الباحثون ينشؤون قاعدة بيانات لأكثر جيناتنا غموضا!
تاريخ النشر: 12th, August 2023 GMT
إنجلترا – قام باحثون بتجميع قاعدة بيانات للجينات التي لا نعرف عنها شيئا تقريبا، لزيادة فهمنا لمخططاتنا الجينية.
وبينما نعلم أن هذه الجينات موجودة وترمز للبروتينات، فليس لدينا أي فكرة عن الغرض منها.
ويوضح باحثون من مختبر MRC للبيولوجيا الجزيئية (LMB) في المملكة المتحدة الآتي: “لقد أصبح من الواضح أن البحث العلمي يميل إلى التركيز على البروتينات المدروسة جيدا، ما يؤدي إلى القلق من إهمال الجينات غير المفهومة بشكل غير مبرر.
مرت 20 عاما منذ إطلاق مسودة أولية لتسلسل الجينوم البشري، تحتوي على عشرات الآلاف من الجينات. وتعلمنا الكثير منذ ذلك الحين، باستخدام تقنيات متقدمة مثل “كريسبر”، ولكن لا يزال هناك عشرات الآلاف من هذه الجينات لا تزال غامضة.
ويوضح عالم الأحياء الجزيئية جواو روشا وزملاؤه أن هناك العديد من الأسباب التي جعلت العلم يَغفل حتى الآن عن هذه الجينات.
وهي تشمل التمويل وأنظمة مراجعة الأقران التي تميل أكثر نحو دعم الأبحاث حول الجينات ذات الأهمية السريرية المثبتة بالفعل، أو الجينات الأكثر وفرة أو الأكثر انتشارا عبر الأنواع المختبرية.
وتصنف قاعدة بيانات Unknome جينات البروتين وفقا لمدى ضآلة المعلومات عنها، بالنسبة للبشر والأنواع الأخرى التي تمت دراستها بشكل شائع في البيئات المختبرية.
ولإثبات كيفية استخدام قاعدة البيانات هذه، أخذ الباحثون بعد ذلك عينة من 260 من جيناتنا المصنفة على أنها غير معروفة للغاية في قاعدة البيانات والتي يمكن العثور عليها أيضا في جينوم الذبابة المختبرية، ذبابة الفاكهة.
وقاموا بشكل منهجي بحذف الجينات المشتركة في الذباب النامي. ولم ينجُ العديد من الذباب، ما يدل على أن البروتينات التي يرمز إليها كل من هذه الجينات تلعب دورا مهما في بيولوجيا الحيوان.
ويقول عالم الأحياء الجزيئية شون مونرو: “هذه الجينات غير المميزة لم تستحق إهمالنا لها”.
ومن خلال إزالة تعبير الجين فقط في بعض الأنسجة دون غيرها داخل الذباب، تمكن الباحثون من تحديد بعض وظائفها. ويرتبط بعض الجينات بخصوبة الذكور وتطورها وكيفية استجابتها للتوتر.
وكتب الفريق: “هناك إمكانية لتسريع التقدم العلمي من خلال تحديد المواقف التي يتم فيها إهمال الأسئلة بشكل غير مقصود وغير مبرر”.
وحدد روشا الآن تلك الأسئلة المهملة داخل الجينوم البشري، لذا فإن الأمر متروك الآن للباحثين في جميع أنحاء العالم للمساعدة في تسريع هذا التقدم.
ويخلص مونرو إلى أن “قاعدة بياناتنا توفر منصة قوية ومتعددة الاستخدامات وفعالة لتحديد واختيار الجينات المهمة ذات الوظيفة غير المعروفة للتحليل، وبالتالي تسريع سد الفجوة في المعرفة البيولوجية التي يمثلها unknome”.
المصدر: ساينس ألرت
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: قاعدة بیانات
إقرأ أيضاً:
الاتّحاد الأُورُوبي: بياناتٌ جوفاء تُواكِبُ آلة الحرب الصهيونية لقتل الفلسطينيين
محمد عبدالمؤمن الشامي
لطالما رفع الاتّحاد الأُورُوبي شعارات الدفاع عن حقوق الإنسان واحترام القانون الدولي، لكنه في كُـلّ مرة يثبت أن هذه القيم تسقط أمام المصالح السياسية والاقتصادية. فبينما يتعرض الشعب الفلسطيني لأبشع الجرائم من قتل وتهجير وحصار، يكتفي الاتّحاد الأُورُوبي بإصدار بيانات خجولة تندّد دون أن تردع، وتستنكر دون أن تعاقب. هذه الازدواجية الصارخة في المواقف تجعل منه شاهد زور على واحدة من أطول المآسي الإنسانية في العصر الحديث، حَيثُ تُرتكب الجرائم بحق الفلسطينيين أمام أعين العالم، دون أن يحرك المجتمع الدولي ساكنًا. فإلى متى يبقى الاتّحاد الأُورُوبي متفرجًا، مكتفيًا بالكلمات، بينما الاحتلال الإسرائيلي يمضي في عدوانه بلا حسيب ولا رقيب؟
عندما اندلعت الأزمة الأوكرانية، سارع الاتّحاد الأُورُوبي إلى فرض عقوبات صارمة على روسيا، شملت تجميد الأصول، وقطع العلاقات الاقتصادية، ووقف تصدير التكنولوجيا والمنتجات العسكرية. كما قدمت دول الاتّحاد دعمًا عسكريًّا واقتصاديًّا واسعًا لكييف، متذرعة بضرورة حماية السيادة الوطنية الأوكرانية ووقف الانتهاكات الروسية للقانون الدولي.
لكن على الجانب الآخر، عندما يتعلق الأمر بفلسطين، فَــإنَّ الموقف الأُورُوبي يتغير تمامًا. رغم أن “إسرائيل” تمارس الاحتلال والاستيطان والقصف العشوائي ضد المدنيين في غزة والضفة الغربية، إلا أن الاتّحاد الأُورُوبي يكتفي بالإعراب عن القلق وإصدار بيانات غير ملزمة، دون أن يتخذ أي إجراءات فعلية لمعاقبة الاحتلال أَو الضغط عليه لإنهاء جرائمه.
التفسير لهذا التناقض يكمن في عدة عوامل، أبرزها النفوذ الإسرائيلي في أُورُوبا، حَيثُ تملك “إسرائيل” لوبيات قوية تؤثر على السياسات الأُورُوبية، بالإضافة إلى علاقات اقتصادية وأمنية متينة مع العديد من دول الاتّحاد. كما أن المصالح الاستراتيجية تلعب دورًا كَبيرًا، حَيثُ يعتبر الاتّحاد الأُورُوبي “إسرائيل” حليفًا مُهَمًّا في الشرق الأوسط، خَاصَّة في مجالات التكنولوجيا والأمن والاستخبارات، مما يجعله يتجنب أي صدام دبلوماسي معها.
إضافة إلى ذلك، يظهر الخضوع للضغوط الأمريكية، حَيثُ تتماشى السياسات الأُورُوبية في كثير من الأحيان مع التوجّـهات الأمريكية التي تقدم دعمًا غير مشروط لـ “إسرائيل”. وأخيرًا، يتجلى الإرث الاستعماري الأُورُوبي في كيفية تعامل بعض الدول مع القضية الفلسطينية بنوع من الإرث التاريخي الاستعلائي؛ مما يجعلها أقل اندفاعًا في دعم الفلسطينيين مقارنة بأزمات أُخرى.
إذا كان الاتّحاد الأُورُوبي جادًّا في إنهاء معاناة الفلسطينيين، فعليه التوقف عن الاكتفاء بالإدانات الفارغة، والبدء باتِّخاذ إجراءات ملموسة ضد الاحتلال. وتشمل هذه الإجراءات فرض عقوبات اقتصادية على “إسرائيل”، كما فعل مع روسيا، وإيقاف التعاون العسكري والتكنولوجي مع الاحتلال، ودعم التحقيقات الدولية في جرائم الحرب الإسرائيلية بدلًا من عرقلتها، والضغط على “إسرائيل” لوقف الاستيطان وإنهاء الحصار على غزة.
إن استمرار هذه السياسة المتخاذلة لا يقوض فقط مصداقية الاتّحاد الأُورُوبي، بل يجعله شريكًا غير مباشر في الجرائم التي تُرتكب بحق الفلسطينيين. وبينما تتصاعد المعاناة في غزة والضفة الغربية، يبقى الاتّحاد غارقًا في بياناته الدبلوماسية، التي لم تعد تعني شيئًا لشعب يرزح تحت الاحتلال منذ عقود، ويتطلع إلى عدالة لا تزال غائبة عن ضمير العالم.
ختامًا، يجب على الفلسطينيين أن يتيقنوا أن الانتظار للبيانات الدبلوماسية أَو الوعود الزائفة لن يحقّق لهم حقوقهم، ولن يخفف من معاناتهم. فلا العدالة تُمنح في مؤتمرات أَو من خلال تصريحات جوفاء. المقاومة هي الطريق الوحيد الذي يضمن لهم الحرية والكرامة، وهي السبيل الفعلي لتحطيم قيد الاحتلال وجعل العدالة واقعًا ملموسًا على الأرض. على الفلسطينيين أن يواصلوا نضالهم دون تردّد أَو ضعف، وأن يلتفوا حول إرادتهم وقوة مقاومتهم. وفي هذا السياق، يجب أن يعلموا جيِّدًا أن محور المقاومة بأطيافه كافة يقف معهم بصلابة، وأن أحرار العالم يشدون أزرهم في معركتهم العادلة ضد الظلم والعدوان. سيظل العالم، بكافة فصائله الحرة، داعمًا لهم في مسيرتهم نحو الحرية والاستقلال، فالعالم الحر لا يعترف إلا بحق الشعوب في التحرير والنضال؛ مِن أجلِ الكرامة.