه لله والوطن والسيادة والدين والأخوة، جيش قام بالتصنيع والتدريب والتأهيل، دافع ودفع عن الوطن وواجه وأفشل ذلك الغزو والعدوان الذي جاء عبر تحالف دولي يضم السعودية والإمارات وأمريكا وبريطانيا والكيان الغاصب وآخرين، واستطاع أن يكون الجيش الذي يقوم بدوره القومي في نصرة غزة ولبنان وأن يواجه أمريكا وبريطانيا والكيان الغاصب ويجعل من البحر الأحمر بحيرة عربية لا يستفيد منها العدو الصهيوني.. خلال عشرة أعوام كان هذا الجيش وفي خمسين عاماً لم نبن أي جيش يحمي ويبني، والقصة معروفة، كيف أن أحد أهداف الثورة واهمها لم يتحقق في ٥٠ عاماً؟ ما يعني ويؤكّد تحقق هذا الهدف على الواقع بعد ٦٢ سنة من التعثر للجيش اليمني وتحوله إلى جيش لا يحمي الوطن ومنقسم بين أطراف النظام، حتى غزيت في عهده وزارة الدفاع وتساقطت الطائرات مثل الفراشات على أحياء المدن بفعل رجال الدولة الذين يحتفل بعضهم اليوم تحت علمها بمناسبة 26 سبتمبر في أسلوب مضحك ومحزن!!

حيث يقوم العدو التاريخي باستخدام أولئك الأدوات الذين يزايدون اليوم أنهم مع الثورة والجمهورية والوطن وهم بعد أن كانوا يديرون هذا البلد من الداخل وفق إرادة الأعداء يعملوا اليوم لإثبات وجود هذا العدو على الأرض اليمنية بعد إسناده في عدوانه على أرضهم وقومهم في عدوانه وحصاره لليمن منذ تسعة أعوام ويحتفلون مع هذا العدو زورا وبهتانا بالمناسبة.

حيث قال فخامة الرئيس في هذا الصدد ((إن ما تعرضت له الأهداف من اختراقات ومؤامرات من قِبل الخارج أدت إلى تحنيط أهدافها، وتمكنت القوى الخارجية المعادية للبلد من السيطرة على القرار اليمني بتنصيب أدوات لهم في الداخل، فلم تسمح بتحرير القرار الوطني، واستقلال اليمن كما ينبغي، كما لم تسمح ببناء جيش وطني، قوي، وحافظت على الوضع السيئ والبائس لهذا الشعب؛ لضمان السيطرة عليه وعندما أصبح الخارج هو الذي يقرر من يتحكم على رقاب هذا الشعب، أصبح للبلد مسؤولون بلا ضمير، والذين مضوا يقتلون اليمن باسم اليمن، ويعزلونها حتى تحولت أمجادنا إلى مجرد سيمفونية يستدعونها كلما أطلت الذكرى السنوية، بينما يقضون بقية العام في عمالتهم وفسادهم وبناء أرصدتهم الشخصية والأسرية، واستثماراتهم المتنوعة داخل البلد وخارجه من ثروات الشعب، فيما تركوه يعاني الحرمان والفقر، وعكفوا على تنفيذ كل ما يريده الخارج، لا ما يريده الشعب، وهكذا استمر الحال على مدى 62 عاماً)).

نعم فهذا القول الذي جاء في خطاب فخامة الرئيس حقيقة واقعة لا ينكرها إلا من يرضاها ويرتاح لها، لهذا أتمنى على أولئك المزايدين أن يقفوا عند هذه الحقائق وان يستحوا على أنفسهم وان يقفوا عند هذه الإشارة الرائعة التي وردت في خطاب فخامة الرئيس والتي صورهم فيها بالصورة الغريبة والعجيبة ويدركها كل حر وشريف وتجعل حديثهم عن الوطنية وعن ثورةً سبتمبر نوعاً من الغباء وقلة الحياء وعمالة مفضوحة عند الصغير قبل الكبير وهنا فإن هذه الصورة تفرض علينا جميعا أن نقول للناس ولشبابنا الذي لازال البعض منهم مغشوشاً في هؤلاء الذين لم يتجن عليهم فخامة الرئيس حين وصفهم بهذا الوصف وكشف أحلامهم التي لا زالوا يحلمون بها ويريدون العودة على ظهر دبابة العدو في حلم مفضوح لا يجوز في التعامل مع هذا النوع من المزايدين والعملاء بالمجاملة أو الحياد أو الوقوف في المنطقة الرمادية، فلا يجوز أن يتأثر احد مننا بقول أو فعل يقوم به من أشار لهم الرئيس في خطابه الموجه لنا جميعا، حيث قال:-‏ ((إن من أعجب العجائب وأغرب الغرائب أن نجد مجموعة من المنبطحين، وقد تنكروا لأهداف الـ26 من سبتمبر والحرية والسيادة، وذهبوا إلى أحضان المملكة السعودية، بل وأن تزايد تلك الحفنة من ضعاف النفوس، وبائعي السيادة، على شرفاء البلد، وحماة الجمهورية الحقة، وهم يطمحون إلى العودة على ظهر دبابة أجنبية لإعادة اليمن إلى دائرة الارتهان والتبعية للخارج))، نعم هل يجوز أن يبقى فينا من يعتقد في هؤلاء وفي مزايدتهم على ثورة باعوها وفرطوا فيها.

وفي الأخير تلك قراءة عابرة لبعض ما ورد في خطاب الرئيس المشاط ليلة الاحتفاء بالعيد الـ 62 لثورة 26 سبتمبر، الذي من المفترض على الإعلام الرسمي والحزبي والأهلي أن يقف عنده بالتحليل والدراسة، فهو وان لم يستمر سوى تسع دقائق، إلا أنه قد وضع النقاط على الحروف فيما اشتمل عليه من القضايا الوطنية الهامة، ففيه حديث المسؤول والرايد الذي لا يكذب أهله والذي تجد أنه في هذا الخطاب يطمئن ويؤمن كل من فيه رأسه سوء فهم عن تعاطي قيادة ثورة 21 سبتمبر وقائدها ودولتها مع ثورة ٢٦ سبتمبر وأهدافها، فهذه الدولة والقيادة أيها المشوشين حفظت وحافظت وستحافظ على هذه الثورة وأهدافها وتعمل تحت علمها وشعارها ونشيدها، ويجب أن نفهم أن كل من أثاروا الزوبعة لا يريدون الاحتفال من أجلها ومن أجل أهدافها ومبادئها ولن يسمح لهم أسيادهم بذلك والدليل عدم الاحتفال بها في عدن، ولكنهم يريدونها شعاراً لتنفيذ أجندة تخريبية لأولئك المحتلين الذين ما كانوا ليسمحوا لأحد أن يحتفل بها لأجلها ولأجل أهدافها، واختم القول بالشكر لفخامة الرئيس على هذا الخطاب الوطني التاريخي الهام.

إن من يقف مع أعداء اليمن ويحتفل بالثورة تحت أعلام أعدائها يكذب على نفسه وعلى خلق الله ويستهدف الثورة التي يعلن الاحتفاء بها وأن شعب اليمن وأجهزته المختصة قد وقفوا لهم بالمرصاد وأفشلت مخططهم وستفشل كل مخططاتهم في كل وقت وحين..

والله ولي التوفيق

 

*عضو اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام

 

 

 

 

مقالات مشابهة

  • خطاب كشف الحقائق قراءة في خطاب الأخ المشير الركن مهدي المشاط – ‏رئيس المجلس السياسي الأعلى.. بمناسبة حلول الذكرى الـ 62 لثورة 26 سبتمبر
  • مشاهد توثق لحظة سقوط الصواريخ التي استهدفت مدينة حيفا والمناطق الشمالية المحتلة
  • “العرادة” يدعو لتصحيح المسار السياسي وتعزيز الاصطفاف لمواجهة “الإماميين الجدد”
  • تجديد حبس مالك سنتر تعليمي في التحرش بطالبة بالقاهرة
  • مشاهد من داخل ميناء “إيلات” للحظة انفجار الطائرة المسيرة التي أثارت الذعر في الميناء (فيديو)
  • عضو السياسي الأعلى بن حبتور يدشن بالهيئة العليا للعلوم مشروع إنتاج المجففات المصنعة محليا
  • عضو السياسي الأعلى بن حبتور يدشن بالهيئة العليا للعلوم مشروع إنتاج المجففات المصنعة محلياً
  • محافظ أسوان يلتقى رئيس الهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحى
  • محافظ أسوان يلتقي برئيس الهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحي