دعوة لإسعافات أولية للتراث غير المادي في السودان
أدناه مدخل ومقدمة المحاضرة التي أزمعت تقديمها عن الجرتق وتوثيق صناعته بالدوحة ولكن منعت السفارة إقامتها بالمركز الثقافي السوداني:
مدخل
حينما اندلعت حرب أبريل 2023م المقيتة لم يكن أكثرنا تشاؤمًا يظن أنها سوف تستمر لتقضي على الأخضر واليابس وتحل عرى البلاد تباعًا، ومع توغل المحتربين في القتل والسطو والدمار تفاقم القلق حول مصير البلاد، وحيوات المدنيين النازحين واللاجئين والمحاصرين بين المتقاتلين، قلق بشأن أمنهم وطعامهم وعلاجهم وسكنهم مع احتلال منازلهم أو وقوعها تحت القصف، قلق على تعليم أطفالهم وشبابهم وفقدانهم لمصادر الدخل وغيرها من الملفات العاجلة والملحة.

لكن مؤخرًا فقط بدأت الأصوات تهمس حول قضية مهمة ظل العاملون في ملفات الإبقاء على قيد الحياة يعتبرونها ثانوية وهي مسألة التراث الثقافي للبلاد والمخاطر التي يواجهها بسبب الحرب.

تنطلق هذه المساهمة من فكرة محورية وهي أن هذه الحرب كأنما لإبادة كيان الشعب السوداني بأسره. لقد صدر تقرير أطباء بلا حدود في يوليو الماضي بعنوان “حرب على الإنسان”، وصف فيه كيف هوجمت المستشفيات، وقصفت الأسواق، وسويت المنازل بالأرض، واغتصبت النساء.. اعتبر التقرير أن استهداف الإنسان السوداني بلغ في الحرب حدًا كبيرًا كأنما الحرب عليه لا على عدو مقاتل. يزيد من استهداف الإنسان انطلاق الحرب في مناطق الإنتاج الزراعي فكأنما هناك خطة لزراعة الجوع عبر الحرب، بدءا بولاية الجزيرة سلة غذاء السودان وتعطيل الموسم الزراعي، ثم النيل الأزرق، وجنوب كردفان.

بعدها بشهرين، وفي سبتمبر الجاري دقت اليونسكو أجراس الخطر قائلة “يبدو أنّ التهديد المحدق بالثقافة بلغ مستوى غير مسبوق خلال الأسابيع الأخيرة، مع ورود تقارير عن نهب المتاحف والمواقع التراثية والأثرية والمجموعات الخاصة.”
لقد زحفت مخاطر على هوية السودان وثقافته لم تدق لها الأجراس بذات القدر، بينما ظل كثيرون ينظرون بريبة لتصرفات لا يمكن تبريرها كخسائر مصاحبة لتراشق النيران بين أخوة الأمس أعداء اليوم، بل كأنما لمحو ذاكرة السودان وتراثه وخبرته العلمية.. تصرفات شملت حرق المكتبات “مكتبة الجامعة الأهلية كمثال” أو الهجوم على ذاكرة الأمة “دار الوثائق، وسجلات الأراضي كمثال”، ومراكز البحث “مركز أبحاث المايستوما ومركز ساتي للأبحاث المعملية بمستشفى سوبا كمثال”، والهجوم على المتاحف ونهبها “متحف السودان القومي بالخرطوم ومتحف نيالا ومتحف الخليفة بأم درمان كأمثلة”.

وفي هذه الورقة سنبدأ بمقدمة تجيب على سؤالين هما:
– لماذا يتنامى الاعتبار بأن الحرب اللعينة الحالية لا تقف عند حد العداء بين متقاتلين بل تستهدف محو كيان السودان بإبادة التراث ومحو الذاكرة.
– وماهية التراث المادي وغير المادي السوداني المعرض للخطر.
ثم ندلف إلى موضوعنا عن الجرتق ومكانته ضمن التراث غير المادي السوداني ودواعي صونه وكيفية ذلك؟
مقدمة:
أولاً: لماذا هي حرب إبادة؟
لقد واجهت بعض المجموعات السكانية أثناء هذه الحرب محاولات إبادة من قوات الدعم السريع كالمساليت وربما غيرهم من القبائل غير العربية في دارفور، إذ شهدنا مذابح وسمعنا قصصًا تنتمي لما حدث لتلك المكونات الوطنية الأصيلة أثناء النظام البائد ما بعد تفجر الحرب الأهلية في 2003م وإن كانت درجة العنف والإبادة في الحرب الحالية أفظع بصورة أُسيّة. وفي المقابل تشكو القبائل التي تشكل حواضن قوات الدعم السريع من استهداف مضاد من القوات المسلحة والاستخبارات العسكرية؛ مما ينذر بولوغ مرحلة الحرب الأهلية الشاملة على نحو ما حدث في رواندا بين التوتسي والهوتو في خواتيم الألفية الماضية، وما ينتج عن ذلك من إبادة متبادلة.

وبينما ينشغل الناس عن استحقاق بالقضايا الإنسانية الملحة دفاعًا عن الحق في الحياة، فإن حياة أخرى للسودان تُهرق بدون الانتباه اللازم، إذ وكما يقول ويبر أندرو وجومانا الزين خوري فإن الثقافة ليست محلًا للإرجاء وإن “من أهم التحديات الأساسية التي نواجهها هو عدم إدراج الاعتبارات الخاصة بالتراث الثقافي بشكل رسمي في أغلب أنظمة الاستجابة السريعة لحالات الطوارئ المحلية والوطنية” .
وفي الدليل الإرشادي المختص بحماية التراث في أوقات الأزمات يصف أبارنا تاندون أهمية حماية التراث الثقافي في أوقات الكوارث والنزاعات وكيف “أولت المجتمعات التي علقت في شراك النزاعات العنيفة الأولوية لحماية تراثها الثقافي حتى أثناء تعرض أمنها الشخصي للخطر”. مؤكدًا أن “الصور الفوتغرافية، والوثائق، والأعمال الفنية الدينية والشخصية، والتقاليد، والمباني، كل ما يربط الناس ببعضهم ويحمل بداخله حسا بالهوية أو وسيلة لكسب العيش تصبح أكثر قيمة اثناء الدمار والنزوح، ولذلك فمن الضروري عدم إرجاء عمليات حماية وإعادة تأهيل التراث الثقافي أو فصلها عن المساعدات الإنسانية المقدمة خلال وبعد حالة الطوارئ، خاصة حينما يكون الهدف العام هو مساعدة الشعب في التغلب على الصدمات واجتيازها” .
أوضح تاندون ضرورة إدارة الإسعافات الأولية للتراث الثقافي في أنظمة الاستجابة السريعة لحالات الطوارئ الدولية والوطنية والمحلية والإغاثة الإنسانية، بهدف “تعزيز قدرة التراث الثقافي المتضرر على التعافي، مما ييسر بدوره تعافي المجتمعات المتصلة به”.

إن حفظ التراث الثقافي للمجموعات التي تعاني مآسي الحرب يعد أولوية كذلك للحفاظ على تماسك المجتمع وصحته نفسيًا. وفي دراسة عن “الحرب والصحة النفسية” تتبع ديريك سمرفيلد الآثار الثانوية للحرب على الحياة الأسرية والاجتماعية والاقتصادية كعوامل مهمة للتنبؤ بآثارها النفسية، وقال:
ربما يكون الأثر الأعنف للحرب على الضحايا هو أنهم يشهدون تدمير المجتمع الذي يجسّد تاريخهم وهويتهم وقيمهم الحية، ومثال ذلك ما لاقاه هنود “المايا” في جواتيمالا خلال ثمانينيات القرن الماضي، إذ ذبح سبعون ألفا من المدنيين وانمحت أربعمائة واربعون قرية من خريطة العالم، إن أساطير “المايا” وهويتهم ترتبط بالأرض والذرة، لذا يشعر الناجون من تلك الأحداث المروعة كأن جرحا غائرا أصاب جسد أمتهم، فأتى على كل شيء، النمل والشجر والدواب وقضى على ما بناه الأسلاف عبر العصور، كما شعر الناجون بأن حرق الجيش للمحاصيل ليس هجوما على قوتهم فحسب، بل على رمز طالما اشتهروا به وافتخروا بكونهم “شعب الذرة”، لقد كان ما حدث إبادة جماعية لهم.
لقد اعتبر استهداف التراث الثقافي أو تعريضه للخطر بمثابة ضربة ثلاثية للماضي والحاضر والمستقبل.

الضرر الأبلغ للماضي هو ضياع آثاره والإضرار بمدوناته ووثائقه. والحرب تؤثر على الآثار والوثائق والمكتبات حينما يستهدفها المحاربون بالقصف أو الاحتلال والتدمير.
يصف حسن جوني تدمير الأعيان الثقافية أثناء الحرب ب”احتلال التاريخ”، ويرافع من أجل اعتبار الإضرار بالتراث الثقافي يعني إبادة للشعب الذي يتم تدمير تراثه ويقول إن الانتهاكات المتعلقة بتدمير التراث الثقافي أثناء النزاعات المسلحة تعتبر في القانون الدولي جرائم حرب، كما تنص “اتفاقية 1954 والبروتوكول الأول لاتفاقيات جنيف 1977 والبروتوكول الثاني لاتفاقية لاهاي 1999″، فعلى هذا الأساس اتهمت المحكمة الجنائية من أجل محاكمة مجرمي الحرب في يوغوسلافيا السابقة بعض المتهمين بالتعدي على الممتلكات الثقافية بارتكاب جرائم الحرب. ويقول:
النتائج الخطيرة التي تنتج عن العدوان على الممتلكات الثقافية أثناء النزاعات المسلحة قد تهدد، في بعض الأحيان، وجود شعب بأكمله، حيث هناك ربط وعلاقة بين الوجود البيولوجي والوجود الثقافي لشعب ما. فالإبادة الثقافية كانت في الأساس مدرجة في مشروع اتفاقية منع جريمة إبادة الأجناس والمعاقبة عليها (1948)، الذي أعد آنذاك من قبل الأمين العام للأمم المتحدة وكذلك في المشروع الذي أعد من قبل اللجنة الخاصة بالإبادة. وهذه الإبادة كانت تغطي كل عمل عن سابق تصميم يقترف بهدف تدمير اللغة أو الدين أو ثقافة مجموعة من البشر، كتدمير المكتبات والمتاحف والمدارس والأعيان الثقافية وأماكن العبادة والأشياء الثقافية للمجموعة أو منعها من استعمالها.

وجرت محاولات عديدة من أجل اعتبار هذه الجريمة، أي جريمة الاعتداء على الأعياء الثقافية، جريمة إبادة وضرورة عدم فصلها عن جريمة الإبادة الجسدية أو البيولوجية كون أن هذه الجرائم تكمل بعضها البعض. إلا أنه، وللأسف، لم يؤخذ بهذا الموقف واقتصرت الأعمال التي تشكل جريمة إبادة بالإبادة الجسدية والإبادة البيولوجية.
هناك ضرر آخر لا يهتم به الناس كثيرًا وهو نزيف الكبار والمسنين أثناء الحرب، وهو نزيف بدأ منذ عهد الكوفيد ثم تفاقم مؤخرًا، فالنزوح الكبير في ظروف سيئة لم يتحمله كثير من المسنين والمسنات في السودان، والباقون في أماكن النزاع يعانون ندرة الطعام والعلاج، مع تفشي الأمراض والحميات من ملاريا وحمى الضنك والكوليرا وغيرها. هذا النزيف يؤثر على مخزون الخبرة التقليدية من تاريخ شفهي، ومعارف بالتقاليد والعادات بصورة كبيرة.
إننا نرى أن الجرائم المرتكبة بحق التراث الثقافي المادي منه واللا مادي في السودان، لا تنفصل بحق عما يحدث للإنسان السوداني جسدًا، وإن نظرة وتفكرًا للأعمال المرتكبة في الحرب الحالية تنبي بأن الإبادة الجسدية مصحوبة بإبادة ثقافية متمثلة في استهداف التراث المادي واللا مادي على السواء: المتاحف، دور العبادة، مراكز البحث، المكتبات، المقتنيات الشخصية للأسر، دور العبادة والأضرحة، إلخ، علاوة على ضياع الخبرة التقليدية المخبأة في الصدور. إن احتلال التاريخ وإبادة معالمه، وتدمير خزائن المعارف وذواكر الأمة، لا يُفهم إلا في إطار إبادة لماضي وحاضر ومستقبل البلد. إنها حرب تهدف، بوعي أو بدونه، إلى إبادة وطن يسمى السودان.
ثانيًا: التراث المادي وغير المادي
يشير التراث المادي لأي شعب للأعيان الثقافية المتمثلة في الآثار والمباني والأماكن الدينية والتاريخية والتحف من منشآت دينية كالمساجد، والمباني الحربية الأثرية كالحصون والقصور والقلاع، والأسوار والبوابات التي تقع ضمن تعريف الآثار لأي بلد وتتم حمايتها في السودان عبر الهيئة القومية للآثار والمتاحف. بينما أنشأ السودان عام 2017م مؤسسة معنية بحفظ ورعاية التراث غير المادي وهي المجلس القومي للتراث الثقافي وترقية اللغات.
التراث غير المادي والذي نُعنى به في هذه الورقة تعرفه الأمم المتحدة في اتفاقية “صون التراث الثقافي غير المادي” التي تبنتها اليونسكو عام 2003م، في المادة (1) من الاتفاقية بأنه:

الممارسات والتصورات وأشكال التعبير والمعارف والمهارات – وما يرتبط بها من آلات وقطع ومصنوعات وأماكن ثقافية – التي تعتبرها الجماعات والمجموعات، وأحيانا الأفراد، جزءا من تراثهم الثقافي. وهذا التراث الثقافي غير المادي المتوارث جيلا عن جيل، تبدعه الجماعات والمجموعات من جديد بصورة مستمرة بما يتفق مع بيئتها وتفاعلاتها مع الطبيعة وتاريخها، وهو ينمي لديها الإحساس بهويتها والشعور باستمراريتها، ويعزز من ثم احترام التنوع الثقافي والقدرة الإبداعية البشرية.
وتنص المادة (2) من الاتفاقية على أن “التراث الثقافي غير المادي” يتجلى بصفة خاصة في المجالات التالية:
‌أ. التقاليد وأشكال التعبير الشفهي، بما في ذلك اللغة كواسطة للتعبير عن التراث الثقافي غير المادي؛
‌ب. فنون وتقاليد أداء العروض؛
‌ج. الممارسات الاجتماعية والطقوس والاحتفالات؛
‌د. المعارف والممارسات المتعلقة بالطبيعة والكون؛
‌ه. المهارات المرتبطة بالفنون الحرفية التقليدية.
وقد نصت الاتفاقية على تدابير لصون هذا التراث من التدمير بمختلف الأسباب وإن كانت معنية أصلًا بالتهديد الذي يتعرض له في الظروف الطبيعية، إذ:
“يلاحظ أن عمليتي العولمة والتحول الاجتماعي، إلى جانب ما توفرانه من ظروف مساعدة على إقامة حوار متجدد فيما بين الجماعات، فإنهما، شأنهما شأن ظواهر التعصب، تعرضان التراث الثقافي غير المادي لأخطار التدهور والزوال والتدمير، ولا سيما بسبب الافتقار إلى الموارد اللازمة لصون هذا التراث”.

ولصون هذا التراث أنشأت الاتفاقية اللجنة الدولية الحكومية لصون التراث الثقافي غير المادي، على أن “تقوم كل دولة طرف بالاتفاقية بوضع قائمة أو أكثر لحصر التراث الثقافي غير المادي الموجود في أراضيها” إضافة لتدابير صون أخرى كاعتماد سياسة تستهدف إبراز دور التراث الثقافي غير المادي، وتعيين جهاز مختص بصون ذلك التراث، وتشجيع إجراء دراسات ومنهجيات تستهدف الصون، واعتماد تدابير قانونية وتقنية وإدارية ومالية لإنشاء مؤسسات التدريب على إدارة التراث الثقافي غير المادي وضمان الانتفاع به وإنشاء مؤسسات مختصه بتوثيقه .
كما نصت المادة (17) من الاتفاقية على أن تضع اللجنة وتنشر “قائمة التراث الثقافي غير المادي الذي يحتاج إلى صون عاجل” في كل دولة وهي قائمة يتم إقرارها من قبل الجمعية العامة.
صادق السودان على اتفاقية صون التراث غير المادي، وبناء على ذلك شكلت وزارة الثقافة والإعلام لجنة وطنية لحصر التراث الثقافي غير المادي. عملت اللجنة منذ العام 2014م على حصر التراث الثقافي غير المادي وأشرفت على عدد من مشروعات المساعدة لحصر وتسجيل وتوثيق التراث بدءًا بعمل خارطة ثقافية وقوائم حصر ودورات تدريبية ومقابلات ميدانية. وفي 2012م بدأ السودان بتنفيذ مشروع الحفظ الرقمي للفولكلور، وأرشيف الموسيقى التقليدية بجانب جمع وتوثيق ألعاب الصبية التقليدية، وفي 2017 تم إنشاء المجلس القومي للتراث الثقافي وترقية اللغات كجسم يرعى التراث الثقافي غير المادي.

وقد عملت اللجنة الوطنية للحصر على حصر التراث الثقافي في كل من كردفان والنيل الأزرق باعتبارهما منطقتي نزاعات تأثر فيها التراث الثقافي غير المادي .
وفي السنوات الأخيرة نمت قائمة الحصر الخاصة بالسودان حتى بلغت (33) عنصرا. فمنذ أن صادق السودان على الاتفاقية، تم تكليف المجلس القومي للتراث الثقافي وتعزيز اللغات بإنشاء قائمة التراث السوداني غير المادي الإلكترونية في السودان.
وجاء في الموقع الإلكتروني الخاص بالقائمة أنه: “بفضل صفاته الفريدة، يساهم كل تقليد مدرج في التنوع الثقافي خارج حدود البلاد وينقل ثراء التراث الثقافي الحي للسودان”. شملت العناصر التراثية عناصر متنوعة، وجاء الجرتق تحت التعريف التالي “الجرتق السوداني عادة طقسية لازمة في عدد من المناسبات (الحمل، الميلاد، الختان والزواج)، من أجل الحماية والخصوبة.”الخ
الجرتق وغيره من العناصر التراثية السودانية مهدد بالحرب من نواحٍ عديدة:
– فالأسر الأكثر تمسكًا بالطقس تحتفظ بأدوات الجرتق الموروثة من الجدات في منازلها وكثير منهم خاصة في العاصمة تم تهجيرهم بسبب الحرب والغالبية خرجت تاركة مقتنياتها ومنها الجرتق.

– المصدر التجاري لأدوات الجرتق في سوق أم درمان تم تدميره تماما منذ أيام الحرب الأولى.
– الخبرة التقليدية المتعلقة بالجرتق وبغيره مهددة بالنزوح واللجوء وظروف الحرب في المدن السودانية وكذلك حملتها من المسنات.

كل هذا يدعونا لضرورة إطلاق حملة حفظ التراث اللا مادي عبر عمل ميداني ومقابلات يجريها شباب متطوع بعد الحصول على تدريب مبدئي بشأن أساسيات العمل في جمع الفولكلور، وهي حملة ممكن أن تبدأ فورًا في مجتمعات الهجرة التي استضافت الفارين من الحرب.

رباح الصادق المهدي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: التراث الثقافی غیر المادی التراث غیر المادی للتراث الثقافی التراث المادی فی السودان هذا التراث ا التراث من أجل

إقرأ أيضاً:

هل معادن أوكرانيا النادرة التي أشعلت الحرب ستوقفها؟

تحظى المعادن النادرة بحضور قوي على طاولة المفاوضات الجارية لوقف الحرب الروسية الأوكرانية، حيث أبدت الولايات المتحدة اهتماما بالغا بتوقيع اتفاق مع كييف لإدارة هذه المعادن، وهو ما تم فعلا أمس الأربعاء.

ووفقا لتقرير أعده مراسل الجزيرة في كييف حسان مسعود، فإن هذه المعادن -التي تمتلك الصين نصف الاحتياطي العالمي منها- تعتبر واحدة من أهم ساحات التنافس الدولي نظرا لأهميتها الكبيرة في العديد من الصناعات الإستراتيجية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2اشتباكات صحنايا تكشف هشاشة السلام بين الدروز والحكومة السوريةlist 2 of 2الأمن يستعيد السيطرة على أشرفية صحنايا بعد اشتباكات مسلحةend of list

وإلى جانب خصوبتها، تُعرف الأراضي الأوكرانية بغناها بالفحم والمعادن الثقيلة والنادرة التي تشد أنظار الغرب والشرق على حد سواء، وهو ما أحال السيطرة عليها من صراع إقليمي إلى نزاع دولي.

وبعد أن كانت السيطرة على إقليم دونباس -الذي يحمل اسم المناجم الضخمة التي يزخر بها- واحدة من أهم عوامل اشتعال الحرب قبل ثلاث سنوات، فإن حفاظ كييف على ما تبقى منه قد يكون سببا لتوقف هذه الحرب، كما يقول التقرير.

فقد خسرت أوكرانيا خُمس أراضيها في هذه الحرب، بما فيها أهم المناطق التي تحوي موارد طبيعية تقليدية كالفحم والحديد ورواسب النفط والغاز، وأجزاء من المعادن النادرة والحساسة.

وقف الحرب حفاظا على المعادن

ويبدو السعي الأميركي الحثيث إلى وقف الحرب محاولة لإنقاذ ما تبقى من هذه المعادن خارج السيطرة الروسية، حتى يتسنى لكييف وحلفائها الغربيين الاستفادة منها.

إعلان

وبعد بحث معمق، خلص التقرير إلى أن غالبية هذه المعادن بالغة الأهمية والندرة، تمثل مطمعا للدول الكبرى وكبار صناع التكنولوجيا في العالم- تقع في مناطق لا تزال خاضعة للسيطرة الأوكرانية.

فعلى حدود دونباس مباشرة، تقع مدينة دنيبروبتروفسك التي تسيطر عليها كييف بشكل كامل، وهي مدينة تختزن أرضها عددا من هذه المعادن النادرة مثل النيكل، الكوبالت، اليورانيوم، والمنغنيز وغيرها من المواد التي تدخل في الصناعات النووية والعسكرية الحساسية.

كما تحتضن منطقة "كريفي ريه"، أكبر مناجم الحديد الأوكرانية، الذي تمكنت الجزيرة من الدخول إليه والتعرف إلى طريقته في التنقيب عن الحديد والخامات الأخرى.

ووفقا لمدير منجم الحديد في شركة "بي آي سي" (BIC) بمقاطعة كريفي ريه، أوليغ غرافشينكو، فإن كييف لا تزال تستخرج الحديد منخفض التركيز من أحد محاجر المقاطعة، رغم أنهم لا يعملون بكامل طاقتهم بسبب الحرب.

الفولاذ الإلكتروني

وعلى ضخامتها، فإن المعدات والأجهزة الموجودة في هذا الموقع تظل صغيرة أمام حجم الموارد التي تخفيها الأرض الأوكرانية، وهذا ما جعل "سيرغي" يواصل العمل في مصنع "كريفي ريه ستال"، طوال مدة الحرب.

يقول هذا المواطن الأوكراني للجزيرة، إن خسارة بلاده مصنع آزوف ستال الشهير للصلب، دفعه أكثر إلى مواصلة العمل سبيلا للحفاظ على موارد البلاد.

ويمثل "كريفي ريه ستال"، أكبر مصانع الصلب المتبقية بيد الأوكرانيين، وهو لا يتوقف عن إنتاج ملايين الأطنان سنويا لإطفاء شيء من نار الطلب العالمي على الفولاذ وأنواع الحديد المختلفة.

ورغم أهمية ما ينتجه المصنع من الفولاذ والحديد المتنوع، إلا أن التركيز الأكبر ينصب على ما يسمَّى بالفولاذ الإلكتروني، الذي يدخل في صناعة محركات السيارات الذكية والمحولات وتوربينات الطاقة الكهربائية.

وينتج مصنع "كريفي ريه"، الفولاذ من خام الحديد، بينما تنتج مصانع أخرى أكثر تخصصا الفولاذ الكهربائي من خردة الحديد الذي يعالج بواسطة السيليكون.

إعلان

تريليونات الدولارات

وتقدر المعادن التي تحويها الأرض الأوكرانية بنحو 11 تريليون دولار، وهي قيمة ما تمكن العلماء من تقديره وبحثه حتى الآن، حيث تحتفظ جامعة دينبرو بقرابة 120 نوعا مختلفا منها.

وفي محاولة لتلخيص القصة الكبيرة للمعادن الأوكرانية النادرة، يقول رئيس قسم الجيولوجيا العامة بجامعة دينبرو، سيرغي شافشينكو، إن هذه العناصر الأرضية النادرة "تدخل في كل ما يحيط بنا".

ويضيف شافشينكو "لولا هذه المعادن ما كانت الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر موجوة في أيدينا، فضلا عن تقنيات الصواريخ والطائرات ووسائل الفضاء"، مؤكدا أن هذه العناصر "بالغة الأهمية، وهي جزء من الصراع لأن أوكرانيا ثرية بها".

وبعيدا عن مناطق القتال، تزداد قيمة المعادن النادرة الموجودة في وسط وغرب البلاد، بما فيها حقل التيتانيوم الواقع في "جيتومر"، حيث تمتلك أوكرانيا أكبر احتياطات أوروبا (ما يعادل 7% من الاحتياطي العالمي) من المعدن الذي يعتبر أساسيا في الصناعات الفضائية والطبية والبحرية.

ومع ذلك، فإن ما تمتلكه أوكرانيا من المعادن النادرة يعتبر بسيطا إذا قورن بما تمتلكه الصين التي تمتلك ثلث احتياطات العالم، وهو ما يعكس تمسك الولايات المتحدة بالوصول إلى ما تبقى خارج أيدي خصومها من هذه المعادن، وخصوصا أوكرانيا التي تعوم على بحر مما تحتاجه أميركا لصناعات الذكاء الاصطناعي مثل الغرافيت.

ففي مقاطعة كريفوغراد، جنوب وسط البلاد، حيث يقع أحد أضخم حقول الغرافيت، يبذل الأوكرانيون جهودا لتكرير المعدن الثمين وتجهيزه للاستخدام.

ويرى الخبير في المعادن النادرة، فلوديمير كادولين، أن الصين تعتبر أكبر لاعب عالمي في مجال المعادن النادرة اليوم، مؤكدا أنها تحتكرها تقريبا بعدما أزاحت الولايات المتحدة من سوقها العالمية.

وبالنظر إلى امتلاك أوكرانيا هذه الثروات وعدم قدرتها على استخراجها منفردة، سيكون من الجديد -برأي كادولين- اختيار أفضل الأطراف التي يمكنها تقديم أفضل شروط استثمارية لكييف، ما أدى إلى وضع قوانين خاصة بهذه الاستثمارات.

إعلان

في الوقت نفسه، يقول كادولين "إن هذه المعادن الأوكرانية لا يجب احتكارها من طرف واحد في ظل التنافس العالمي المحتدم عليها".

مقالات مشابهة

  • وكيل التراث والسياحة للتراث يزور عددًا من المواقع الأثرية ومشروع مركز الزوار بمحافظة مسندم
  • إبادة التعليم وحرب “التجهيل”.. وجه آخر للمأساة المستمرة في قطاع غزة
  • هل معادن أوكرانيا النادرة التي أشعلت الحرب ستوقفها؟
  • رباح المهدي: اب كيعان إنما اباد وسفك دم الإنسان ويريد ان يقطع ويركع السودان
  • «أبوظبي للتراث» تشارك في «موسم طانطان» بالمغرب
  • بيرنت: ملتزمون بدعم الشعب الليبي في الحفاظ على تراثه الثقافي
  • «أبوظبي للتراث» تشارك في فعاليات الدورة الـ18 من «موسم طانطان الثقافي» في المغرب
  • 50 عاما على نهاية حرب فيتنام التي غيّرت أميركا والعالم
  • ثورة ديسمبر أصبحت محطة أولية في مسار قطار حرب 15 أبريل
  • “صور من التراث السوري” تبرز غنى الموروث الثقافي السوري في دار الأوبرا بدمشق