ويسأل سائل: هل أصاب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عندما قرّر أن يتوجه إلى نيويورك ليكون على تماس مع مسؤولي عواصم القرار؟
ويجيب مجيب: وهل يفضّل السائلون أن يقف رئيس حكومة كل لبنان متفرجًا عمّا يحّل بالوطن من كوارث وويلات بفعل الغارات الوحشية التي يشنّها عدو لا رحمة أو شفقة لديه، وهو ماضٍ في مخطّطه الذي بدأه بغزة ويستكمله في لبنان؟ هل المطلوب أن نكتفي بلطم الخدود والبكاء على الاطلال وتبادل الاتهامات والملامات؟ هل كان عليه ألا يفعل ما فعله حتى الآن حتى ولو كان فعل اليوم قد يثمر غدًا أو بعده؟ كان من المفروض منطقيًا أن يقوم بما قام به يوم قدّر أن المصلحة الوطنية تفرض عليه أن يقدم على ما أقدم عليه حتى لا يكون لبنان غائبًا عن مفاوضات تجري من أجله وباسمه.
فالوقت اليوم يتطلب جرأة في قول كلمة حق، وفي تسمية الأشياء بأسمائها. لأن دفن الرؤوس في الرمال في هذا الوقت بالذات قاتل. وهذا الأمر يوازي بخطورته الجرائم التي ترتكبها إسرائيل كل يوم.
ما فعله الرئيس ميقاتي اليوم في نيويورك لا يقدر أن يفعله غيره. يلتقي الجميع. يسمع ويُسمع ما يجب أن يسمعه الآخرون، الذين تبيّن أنهم لا يقصرّون في بذل أقصى الممكن للضغط على تل أبيب للقبول بتسوية تفضي إلى هدنة مؤقتة إفساحًا في المجال أمام المساعي الديبلوماسية الهادفة إلى إيجاد حل مستدام من خلال تطبيق كامل لكل بنود القرار 1701، الذي يعتبره الرئيس ميقاتي السبيل الوحيد للخروج من دوامة العنف، التي من شأنها أن تعمّق الأزمات المتراكمة، التي يعيشها لبنان منذ الثامن منتشرين الأول الماضي حتى اليوم.
ومن بين الرؤساء غير المقصّرين تجاه لبنان يأتي الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في طليعة الداعين إلى وقف فوري للنار، مع ما تشهده الساحة اللبنانية من عمليات متبادلة بين إسرائيل و"حزب الله". فاللقاء بين الرئيس الفرنسي والرئيس ميقاتي تناول الوضع المتفجّر من كل جوانبه على أمل أن يتجاوب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، الذي وصل إلى مقر الأمم المتحدة أول من أمس، مع الرغبة الدولية بوقف آلة الموت، التي تحصد المئات من الأبرياء في لبنان كما حصدت وتحصد الآلاف في غزة.
فلو لم يكن الرئيس ميقاتي متيقنًا من أن الأبرة الديبلوماسية قادرة على أن تحفر صخر المواقف المتصلبة لما راهن على ما يمكن أن تؤدي إليه الاتصالات المباشرة بالمسؤولين الدوليين، وقد أتته النصائح من كل الجهات الفاعلة والمؤثرّة على مستوى القرارات المصيرية الواجب اتخاذها لوقف دورة العنف في لبنان وفي غزة، والحؤول دون تمدّد اللهيب إلى دول الجوار.
يقول المطلعون على ما يدور في كواليس الأمم المتحدة وفي اللقاءات الجانبية، التي تُعقد على هامش الجمعية العمومية إن البحث يتركّز الآن، وفي صورة طبيعية وتلقائية، على إيجاد آلية قابلة للتطبيق المرن للقرار 1701. ومن يتابع وتيرة لقاءات رئيس الحكومة يدرك تمامًا أن الوصول إلى الصيغة العملية، التي يراها لبنان مناسبة أكثر من غيرها، وفيها من الواقعية المطلبية ما يسّهل الجهود المبذولة، يتطلب المزيد من الضغط والحنكة والمعرفة والادراك بعيدًا عن المواقف الشعبوية، وبعيدًا عن المزايدات الرخيصة، وبعيدًا عن منطق "عنزة ولو طارت".
ويخلص هؤلاء المتابعون لما يجري داخل كواليس اللقاءات النيويوركية إلى قناعة بأن ثمة استراتيجية جديدة يتم البحث فيها وتكمن في تطبيق القرار 1701، ولومعدلاً، مع مراقبة دولية أكثر تشدّدًا. فالفرنسيون لهم دور أساس في هذه العملية، بالتنسيق التام مع الأميركيين، الذين لا يمكن التوصل إلى فرض أي تسوية من دون دور فاعل لواشنطن في هذا المجال، ومدى تأثيرها على تل أبيب، على رغم مكابرة نتنياهو.
فالسباق بين الديبلوماسية الفاعلة والسعي لوقف إطلاق النار، وبين استمرار إسرائيل على المراهنة على الوقت الضائع والفاصل قبل موعد الانتخابات الأميركية، فيما تواصل تدميرها الممنهج جنوباً وبقاعاً . وعلى رغم كل هذا يبقى السؤال البديهي مشروعًا: هل يتجه لبنان اليوم بقيادة نجيب ميقاتي نحو تفاهم أيلول أو تشرين الأول على غرار تفاهم نيسان؟
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الرئیس میقاتی
إقرأ أيضاً:
ميقاتي يواصل اجتماعاته ولقاءاته من مكتبه الخاص.. الرئيس المكلف يواصل مهامه تحت ضغط الحصص والمعايير
إنتقل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى مكتبه الخاص أمس، حيث باشر متابعة تصريف الاعمال وعقد لقاءاته واجتماعاته، في اشارة واضحة الى مرحلة جديدة من عمله السياسي.
وستكون لرئيس الحكومة اليوم سلسلة لقاءات واجتماعات.
في المقابل، واصل الرئيس المكلف نواف سلام مشاوراته واتصالاته لتأليف الحكومة في ظل جملة عقد لا تزال تقف عائقاً أمام ولادة الحكومة، أهمها الضغط الداخلي عليه من الكتل والنواب للمطالبة بحصص وزارية.
وشدد سلام بعد لقائه رئيس الجمهورية في بعبدا أمس، على انه لن يتراجع عن أي معيار من المعايير التي حددها منذ اليوم الأول لتكليفه بهذه المهمة، وهي:
أولاً: حكومة تقوم على مبدأ الفصل بين النيابة والوزارة.
ثانياً: حكومة تقوم على الكفاءات الوطنية العالية.
ثالثاً: حكومة لا مرشحين فيها للانتخابات البلدية أو النيابية.
رابعاً: حكومة لا تمثيل فيها للأحزاب.
وكشفت مصادر سياسية مطلعة ان المشاورات بين الرئيس المكلّف والكتل النيابية مستمرة على وقع المعايير الأربعة التي حدّدها سلام، وان التشكيلة الوزارية لم يكتمل عقدها بعد وسط تنافس عدد من الكتل على بعض الحقائب .
وأوضحت المصادر انّ جانباً من الأسماء والحقائب حُسم من حيث المبدأ، لكن هناك جزءاً آخر منها لا يزال موضع تجاذب. وكشفت انّ اسم وزير المالية لم يُبت على نحو نهائي بعد، لافتة إلى انّ الرئيس نبيه بري يقارب هذا الأمر من زاوية التسهيل لا التعقيد.
ووفق مسؤول في المعارضة، فانّ المطلوب من الحكومة ان تكون أداة تنفيذية وأداة فاعلة وليس ان يكون داخل هذه الحكومة أدوات سابقة معطّلة لعملها او أي فريق قادر على تعطيل عملها حفاظاً على مسارها واستمرارها.
في الملف الجنوبي، بقي الوضع الأمني في واجهة المشهد الداخلي في ظل استمرار العدو الإسرائيلي بالاعتداء على أهالي القرى الحدودية وصولاً الى استهداف مدينة النبطية وجوارها بغارات، بعد يوم واحد فقط على قرار تمديد قرار وقف إطلاق النار حتى الثامن عشر من الشهر المقبل، ما يحمل علامات استفهام عدة ما يبيّته الاحتلال الإسرائيلي .
ووفق خبراء في الشؤون العسكرية والاستراتيجية، فإن الجيش الإسرائيلي يُصرّ على البقاء في نقاط تشكل التلال الحاكمة في القطاع الشرقي لا سيما تلة العويضة التي تعتبر تلة استراتيجية نظراً لارتفاعها وإشرافها على عشرات القرى اللبنانية وصولاً الى مزارع شبعا وكفرشوبا، إضافة الى أن هذه التلال الحاكمة تشكل امتداداً للجولان وقمة جبل الشيخ في سورية التي تحتلها إسرائيل وذلك لضمان الأمن الإسرائيلي من جبهتي لبنان وسورية، إضافة الى أن قرى القطاع الشرقي هي الأقرب جغرافياً للمستوطنات الإسرائيلية.
وتفيد المعلومات "ان الجيش الإسرائيلي في اعتداءاته تمادى أمس، وبادر الى استدراج أهالي القرى الحدودية الأمامية وإطلاق النار عليهم، وتقدّم الى أماكن كان قد انسحب منها. وحاول ليل أول من أمس التقدّم نحو وادي السلوقي متخطّياً النقاط التي كان الجيش اللبناني قد تسلّمها.
ولفتت مصادر متابعة إلى أن "الفترة المقبلة التي ستسبق انتهاء المهلة الممدّدة حتى 18 شباط المقبل، ستشهد انكشافاً لمخططات إسرائيلية جديدة قد تصل إلى تمديد إضافي للاحتلال".
المصدر: لبنان 24