الأسبوع:
2025-03-17@13:35:07 GMT

الشماشرجية.. والأكاذيب حول عبد الناصر

تاريخ النشر: 28th, September 2024 GMT

الشماشرجية.. والأكاذيب حول عبد الناصر

تحل فى الثامن والعشرين من سبتمبر، ذكرى وفاة الزعيم خالد الذكر جمال عبد الناصر، وحقيقة الأمر، أنه رغم مرور أكثر من نصف قرن على رحيله، لا يزال الشعب العربى وسيظل يتوق إليه، ويستمد منه العون والرؤية الصائبة كلما داهمه خطر.

كثيرة هى حملات التشويه الممنهجة التى حاولت النيل من الرجل، أو بالأحرى من مشروعه الوطنى.

. المؤسف فى الأمر انسياق البعض لهذه الحملات بحسن نية، بفعل سنوات وعقود من الأكاذيب والافتراءات، التى طالما ترددت، فتحولت بفعل الإلحاح، إلى حقائق عند البعض.

فقد دأبتِ «الرأسمالية المتوحشة» ورموزها وعملاؤها على محاربته، فحضوره فى قلوب وعقول المصريين والعرب والأحرار فى شتى بقاع الأرض، رمـزًا للعزة والكرامة والتنمية والنهضة والاستقلال الوطنى، يؤرقهم ويهدد وجودهم.

كم هائل من الأكاذيب التى لا تنطلى على أى صاحب عقل، أطلقها أصحاب المصالح فى الداخل والخارج، وتجد للأسف مَن يرددها بلا وعى وبكل ثقة، كأنها من المسلَّمات، من بينها على سبيل المثال: «الاقتصاد المصرى كان أقوى من الأوربى، والحكومة المصرية قبل الثورة أقـرضت بريطانيا مبلغـًــا ضخمـًـا يعادل 29 مليار دولار أمريكى بمعايير اليوم».. أو أنه «لم يكن هناك داعٍ لبناء السد العالى»، و«تأميم قناة السويس أدى لاحتلال أم الرشراش»، «مصر كانت تنفق مليون دولار يوميـًـا فى حرب اليمن»، وغيرها من هذه الخزعبلات.

الزعيم جمال عبد الناصر التفريط فى السودان!

ومن بين مئات الأكاذيب، «أكذوبة رائجة» تقول: «إن عبد الناصر، تنازل عن السودان بعد قيام ثورة 23 يوليو، لتغض الدول الاستعمارية الكبرى الطرف عن انقلاب الضباط الأحرار»!.

وحقيقة الأمر لا أدرى من أين جاءوا بهذه الجرأة لتسويق هذه الكذبة؟!، فالسودان، لم تكن تابعة لمصر بشكل كامل ومباشر إلا فى الفترة ما بين 1822 حتى 1875، وهذه الفترة كانت من أسوأ الفترات التى عانى فيها السودانيون، وأدت إلى قيام الثورة المهدية، واستقلال السودان فيما بعد.. ثم توقيع «اتفاقية السودان» بين مصر وبريطانيا فى 19 يناير 1899، ووقّعها عن مصر وقتها بطرس غالى، وعن بريطانيا اللورد كرومر، ونصت المادة الأولى منها على أن الحد الفاصل بين مصر والسودان هو خط عرض 22 درجة شمـالاً.. كان ذلك قبـل ميلاد عبد الناصر.

وبعد الحرب العالمية الثانية، أقرت مصر بحق تقرير المصير للسودان بموافقة ملكية وعبر عدة حكومات: حكومة إسماعيل باشا صدقى فى مشروع اتفاقية «صدقى - بيفن» فى 25 أكتوبر 1946.. وبعد صدقى حكومة محمود فهمى النقراشى مايو 1948، ففى إطار مباحثات «أحمد خشبة - رونالد كامبل» وافق الجانب المصرى على إنشاء المجلس التنفيذى السودانى والجمعية التشريعية للمساهمة فى إعداد السودانيين للحكم الذاتى وتقرير المصير.

وفى 26 اغسطس 1950 اقترح محمد صلاح الدين باشا وزير الخارجية إقامة فترة حكم انتقالية بالسودان حتى عام 1953 لتأهيل السودانيين للحكم الذاتى وبعدها يكون لهم حق تقرير مصيرهم، لتوافق مصر فى 16 نوفمبر عام 1951 بالأمم المتحدة على سحب كل موظفيها وقواتها فى إطار فترة انتقالية للسودنة ثم الحكم الذاتى ولاحقـًـا حق تقرير المصير.

وفى 8 أكتوبر 1951 أصدر مصطفى باشا النحاس مرسومـًـا وأُقر يومى 16و17 أكتوبر بأن يكون للسودان دستور منفصل عن دستور مصر، تضعه جمعية منتخبة سودانية.. فى إشارة واضحة لكون السودان منفصلًا عن الدولة المصرية.

ومن ثم.. فإن حق تقرير المصير الذى تم منحه للسودانيين لم يكن قرار ثورة يوليو، بل نتيجة طبيعية لما تم إقراره من حكومات متتالية قبل الثورة.

سامي شرف والرئيس جمال عبد الناصر
العدوان الثلاثي.. وأم الرشراش

أكذوبة أخرى، تقول: «إن العدوان الثلاثى عام 1956 نتج عنه احتلال إسرائيل لـ«أم الرشراش»، ولم تطالب مصر بها، وكان ذلك الثمن الذى دفعه عبد الناصر مقابل مساندة أمريكا له، ضد بريطانيا وفرنسا».

بداية.. لم تكن واشنطن بعيدة عن مؤامرة لندن وباريس فى 1956، بل تولت تعبئة الرأى العام الدولى ضد مصر، وفى 2 أغسطس 1956 اجتمع وزراء خارجية الدول الثلاث وأصدروا بيانـًا حول الطابع الدولى لشركة قناة السويس وأحكام اتفاقية القسطنطينية التى ضمنت حرية الملاحة فى القناة، وأن منفعة العالم فى إضفاء الصفة الدولية عليها بصرف النظر عن انقضاء مدة الامتياز.

وقال البيان: إن الخطوات التى اتخذتها الحكومة المصرية تهدد حرية الملاحة وأمن القناة، مما يجعل من الضرورى إنشاء نظام دولى لإدارة القناة وضرورة عقد مؤتمر فى 16 أغسطس 1956 تُدعى إليه الدول المنتفعة بالقناة، وهى الدول التى وقعت على معاهدة القسطنطينية أو التى حلت محلها فى الحقوق والالتزامات.

وهو المؤتمر الذى انتهى إلى تأييد مشروع قرار أمريكى يتضمن اقتراحـًا بإقامة مجلس دولى لإدارة القناة، (عارضت المشروع، الهند والاتحاد السوفيتى وإندونيسيا وسيلان)، وتم عرض مشروع القرار على مصر عبر لجنة خماسية برئاسة روبرت منزيس ورفضه عبد الناصر.

أما مدينة «أم الرشراش» أو كما يسمونها «إيلات»، فلم تعُد أرضـًـا مصرية، منذ «اتفاقية 1906» أو كما أطلقت عليــها الحـركة الوطـنية آنذاك «اتفاقية العار»، التى أُبرمت بين اللورد كرومر والدولة العثمانية، ولعب فيها الخديو عباس حلمى دور المحلل، حيث كان المفاوض الحقيقى «أوين بك» الضابط البريطانى حيث عيَّنه كرومر وأصدر له الخديو قرارًا ليفاوض العثمانيين باسم مصر.

وقد ثارت وقتها الحركة الوطنية ضد الاتفاقية، ووصفها مصطفى كامل بـ«المشئومة»، وهاجمها محمد فريد، فقد اعتبرت الاتفاقية أن خط حدود طابا هو الخط الرسمى لحدود مصر، بما يُعَد انتقاصـًـا من الحقوق المصرية فى «أم الرشراش» والعقبة، حيث انصبَّت المفاوضات على تبعية طابا فقط لمصر ومنح العقبة كاملة بمياهها الإقليمية للدولة العثمانية.

ذكري وفاة الزعيم جمال عبد الناصر الملك فاروق.. والحنين إلى الفقر والعبودية

في إطار الهجوم الممنهج على الزعيم الخالد جمال عبد الناصر والحقبة الناصرية، راح البعض يدافعون باستماتة عن الملك فاروق وأيامه الخوالي.

وبفعل سنوات وعقود من الأكاذيب والافتراءات، يعتقد المغيبون أن الاقتصاد المصرى أيام «جلالته!»، كان أقوى من الاقتصاد الأوروبي، بل هناك مَن يردد دون وعي أن الحكومة المصرية كانت تغدق على الممالك والشعوب الأوربية!

بالطبع، من الممكن فهم دفاع أصحاب المصالح والاقطاعيات، الذين عاشوا على استغلال الفقراء ومص دمائهم «مجتمع النصف بالمئة» عن الحقبة الملكية، بالإضافة قطعـًا إلى بعض الشماشرجية، وعبيد الإحسان، الذين يعيشون على المنح والعطايا، وتسعدهم بواقي الطعـام والملابس.

لكن المثير للدهشة، أن يتبارى مواطنون بسطاء «لولا ثورة 23 يوليو وسياساتها الاشتراكية لكانوا الآن يسرحون بمناديل في الشوارع» في الدفاع عن عصر كان المشروع القومي فيه هو مواجهة الحفاء.

من المؤكد أن هناك مَن تخدعهم المباني التاريخية، وشوارع وسط القاهرة، لكن لم يسأل هؤلاء أنفسهم: كيف كان حال غالبية المصريين عندما كانت تظهر الـموضة في قصور الأمراء قبل أوروبا، وهل الأحياء الفخمة الـمليئة بالقصور، ومنتجعات الفاسدين الآن، تلك الأماكن التى يصعب على أمثالنا السكـن فيها، أو ربمـا الاقتــراب منها، تمثـــــل دليلًا على أن الـمصريين ينعمون في رغد العيش؟!

الزعيم جمال عبد الناصر مصر كانت حكرا على الباشاوات والجالية الأجنبية

للأسف، يتناسى أو يتجاهل هؤلاء أن القاهرة التي يتحدثون عنها، ومصر بأكملها كانت حكرًا على الباشاوات والجاليات الأجنبية، وإذا ظهر أحد المصريين البسطاء في محيط هذه الشوارع، فهؤلاء من الخدم والحاشية ممَّن أنعم الله عليهم بالخدمة في قصر أحد الباشاوات! بل كانت هناك شوارع في القاهرة والإسكندرية والإسماعيلية حكرًا على الأجانب يُمنع المصريون من دخولها، حتى لا يعكروا مزاج السادة الباشاوات والخواجات.

ويجب التوقف هنا عند ما يردده البعض دون وعي حول أن مصر أقـرضت بريطانيا ما يعادل 29 مليار دولار أمريكي بمعايير اليوم! فحقيقة الأمر أن هذه الديون كما يسميها البعض، تقول الوثائق إنها ثلاثة ملايين جنيه استرليني، ولم تكن نتيجة قوة الاقتصاد، بل قيمة ما حصلت عليه بريطانيا بالقوة من محاصيل وسلع وخـدمات، أو مقابل استخدام الأراضي الـمصرية أثناء الحرب العالمية، أو على سبيل التعويضات التي كان من المفترض أن تؤديها بريطانيا لصالح أهالى مئات الآلاف من الـمصريين الذين انـتُـزعوا من أرضهم وساقهم الباشاوات مسلسلين في القيـود، للاشتراك في الحرب العالـمية، فماتوا ودُفنوا خارج مصر.

وبعيدًا عن تنازل الحكومة المصرية عن هذه الديون كما نشرت جريدة الأهرام عام 1922، كان الاقتصاد المصري قبل ثورة يـوليو متخلفـًــا وتابعًا للاحتـكارات الأجنبية، يسيطر عليه بضع عشرات، أو مئات على أقصى تقدير، وكانت نسبة البطالة بين الـمصريين 46%، فى الوقت الذي كان يعمل فيه الغالبية في وظائف دنيا ــ سُعاة وفراشين ــ وكانت آخـر ميـزانية عام 1952 تُظهــر عجزًا 39 مليون جنيه، في حين كانت مخصصات الاستثمار فى المشروعات الجديدة طبقـًـا للميزانية ــ سواء بواسطة الدولة أو القطاع الخاص ــ صفرًا.

الزعيم جمال عبد الناصر المؤرخ رءوف عباس: نسبة المعدمين من سكان الريف بلغت 80% من السكان في 1952

وفي دراسة مهمة للمؤرخ الكبير الراحل د.رءوف عباس بعنوان: «الحركة الـوطنية في مصر 1918-1952».. يقول: «كانت نسبة المعدمين من سكان الريف تبلغ 76% عام 1937، وبلغت نسبتهم 80% من جملة السكان عام 1952»، و«كانت البروليتاريا الـمصرية بشقيها الريفي والحضري، من أبشع الطبقات الاجتماعية معاناة من الأزمة الاقتصادية التى تفجرت فى العالم الرأسمالى نهاية العشرينيات وامتدت آثارها إلى مصر».

«في عام 1942 قدرت مصلحة الإحصاء أن ما يلزم للأسرة المكونة من زوج وزوجـة و4 أولاد لا يقل عن 439 قرشًا في الشهـر طعامـًا وكساءً وفـق الأسعار الرسمية، لا أسعار السوق السوداء التي كانت منتشرة في ذلك الوقت، ومع هذا فقد كان متوسط الأجر الشهري للعامل في عام 1942 لا يتجـاوز 262 قرشـًا، أي أن الأغلبية الساحقة للبروليتاريا في المدن كانت تعيش دون الحد الأدنى للكفاف بمقدار النصف تقريبًا، أما البروليتاريا الريفية فكانت أسوأ حالا».

ظلم وقهر وسوء توزيع لثروات الوطن وغياب للعدالة الاجتماعية، نسبة الفقر والأمية بلغـت 90%، ومعدلات المرض حققت أرقامـًا قياسية حتى إن 45% من الـمصريين كانوا مصابين بالبلهارسيا، وغيرها من مختلف الأمراض التي تنتج عن سوء التغذية، هذا في الوقت الذى كان فيه بذخ وسفه الملك فاروق وأسرته والسيدة والدته وحاشيته مثـارَ حديث صحـف العالم، ناهيك عن فضـائحهم الجـنسية.

«الأستاذ»والزعيم الراحل جمال عبد الناصر أعداء الناصرية والترويج الخاطئ لـ«التأميم»

يستخدم أعداء الحقبة الناصرية دومًا، «التأميم»، للإساءة إلى أعظم فترات تاريخنا الحديث، حتى أصبح المفهوم الشائع للتأميم، هو «السطو».. في حين عرفت عشرات الدول هذه الإجراءات في إطار إرساء قواعد السيادة، خاصة التي نالت استقلالها.. ولو بحثت على «جوجل» بكلمة «تأميم» لأدركت أن العديد من الدول لجأت إلى هذا الإجراء، من بينها الاتحاد السوفيتي وفرنسا والمملكة المتحدة والسويد وإسبانيا وهولندا، وغيرها.

بالطبع.. من حق هؤلاء، أن يهاجموا عبد الناصر، وجدير بهم أن يضعوا أنفسهم في هذه الخانة التي تليق بهم.

نعم.. من الطبيعي أن يسعى هؤلاء، للنيل من الحقبة الناصرية، وتصدير صورة سلبية عنها، لأنها تكشفهم وتفضح سوءاتهـم، فلا يجدون أمامهم إلا تشويهها، دفاعـًـا عما اقترفوه في حق الوطن.

لكن يجب أن يعرف الذين وقعوا فريسة للتضليل أن «التأميم» ظاهرة أممية، تنامت مع بدايات القرن الماضي، عقب موجات الاستعمار وما واكبها من حروب وصراعات أفرزت نمطـًا احتكاريـًا لـمقدرات الشعوب، بل اكتسب التأميم الشرعية الوطنية للحفاظ على ثروات ومقدرات الأمم.

ولا يرتبط التأميم بفترات ما بعد الاستقلال، أو الأنظمة الاشتراكية، فهذا الإجراء كان وسيظل رهـن ظروف معينة، لو حدثت لوجب التأميم، فالسويد أممت جزءًا كبيرًا من قطاعها البنكي سنة 1992، وكذلك اليابان واليونان وغيرهما.

الرئيس ياسر عرفات مع الزعيم جمال عبد الناصر القانون الدولي يقر حق «التأميم» لاعتبارات المصلحة العامة

ووفق القانون الدولي، فإن «حق التأميم ثابت، لأنه لصيق بسيادة الدولة على مصادر ثروتها القومية، وتبرره اعتبارات المصلحة العامة»، ولا يُعقـل أن تتنازل الدولة عن سيادتها على مصادر ثروتها أو عن اختيار النظام الاجتماعي الذى ترتضيه.

فقط، اشترط القانون الدولي أن يكون التأميم وفق إجراءات قانونية سليمة وبشكل عام دون تمييز، وأن يكون مصحوبــًا بتعويض عادل ومناسب.. وهو ما أكدته قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

التأميم إذن يكون بمقابل، وإلا سُمِّى «مصادرة».. والمرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952، بشأن الإصلاح الزراعي، نص صراحة على تعويض المُلَّاك العادل عن الأراضي التي جرى تأميمها.

قد نختلف في التقييم، هل هو «14 مثـل الضريبة السارية» أم «10 أمثـال القيمة الإيجارية»؟، لكن التأميم لم يكن سطوًا على الأملاك، فقد تم تعويض أصحاب الأراضي، باستثناء مَن وقفوا بالقوة أمام تنفيذ القانون، أو حاولوا التحايل عليه بتحرير عقود وهمية لبعض الفلاحين.

وفى تأميم قناة السويس، نص القانون على «أن يُعوَّض المساهمون وحملة حصص التأسيس عما يملكونه من أسهم وحصص بقيمتها، مقدرة بحسب سعر الإقفال السابق على تاريخ العمل بالقانون، في بورصة الأوراق المالية بباريس».

ثورة 23 يوليو نجحت في مضاعفة الأرض الزراعية

لقد بدأت ثورة يوليو بعد انطلاقها بإنشاء المجلس الدائم لتنمية الإنتاج القومي، وقام المجلس بإصدار خطة الاستثمارات العامة في يوليو 1953 وهى خطة طموحة لمدة 4 سنوات بدأت بمقتضاها الدولة في استصلاح الأراضي، ونجحت في مضاعفة مساحة الأرض الزراعية، التي ظلت ثابتة منذ عهد الفراعنة حتى 1952، إضافة إلى بناء مشروعات الصناعات الثـقيلة كالحديد والصلب، وشركة الأسمدة كيما، ومصانع إطارات السيارات، ومصانع عربات السكك الحديدية «سيماف»، ومصانع الكابلات الكهربائية، وغيرها.

وعقب العدوان الثلاثي وتـأميم ومصادرة الأموال البريطانية والفرنسية، تم إنشاء المؤسسة الاقتصادية عام 1957 التى كانت النواة الأولى للقطاع العام، وآلت إليها المؤسسات الأجنبية التي تم تمصيرها.

وفى يوليو 1961 صدرتِ القرارات الاشتراكية بعد عجز القطاع الخاص عن تحقيق طموحات الشعب المصري في الصناعة، لتتوجه مصر إلى الاقتصاد المخطط.. ومن خلاله حققت بين عامَي 1957-1967 نسبة نمو أكثر من 7% سنويـًا، بحسب تـقرير البنك الدولي رقم (870 - أ) الصادر في واشنطن يناير 1976.

الاقتصاد المصري لم يتأثر بنكسة يونيو

وكانت نكسة يونيو أكبر اختبار لـتجربة يوليو الاقتصادية، تـلك الحرب التي وصفها الرئيس الفرنسي شارل ديجول بأنها «أمريكية بأداء إسرائيلي».. فقد تحمل الاقتصاد عبء إعادة بناء الجيـش بدون مديونيات خارجية، وكذلك تكاليف بناء السد العالى الذى اختـارته الأمم المتحدة كأعظم مشروع هندسي وتنموي بالقرن العشرين، وبناء مجمع مصانع الألومنيوم بنجع حمادي، وهو مشروع عملاق بلغت تـكلفته نحو 3 مليارات جنيه، وغيرها.

وفى ظل الإعداد للحرب حافظت مصر على نسبة النمو، بل إنها زادت في 1969-1970 وبلغت 8% سنويـًـا.. واستطاع الاقتصاد المصرى أن يحقق زيادة لصالح ميزانه التجاري، لأول وآخر مرة في التاريخ بفائض قدره 46.9 مليون جنيه، بأسعار ذلك الزمان.

اقرأ أيضاًمصطفى بكري يزور ضريح الزعيم جمال عبد الناصر في ذكرى رحيله الـ 54.. صور

أمر بجمع القرآن مسموعًا.. الزعيم الخالد جمال عبد الناصر ما بين نشر الإسلام في آسيا وإفريقيا.. وتطوير الأزهر الشريف

«من الأرشيف».. كواليس القرارات الحاسمة في عهد الزعيم جمال عبد الناصر

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: مصر الكاتب الصحفي محمد السيسي التجربة الناصرية الزعیم جمال عبد الناصر تقریر المصیر أم الرشراش حق تقریر

إقرأ أيضاً:

كيف كانت طبيعة ووظائف الدولة في فترة الحكم التركي؟

بقلم: تاج السر عثمان

فارق دنيانا البروفيسور حسن أحمد إبراهيم والذي كانت له إسهامات مميزة في ميدان تخصصه في التاريخ الحديث والمعاصر، ولفت نظري مساهمته المتميزة التي اطلعت عليها عن فترة الحكم التركي - المصري في السودان أثناء بحث كنت أعده عن " التاريخ الاجتماعي لفترة الحكم التركي - المصري في السودان"، الذي نشر في كتاب فيما بعد عن مركز محمد عمر بشير ٢٠٠٦.
كانت مساهمة البروف المرحوم حسن أحمد إبراهيم بعنوان"محمَّد علي في السُّودان: دراسة لأهداف الفتح التُّركيِّ- المصريَّ"، والتي صدرت في كتاب عن دار النشر بجامعة الخرطوم (دون تاريخ)، له الرحمة والمغفرة.
نعيد نشر هذه المقال عن طبيعة ووظائف دولة الحكم التركي - المصري في السودان (١٨٢١ - ١٨٨٥).

اولا - شكلت دولة الحكم التركي تطورا جديد في مسار الدولة السودانية : دولة كرمة ، نبتة ، مروى، النوبة المسيحية، الفونج والفور. وتلك الدول كانت مستقلة وكانت نتائج تطور باطني. ولكن الجديد أن السودان خلال فترة الحكم التركي (1821م-1885م)عرف دولة تابعة خاضعة للاحتلال الأجنبي ضمت رقعة واسعة في البلاد،بعد ضم دارفور والمديريات الجنوبية الاستوائية، أعالي النيل ، بحر الغزال.
وكانت تلك الدولة مفرطة في المركزية وما جاءت نتاجا لتطور باطني، بل تم زرعها من الخارج وعلى نمط الدولة في الإمبراطورية العثمانية التي كانت بقيادة الأتراك والألبان المتحالفين مع كبار الملوك المحليين والعلماء والفقهاء المرتبطين بجهاز الدولة وكبار العسكريين من المماليك أو قادة الجيوش من المرتزقة وكانت دولة مدنية رغم إنها كانت استبدادية وتقوم على القهر.
ثانيا - كانت دولة الحكم التركي في السودان تمثل تحالف الحكام العسكريين والمدنيين (أتراك ، مصريين، أوربيين) وزعماء العشائر وكبار الملاك والتجار وكبار العلماء والفقهاء المرتبطين بجهاز الدولة وبعض القيادات والزعامات الدينية، وهذه الدولة في مضمونها كانت طبقية، بمعنى أنها كانت تعبر عن مصالح هذا التحالف الطبقي الحاكم.
وكان من مهام هذه الدولة نهب واعتصار واستنزاف الفقراء من الرعاة والمزارعين وصغار الملاك لاستخلاص اكبر قدر ممكن من الضرائب منهم، بينما كان كبار الملاك في ذلك التحالف الحاكم أما معفياً من الضرائب أو يتهرب منها بالرشوة وكانت وظيفة هذه الدولة أيضا قمع الانتفاضات والثورات ضد النظام، كما كانت وظيفتها أيضا هي تنظيم تصدير الفائض الاقتصادي إلى الخارج أو تنظيم كل القدرات الاقتصادية والبشرية وتوظيفها في خدمة مصالح الطبقات الحاكمة في مصر.
وكانت دولة الحكم التركي، بمعنى آخر، امتداداً أو ذراعاً حاكماً للتحالف الطبقي الحاكم في القاهرة الذي كان بدوره يقهر ويقمع الشعب المصري ويمتد هذا القهر ليشمل شعوب ومستعمرات إمبراطورية محمد علي باشا واعتصارها بهدف تحقيق التراكم اللازم لتحقيق أهداف محمد علي الاقتصادية والعسكرية .
ثالثا - باحتلال محمد علي للسودان عرف السودان لأول مرة نمطاً جديدا من الدولة هو نمط الدولة المدنية العصرية والتي عرف فيها السودانيون بذور التعليم المدني الحديث والقضاء المدني ، وبذور نمط الإنتاج الرأسمالي ، واتساع دائرة العمل المأجور والتعامل بالنقد ، واقتلاع المزارعين من أراضيهم والقذف بهم أو الهجرة إلي مناطق أخري من السودان اوخارج السودان ، إضافة لاتساع السوق الداخلية بعد اتساع رقعة السودان خاصة بعد ضم سواكن ودار فور والمديريات الجنوبية ألي بقية أنحاء السودان مما أدى إلى اتساع التجارة الخارجية والداخلية وارتباط السودان بالسوق العالمي ، وبالتالي عرف السودانيون كامتداد أوسع للتحولات التي بدأت تحدث أيام الفونج المدن التجارية وبداية تفكك وتحلل النظام القبلي ، وظهرت طرق صوفية أوسع واكبر من الطرق التي كانت سائدة أيام الفونج مثل الختمية التي ضمت اتباعاً من شمال وشرق السودان وكردفان وبعبارة أخرى بدأ يشهد السودان بداية بذور تكوين القومية السودانية أو الدولة القومية السودانية.
رابعا - شهدت دولة الحكم التركي توسعا في زيادة مساحة الأراضي الصالحة للزراعة ، مما أدى إلي زيادة المحاصيل الزراعية في الأسواق ، فنجد أن الحكومة في هذه الفترة تجلب عدداً من خوليه الزراعة ، وتعمل على تطوير زراعة القطن وتشق القنوات للتوسع في زراعة الأحواض وتشجيع تعمير السواقي وترسل الطلاب إلى مصر للتعليم والتدريب الزراعي وتجلب المحاريث لحراثة الأرض وتعمل على بناء المخازن في المراكز الرئيسية على طول الطريق إلى مصر لتوفير مياه الشرب لتسهيل الحركة التجارية وتصدير المواشي بشكل خاص كما اهتمت الحكومة بإدخال محاصيل نقدية جديدة مثل الصمغ، السنامكي ،والنيلة . الخ. واهتمت بالثروة الحيوانية وجلبت الفلاحين والعمال المهرة في الزراعة واهتمت بالتقاوي المحسنة والأشجار المثمرة واهتمت بمكافحة الآفات مثل الجراد .
ولكن رغم تلك التحسينات التي أدخلتها الحكومة بهدف تطوير القوى المنتجة في الزراعة والإنتاج الحيواني الا أن الضرائب الباهظة التي كانت الحكومة تفرضها على المزارعين والرعاة أدت إلى هزيمة هذا الهدف، فقد هجرالاف المزارعين سواقيهم في الشمالية ، كما هرب الاف الرعاة بمواشيهم إلى تخوم البلاد ، هكذا نجد أن سياسة الحكومة التي كانت تعتمد على القهر والضرائب الباهظة أدت إلى انخفاض الإنتاج الزراعي والحيواني، وبالتالي أدي ألي تدهور الأحوال المعيشية وأدي ذلك ألي المجاعات والأمراض والخراب الاقتصادي وغير ذلك مما شهده السودان في السنوات الأخيرة للحكم التركي- المصري.
خامسا - شهدت تلك الفترة قيام صناعات جديدة مثل صناعة البارود وصناعة النيلة وصناعة حلج القطن و صناعة الذخيرة كما تطور قطاع الخدمات حيث تطورت المواصلات (بواخر نهرية) إدخال التلغراف ، كما تم تحسين ميناء سواكن وتم توصيل خط السكة الحديد إلى مدينة وادي حلفا (الشلال).
سادسا - عرفت دولة الحكم التركي التفاوت الطبقي وكان التركيب الطبقي للدولة يتكون من : الحكام وكبار موظفي الدولة الأجانب والمحليين ،زعماء ومشايخ الطرق الصوفية، الجنود، المزارعون، العمال والموظفين المأجورين، الرقيق.
سابعا - حول سمات وخصائص التشكيلة الاقتصادية- الاجتماعية لدولة الحكم التركي نلاحظ الآتي:-
(أ) كانت تشكيلة تابعة، ولم تكن مستقلة على نمط التشكيلات السابقة الرأسمالية في السودان لممالك السودان القديم وفي العصور الوسطى.والمقصود بتشكيلة تابعة : أن كل النشاط الاقتصادي والاجتماعي في تلك الفترة كان موظفاً لخدمة أهداف دولة محمد علي باشا في مصر، وبالتالي تم إفقار السودان وتدمير قواه المنتجة (المادية والبشرية) وكان ذلك جذراً أساسياً من جذور تخلف السودان الحديث.كما اتسعت تجارة الرقيق.
(ب) أرتبط السودان بالسوق الرأسمالي العالمي عن طريق تصدير سلع مثل : الصمغ العربي ، العاج ، والقطن. الخ.
كما شهد السودان خلال تلك الفترة غرس بذور نمط الإنتاج الرأسمالي في السودان على الأقل في سمتين أساسيتين من سمات نمط الإنتاج الرأسمالي هما :
*اتساع عمليات التعامل بالنقد والعمل المأجور بعد اقتلاع المزارعين من سواقيهم وأراضيهم.
*الارتباط بالتجارة العالمية.
(ج) التحولات التي أحدثها نظام الحكم التركي محدودة (الاقتصاد ، التعليم ، الصحة، المواصلات. الخ).وظل الجزء الأكبر من النشاط الاقتصادي في السودان خلال تلك الفترة حبيس القطاع المعيشي ( التقليدي) وظلت قوي الإنتاج وعلائق الإنتاج بدائية ومتخلفة.
ويمكن القول أن السودان في تلك الفترة شهد تدمير أو خسارة للتشكيلة الاجتماعية القديمة دون كسب تشكيلة اجتماعية أرقى، وهذه العملية شبيهة إلى حد ما بتدمير الاستعماريين البريطانيين لنمط الحياة القبلي القديم في الهند والتي وصفها ماركس بقوله " أن سكان الهند خسروا عالمهم القديم دون كسب لعالم جديد " .
ثامنا - شهدت تلك الفترة تراكمات كمية من الانتفاضات والثورات ضد النظام ما أن تندلع انتفاضة ويتم إخمادها حتى تندلع أخري من جديد، وأدت تلك التراكمات الكمية من الانتفاضات إلى تحول كيفي في الثورة المهدية.
هكذا نجد جذور الثورة السودانية الحديثة التي ترجع إلى فترة الحكم التركي وبداية قانونها الأساسي الذي يبدأ بمقاومة النظم الاستبدادية بأشكال وصيغ مختلفة ويتم تتويجها بالانتفاضة الشاملة التي تطيح بالنظام ، على ان عنف ووحشية دولة الحكم التركي هي التي ولدت الانتفاضة الشعبية المسلحة في الثورة المهدية.
تاسعا - كما شهدت هذه الفترة غرس بذور الثقافة الحديثة، التعليم المدني الحديث ، القضاء المدني، الطباعة ، الصحافة ،بدايات المسرح، وبدايات استقلال فن الشعر الغنائي عن الدين وعن نمط الغناء التقليدي (الدلوكه) الذي كان سائداً أيام الفونج.

عاشرا - عرف السودانيون خلال فترة الحكم التركي المصري الملكية الخاصة للأرض وبيع الأراضي ورهنها وتوريثها حسب الشريعة الإسلامية والأعراف، وكان ذلك من التطورات التي شهدها السودان في ملكية الأراضي وتعبيراً عن ارتباط السودان بالنظام الرأسمالي العالمي .
كما عرفت التشكيلة الاجتماعية انماطاً مختلفة من الإنتاج التي كانت سائدة في التشكيلات الاجتماعية السابقة مثل : نمط الإنتاج البدائي، و نمط الإنتاج العبودي ونمط الإنتاج الإقطاعي، ولكن الجديد هنا كما أشرنا سابقاً أن السودان عرف البذور الأولى لنمط الإنتاج الرأسمالي والذي نشأ مع اتساع التعامل بالنقد والارتباط بالتجارة العالمية وتحول قوة العمل إلى بضاعة، واقتلاع آلاف الفلاحين من أراضيهم نتيجة للقهر والضرائب الباهظة .

أهم المراجع:-
1/.بشير كوكو حميدة: ملامح من تاريخ السودان في عهد الخديوي إسماعيل (مطبوعات كلية الدراسات العليا بحث رقم "10"1983م).
2/ تاج السر عثمان الحاج : التاريخ الاجتماعي لفترة الحكم التركي ، مركز محمد عمر بشير 2006م.
3/ حسن أحمد إبراهيم : محمد علي في السودان ، دار جامعة الخرطوم للنشر، بدون تاريخ ، رسالة ماجستير.

alsirbabo@yahoo.co.uk  

مقالات مشابهة

  • شذى حسون عن خلافها مع أحلام: كانت صديقتي لكنها لم تحترمني .. فيديو
  • كيف كانت طبيعة ووظائف الدولة في فترة الحكم التركي؟
  • سلمى لاغرلوف.. أول امرأة تفوز بنوبل في الأدب هل كانت تستحقها؟
  • إعلام أمريكي: الغارات دمرت منصات حوثية كانت تستعد لهجمات جديدة
  • الصعيد.. و"ناسه"
  • (60) عامًا على وفاة الملك فاروق
  • عبد الناصر زيدان: حجم خسائر النادي الأهلي يصل إلى 220 مليون جنيه
  • البعاتي كانت عيناه تتحركان بشكل آلي (ومخيف نوعا ما)
  • خريس: اسرائيل كانت ولا زالت الشر المطلق
  • مساعد وزير الخارجية: مصر كانت تُسابق الزمن لتنظيم كوب 27