تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أن الحرب الإسرائيلية الجديدة في جنوب لبنان تشكل إحراجًا جديدًا لإيران، وتزيد الضغط على الرئيس الإيراني الجديد "مسعود بزشكيان"، للرد على إسرائيل والدفاع عن حليفها المهم، حزب الله.

وتشير الصحيفة إلى أن المحللين يرون أن إيران رفضت، حتى الآن، الاستفزاز الإسرائيلي، لجرها إلى حرب إقليمية أوسع، ويبدو أن مرشدها الأعلى، علي خامنئي، لا يريد ذلك.

وبدلًا من ذلك، يحرص الرئيس الإيراني «بزشكيان» على تقديم وجه معتدل للعالم أثناء وجوده فى الأمم المتحدة، على أمل الاجتماع بدبلوماسيين أوروبيين لمناقشة إمكانية استئناف محادثات البرنامج النووي الإيراني، وهو ما قد يؤدى إلى تخفيف العقوبات عن الاقتصاد الإيراني المتعثر.

وضح خلال حديثه فى نيويورك هذا الأسبوع، أن بزشكيان يتهم إسرائيل بالسعي إلى زج بلاده فى حرب أوسع نطاقا، معتبرا أن "إسرائيل هى التى تسعى إلى خلق هذا الصراع الشامل، إنهم يجروننا إلى نقطة لا نرغب فى الذهاب إليها".

معضلة الرد

تواجه إيران معضلة صعبة فى وقت تتفاقم فيه الهجمات الإسرائيلية على حزب الله، فمن جهة ترغب إيران فى استعادة قوة الردع ضد إسرائيل، لكنها تخشى من دخول حرب واسعة النطاق بين البلدين، والتى من المحتمل أن تجذب الولايات المتحدة إليها، مما قد يهدد استقرار البلاد.

كما تريد إيران الحفاظ على وكلائها فى المنطقة، مثل حزب الله وحماس والحوثيين فى اليمن، والتى تعتبر خط الدفاع الأول ضد إسرائيل، دون أن تدخل نفسها فى معركة نيابة عنهم.

وتحاول إيران، فى نفس الوقت السعى إلى رفع بعض العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها من خلال استئناف المفاوضات النووية مع الغرب، مع الحفاظ على علاقاتها العسكرية والتجارية الوثيقة مع روسيا والصين، خصمى واشنطن الرئيسيين.

شبكة من الوكلاء

وتقول صحيفة "نيويورك تايمز" إنه منذ ثورة ١٩٧٩ وإطاحة الشاه، حاولت إيران نشر نفوذها فى أنحاء المنطقة وتعهدت بتدمير إسرائيل، وبنت إيران شبكة من الوكلاء الذين تموّلهم وتسلّحهم وتدعمهم لكنها لا تسيطر عليهم بالكامل.

من بينهم حماس والجهاد فى غزة والضفة الغربية، والحوثيون فى اليمن، والشيعة فى العراق، والعلويون فى سوريا، وحزب الله فى جنوب لبنان، الذى يعتقَد أنه مجهز بنحو ١٥٠ ألف صاروخ وقذيفة، مع القدرة على ضرب إسرائيل بأكملها.

وتؤكد الصحيفة أن هجوم حماس على إسرائيل قبل عام أبرز دور إيران، مستغلة الفرصة لتدمير أو تقليص وكيلين لها: حماس على حدودها الجنوبية وحزب الله فى الشمال الذى أرسل صواريخ إلى داخل إسرائيل دعمًا لحماس، مما أدى إلى طرد آلاف الإسرائيليين من منازلهم.

وفى الوقت نفسه؛ واصلت إسرائيل حربها السرية ضد إيران، مما أدى إلى مقتل ضباط كبار فى هجوم صاروخى على القنصلية الإيرانية فى دمشق فى أبريل، ثم تبادلت إسرائيل وإيران الضربات على أراضى كل منهما.

مواجهة محتملة

يبدو أن إسرائيل تستغل التحديات التى تواجهها إيران، لكن الخطر يكمن كما هو الحال دائمًا فى أنها قد تخطئ فى التقدير.

وتقول الصحيفة إن إيران تدرك أنه من الصعب على طهران تجنب الرد على الهجمات الإسرائيلية على حزب الله.

ويشير الخبير فى الشئون الإيرانية فى المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إيلى جيرانمايه، إلى أن هناك عناصر متشددة فى الحرس الثوري الإيراني وداخل حزب الله "ممن يرون أن المواجهة مع إسرائيل حتمية، ويفضلون أن تتم سريعًا".

ويحذّر كورنيليوس أديبهر، خبير الشئون الإيرانية فى معهد كارنيغى أوروبا، من أن إيران تُواجه ضغطًا لتعزيز "محور المقاومة" نوعًا ما، قائلًا: "لا يمكن لإيران أن تبتلع ما يجرى إلى الأبد، الناس يسألون، أى نوع من القوة هى إيران، إذا كانت لا تستطيع حماية وكلائها".

ويصبح مستقبل المنطقة غامضا، مع تزايد الضغط على إيران، لمواجهة التحديات الكبيرة التى تواجهها، لكن من المهم مراقبة تفاعلاتها مع إسرائيل ووكلائها فى المنطقة، لفهم أفضل لخطورة المواجهة المحتملة.
 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: لبنان إيران الحرب الإسرائيلية الرئيس الايراني مسعود بزشكيان حزب الله على خامنئي حرب إقليمية البرنامج النووي الإيراني الاقتصاد الإيراني الحرس الثوري الإيراني المجلس الأوروبي حزب الله

إقرأ أيضاً:

حكومة العهد الجديد في لبنان.. آمال عريضة تواجه تحديات اقتصادية وسياسية

بعد فراغ رئاسي طال لأكثر من سنتين، انتخب البرلمان اللبناني قائد الجيش جوزيف عون رئيسا للجمهورية في 9 يناير/كانون الثاني 2025 لتبدأ مرحلة جديدة قد تستمر لمدة 6 أعوام، ولاحقا وقع اختياره على القاضي الدولي نواف سلام رئيسا لحكومة نالت ثقة البرلمان، وسط تحديات داخلية وإقليمية غير مسبوقة.

وشهد لبنان خلال السنتين الماضيتين رابع فراغ في موقع رئاسة الجمهورية في تاريخها، بعد انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في أكتوبر/تشرين الأول 2022، مما نتج عنه اندلاع أزمة اقتصادية وانهيار مالي حاد شهدته البلاد.

ومع اندلاع الحرب في غزة ومشاركة حزب الله في "حرب الإسناد" لمدة عام ونيف قبل توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، تفاقمت حالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، وبدا أن الأفق مسدود وأن لا حلول متوفرة في دولة يتناحر فيها الفرقاء السياسيون بناء على التركيبة المذهبية والطائفية ويرتبط جميعهم بقوى خارجية تؤثر في القرار الوطني.

ولكن انتخاب عون، ومن ثم تشكيل حكومة سلام كأول حكومة في العهد الجديد، بدأ المشهد السياسي اللبناني في طريقه إلى "الحلحلة".

ونشر مركز الجزيرة للدراسات ورقة تحليلية بعنوان "الحكومة والعهد الجديد في مواجهة التحديات الاقتصادية في لبنان" بحث فيها الأكاديمي أيمن عمر ما تواجهه الحكومة الجديدة من تحديات سياسية واقتصادية ومالية وأولويات أخرى متداخلة.

انتخاب عون رئيسا للبنان جاء بعد تغييرات في المنطقة وجهود دبلوماسية قادتها اللجنة الخماسية (الفرنسية) التحديات السياسية

جاء انتخاب عون بعد 12 جلسة في البرلمان اللبناني وبفعل جهود بذلتها ما تعرف باسم اللجنة الخماسية، وهي مكونة من سفراء كل من الولايات المتحدة وفرنسا ومصر والسعودية وقطر.

إعلان

وبعد مشاورات نيابية كُلف سلام بإشادة من اللجنة الخماسية بتشكيل الحكومة، وجاءت على غير العادة من خارج التشكيلة المعتادة للحكومات اللبنانية، فقد كسر سلام قاعدة تمثيل كل فريق بعدد من الوزراء يتناسب مع حجم تمثيله النيابي، وحافظ في الآن ذاته على التمثيل الشيعي لحركة أمل وحزب الله.

واجتمعت باقي المكونات السياسية المختلفة في الحكومة حول رفض "النفوذ الإيراني" في لبنان والدعوة لاحتكار السلاح في يد الدولة، مما جعل الفريق الحكومي متجانسا إلى حد كبير رغم افتقار أعضائه للخبرة وقدومهم من خلفيات أكاديمية.

ولأن الدستور اللبناني ينص على أن النصاب القانوني لانعقاد مجلس الوزراء هو الثلثان، فإن حركة أمل وحزب الله لم يعد لهما القدرة على تعطيل جلسات الحكومة، وهو ما ينبئ ببدء حقبة جديدة في السياسة الداخلية والخارجية اللبنانية.

وتواجه الحكومة الجديدة مجموعة من المطالب العربية والدولية للحصول على الدعم الذي تحتاجه لمواجهة التحديات الاقتصادية، وعلى رأسها تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل وفق قرار مجلس الأمن رقم 1701، ونزع سلاح جميع المجموعات المسلحة، وتفكيك جميع المنشآت غير المصرح بها من جنوب الليطاني وصولا إلى كامل الأراضي اللبنانية.

وتشمل المطالب -كذلك- تحقيق إصلاح الإدارات والمؤسسات العامة وفق أسس الدستور والقوانين والمراسيم التشريعية المنظمة لعملها، إلى جانب إتمام التعيينات الإدارية المرتقبة في المراكز الأمنية والقضائية والنقدية.

انتخاب الرئيس جاء بعد عامين من الفراغ الرئاسي وأعاد للبنانيين الأمل في حلحلة الأزمات السياسية والاقتصادية (الفرنسية)

 

أولويات اقتصادية

تواجه الإدارة الجديدة -بشقيها الرئاسي والحكومي- مجموعة تحديات اقتصادية تتمثل في بدء إعمار ما دمرته الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، واستصلاح الأراضي الزراعية المتضررة، وعودة التفاوض مع صندوق النقد الدولي، والبدء في معالجة مشكلة انقطاع الكهرباء.

إعلان

وتبلغ تكلفة إعادة الإعمار والتعافي نحو 11 مليار دولار أميركي، وفق تقديرات البنك الدولي، منها 3 -5 مليارات دولار من قبل القطاع العام لتحسين البنية التحتية، ونحو 6 -8 مليارات دولار من القطاع الخاص لتعزيز قطاع الإسكان والتجارة والصناعة والسياحة.

وبينما بلغت إجمالي خسائر لبنان جراء الحرب نحو 14 مليار دولار، فإن الحكومة تواجه معضلة حقيقية في توفير الميزانية اللازمة للقيام بهذه المهمة دون اللجوء إلى مساعدة المجتمع الدولي وبالأخص دول الخليج.

وفي آخر زيارة قام بها خبراء من صندوق النقد الدولي إلى لبنان في مايو/أيار 2024، حذروا من أن عدم اتخاذ إجراءات بشأن الإصلاحات الاقتصادية الضرورية سيلحق خسائر فادحة بالاقتصاد اللبناني والسكان، وتكمن أهمية الاتفاق مع الصندوق في الحصول على ما يشبه شهادة حسن سلوك الاقتصاد اللبناني للاستشهاد بها أمام وكالات التصنيف والأسواق المالية العالمية.

وتقع على عاتق الحكومة الجديدة مهمة هيكلة القطاع المصرفي، وحل مشكلة الودائع، وتعزيز المالية العمومية عبر إقرار الموازنات العامة في مواعيدها الدستورية، وإنهاء العجز في الموازنة، وتعزيز الحوكمة والشفافية والمساءلة، واتخاذ تدابير لزيادة الشفافية في القطاع العام.

ويظهر على المدى البعيد أيضا ضرورة تحريك العجلة الاقتصادية، وتوفير فرص العمل، وتحسين سعر صرف العملة الوطنية وقيمة الليرة اللبنانية، والتنقيب عن النفط والغاز، وتنشيط بعض القطاعات المهمة لرفع الناتج المحلي وتوفير الإيرادات المالية.

وقد تراجعت نسبة النمو عام 2024 بنسبة 7.1%، وهي انتكاسة كبيرة مقارنة بنسبة النمو المقدر بنحو 0.9% في حال عدم حصول الصراع، وهي أرقام وصلت بالانخفاض التراكمي لإجمالي الناتج المحلي منذ عام 2019 إلى 40% مما أدى إلى تفاقم آثار الركود الاقتصادي وتعدد مظاهره.

إعلان

وفقدت الليرة اللبنانية خلال السنتين الماضيتين نحو 98% من قدرتها الشرائية، مما نتج عنه ارتفاع في الأسعار وتضخم مالي وتآكل في الرواتب والأجور وتقلص الطبقة الوسطى، وهو ما يحتاج مسارا تراكميا طويلا لإصلاحه.

ويعد تنشيط القطاعات المهمة للاقتصاد اللبناني مهمة صعبة ذات نتائج حاسمة لإنعاش الخزينة ورفع المؤشرات، فقطاع السياحة المتضرر من الحرب يساهم بنحو 27% من الناتج المحلي الإجمالي بإيرادات وصلت إلى نحو 5.41 مليارات دولار عام 2023، ولا يزال لبنان يأمل في الاستفادة من موارده الطبيعية وامتلاك التقنيات اللازمة للتنقيب عن النفط والغاز، رغم انطلاق أعمال التنقيب في "خانة" (منطقة) واحدة من أصل 10 "خانات" للتنقيب عن النفط على طول الساحل اللبناني.

لبنان بدأ التنقيب عن النفط في "خانة" واحدة من أصل 10 خانات على طول الشريط الساحلي (الفرنسية) إلى أين تتجه الأزمة الاقتصادية؟

تعد الطريقة التي وصل بها عون إلى رئاسة لبنان وتشكيل الحكومة بتركيبة مميزة مؤشرا على انتهاء حقبة سياسية في تاريخ لبنان، وتراجع نفوذ حزب الله وحلفائه في الدولة لأول مرة منذ 20 عاما، خاصة بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا المجاورة.

وبالنظر إلى تركيبة الحكومة الحالية، تستهدف المرحلة الجديدة تهيئة الظروف والقواعد لمرحلة انتقالية في مسار السياسة الداخلية اللبنانية تمهيدا لبحث سلاح حزب الله وإضعاف النفوذ الإيراني في مرحلة أولى، ثم وضع لبنان على الحياد تجاه أزمات المنطقة وتطبيع العلاقات مع الدول العربية في مرحلة ثانية.

وتتلخص السيناريوهات المتوقعة من الحكومة اللبنانية في:

أولا: تنفيذ القرارات الدولية كاملة في وقت قصير، وهو أمر مستبعد. ثانيا: تحقيق تقدم جزئي وإصلاحات جانبية تساعد في استتباب الهدوء وبدء عودة الاستثمارات. ثالثا: الفشل، ومن ثم تفاقم الأزمة ومزيد من الضغط الاقتصادي.

[يمكنكم قراءة الورقة التحليلية كاملة من هذا الرابط]

إعلان

 

مقالات مشابهة

  • نيويورك تايمز: نتنياهو يعيد إشعال الحرب ضد غزة لفرض تنازلات من حماس
  • البيت الأبيض: ترامب وبوتين اتفقا على منع إيران من تدمير إسرائيل
  • انتهاك إسرائيل لوقف إطلاق النار بغزة يتصدر مباحثات الرئيس السيسي وأمير الكويت
  • لقاء بين الجميّل وصدي ركّز على الاشكاليات التي تواجه قطاع الكهرباء
  • “لحظة يالطا”.. نيويورك تايمز تصف مكالمة بوتين وترامب بالتاريخية
  • الملف النووي الإيراني: أي سيناريوهات
  • الملك الأردني يؤكد ضرورة تكثيف جهود التوصل لتهدئة شاملة في المنطقة  
  • نيويورك تايمز: لا تخدع نفسك.. جامعة كولومبيا لن تكون النهاية
  • حكومة العهد الجديد في لبنان.. آمال عريضة تواجه تحديات اقتصادية وسياسية
  • بالفيديو.. نيويورك: الشرطة تبحث عن مشتبه به أشعل النار في أحد المارة قرب تايمز سكوير