فاجأت الحملة الإسرائيلية على حزب الله في الأيام الأخيرة، خبراء الاستراتيجيات العسكرية، بكثافتها وحجم الأهداف التي ضربتها، لدرجة اعتبرها البعض أنها غير مسبوقة، ووصفوها بالأكبر والأقوى تاريخيا.
التفسير الأقرب لهذه الشراسة تقدير إسرائيلي لقوة الحزب وقدرته على إحداث أضرار بالغة بإسرائيل، فقد ظهرت إسرائيل، ورغم أنها صاحبة المبادرة في الهجوم، خائفة إلى حد بعيد وتسابق الزمن بهدف نزع أكبر قدرة من حزب الله، عبر تدمير مرابض صواريخه ومواقع قواته وطرق إمداده اللوجستية، وذلك بهدف إضعاف خيارات الحزب ودفعه للاستسلام ورفع الراية ليحافظ على ما تبقى له من قدرات وأدوات قتالية.
وادعت إسرائيل أنها، وفي اليوم الأول، قضت على نصف قدرات الحزب، بما يعنيه ذلك من تدمير عشرات آلاف الصواريخ ومخازن الأسلحة التي يخزنها في عمق لبنان. وبالطبع مصادر حزب الله كذّبت هذه الادعاءات، وأوحى مقربون من الحزب أن الرد الضعيف من قبله كان مدروسا، وأن الأيام القادمة ستفرج عن ردود تُذهل إسرائيل وتدفعها لطلب التفاوض العاجل مع الحزب.
في التقييم الأولي لما حصل في الأيام الأولى للهجوم الإسرائيلي، ورجحان الكفّة لمصلحة إسرائيل في هذه الحرب، وبنك الأهداف الواسع الذي استهدفته إسرائيل، وقبلها تفجيرات البيجر واغتيال قادة الرضوان، يبدو أن الحزب كان تحت المجهر الإسرائيلي طيلة المدّة الماضية، وليس معلوما ما إذا كان ذلك نتيجة تهاون الحزب في المجال الأمني ما فسح المجال لإسرائيل لجمع هذا الكم من المعلومات، والتي على أساسها وجّهت ضربات مؤلمة للحزب، أم أن طموحات الحزب في لعب دور إقليمي، ولا سيما بعد توسعه الكبير في سوريا وسيطرته على مساحة كبيرة، وحاجته لأعداد كبيرة من المقاتلين، جعلته مكشوفا أمام الاختراقات الأمنية.
لكن، يبدو أن الخطأ التكتيكي الأكبر الذي وقع به حزب هو ركونه لقواعد الاشتباك والمعادلات التي اعتقد أنه أرساها في مواجهة إسرائيل، وتقديره بأنها كافية للجم قادة إسرائيل من الاندفاع إلى حرب على لبنان، ومن ثم فالحزب، وبما يملكه من قوّة ردع، اعتبر أنه بأمان، كما راهن على أن إسرائيل المستنزفة لما يقارب العام في حرب غزة لن تجرؤ على القيام بحرب أخرى.
وثمة خطأ تكتيكي آخر يتمثل بعدم انتهاز الحزب لفرصة قيام حماس بالهجوم على إسرائيل، ولا سيما وأن لديه خططا مسبقة للقيام بهجوم على مناطق في الجليل وقوّة مدرّبة للقيام بهذه المهمة. وبحسب تقديرات كثير من الخبراء العسكريين أنه لو حصل ذلك لوقعت إسرائيل في مأزق فعلي، صحيح أن أمريكا حركت أساطيلها في ذلك الوقت خوفا من حصول هذا السيناريو، لكن المؤكد أنها كانت ستضطر ومن خلفها إسرائيل إلى سلوك طريق التفاوض للخروج من المأزق، بالنظر لضعف العمق الاستراتيجي وقدرة الحزب على السيطرة على مناطق واسعة في ظل الصدمة والارتباك الذي أحدثه هجوم حماس في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر العام الماضي.
ربما يعتقد البعض أن حزب الله لو فعل ذلك لكان ارتكب مجازفة كبيرة قد تدفع إسرائيل إلى استخدام أقصى قدراتها في مواجهته، لكن المؤكد أن إسرائيل استطاعت التكيف بعد مدّة بسيطة مع حرب المشاغلة التي شنها حزب الله لمساندة غزة، ولم تتأثر حملتها على غزة بدرجة كبيرة، ثم إن نتنياهو استطاع الثَّبات أمام ضغط مستوطني الشمال عبر التسويف والمماطلة إلى حين توفّر ظروف أفل بتقديره لفتح جبهة ثانية في الشمال.
الآن، أصبح كل ذلك وراءنا، المهم كيف يمكن للبنان أن يخرج بأقل الخسائر، فمن الواضح أن ثمة حدود لقدرة حزب الله على التصعيد والضغط على نتنياهو ليوقف الحرب، في ظل التهديد بتدمير الضاحية الجنوبية وربما لبنان بالكامل، واعتبار نتنياهو أنه أمام فرصة للتخلص من تهديد حزب الله، في ظل بيئة دولية مساندة وإقليمية غير معنية بمصير حزب الله، وضعف حلفاء الحزب وعجزهم عن تقديم مساندة حاسمة.
على ذلك يبدو أن المطلوب من حزب الله الاستفادة ما أمكن من الفرص الدبلوماسية المطروحة حتى اللحظة، والاستفادة من قرار 1701 إذ يمكن التفاوض على تحسين شروطه، ولا سيما منع الطيران الإسرائيلي من خرق الأجواء اللبنانية، وطالما أن تطبيق القرار شرط إسرائيل وذريعتها وكذلك وسيلتها لإسكات العالم عن حربها ضد لبنان، فإن الحزب، يمكنه اللعب على هذه الورقة، وهنا لا مجال أبدا لخطأ تكتيكي جديد لأنه سيكون قاتلا.
x.com/ghazidahman1
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإسرائيلية حزب الله لبنان لبنان إسرائيل حزب الله استراتيجية مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حزب الله
إقرأ أيضاً:
محمد عبدالوهاب : الأهلي أخطأ في عدم مواجهة الزمالك في القمة
قال محمد عبد الوهاب عضو مجلس إدارة النادي الأهلي السابق أنه حزين لمشهد عدم ذهاب الأهلي إلى إستاد القاهرة لحضور مباراة القمة الأخيرة ، موضحاً أن الأمر كان صعباً عليه كمسئول سابق في الأهلي وكمشجع للفريق.
وتابع عبدالوهاب في تصريحات لبرنامج "النجوم في رمضان" عبر إذاعة الشباب والرياضة : زعلان جداً من انسحاب الأهلي ، زعلان من المشهد ..الجماهير ذهبت إلى إستاد القاهرة ..الأتوبيس ذهب إلى فرع الأهلي بمدينة نصر وهذا أمر غريب لم أعتاده في الأهلي ..لم أكن أتمنى أن أشاهد هذا المشهد كمشجع درجة ثالثة .
وواصل عبد الوهاب : كنت أتمنى من إدارة الأهلي إعلان موقفها مُبكراً وتُطالب جمهور الفريق عدم الذهاب إلى الإستاد بدلاً من هذا المشهد الغير جيد.
وعن قرار إدارة الأهلي ، بـ رد قيمة التذكرة لجماهير الأهلي ، قال عبد الوهاب: جمهور الأهلي "ميفرقشي معاه" ثمن التذكرة ..الجمهور كان يتمنى حضور اللقاء والإستمتاع بقمة الكرة المصرية.
وواصل : أختلف مع مجلس الأهلي لأنه لم يُعلن عن قراره مُبكراً حتى لا تذهب الجماهير إلى الإستاد .
ويقدم البرنامج "النجوم في رمضان" الإعلامية الكبيرة نجلاء حلمي كل أحد وثلاثاء أسبوعيا في الشهر المبارك ويترأس تحريره الناقد الرياضي وليد قاسم.
وحقق برنامج النجوم في رمضان نجاحا كبيرا في مواسم سابقة عبر استضافة رموز الرياضة والكرة في مصر