ذكرتُ في الحَلقةِ السَّابقةِ أنَّ العامَ الدِّراسي ٢٠٠٢ - ٢٠٠٣ م كانَ حافلاً بأحداثٍ جِسام . كُنَّا قد خَرجْنا مِن مُضَيِّفِنا في الخفجي عقبَ صلاةِ المغرب مُباشرةً ويَمَّمنا صوبَ الدَّمام في جوٍّ صافٍ وخالٍ من السُّحبِ والرِّياح . كان الطريقُ السَّريع بينَ الخفجي والدمام آنذاك خطّاً واحِداً للرَّايحِ والغادِي ، وهو طريقٌ ضيِّقٌ يُشبِه طريقَ الخٌرطوم مَدني بازدحامِه وكثرةِ حوادِثه.

ما إنْ قَطعنَا مسافةَ ٤٠ كم حتى تَعرَّضنا لِحادِثٍ بَشِع . كنتُ أقودُ سيّارة كريسيدا موديل ٨٦ وكنتُ مُتجِها غرباً والخَطُّ على يساري يَعُجُّ بالشاحِناتِ المُتجِهة نحو الخفجي والتي تَبيَّنتُ منها أربعاً. ظهَرتْ مِن خلفِ الشاحنات سيارةٌ بيضاءَ ( كابرس صابونة ) كما كانوا يُطلِقونَ عليها. وكانَ سائِقُها عَجِلاً يخرجُ مِن خَطِّه يُناوِرُ ثُمّ يعودُ راجِعاً خلف الشاحنات . وبعد بُرهةٍ قصيرةٍ قرَّرَ المُغامرةَ والخُروجَ من خطِّ الشاحنات حتى ينطلقَ مُسرِعاً. اتَّجَه السائقُ نحوي وقامَ بتشغيلِ أنوارِه السَّاطِعة فيما يُشبه التَّحذِير . قمتُ أنا بتشغيلِ الأنوارِ التَّحذِيرية وخَفّفتُ مَن سُرعةِ السَّيارة وحاولتُ المَيلَ يساراً لأُفسِحَ له مجالاً يُمكِّنهُ من المُرورِ أو النُّزولِ عن الأسفلت إلى التُّراب . إلا أنَّ كُلَّ ذلك لمْ يُجْدِ نَفعَاً . فكأنَّما الحادِث قدراً مقدُورا. وأخيراً وقعَ ما حاوَلنا تَفادِيه بِكُلَّ السُّبل . اقتَحمَ الرُّجلُ سيّارتَنا وجهاً لِوَجه ومع سبقِ الإصرارِ والتَرَصُّد . اصطَدمَ بالنَّاحِية اليُمنى من سيارتِنا حتى يَستَطيعَ النُّزول عن الأسفلت بعد ذلك فقد كانَ يظُنُّ أنَّ المَسألةَ خفيفةٌ وتأدِيبِية لهذا السَّائق الذي لمَ يترُكْ له المَسار حتى يَنطَلق . أمَّا الصَّدمةُ فكانتْ قويةً وعاتِيةً جعلتْ سيّارتَنا تدُورُ دورةً كاملةً حول نفسِها وتتوقَف عند المكانِ الذي حدثَ فيه الحَادِث. نزلَ صاحبُ الكابرس أخيراً إلى التُّراب بعيداً عن مكانِ الحادِث. وتَوقَفتْ حركةُ السَّير القادِمة من الخفجي تماماً . نزلتُ أنا بعد أنْ فتحَ أحدُ الذين هُرِعوا إلينا بابَ السَّائِق بِصُعُوبة . طبعاً تهشَّم زُجاجُ السيارة داخِلها وخارِجَها . نزلتُ حافي القدَمين عاري الرأس بعد أنْ طارتْ العِمامَة والشَّال والطاقِية ولكنَّني لمْ أُدركْ ذلك إلا بعد دُخولي لِمُستَشفى الشَّركة العَربية للزيت بالخفجي بعد أنْ حَملَني ذلك الرُّجل - الذي فتحَ لي البابَ - بسيارته وطلبَ إسعافَ المُستَشفى لِيَحمِل الباقينَ من أسرتي. أُصِبتُ بِجُرحٍ غائرٍ في باطنِ قدمي اليُمنى وبِضَربةٍ في رأسي كانتْ نتيجةً لاصطدامي بِعجَلة القِيادة . أدَّت تلك الضَّربةُ إلى ارتِجاجٍ في المُخ . حَملتْ سيّارةُ الإسعافِ بقِيّةَ الأُسرةِ إلى المستشفى كذلك . كانتْ الزَّوجةُ تَحمِلُ في حُضنِها طِفلَها الأخير الذي لمْ يَبلُغْ الثالِثة من العُمر واسمُه " مُهنّد " ، وكانَ " أسامة " يجلسُ خلفَها تماماً وعن يسارِه يجلسُ " عمر " و " أحمد " على المقاعِد الخَلفِيّة . اتْصَلَ الرُّجلُ " المُسعِف " من هاتفي الجَّوال على الأستاذ عادل العمدة وأبلَغهُ خبرَ الحادِث ، فَوَجَدناهُ بانتِظارنا عند بابِ الحَوادِث / الطَّوارِئ .

محمد عمر الشريف عبد الوهاب

m.omeralshrif114@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

من هو الملياردير “رجل ترامب” الذي سيدير غزة في اليوم التالي للحرب؟ (صور)

أفادت وسائل إعلام عبرية بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يدرس تعيين الملياردير الفلسطيني الأمريكي بشار المصري لإدارة قطاع غزة في اليوم التالي للحرب.

وقالت صحيفة “جوريزاليم بوست” إن المصري (مواليد 1961) هو “المستشار السري والمقرب من آدم بوهلر، مبعوث ترامب لشؤون الرهائن، والرجل الذي يحاول إيجاد حل في مواجهة حماس”.

وذكرت الصحيفة أن الملياردير الفلسطيني الأمريكي بشار المصري وضع نفسه بهدوء كلاعب رئيسي في خطط إدارة ترمب في مرحلة ما بعد الحرب في غزة.

ووفقا لمصادر دبلوماسية، يعمل المصري كمستشار مقرب لآدم بوهلر مبعوث ترمب في مفاوضات الرهائن.

وذكرت أنه وعلى مدى أشهر، كان بوهلر يسافر على متن طائرة المصري إلى الدوحة والقاهرة وعواصم إقليمية أخرى، حيث شارك في مفاوضات بشأن الرهائن وغيرها من المسائل الحساسة.

ويقال إن المصري نفسه كان حاضرا في بعض هذه الرحلات، وحافظ على حضوره المتحفظ في المناقشات عالية المخاطر.

ويوضح المصدر ذاته أن المصري ليس رجل أعمال عادي، فهو الرجل الذي يقف وراء مشروع “روابي” أول مدينة فلسطينية مخططة في الضفة الغربية، ولديه محفظة استثمارية ضخمة في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، بما في ذلك في إسرائيل.

وباعتباره رجل أعمال محنك، يتقاسم المصري نهجا تجاريا مع ترامب، مما يجعله ملائما بشكل طبيعي للرؤية الاقتصادية لإدارة المنطقة.

وعلى الرغم من ماضيه حيث شارك في الاحتجاجات ضد إسرائيل في شبابه، فإن المصري يُنظَر إليه الآن باعتباره شخصية براغماتية لا تربطه أية صلة بحماس أو السلطة الفلسطينية.

والواقع أن هويته المزدوجة كفلسطيني من مواليد نابلس ومواطن أمريكي منحته مكانة فريدة فهو يحظى بقبول واسع النطاق من قِبَل الإدارة الأمريكية في حين يحتفظ بنفوذه داخل دوائر الأعمال الفلسطينية.

ووفق الصحيفة العبرية فإن ثروة المصري وذكائه التجاري وحياده السياسي تجعله مرشحا رئيسيا لقيادة جهود إعادة الإعمار في غزة بعد الحرب.

وأشارت في السياق إلى أن عمه منيب المصري، هو قطب أعمال فلسطيني يبلغ من العمر 91 عاما وكثيرا ما يُنظر إليه باعتباره جزءا من النخبة المالية الفلسطينية، مبينة أن عائلة المصري شاركت في مشاريع استثمارية كبرى في مختلف أنحاء المنطقة.

في مقابلة سابقة، قال بشار المصري: “إذا كنا قادرين على بناء مدينة، فإننا قادرون على بناء دولة”.

ولم يصدر عن بشار المصري أو إدارة ترامب أي تعليق على ما أوردته الصحيفة الإسرائيلية.

والآن، بينما يراقب العالم ما يحدث في غزة يظل السؤال مطروحا: هل سيكون المصري هو الشخص الذي سيعيد بناءها؟.

من هو؟

– بشار المصري (65 عاما) رجل أعمال فلسطيني ولد ونشأ في مدينة نابلس ويحمل الجنسية الأمريكية.

– حاصل على درجة البكالوريوس في الهندسة الكيميائية من جامعة فرجينيا بولينكنيك في الولايات المتحدة.

– يشغل منصب رئيس مجلس إدارة مجموعة مسار العالمية.

– بدأ حياته العملية في واشنطن، ثم عاد في منتصف التسعينيات إلى مدينة رام الله واستقر فيها، وعمل على تأسيس وإنشاء أول صحيفة فلسطينية يومية، هي جريدة “الأيام”.

– أطلق المصري عدة أطروحات لمشاريع ضخمة أبرزها “مدينة روابي” أول مدينة نموذجية في فلسطين، ومشروع “لنا القدس” لخدمة المقدسيين، وأطلق مشاريع عقارية كبيرة في فلسطين والأردن ومصر أيضا.

المصدر: “جوريزاليم بوست”

Previous ولي العهد السعودي يستقبل وزير خارجية أمريكا بعد وصوله المملكة Related Posts ولي العهد السعودي يستقبل وزير خارجية أمريكا بعد وصوله المملكة عربي 11 مارس، 2025 رئيس اتحاد علماء المسلمين يرحب بالاتفاق بين دمشق و”قسد” عربي 11 مارس، 2025 أحدث المقالات من هو الملياردير “رجل ترامب” الذي سيدير غزة في اليوم التالي للحرب؟ (صور) ولي العهد السعودي يستقبل وزير خارجية أمريكا بعد وصوله المملكة رئيس اتحاد علماء المسلمين يرحب بالاتفاق بين دمشق و”قسد” نائب أوروبي: ماكرون يعتقد أنه نابليون بونابرت ويقود العالم إلى حرب كبرى صفارات الإنذار وانفجارات في مختلف أنحاء أوكرانيا

ليبية يومية شاملة

جميع الحقوق محفوظة 2022© الرئيسية محلي فيديو المرصد عربي الشرق الأوسط المغرب العربي الخليج العربي دولي رياضة محليات عربي دولي إقتصاد عربي دولي صحة متابعات محلية صحتك بالدنيا العالم منوعات منوعات ليبية الفن وأهله علوم وتكنولوجيا Type to search or hit ESC to close See all results

مقالات مشابهة

  • الخفجي.. سحب وتصريف 128 ألف متر مكعب من مياه الأمطار
  • العريس الذي كان يتجهز لزفافه لكنه زُفّ إلى الجنة
  • من هو الملياردير “رجل ترامب” الذي سيدير غزة في اليوم التالي للحرب؟ (صور)
  • «مدرسة جميلة» ومربي فاضل هو «ابن» سرحتها الذي غنى بها
  • محمد أبو هاشم: الإمام أبو حنيفة وضع أساس الاجتهاد الفقهي الذي يسر على المسلمين
  • ما قصة القرش الذي حرمَ مشتركاً من راتب التقاعد المبكر؟
  • هل تلاحظون الصمت الذي ضرب على خيمة خالد سلك؟!
  • بن صهيون.. والد نتنياهو الذي غرس فيه كره العرب
  • البابا كيرلس السادس.. قديس العصر الذي أسر قلب الزعيم عبدالناصر
  • عودة الكاظمي: الأمل الكاذب الذي لا يحتاجه العراق