كيف ستتغير قواعد الاشتباك بعد التصعيد الأخير على الضاحية الجنوبية؟
تاريخ النشر: 28th, September 2024 GMT
بيروت– في أعنف هجوم منذ بدء العدوان على لبنان، شن جيش الاحتلال الإسرائيلي 10 غارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، مشكّلا حزاما ناريا أحدث دويا هائلا تردد صداه في مختلف مناطق العاصمة، وأثار حالة من الرعب بين السكان، وخلف دمارا كبيرا، حيث سويت مبان بالأرض وارتفعت أعمدة الدخان من المكان.
ويعتبر الهجوم الجوي الأخير السادس على الضاحية بعد اغتيال صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، والقائدين الجهاديين في حزب الله، فؤاد شكر، ثم إبراهيم عقيل، مع مجموعة من قوة الرضوان العسكرية، واغتيال قائد الوحدة الجوية، إبراهيم قبيسي، ومحاولة اغتيال القائد العسكري، الحاج علي كركي.
وفيما يتعلق بأهداف هذا الهجوم، قال المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي دانيال هاغاري في بيان متلفز إن الجيش نفذ ضربة دقيقة على المقر المركزي لمنظمة حزب الله في الضاحية، في حين أفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي بأن الهدف كان مقر هيئة أركان الحزب، وأن المستهدف الرئيسي هو الأمين العام للحزب حسن نصر الله.
ومع تضارب الروايات الإعلامية حول مصير نصر الله، لم يصدر حتى اللحظة أي بيان من الحزب. وفي ظل هذه التطورات، قرر رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان، نجيب ميقاتي، إنهاء الاجتماعات التي يعقدها في نيويورك خلال أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة والعودة إلى بيروت، على أن يعقد مجلس الوزراء اجتماعا طارئا فور عودته. وعلق قائلا إن "الهجوم الإسرائيلي يظهر عدم اهتمام إسرائيل بالدعوات العالمية لوقف إطلاق النار".
ضاحية بيروت الجنوبية بعد استهدافها بغارات إسرائيلية مكثفة مساء الجمعة (الأناضول) تحول جديدمن جهته، اعتبر الباحث والمحلل السياسي علي مطر، في حديثه للجزيرة نت، أن ما حدث يحمل دلالات كبرى، وهو "أمر خطير جدا" على كل المستويات: الأمنية، والعسكرية، والسياسية. وأضاف "طبعا، هذا عدوان واضح على الضاحية الجنوبية، وعلى المدنيين فيها، بغض النظر عما إذا كان المستهدف حاليا هو سماحة السيد حسن نصر الله".
وتوقع المحلل السياسي أن يكون هناك تحول جديد في القواعد وطريقة التعامل مع هذه الحرب، والانتقال إلى مرحلة جديدة بخلاف السابق، مؤكدا أن جميع القواعد الآن كُسرت. ورأى أن حزب الله، كما هو واضح، قد تحول، بل من المفترض أن يتحول في عملياته العسكرية وفي تعامله مع "العدو" إلى قواعد جديدة.
وقال مطر "أصبحت اللعبة الآن خطيرة، فالعدو يجرّ لبنان والمنطقة نحو حرب كبيرة، وقد يكون أسوأ السيناريوهات في الأفق. لذلك، يجب التعامل معها بجدية، وهذا ما أعتقد أنه سيحدث".
ووصف المرحلة الحالية بأنها "حساسة ودقيقة جدا جدا". وقال "لا يمكن التنبؤ إلى أين ستتجه الأمور. لذلك، من المفترض أن ننتظر لنرى ما سيكون عليه موقف حزب الله وكيف ستتطور الأمور".
وأكد مطر أنه من الطبيعي أن تتصاعد الردود على الوضع الحالي، وقد نصل إلى سيناريو أكبر مما يحدث الآن، ويبدو أن إسرائيل تسعى للوصول إلى ذلك، وهي تدفع لبنان نحو هذا المسار.
معركة كسر عظم
بدوره، رأى الخبير في الشؤون الإسرائيلية، علي حيدر، في حديثه للجزيرة نت، أن "العدو" اتخذ قرارا بالمضي قدما نحو النهاية، متجها لخوض معركة "كسر عظم" مع حزب الله، بعد أن يئس من إمكانية إخضاع الحزب أو تليين موقفه أو إجباره على التراجع، أو حتى إقناعه بفك ارتباطه مع قطاع غزة.
ويقول حيدر إن "العدو يعتبر أن الوضع الحالي يمثل فرصة للقيام بخيارات عسكرية عدوانية ضد حزب الله بهدف إضعاف قدراته إلى أقصى حد ممكن، ومحاولة تغيير المعادلة مع لبنان، ومن ثم مع المنطقة".
وأكد أن مجرد اعتراف "العدو" الإسرائيلي بأن الهدف كان محاولة اغتيال السيد نصر الله، فهذا يعني أنه قد قرر الوصول إلى هذا الحد.
شاهد.. فيديو متداول يظهر جانبا من استهداف حزب الله صفد شمال إسرائيل، في وقت قالت فيه وسائل إعلام إسرائيلية إن هجوما صاروخيا واسعا من لبنان استهدف بلدات في الجليل الأدنى والأعلى ومركز الجليل pic.twitter.com/MeHsWiT6DO
— Aljazeera.net • الجزيرة نت (@AJArabicnet) September 27, 2024
استنزافوتحدث عن محاولة التوصل لتسوية، موضحا أنها لم تكن سوى محاولة لاستثمار الضغط العسكري لتحقيق الأهداف التي يسعى إليها الإسرائيليون والأميركيون. ورأى أنه بعد فشل تلك المحاولة، فإن المعركة تبدو طويلة، وقد يحاول حزب الله تحويلها إلى معركة استنزاف تؤثر على الجبهة الداخلية الإسرائيلية، "مما يعد من السيناريوهات الخطيرة التي يسعى العدو لتفاديها".
وأشار حيدر إلى أن وتيرة الضربات قاسية ونوعية للغاية، وبشكل متسارع، كما لو أن "العدو" يسعى للوصول إلى نتائج مفصلية في أقرب وقت ممكن. وفي الوقت نفسه، يعبر عن خوفه من استمرار استنزاف جبهته الداخلية، لأنهم يعلمون أن حزب الله يمتلك قدرات عسكرية إستراتيجية تجعله الوحيد القادر على تشكيل خطر جدي على العمق الإستراتيجي الإسرائيلي.
وأضاف "إذا استمر حزب الله بوتيرة تصاعدية في استنزاف هذه الجبهة، سيكون ذلك مرهقا جدا لإسرائيل، وسيسبب ضغطا شعبيا قد يقلب الرأي العام، ويؤدي إلى ضغط على القيادة السياسية. لذلك، يسعى العدو إلى ما يحاول فعله الآن، بما في ذلك التلويح بسيناريو التوغل البري في الأراضي اللبنانية".
وفي سياق الحديث عن المواجهة، أكد حيدر أننا أمام محطة مفصلية، ومن المرجح أن ينعكس ذلك على مسار المواجهة وعلى مستويات رد حزب الله على ما جرى. و"بغض النظر عن نتائج هذا العدوان، سواء حقق العدو أهدافه أم لم لا، فقد حدثت مجزرة مروعة في صفوف المدنيين في الضاحية الجنوبية نتيجة الضربات الجوية التي نفذها الطيران الحربي، بالإضافة إلى تدمير عدد من المباني".
وخلص حيدر إلى أن هذا الأمر قد يدفع نحو أن تكون الردود بمستويات أخرى، وسيسرع من وتيرة الانتقال من مرحلة إلى أخرى، لأن "العدو يبدو أنه يعمل على حرق المراحل، مما سينعكس على طبيعة وحجم ومدى وعمق رد المقاومة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الضاحیة الجنوبیة على الضاحیة نصر الله حزب الله
إقرأ أيضاً:
الجيش الإسرائيلي يسلم "اليونيفيل" سبعة لبنانيين احتجزهم بعد وقف إطلاق النار
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
سلم الجيش الإسرائيلي، أمس الأحد، قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) سبعة لبنانيين كان يحتجزهم، حسبما أفادت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية اللبنانية، وذلك في ظل وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله.
وقالت الوكالة "سلم العدو الإسرائيلي المواطنين المحررين السبعة، الذين كانوا اعتقلوا من قبل العدو بعد وقف إطلاق النار إلى قوات اليونيفيل عند معبر رأس الناقورة".
وبعد عام من القصف المتبادل، كثفت الدولة العبرية اعتبارا من 23 سبتمبر غاراتها على معاقل الحزب في جنوب لبنان وشرقه وضاحية بيروت الجنوبية.
وفي 27 نوفمبر، تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين الطرفين، غير أنهما تبادلا بعد ذلك الاتهامات بانتهاكه.
وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام بوصول "المواطنين السبعة المحررين الذين كانوا اعتقلوا من قبل العدو الإسرائيلي إلى مستشفى اللبناني الإيطالي، حيث نقلهم الصليب الأحمر اللبناني بسيارته، بمرافقة الصليب الأحمر الدولي وقوات اليونيفيل".
وأضافت أنه "بعد إجراء الفحوصات الطبية اللازمة، اصطحبت مخابرات الجيش المفرج عنهم إلى مقر المخابرات في صيدا لإجراء التحقيقات".
وأكد متحدث باسم "اليونيفيل" الإفراج عن سبعة مدنيين عند موقع القوة التابعة للأمم المتحدة في رأس الناقورة، بالتنسيق مع الصليب الأحمر اللبناني واللجنة الدولية للصليب الأحمر.
ولم يدل الجيش الإسرائيلي بأي تعليق على هذا الأمر.
وأنهى اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في 27 نوفمبر، أعمالا عدائية استمرت أكثر من عام، بما في ذلك حربا شاملة استمرت شهرين بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله اللبناني المدعوم من إيران.
وينص اتفاق وقف إطلاق النار الذي حصل برعاية فرنسية أمريكية على انسحاب الجيش الإسرائيلي تدريجيا من لبنان في غضون 60 يوما، وعلى انسحاب حزب الله من جنوب لبنان إلى المناطق الواقعة شمال نهر الليطاني.
كما يتم إخلاء المناطق اللبنانية الواقعة جنوب نهر الليطاني من أسلحة حزب الله الثقيلة، ويتسلم الجيش اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية مواقع الجيش الإسرائيلي وحزب الله.
وأمس الأحد، أفادت الوكالة الوطنية للإعلام بأن الجيش الإسرائيلي "قام بعمليات نسف كبيرة في بلدة كفركلا".
وأشارت إلى أنه "فجر عددا من المنازل في منطقة حانين في قضاء بنت جبيل"، مستنكرة "اعتداءاته المتكررة على القرى الجنوبية المحتلة".
من جانبه، قال الجيش الإسرائيلي -في بيان- إن جنوده "حددوا موقع مجمع قتالي يحتوي على ثمانية مرافق تخزين أسلحة ودمروه" في جنوب لبنان، "وفقا لوقف إطلاق النار والتفاهمات بين إسرائيل ولبنان".