ستارلينك في اليمن: لماذا يعارض الحوثيون تفعيل الإنترنت الفضائي؟
تاريخ النشر: 28th, September 2024 GMT
أعلن الملياردير الأمريكي إيلون ماسك، إطلاق خدمة "ستارلينك" للإنترنت الفضائي في اليمن ليصبح أول بلد في الشرق الأوسط يحصل على هذه الخدمة.
وانتقد الحوثيون الإعلان واصفين إياه "بالتهديد المباشر للأمن القومي، والانتهاك لسيادة اليمن"، كما قالوا إن الخطوة جزء من "الحرب التي تشنها أمريكا على اليمن"، محذرين المواطنين من استخدامها.
وقال العضو في المكتب السياسي للحوثيين، محمد البخيتي، على منصة إكس، إن احتفاء السفارة الأمريكية بالخطوة يؤكد علاقة إطلاق ستارلينك "بالحرب التي تشنها أمريكا على اليمن مما يهدد بتوسيع رقعة الصراع لتطال مدارات الفضاء الخارجي".
وكانت الحكومة اليمنية، المدعومة من تحالف عسكري بقيادة السعودية، قد أقرت إطلاق الخدمة الشهر الماضي وقالت إن المؤسسة الموزعة ستقدم "كافة الخدمات من بيع الأجهزة وتفعيلها وتسديد رسوم الاشتراك بأسعار مناسبة، كذلك تقديم خدمات أخرى منها الدعم الفني المباشر" وفق ما أفادت وكالة أنباء "سبأ نيو" الرسمية.
ومنذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، يشن الحوثيون هجمات بالصواريخ والمسيّرات على سفن تجارية في البحر الأحمر إذ يعتبرون أنها مرتبطة بإسرائيل أو متّجهة إلى موانئها، ويقولون إن ذلك يأتي دعما للفلسطينيين في قطاع غزة.
وتتيح شبكة "ستارلينك" المتصلة بأقمار اصطناعية ذات مدار أرضي منخفض، توفير الانترنت السريع في مناطق نائية أو مواقع تعطلت فيها البنية التحتية لخدمة الاتصالات العادية.
ويعاني اليمن من تردي البنى التحتية وخدمات الاتصالات، بعد عشر سنوات من نزاع بين الحكومة اليمنية المدعومة من تحالف عسكري بقيادة السعودية والحوثيين المدعومين من إيران والذين يسيطرون على مساحات شاسعة في شمال البلاد بينها العاصمة صنعاء.
تؤكد شركة سبايس إكس، الشركة المسؤولة عن ستارلينك، أن مهمتها توفير إمكانية الوصول إلى الإنترنت في المناطق النائية أو التي تعاني نقصاً في الخدمات أو المنكوبة بالكوارث، من أجل ضمان قدرة سكان هذه المناطق على التواصل وتلقي المعلومات والوصول إلى الخدمات الأساسية.
وفي الوقت الذي يَعِدُ فيه تعزيز خدمات الإنترنت في دول مثل اليمن بتعزيز الجهود الإنسانية وفرص الأعمال والاهتمام بالصحة والتعليم، إلا أن هذه الإمكانات تظل محفوفة بالمخاطر والمخاوف المتعلقة بالسيادة الوطنية، والأمن والخصوصية، في ظل غياب قوانين اتصالات واضحة، وتسييس استخدام التكنولوجيا كورقة مساومة في مناطق النزاع.
ويرى منتقدو الشركة المملوكة من المليادير الأمريكي أن الدور الذي لعبته "ستارلينك" في عدد من مناطق الصراع مثل أوكرانيا، لم يقتصر على الحفاظ على الاتصال بالإنترنت بعد تضرر البنية التحتية نتيجة الغزو الروسي، لكنه امتد لمساعدة القوات الأوكرانية في عمليات الطائرات بدون طيار للمراقبة والدفاع.
توجهنا بأسئلتنا عن الفرص والمخاوف المتعلقة بهذه الخطوة لخبراء منظمة Access Now "أكسس ناو" الحقوقية الدولية التي تركز على الحقوق المدنية الرقمية ومكافحة حجب الاتصالات والرقابة العالمية على الإنترنت.
في ظل معارضة الحوثيين لطرح خدمة "ستارلينك" في اليمن، ما التحديات العملية التي ترونها في جلب خدمات الإنترنت إلى المناطق النائية والمعزولة؟
تقول مروى فطافطة، مديرة السياسات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في "أكسس ناو" إن ما يحدث في اليمن مثال جديد على تسييس الاتصال واستخدامه كسلاح في مناطق النزاع.
وتضيف أن التحدي الرئيسي هو أن جميع أطراف النزاع في اليمن - كما هو الحال في العديد من مناطق الحرب الأخرى - تتعامل مع الاتصال كأداة حرب وورقة مساومة.
ما القضايا الأخلاقية أو التنظيمية التي يجب مراعاتها عند إدخال تقنيات مثل "ستارلينك" إلى مناطق ذات أوضاع سياسية معقدة؟
عن ذلك تقول فطاطة إن الفجوة ما تزال ملحوظة في الأدوات الدولية والإرشادات السياسية حول كيفية تقديم المحطات الفضائية التجارية بأمان وبشكل أخلاقي في حالات النزاع والعنف، خارج البروتوكولات التي وضعتها المنظمات غير الحكومية الدولية والجهات الإنسانية الأخرى التي تستجيب للأزمات.
وأضافت غالبًا ما يتم تحديد من يحصل على وسائل الاتصال في أوقات الأزمات بناءً على مصالح جيوسياسية وضغوط دولية. ولكن حتى في حالات الفراغ التنظيمي، فإن الأطر الدولية لحقوق الإنسان والمساعدات الإنسانية لا تزال قائمة. ويتعين على الشركات التأكد، من تحديد وتخفيف أي مخاطر أو أضرار قد تواجه الأفراد عند تقديم خدماتها، في إطار مبادئ الأمم المتحدة.
"شفافية مفقودة"
يقول جوليو كوبي، مسؤول الإغاثة الإنسانية في المنظمة، إن العادة جرت على أن الإنترنت الفضائي الجيولوجي يستخدم من قبل جهات الإغاثة الإنسانية التي تستطيع تحمل تكلفته، مع ضمان سلامتها من قبل الأطراف المتحاربة واتباع بروتوكولات صارمة للاستخدام.
لكنه شدد على أن دخول المحطات التجارية للأقمار الصناعية ذات المدار المنخفض للاستخدام الفردي من قبل المجتمعات المحلية يغير تمامًا ملف المخاطر لهذه الأنظمة.
وأضاف أن مستوى التشفير في الشبكات الحالية غير واضح، وغالبا ما تستخدم هذه الأنظمة من قبل كل من الجهات المحلية والجماعات المسلحة، ما يخلق مخاطر متنوعة على المدنيين، بدءًا من مخاوف المراقبة بسبب عدم وضوح سياسات الخصوصية وحماية البيانات، إلى الافتقار إلى التزامات بحقوق الإنسان من قبل مقدمي الخدمات كما يعرض المدنيين لخطر الاستهداف الخاطئ، أو اتهامهم بأنهم متواطؤون مع جهات أجنبية أو مشاركون في الأعمال العدائية.
في ظل الصراع المستمر في اليمن، هل تعتقد أن "ستارلينك" يمكن أن يدعم الجهود الإنسانية، مثل تحسين التواصل أو الوصول إلى المساعدات أو الموارد الدولية؟
بالنسبة إلى حوليو كوبي، "لدعم الجهود الإنسانية، يجب أولاً على مقدمي هذه الخدمات تحسين شفافيتهم من خلال توضيح السياسات المتعلقة بالخصوصية وحماية البيانات وحقوق الإنسان التي توجه التزامهم بدعم الجهود الإنسانية". ويذكر أن الخطوة التالية ستكون إضافة التشفير المفتوح والقابل للتدقيق للاتصالات الحساسة في مثل هذه المناطق، والتفاعل مع الجهات الإنسانية لتجاوز التعقيدات المتعلقة بإجراءات جلب المعدات الضرورية.
إلى أي مدى يمكن للحكومات حظر أو التدخل في خدمات الإنترنت الفضائي مثل "ستارلينك"؟ وما هي البنية التحتية التكنولوجية التي قد تحتاجها لتحقيق ذلك؟
تقول فيليشا أنثونيو، مديرة حملة KeepItOn# إنه لا يوجد حل سحري لتقديم الاتصال بسرعة وأمان إلى المجتمعات التي تم عزلها بالقوة، مشيرة إلى أنه بإمكان أطراف الصراع إتلاف الكابلات البحرية أو أبراج الاتصالات، كما يمكن أيضًا استهداف الشبكات الفضائية من خلال وسائل سيبرانية أو مادية مختلفة.
وحذرت من أنه حتى عندما تصل بعض أنظمة الأقمار الصناعية إلى المجتمعات النائية، فإن وجود المعدات اللازمة للوصول إلى هذه الخدمات قد يعرض مستخدميها لخطر كبير لأن إشاراتها يمكن اكتشافها وتتبعها.
وأضافت أن المشكلة الأساسية التي ينبغي معالجتها هي ضمان الوصول الآمن والمفتوح إلى الإنترنت دون تعريض المجتمعات لمزيد من المخاطر من أجل التواصل مع العالم.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن اتصالات ستارلينك الحوثي انترنت الجهود الإنسانیة فی الیمن من قبل
إقرأ أيضاً:
تفعيل المنظومة الأخلاقية في المجتمع العراقي
25 يناير، 2025
بغداد/المسلة:
انوار داود الخفاجي
يعدّ تفعيل المنظومة الأخلاقية في المجتمع العراقي ضرورة حتمية في ظل التحديات الراهنة التي تواجه البلاد على الصعيدين الاجتماعي والسياسي. تُشكِّل القيم الأخلاقية ركيزة أساسية لتحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة، إذ تعمل على تعزيز الروابط الاجتماعية، وتقوية الثقة بين الأفراد والمؤسسات، ومكافحة الفساد، وتوفير بيئة تساعد على بناء مجتمع قوي ومتقدم.
المنظومة الأخلاقية ليست مجرد مجموعة من القيم والمبادئ التي تنظّم السلوك الفردي، بل هي عامل محوري في تعزيز العدالة الاجتماعية والحفاظ على السلم الأهلي. عندما تسود القيم الأخلاقية، تصبح العلاقات بين الأفراد أكثر إيجابية، وتتراجع النزاعات والخلافات التي قد تهدد استقرار المجتمع. في العراق، حيث تعاني البلاد من آثار الحروب والصراعات، تبرز الحاجة الماسّة إلى إعادة إحياء القيم الأخلاقية كوسيلة لتجاوز التحديات وبناء مستقبل أفضل.
يعاني المجتمع العراقي من تحديات عديدة تحول دون تحقيق منظومة أخلاقية فعّالة، منها ضعف الوعي الثقافي، وارتفاع معدلات الفساد في المؤسسات، وتفشي البطالة، وتدهور النظام التعليمي. هذه العوامل تُضعِف الروابط الاجتماعية، وتُفاقم من الشعور بالإحباط لدى الأفراد، مما يؤدي إلى تراجع الالتزام بالقيم الأخلاقية. بالإضافة إلى ذلك، فإن الانقسامات الطائفية والعرقية تسهم في زعزعة الاستقرار الاجتماعي، ما يزيد من صعوبة تحقيق التوافق الأخلاقي.
يلعب التعليم دوراً جوهرياً في ترسيخ القيم الأخلاقية لدى الأجيال الناشئة. يجب أن تركز المناهج الدراسية على تعزيز مفاهيم المواطنة، والتسامح، والعدل، والمساواة، وتشجيع الطلاب على تبني السلوكيات الإيجابية. كما يجب أن تعمل المؤسسات الثقافية والإعلامية على نشر الوعي حول أهمية القيم الأخلاقية في الحياة اليومية. إقامة حملات توعية وبرامج توجيهية تستهدف جميع فئات المجتمع يمكن أن تسهم بشكل كبير في هذا الإطار.
يشكل الدين أحد أهم المصادر التي يستمد منها المجتمع العراقي قيمه الأخلاقية. من هنا، يجب على المؤسسات الدينية أن تساهم في تعزيز السلوكيات الإيجابية ونبذ السلوكيات الضارة، مع التركيز على القيم الإنسانية المشتركة بين جميع الطوائف. كما تلعب العائلة دوراً محورياً في تنشئة الأفراد على الأخلاق الحميدة، إذ تعدّ البيئة الأسرية الأساس الذي تُبنى عليه شخصية الإنسان.
تتحمل الدولة مسؤولية كبيرة في تفعيل المنظومة الأخلاقية من خلال وضع قوانين صارمة لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية والعدالة. كما يجب أن تسعى المؤسسات الحكومية إلى تقديم نموذج يحتذى به في السلوك الأخلاقي، مما يشجع المواطنين على الالتزام بالقيم الإيجابية.
وخلاصة القول إن تفعيل المنظومة الأخلاقية في المجتمع العراقي يتطلب جهوداً متكاملة من جميع الأطراف: الدولة، والمؤسسات التعليمية، والعائلة، والمجتمع المدني. من خلال تعزيز القيم الأخلاقية، يمكن تحقيق مجتمع أكثر استقراراً وعدالة، ما يمهد الطريق نحو بناء عراق قوي قادر على مواجهة التحديات وتحقيق تطلعات أبنائه.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts