“الحرّات البركانية بالمدينة المنورة “.. شواهد طبيعية على النشاط البركاني القديم وجمال التضاريس الفريدة
تاريخ النشر: 28th, September 2024 GMT
المناطق_واس
تحتضن المدينة المنورة، قلب التاريخ الإسلامي، العديد من المعالم الجيولوجية الفريدة التي تُشكل مَشهدًا بديعًا يُحيط ويتمازج بها جغرافيًّا، حيث تُزيّن أرض المدينة ما يُعرف بـ “الحرات البركانية”، تلك السهول السوداء التي نشأت نتيجة انفجارات بركانية قديمة، في ظل قباب الجبال المحيطة وهضابها، وتقف هذه الحرات شامخةً كلوحةٍ من الصخور البازلتية، تخبرنا بقصة تطور جيولوجي استمر على مدار آلاف السنين، لترسم بذلك مشهدًا آسرًا قلّ أن تراه في مكان آخر يمتزج فيه جمال الطبيعة مع عبق التاريخ.
وتُعد حرة “رهط” إحدى أكبر الحقول البركانية الممتدة من شمال مكة المكرمة، حتى تنتهي بالمدينة المنورة، ولابة هذه الحرة تنقلك عبر الأزمنة الجيولوجية في لحظات، فتقف على لابة ثار بركانها قبل ملايين السنين وأخرى قبل آلاف الأعوام، وعلى بُعد عشرات الأمتار تجد اللابة التي تكونت في آخر ثوران بركاني ظهر في الركن الجنوبي الشرقي من المدينة المنورة سنة 654هـ.
أخبار قد تهمك “الأرصاد”: رياح شديدة على محافظة ينبع ومركز الرايس 24 سبتمبر 2024 - 7:16 صباحًا مكافحة المخدرات تقبض على شخص بمنطقة المدينة المنورة لترويجه مواد مخدرة 17 سبتمبر 2024 - 5:28 مساءًويقول الباحث في تاريخ المدينة المنورة ومعالم السيرة النبوية عزالدين المسكي، أن عشرات الفوهات البركانية تنتشر على بساط حرة رهط لتُشكل مع لابتها لوحة طبيعية متفردة في مكوناتها ومظاهرها المختلفة، حيث تشكلت اللابة عند تبريدها على هيئة أنابيب طولية ممتدة عشرات الأمتار، وكذلك على هيئة وسائد وأخرى كأنها أمواج البحر، إضافةً إلى التجويفات والكهوف التي تكونت إما مع سيلان اللابة أو بفعل عوامل التجوية والتعرية عبر الزمن، لافتاً أن الثورنات البركانية لا تنفك من هزات أرضية نتج عنها العديد من الشقوق في قشرة الأرض، التي تجد العديد منها في هذه الحرة، كما أن لابة البركان الذي ثار قبل ما يقارب من ثمان مئة سنة تُعطي منظرًا مهيبًا للحرة في لونها الأسود الداكن، وفي اللابة المسننة التي تُشبه الأنياب الحادة، فتُجبر سالكها قديمًا على قطعها مترجلًا على قدميه، وفي مظهر فريد نجد هذه اللابة عندما وصلت منطقة حوض العاقول التي كانت تسمى قديمًا حبس سيل، داهمت سدًّا قديمًا مبنيًّا بحجارة الحرة وطوب الآجر الأحمر، فتداخلت اللابة بين الحجارة والطوب، فأصبحت كأنها المادة اللاحمة بين أجزاء السد.
ويؤكد “المسكي” أنه رغم وعورة هذه الحرة في بعض أجزائها، غير أنها لم تمنع الإنسان منذ القدم من التكيف معها والعيش في كنفها، مستفيدًا من مخزون مياهها وخصوبة تربتها، فنشأت العديد من الواحات الزراعية الضاربة في عمق التاريخ، وأمامنا الكثير من المذيلات والدوائر الحجرية التي تدل على قدم الاستيطان البشري في هذه الحرة، التي وفرت أيضاً المواد الأولية للبناء، فمن صخورها البازلتية بنى الإنسان البيوت والحصون، ونحت العديد من الأدوات مثل الرحى وغيرها، مُشيرًا إلى أن أشهر أجزاء حرة رهط هو في نهايتها الشمالية حيث أحاطت المدينة المنورة من ثلاث جهات، فالشرقية منها تُسمى حرة واقم، والغربية تدعى حرة الوبرة، وتتصلان من الجنوب بحرة تُسمى حرة معصم العليا، وهاتان اللابتان الشرقية والغربية كانتا علامة مميزة للمدينة حيث رآها الرسول المصطفى -صلى الله عليه وسلم- قبيل هجرته للمدينة فقال: («أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ، ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لاَبَتَيْنِ» – صحيح البخاري).
وأبان الباحث في تاريخ المدينة ومعالم السيرة النبوية عزالدين المسكي، أن هذه الحرّات كانت حصنًا طبيعيًّا منيعًا للمدينة المنورة، وقد وصف حسان بن ثابت -رضي الله عنه- هذا المظهر الطبيعي للمدينة فقال:
لنا حرة مأطورة بجبالها – – بنى المجد فيها بيته فتأهلا
بها النخل والآطام تجري خلالها – – جداول قد تعلو رقاقا وجرولا.
بدوره، يؤكد أستاذ الجغرافيا الطبيعة بجامعة القصيم “سابقًا” ونائب رئيس جمعية الطقس والمناخ الأستاذ الدكتور عبدالله المسند، أنه تجثم فوق أرض السعودية مئات البراكين الخامدة منذ آلاف السنين، مُشيرًا إلى أنه يُقدر وقت نشوئها قبل ما يقرب من 25 مليون سنة مضت ـ والله أعلم ـ، حيث يبلغ عدد البراكين في حرة خيبر فقط نحو 400 بركان، وفي حرة رهط بين مكة والمدينة نحو 700 بركان، وعلى مستوى المملكة نحو 2000 بركان.
وأوضح أن البراكين في السعودية شكلت عبر تاريخها الطويل 13 حرة رئيسة، ناتجة عن تدفقات بركانية عظيمة وقديمة، وأحدث بركان انفجر في أرض الحجاز بركان جبل الملساء الواقع جنوب شرق المدينة، وذلك عام 654هـ 1256م، واستمر ثورانه لعدة أيام، وسارت الحمم البركانية لمسافة 23كم، وتوقف أطول لسان للحمم البركانية قبل مسجد رسول الله -ﷺ- بنحو 8.2كم، مُشيرًا إلى أن أعمق الفوهات البركانية بالسعودية فوّهة بركان الوَعَبة (مَقْلع طِمِيّة) عمقها نحو 220م، وقطرها نحو 2000م، يقول أنه ينتاب المشاهد شعور مخيف، وهو يشاهد أعظم فوهة بركان بالسعودية، فوهة الوعبة بحرة كشب شمال شرق الطائف، حيث تستطيع مساحة الفوهة أن تستوعب حوالي 190 ملعبًا رياضيًّا، وبعبارة أخرى تستوعب أكثر من 170 ألف سيارة (فوهة بركان واحد فقط!).
وقال الدكتور المسند، إن “السعودية” تُعد من أكثر الدول العربية في عدد البراكين الخامدة، مُشيرًا إلى أن حرة بني رشيد (حرة خيبر) تُعد من وجهة نظره الأغرب بين 13 حرة في السعودية، وهي أجمل حديقة بركانية متنوعة التضاريس ومتنوعة الألوان بطريقة تجعلها قبلة سياحية عالمية مستدامة.
المصدر: صحيفة المناطق السعودية
كلمات دلالية: المدينة المنورة المدینة المنورة م شیر ا إلى أن العدید من هذه الحرة التی ت
إقرأ أيضاً:
أمير المدينة يرعى حفل تكريم الفائزين بجوائز التميز السنوية بجامعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز
المدينة المنورة : البلاد
رفع صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن سلطان بن عبد العزيز، أمير منطقة المدينة المنورة، الشكر والامتنان لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء – حفظهما الله – على دعمهما المتواصل لقطاع التعليم في المملكة، الذي يُعد ركيزة أساسية في نمو وازدهار هذا الوطن العظيم>
جاء ذلك خلال رعاية سموه حفل تكريم الفائزين بجوائز التميّز السنوية في دورتها الخامسة بجامعة الأمير مقرن بن عبد العزيز، بحضور صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن مقرن بن عبدالعزيز.
وقدّم سمو أمير منطقة المدينة المنورة، خلال كلمته، الشكر والتقدير لصاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز الرئيس الفخري للجامعة، الذي أمضى حياته في خدمة دينه ومليكه ووطنه، ولصاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن مقرن بن عبدالعزيز، على جهوده المباركة في دعم الجامعة التي تُعد صرحًا تعليميًا هامًا في خدمة أبناء وبنات منطقة المدينة المنورة.
وأشاد الأمير سلمان بن سلطان، بدور معالي رئيس الجامعة الدكتور بندر حجار على جهوده في إدارة هذا الصرح الأكاديمي الذي يسهم في إعداد الخريجين والخريجات وتجهيزهم لخدمة الوطن، ليكونوا فاعلين في المشاركة لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، مقدمًا شكره للأستاذ قيس جليدان والأستاذ غسان السليمان والأستاذ حسين السيد، والداعمين كافة على جهودهم في دعم برامج وأنشطة الجامعة، معربًا عن تطلعاته إلى تحقيق التميز في مسيرتها.
واطّلع سموه على المعرض المصاحب للحفل الذي يستعرض مراكز الجامعة وإسهاماتها في خدمة المجتمع وتعزيز الابتكار، بالإضافة إلى عرض المشاريع المتميزة لطلاب وطالبات الجامعة.
وفي بداية الحفل، شاهد سموه والحضور فيلمًا وثائقيًا يستعرض رسالة جامعة الأمير مقرن بن عبد العزيز، ودورها في تقدير الإنجازات والمساهمة في بناء مجتمع علمي متميز.
ثم ألقى معالي رئيس الجامعة الدكتور بندر بن محمد حجار، الكلمة لافتتاحية، قدّم من خلالها شكره لسمو أمير منطقة المدينة المنورة على رعايته لهذه المناسبة التي تحتفي بها الجامعة تكريمًا للكفاءات المتميزة التي تسهم في بناء مستقبل مشرق للوطن.
وأشار معاليه إلى أن جامعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز، وجهت برامجها وأنشطتها نحو تحقيق رؤية المملكة 2030 بالتوجه بعمق نحو اقتصادات المعرفة من خلال الاهتمام بالعقول وتنميتها فهي المحرك الرئيس للنشاط الاقتصادي وخلق فرص عمل وبذلك أنشئت الجامعة منظومة من البرامج الأكاديمية والمهارية تحت عنوان ” الطريق نحو التميز ” وتعد جوائز التميز جزءاً مهماً في هذه المنظومة التي تسعى من خلالها للانتقال بالجامعة نحو العالمية وجعل مخرجتها قادرة على المنافسة محليًا وعالميًا.
إثر ذلك، شاهد سموه والحضور عرضًا مرئيًا عن الفائزين بجوائز التميّز الأكاديمي والبحث الإداري لعام 2025 استعرضوا تجاربهم المُلهمة نحو التميز والابتكار متحدثين بفخر عن منجزاتهم التي قادتهم للفوز بهذه الجوائز، معبرين عن امتنانهم للدعم والدور المحوري الذي قدمته الجامعة لهم حتى الوصول إلى هذا التكريم.
ثم ألقى مساعد رئيس المجلس الفخري للجامعة المهندس قيس جليدان، كلمة خلال الحفل، نيابة عن رعاة الجوائز، أكد من خلالها أن التميز كان الهدف الأساسي لدى صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبد العزيز، مؤسس الجامعة، وعند تأسيسها قبل 15 عامًا كان يتطلع إلى أن تكون الجامعة متفوقة وتضم المبدعين والمتميزين في التعليم، مقدمًا شكره وتقديره لسمو أمير منطقة المدينة المنورة على رعايته لحفل تكريم المتميزين، ولمعالي رئيس الجامعة الدكتور بندر حجار على ما لمسه من تطور كبير في أداء الجامعة.
وأعلن المهندس قيس جليدان، عن اعتماد سمو الأمير مقرن بن عبدالعزيز، لجائزة جديدة خاصة بخريجي وخريجات الجامعة المبدعين، وسيتم الإعلان عن تفاصيلها لاحقًا.
وفي نهاية الحفل، كرّم سمو أمير منطقة المدينة المنورة، الفائزين بجائزة الأمير مقرن للمسؤولية الاجتماعية بجميع فروعها نظير إسهاماتهم البارزة في خدمة المجتمع وتعزيز التنمية المستدامة.
كما كرّم الأمير سلمان بن سلطان، الفائزين بجائزة الأمير فيصل بن سلمان للتفوق العلمي، وجائزة الأمير منصور بن مقرن للكادر المتميز، وجائزة الأستاذ إبراهيم جليدان للقيادي المثالي، وجائزة الدكتور حسن السيد للبحث العلمي، وجائزة الدكتور غسان السليمان للإبداع الإداري.