"فورين بوليسي": أوروبا ما زالت بحاجة ماسة لأمريكا بغض النظر عن "سيد البيت الأبيض"
تاريخ النشر: 28th, September 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
رأت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية أنه عندما هزم الرئيس الأمريكي جو بايدن الرئيس السابق دونالد ترمب في انتخابات عام 2020، تنفست أوروبا الصعداء بعد أربع سنوات صادمة. مشيرة إلى أن كثيرين كانوا يأملون أن توفر العودة إلى الوضع الدبلوماسي الطبيعي مساحة للقارة القديمة (أوروبا) للتعافي من أربع سنوات مضطربة، اتخذ ترامب خلالها قرارات سياسية، مدفوعة بالغضب، دون مراعاة مدى وكيفية تأثيرها على الحلفاء.
وأقر العديد من المسؤولين في مؤسسات مثل المفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبي سرا بأنهم وضعوا تنبيهات لتغريدات ترامب على هواتفهم أثناء ولايته كرئيس، حيث كانت تقلباته المفاجئة غالبا هي الأخبار السائدة حينها.
وأشارت المجلة الأمريكية إلى أن الضرر الناجم عن ولاية ترامب الأولى لم يختف مع هزيمته أمام بايدن، حيث أدى إلغاؤه للاتفاق النووي الإيراني، الذي تم الاتفاق عليه برعاية الاتحاد الأوروبي، إلى تشجيع المتشددين المناهضين للغرب في طهران. كما خلق الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ مساحة للمتشككين في المناخ (المشككون في ظاهرة الاحتباس الحراري بشكل خاص والتغير المناخي بشكل عام) لاكتساب النفوذ في جميع أنحاء أوروبا، فيما أدت تعليقاته بشأن حلف شمال الأطلسي (ناتو) إلى حالة من عدم اليقين والخلاف حول كيفية حماية أوروبا ومن يدفع تكلفة ذلك.
ولفتت المجلة إلى أنه في حين توقع مسؤولون أوروبيون أن رئاسة ترامب وشعار حملته (اجعل أمريكا عظيمة مجددا "ماجا") ستترك هذا النوع من الآثار (الانعزالية والقومية المفرطة)، ما جعل من هزيمته على يد بايدن فرصة لأوروبا للتعافي، إلا أن الانقسامات في الولايات المتحدة التي أدت إلى صعود ترامب سابقا لم تختف بعد هزيمته في 2020، وإذا لم يتم معالجة ذلك، فإن ترامب أو أي حامل آخر لشعلة الانعزالية والقومية المفرطة، يمكن أن يصل إلى البيت الأبيض مجددا.
وأكدت المجلة أن الدروس المستفادة للأوروبيين من فترة ولاية ترامب تمثلت في: عدم الاعتماد كلية على حسن نية الولايات المتحدة فيما يتعلق بالأمن الأوروبي، وتطوير سياسة خارجية مستقلة عن سياسة الولايات المتحدة، وهو ما يعني الاختلاف في قضايا مثل الصين، وأخيرا تنويع حقيقي للشركاء الاقتصاديين، ما يجعل أوروبا أقل عرضة للحروب التجارية.
ونوهت إلى أن تحقيق ما سبق من خلال مؤسسات مثل الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، سيخدم غرضين أساسيين هما: جعل أوروبا أكثر استقرارا، وإعطاء أوروبا صوتا أقوى على الساحة العالمية.
وأفادت "فورين بوليسي" أن أوروبا كانت أمامها فرصة جيدة خلال السنوات الأربع الماضية لتحقيق ذلك، إلا أن طبيعة المشاكل التي تواجهها القارة الأوروبية لاسيما الخلافات بين دولها، والتي تتطلب حلولا متطورة وأموالا كثيرة، جنبا إلى جنب مع العقبات الأخرى مثل آثار جائحة "كوفيد-19" والتضخم، حالت جميعها دون تحقيق هذه الأولويات.
وعليه، وبغض النظر عن الفائز في الانتخابات الرئاسية المقبلة، فإن أوروبا لا تزال عالقة باعتبارها الشقيقة الصغرى للولايات المتحدة، والتي تعتمد بشكل رئيسي على واشنطن في الأمن العسكري والاقتصادي.
وحيث إن الدفاع والأمن يشكلان التحديين الدوليين الأكثر إلحاحا بالنسبة للأوروبيين، فقد كشفت الحرب في أوكرانيا –وفقا لفورين بوليسي- ليس فقط عن مدى ضعف استعداد أوروبا لحرب برية، بل أيضا عن مدى انقسام الدول الأوروبية بشأن كيفية حماية قارتهم.
وأوضحت المجلة أنه لسنوات، تحدث القادة الأوروبيون عن سياسات دفاعية مشتركة من شأنها توحيد الإنفاق والمشتريات، وحتى تقاسم القوات، إلا أنه حينما حان الوقت لتفعيل ذلك، أبدى بعض القادة الأوروبيين عدم ارتياحهم للابتعاد عن نموذج حلف شمال الأطلسي أو إنفاق المزيد من المال على شيء لم يعتقدوا أنه يشكل أولوية.
كما أشارت المجلة إلى أنه حتى مع وجود حرب على أعتاب دولهم (في أوكرانيا)، كانت هناك صعوبات بالغة في حمل الزعماء الأوروبيين على الاتفاق على سياسة دفاعية مشتركة. فقد تباطأت المجر –على سبيل المثال- في التعامل مع كل اقتراح تقريبا لإرسال أسلحة إلى أوكرانيا أو فرض عقوبات على روسيا. واعترضت فرنسا على إنفاق أموال الاتحاد الأوروبي خارج الكتلة حتى مع تبخر مخزونات الأسلحة والذخيرة الأوروبية.
وفي هذا الصدد، قال دبلوماسي أوروبي كبير طلب عدم الكشف عن هويته إنه "فيما يتعلق بالدفاع، نحن تابعون لحلف شمال الأطلسي، الذي بدوره تابعا لأمريكا.. وعندما رأينا أن الأمر سيستغرق 20 عاما والكثير من المال لبناء دفاع أوروبي حقيقي، استسلمنا، وأصبحت استراتيجيتنا "إبقاء أمريكا سعيدة" لأنه لماذا نكلف أنفسنا هذا العناء (الاعتماد أمنيا على أنفسنا بدلا من الولايات المتحدة) في وقت يمكننا إنفاق أموالنا على أشياء أخرى؟"
وترى "فورين بوليسي" أن العديد من المشاكل التي تواجهها أوروبا تعود إلى الانقسامات والخلافات بين دول القارة نفسها، مشيرة إلى أن هناك مبدأ في الدبلوماسية مفاده أن الدولة ذات السياسة الداخلية المستقرة فقط هي التي يمكنها أن تمتلك سياسة خارجية ذات مغزى. والفكرة هنا أنه لكي تؤخذ السياسة الخارجية على محمل الجد، فأنت بحاجة إلى معرفة أن هذه السياسة تحظى بدعم الهيئة التشريعية الخاصة بك.
وفي الحالة الأوروبية، فإن قلة من الدول الأوروبية لديها سياسة داخلية مستقرة، كما أن المكاسب الأخيرة التي حققتها الجماعات والأحزاب الشعبوية في الانتخابات والتي تتراوح أولوياتها من النزعات القومية إلى القومية العدوانية سيكون لها تأثير كبير على الوحدة ومعالجة الانقسامات في قضايا مثل الدفاع والاقتصاد والسياسة الخارجية.
ونتيجة لهذه الانقسامات، قد تجد أوروبا نفسها تتفاعل بشكل متزايد مع قرارات الولايات المتحدة بدلا من رسم مسارها الخاص، وخاصة إذا عاد ترمب إلى منصبه بسياسة خارجية أقل قابلية للتنبؤ. كما أنه إذا تبنى ترمب نهجا أكثر انعزالية، فقد تتعمق هذه الانقسامات داخل أوروبا، ما يضعف قدرتها على الاستجابة للتحديات العالمية.
وختاما، فإن أيا كان من سيصل إلى البيت الأبيض، لابد لأوروبا أن تدافع منذ اليوم الأول عن مصالحها في إبقاء واشنطن مهتمة وودية، خاصة وأنها ببساطة –ووفقا للوضع القائم- لا تملك القدرة الكافية للتعامل بخلاف الحقيقة الراسخة منذ عقود وهي أن: أوروبا تحتاج إلى أمريكا.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الدول الأوروبية أوروبا أمريكا روسيا ترمب بايدن الولایات المتحدة فورین بولیسی شمال الأطلسی إلى أن
إقرأ أيضاً:
ترامب يوجه تهديدا إلى دول الاتحاد الأوروبي
وجه الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، اليوم الجمعة، تهديدات جديدة إلى حلفاء بلاده في الاتحاد الأوروبي.
وقال إن التكتل قد يواجه رسوما جمركية إذا لم يخفض عجزه التجاري المتزايد مع الولايات المتحدة من خلال إبرام صفقات ضخمة لشراء النفط والغاز من الولايات المتحدة.
وقال ترامب، في منشور على منصة "تروث سوشيال"، للتواصل الاجتماعي "أخبرت الاتحاد الأوروبي أنه يجب عليهم تعويض عجزهم الهائل مع الولايات المتحدة من خلال الشراء على نطاق واسع من النفط والغاز".
وأضاف "وإلا، سيواجهون أكبر قدر ممكن من الرسوم الجمركية!!!".
وقالت المفوضية الأوروبية إنها مستعدة لتناقش مع الرئيس المنتخب كيفية تعزيز العلاقة القوية بالفعل، بما يشمل قطاع الطاقة.
وقال متحدث باسم المفوضية "الاتحاد الأوروبي ملتزم بالتخلص التدريجي من واردات الطاقة من روسيا وتنويع مصادر إمداداتنا".
ووفقا لبيانات مكتب الإحصاء الأوروبي "يوروستات"، ورّدت الولايات المتحدة بالفعل 47 بالمئة من واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز الطبيعي المسال و17 بالمئة من وارداته من النفط في الربع الأول من عام 2024.
وتعهد ترامب بفرض رسوم جمركية على معظم الواردات إن لم يكن كلها، وقال إن أوروبا ستدفع ثمنا باهظا لأن لديها فائضا تجاريا كبيرا مع الولايات المتحدة لعقود من الزمن.
وسلط ترامب الضوء مرارا على العجز التجاري الأميركي في السلع، ولكن ليس في التجارة ككل.
وسجلت الولايات المتحدة عجزا تجاريا في السلع مع الاتحاد الأوروبي بلغ 155.8 مليار يورو (161.9 مليار دولار أميركي) العام الماضي. ومع ذلك، كان لديها فائض في قطاع الخدمات بلغ 104 مليارات يورو، وفقا لبيانات "يوروستات".
وتعهد ترامب، الذي يتولى منصبه في 20 يناير المقبل، بالفعل بفرض رسوم جمركية باهظة على ثلاثة من أكبر شركاء الولايات المتحدة التجاريين، كندا والمكسيك والصين.
وزاد الاتحاد الأوروبي بشكل كبير مشترياته من النفط والغاز الأميركيين بعد قرار التكتل فرض عقوبات وخفض الاعتماد على الطاقة الروسية بعد بدء الأزمة الأوكرانية في عام 2022.
وتبلغ صادرات الخام الأميركية إلى أوروبا أكثر من مليوني برميل يوميا لتمثل أكثر من نصف إجمالي الصادرات الأميركية مع توجه الباقي إلى آسيا. وتعد هولندا وإسبانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والدنمارك والسويد أكبر المستوردين، وفقا لبيانات الحكومة الأميركية.