موقع 24:
2025-04-07@08:21:41 GMT

سيناريو فاشي جديد في لبنان

تاريخ النشر: 28th, September 2024 GMT

سيناريو فاشي جديد في لبنان

إن من يدفع ثمن الحرب التي أشعلتها دولة إسرائيل الفاشية يوم الإثنين المصادف لـ23 سبتمبر(أيلول)، هو جماهير لبنان التي قتل منها خلال أقل من يومين فقط ما يقارب نصف ما قتل في حرب يوليو(تموز) 2006 خلال شهر.

الحملة العسكرية الواسعة على لبنان من قبل إسرائيل ليست لها أي علاقة بإعادة سكان إسرائيل إلى مناطقهم أو منازلهم، ولا لها علاقة بفصل حزب الله عن حماس، كما يدعي بنيامين نتانياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي.

إنها امتداد للحرب الوحشية والبربرية التي تقودها دولة إسرائيل الفاشية بعد تدمير قطاع غزة وقتل أكثر من 40 ألف مدني، ربعهم من الأطفال.
إن الحرب على جماهير لبنان فرصة ذهبية ونادرة لن تتكرر لإسرائيل، فمسعاها في إعلان حملتها العسكرية الواسعة على لبنان، هي محاولة لاسترداد مكانتها وتفوقها عبر العنجهية العسكرية بعد الضربة التي وجهت لها في السابع من أكتوبر(تشرين الأول) في العام الماضي، وفي الوقت ذاته استغلال حربها على لبنان لتحويل أنظار العالم عما اقترفت من جرائم حرب وحملة إبادة جماعية لسكان فلسطين في غزة.

وقد اتضح مرة أخرى أن الطبقة الحاكمة في إسرائيل من يسار ويمين ومعارضة، هي طبقة منسجمة وموحدة خلف سياسة نتنياهو وحكومته اليمينية الفاشية، أن الصراع بين أجنحة هذه الطبقة، الذي يبدو صاخباً في العلن ويراهن عليه الحمقى من كل حدب وصوب لإيقاف رحى طاحونة الحرب في غزة، هو صراع بالرؤى حول كيفية إدارة الحرب.
إن كلا الطرفين المتحاربين من إسرائيل وحزب الله يختلقان الذرائع لتبرير الحرب، إلا أن الوقائع تدل على أن استهتار إسرائيل بحياة الأبرياء في لبنان مرده وقوف الأنظمة الغربية وبقيادة الولايات المتحدة خلف حكومة أقل ما توصف به هي كونها نازية.
وعلى الجانب الآخر، لم يكن لدخول حزب الله على خط المواجهة مع إسرائيل في اليوم الثامن من أكتوبر(تشرين الأول) أي علاقة بنصرة أهالي غزة أو إسناد المقاومة، وقد أشرنا إليه في وقت سابق وفي الأيام الأولى لحرب إسرائيل على سكان غزة، إنما كان هدف حزب الله هو استعراض العضلات العسكرية للحيلولة دون شن، أو نزع فتيل، حرب شاملة عليه بعد الانتهاء من حماس في غزة، واعترف بذلك ضمنا حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله في أحد خطاباته قبل أشهر، ولهذا وجدنا وبالرغم من الخسائر التي لحقت بعناصر حزب الله طوال أحد عشر شهرا واغتيال الكثير من القادة في صفوفه، أنه حافظ على قواعد الاشتباك في حربه مع إسرائيل.
وفي ظل تفشي رائحة الموت والدمار، تأتي من بعيد صيحات مسؤولي الاتحاد الأوروبي وألمانيا وبريطانيا حول ما يجري في لبنان، إلا أن تلك الأصوات الخالية من المواقف، لا تتجاوز كلمات النعي في عزاء لجماهير لبنان التي لا عزاء لها، وهي وضعت بين مطرقة إسرائيل وسندان حزب الله.
واللافت في مشهد الدراما السياسي في المنطقة والذي لم يكن مفاجئاً أبداً بالنسبة إلينا هو موقف إيران، التي يتحدث رئيسها مسعود بزشكيان عن السلام، وأن إيران مستعدة للعودة إلى الالتزام بالاتفاق النووي في الوقت الذي لا يتم الحديث في الغرب عن الاتفاق النووي، وأن حزب الله غير قادر على مواجهة إسرائيل المدعومة غربيا لوحده، وتلت حديث الرئيس الإيراني تصريحات مساعده جواد ظريف بأن إيران ستدافع عن نفسها، وأن إيران مستعدة للتعاون مع الدول الأخرى لإيقاف حرب غزة، وكأن الدور وصل إليها أي لإيران بعد حزب الله، وبعد أن باتت تستشف أن مرحلة التهديدات البهلوانية بنسف إسرائيل والقضاء عليها انتهت، وأن وضع حزب الله العسكري لا يحسد عليه بعد تفجيرات البيجر واغتيال الصف الأول من قيادته، وتحولت كل جهود إيران لا بالدخول في خط المواجهة العسكرية والانتقام لاغتيال إسماعيل هنية وقادة حزب الله، بل تصب بإيقاف الحرب في غزة، وعلى حزب الله الذي بات يدفع ثمنا باهظا بالدفاع عن هيمنة النفوذ القومي للجمهورية الإسلامية في المنطقة.

لقد حققت إسرائيل هدفها غير المعلن في غزة وهو تأخير تحقيق تشكيل دولة فلسطينية مستقلة، وتحاول من خلال حربها على لبنان بحجة وجود حزب الله فرض هيمنتها العسكرية والسياسية في المنطقة، ويلاحظ أن إدارة بايدن راضية على الأداء العسكري لدولة إسرائيل، وهذه المرة بشكل علني وواضح ودون أي نفاق سياسي أو وضع الرتوش على تصريحاته، التي جاءت على لسان مستشارها للأمن القومي جيك سوليفان الذي قال لا خطوط حمراء على استخدام الأسلحة الأمريكية، وسنزود إسرائيل بكل ما تحتاجه من أسلحة، وأكثر من ذلك ترسل الولايات المتحدة المزيد من القوات الحربية إلى الشرق الأوسط كي تحافظ على انفراد إسرائيل واستهتارها بالمنطقة، وتحميها من أي حرب محتملة تشنها إيران عليها.
إن إسرائيل تسعى لاستعادة مكانتها واعتبارها من خلال حربها على لبنان، وتحاول استرداد زمام المبادرة، وقوة الردع وتعيد تلميع صورة تفوقها العسكري والتكنولوجي في المنطقة، ويعني من الجانب الآخر استعادة "هيبة" بلطجة السياسة الأمريكية في المنطقة عبر أداتها الشريرة والجهنمية التي تسمى إسرائيل.
إن ما حدث في غزة وما يحدث اليوم في لبنان، وما نتج من استقطابات دولية في المنطقة، وما يحدث من مسرحيات هزيلة وهزلية، وتساقط دموع التماسيح على سكان غزة واليوم على جماهير لبنان وما نسمعه من تأسيس دولة فلسطينية، هو ليس أكثر من مسعى كل طرف من الأطراف الدولية للبقاء في المعادلة السياسية، أو تغيير التوازنات في المعادلة السياسية من أجل النفوذ الجيوسياسي، وإن الحقيقة الوحيدة التي أمامنا اليوم، هي فضح هذا النفاق والزيف الدولي بخصوص التباكي على سكان غزة وفلسطين وجماهير لبنان وكشف فحوى هذه الحرب الرجعية، وأن نبلور قطبا جديدا، يشكّل من الطبقة العاملة والجماهير التحررية للوقوف بوجه هذه الهمجية التي تقودها إسرائيل وداعموها في المنطقة، وتتغذى عليها أمثال الجمهورية الإسلامية وحزب الله وحثالة أحزاب وجماعات وميليشيات الإسلام السياسي.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: إسرائيل وحزب الله تفجيرات البيجر في لبنان رفح أحداث السودان الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية لبنان فی المنطقة على لبنان حزب الله فی لبنان فی غزة

إقرأ أيضاً:

مقاطعة الإعلام الحربي كأداة مقاومة ضد آلة الدعاية العسكرية

مع كل نشرة أخبار — أصبحت مقاومة الحرب تبدأ بزرّ “كتم الصوت”. لم نعد بحاجة إلى جيوشٍ ولا خنادق، فالمعارك الآن تُخاض على الريموت كنترول، والهزيمة تُقاس بعدد مرات المشاهدة.
نحن جيلٌ يتصفّح الجحيم بين الإعلانات، ويستلهم ضميره من فواصل درامية مدفوعة.

لم نعد بحاجة إلى السلاح أو الجنود لنخوض الحروب، بل أصبحت المعركة تُخاض اليوم عبر شاشات التلفزيون، حيث تَتَحَكَّم التقارير الإخبارية في مصائرنا أكثر من أي معركة حقيقية. أصبحنا نعيش في عصرٍ يتخلله مشهد العنف والتدمير الذي يُعرض بين فواصل الإعلانات، في وقتٍ أصبح فيه الموت مجرد حدث يومي تُبث تفاصيله دون توقّف، وكأنما نحن جزء من مسرحيةٍ درامية لا تنتهي.

في هذا العصر، ماذا يعني أن تقاطع نشرة الأخبار؟ ببساطة، يعني أنك ترفض الانغماس في الحقيقة التي تُصاغ وفقًا لاحتياجات السلطة، وتصر على عدم أن تكون جزءًا من السرديات التي تُستخدم لإعادة تشكيل الواقع وفقًا لمصالح القوى المسيطرة.

إن مقاطعة الأخبار التي تُروّج لحكايات الصراع لا تعني إنكار الواقع، بل هي محاولة واعية لتحرير الوعي من عبودية الدعاية التي تُخفي وراءها مآسي الإنسان وتُهمّش معاناته. هذا الفعل لا يُعدّ هروبًا من الواقع، بل هو نوع من العصيان المدني الهادئ، الذي يهدف إلى كسر دائرة الرأي العام المُستعبَدة بتكرار صور العنف والدمار. غير أن هذا التأمّل لا يأتي من فراغ، بل ينبثق من وعيٍ جمعيّ تحاول المؤسسات الإعلامية الموجّهة أن تُجهضه يوميًا.

الإعلام هنا لم يعد ناقلًا للواقع، بل مُهندسًا له، خادمًا مطيعًا في بلاط السلطات العسكرية والمليشياوية، لا ينقل الأخبار بقدر ما يُعيد تشكيل الإدراك العام، وفق خطة متقنة لغسيل الدماغ الجمعي. وكأنّ من يدير هذه الماكينة الإعلامية قد قرأ بتمعّن أطروحة نعوم تشومسكي عن “تصنيع القبول”، ثم أساء استخدامها على نحو تراجيدي.

أما أولئك “الخبراء الاستراتيجيون” الذين يُستدعون كل مساء لتحليل “الموقف الميداني”، فهم في الحقيقة تجسيدٌ حيٌّ لعبثية نخبةٍ شاخت دون أن تعي، وتكلّست دون أن تتقاعد.

خبراء بلا حس، لا يُحسّون بكهولتهم، لكنهم مصرّون على أداء دور الرُسل الزائفين الذين يحملون رسائل الخراب، وكأنهم يسعون إلى تحويل معاناة الناس إلى لوغاريتمات عسكرية. أولئك الذين يمتلكون القدرة على التفسير، لا على الفعل، يُكرّسون خطابًا يُحيل المعاناة اليومية إلى مجرد معادلات انتصار أو خسارة، كأنّ حياة البشر أصبحت نردًا مسعورًا في يد نخبة مستبدّة.

وهم لا يطلبون منّا شيئًا أقلّ من المشاركة في هذه الحرب الرمزية. بل يطلبون منّا أن نكون جنودًا في جيش التأويل، حتى لو كنّا على بُعد آلاف الأميال. يُطالبوننا بأن نحمل بنادق وهمية من وراء الشاشات، ونقف صفًّا في معركة لا تُشبهنا، ضد عدوٍّ لم نُحدّده نحن، ولصالح سلطةٍ لم نخترها.

إنهم لا يطلبون تأييدًا، بل ولاءً أعمى، يجعل من صمتنا جريمة، ومن أسئلتنا خيانة، ومن تعاطفنا مع الضحية دليلًا على الانحياز غير المقبول.
ولأجل ذلك، تُستخدم أدوات السادية الإعلامية دون وجل: مقاطع الفيديو التي تُوثّق الذبح، والتنكيل، وحرق الناس و هم احياء، لا تُعرَض من أجل إيقاظ الضمير، بل من أجل تخديره. لا لشيء إلا للتطبيع مع الموت، والتعوّد على القبح، وفقدان القدرة الأخلاقية على الارتجاف من الألم الإنساني.

إنها أدوات غسيل دماغ ممنهج، تُراد لنا بها أن نُطبّع مع الرعب، أن نصبح شهودًا متواطئين في مسرحية دموية لا تنتهي. وكما يقول هربرت ماركوز: “الحرية التي تُمارَس في ظل هيمنة الصور الموجّهة ليست حرية، بل امتداد لنظام القمع في شكل جديد”. بل إنهم يُحفّزوننا — بإلحاح عاطفي ولغة مشحونة — أن نكون جزءًا من المعركة، حتى لو على البعد.

إنهم لا يريدون فقط أن نتابع أخبارهم، بل أن نتبنّى رؤيتهم للعالم، أن نحمل أعلامهم، ونغنّي أهازيجهم، ونلعن من يرفض هذا الانتماء القسري. إنهم، ببساطة، لا يطلبون وعينا، بل استلابه.

وعلى صعيد آخر، فإنّ هذه المقاطعة تُعيد إلى الجمهور السيطرة على المعلومات التي يتلقّاها، فتفتح المجال للتفكير النقدي وإعادة قراءة الأحداث من منظورٍ مختلف، بعيدًا عن التأطير الرسمي الذي يخدم مصالح الأطراف المتصارعة. إنها دعوة لإعادة صياغة رواية الحرب بحيث لا تبقى مجرد أرقام وإحصاءات تُبثّها محطات الأخبار، بل تتحوّل إلى قصة إنسانية تُبرز آلام الضحايا وتدعو إلى السلام والحوار.

إنّ في وجه هذا القمع الإعلامي والجماهيري، قد يكون صمت الفرد المقاوم، وامتناعه عن الاشتراك في ولائم الصور، أقرب إلى فعلٍ ثوريّ من ألف هتاف. كما قال محجوب شريف: “أخوي في الركن ساكت، ساكت… لكن الكلام فوقو بليغ”، فحتى السكوت يمكن أن يحمل صرخة كاملة حين يُصبح الوعي متيقظًا.

وفي ظل هذا الجنون الجماعي، تبدو كلمات الخاتم عدلان عن “الاستقلال الثاني للوعي” مُلحّة أكثر من أي وقت مضى. فمقاطعة الأخبار هنا ليست انسحابًا سلبيًا، بل بداية لانعتاق داخلي من منظومة إعلامية تُحوّل الإنسان إلى خلية ضمن معادلة ربح وخسارة. هو مقاومة ضد عقلية الحرب، وضد نظام يُعيد إنتاج الدمار باسم الواقعية السياسية.

في النهاية، تُعدّ مقاطعة أخبار الحرب في السودان فعل مقاومة، ليس فقط ضد محتوى الإعلام القمعي، بل ضد النظام الذي يُفضي إلى تكرار مآسي الماضي. هو تحدٍّ يُعبّر عن إرادة الشعوب في تحرير نفسها من دوّامة الدمار والإعلام المستعبِد، ورغبة في بناء مستقبل يُستمدّ من قيم الإنسانية والتضامن، بعيدًا عن أي محاولة لتزييف الحقيقة أو استغلال الألم لتحقيق مكاسب سياسية.

بهذا الصمت الثوري، يمكن أن يُكتب فصلٌ جديد في تاريخ المقاومة، فصلٌ تُعيد فيه الشعوب تعريف مصيرها بيدها، دون أن تُسكنها شاشات الحرب التي لا تُظهر سوى عَدائِها المستمر لكل مظاهر الحياة.

zoolsaay@yahoo.com

   

مقالات مشابهة

  • واشنطن تحاول دفع لبنان إلى القبول باللجان المدنية... الجنوب ضفة غربية أخرى؟
  • مقاطعة الإعلام الحربي كأداة مقاومة ضد آلة الدعاية العسكرية
  • قنبلة الشرق الأوسط الموقوتة تهدد بالانفجار
  • الكشف عن الدولة العربية التي قدمت دعما لحملة القصف على اليمن
  • أستاذ علاقات دولية: إسرائيل تستهزئ بالدور الأوروبي.. وماكرون طالب نتيناهو باحترام الاتفاقيات مع لبنان
  • المفتي قبلان: اللحظة للتضامن الوطني وليس لتمزيق القبضة الوطنية العليا التي تحمي لبنان
  • ايران وفرضيات العدوان
  • إسرائيل توسّع عملياتها العسكرية البرية في غزة
  • هل تحقق إسرائيل ما تريد عبر سياسة الاغتيالات في لبنان؟
  • هآرتس: لبنان يواجه خياراً صعباً بين الحرب والتطبيع مع إسرائيل