دراما المرأة.. من الهامش إلى النجومية
تاريخ النشر: 28th, September 2024 GMT
علي عبد الرحمن (القاهرة)
أخبار ذات صلةبدأت المرأة العربية رحلتها في عالم الدراما منذ بداياتها، تظهر كظل خافت على هامش الحكاية، كأنها مجرد انعكاس لمجتمع أرادها دائماً داعمة، صامتة، ومطيعة، وكانت خلف تلك الشخصيات البسيطة، براكين من القوة والكفاح تنتظر اللحظة المناسبة للظهور.
مع مرور الزمن، تحولت المرأة من مجرد ظل إلى نجم يضيء عوالم الحكايات، وتطرح أسئلة حول الحرية والعدالة والهوية. وبذلك شهدت الدراما العربية صعود المرأة كقائد للسرد، ورمز للتحولات المجتمعية وكاشفة للصراعات الداخلية والخارجية التي تعيشها.
نسخ مهمشة
في ستينيات القرن الماضي، كانت الدراما العربية تخطو خطواتها الأولى، حيث ظهرت الشخصيات النسائية كنسخ مهمشة من الواقع الاجتماعي القاسي، وجاء المسلسل المصري «هارب من الأيام» عام 1962، بطولة عبدلله غيث ومديحة سالم، وإخراج نور الدمراش، من أوائل الأعمال التي تناولت موضوع المرأة، حيث كانت تُعرض كخلفية درامية للرجل البطل، لكن المسلسل أشار إلى صراع المرأة الداخلي ضد القيود الاجتماعية المفروضة عليها.
وفي الدراما الشامية، بدأ التمرد النسائي يظهر بشكل أوضح في مسلسلات مثل «أسعد الوراق» عام 1975، بطولة منى واصف، حيث قدمت الشخصيات النسائية تحديات تتجاوز الأدوار التقليدية، وكانت المرأة السورية في هذا العمل رمزاً للتمرد، وتعبّر عن النضال الاجتماعي والاقتصادي.
كسر القيود
في السبعينيات من القرن الماضي، بدأت المرأة تكسر القيود التي كانت تكبلها، وتحولت من مجرد خلفية للأحداث إلى محور أساسي في البناء الدرامي، حيث قدم المسلسل المصري «الضباب» عام 1977 بطولة كريمة مختار، المرأة كمحرك رئيس للأحداث، وظهرت النساء في العمل مطالبات بالحقوق التي طالما حُرمن منها، متحديات الأدوار التقليدية.
وفي الخليج، بدأت الدراما تتناول قضايا النساء بطريقة أعمق، وكان مسلسل «إلى أبي وأمي مع التحية» عام 1979، بطولة حياة الفهد، من الأعمال التي قدمت المرأة الخليجية كعنصر فاعل في الأسرة والمجتمع، وبدأت الشخصيات النسائية تعكس الواقع الذي تعيشه، محاولة التوفيق بين طموحاتها الشخصية وحياتها العائلية.
وفي الدراما الشامية، بدأت علامات التغيير تظهر مع أعمال مثل «حارة الصيادين» عام 1979، الذي قُدمت فيه الشخصيات النسائية كرمز للمجتمع، تتحدى القيود التقليدية وتسعى لإثبات نفسها في سياق اجتماعي ضاغط.
وقدم هذا العمل تصوراً متقدماً لدور المرأة، ونماذج تعكس الصراعات والتحديات التي تواجهها في حياتها اليومية.
ثورة درامية
وشهدت فترة الثمانينيات من القرن الماضي ثورة درامية حقيقية في تمثيل المرأة على الشاشة، ففي مصر، قدم مسلسل «ليالي الحلمية» عام 1988 نموذجاً للمرأة القوية التي تتحدى الأدوار التقليدية وتبحث عن استقلالها في سياق اجتماعي يعاني من القيم التقليدية، وتعكس الشخصية الرئيسة في هذا العمل صراع المرأة مع التوقعات المجتمعية والبحث عن تحقيق ذاتها.
وفي الدراما الخليجية، شهدت هذه الفترة تقديم مسلسلات تتناول قضايا المرأة بجرأة، ومنها «خالتي قماشة» عام 1983، الذي قدمت فيه حياة الفهد، صورة المرأة الخليجية التي تسعى لتحقيق طموحاتها، متجاوزةً القيود التقليدية ومواجهةً التحديات الاجتماعية.
أما الدراما الشامية، فقدمت في مسلسل «الأجنحة» عام 1984 شخصية المرأة المثقفة التي تتمرد على القيود، باحثة عن هويتها في عالم يفرض عليها التبعية. وتعكس هذه الشخصيات صراع المرأة السورية مع التقاليد والمجتمع الذي كان يضع حدوداً صارمة لدورها.
تحرر واستقلال
مع دخول التسعينيات من القرن الماضي، تطورت صورة المرأة بشكل غير مسبوق في الدراما العربية.
وفي مصر، قادت ليلى علوي مسلسل «التوأم»، الذي قدم المرأة كشخصية مستقلة، تعيش واقعاً مليئاً بالتحديات، وتواجهه بعقلانية وإرادة حرة.
وفي الخليج، ظهرت المرأة بشكل أكثر تعقيداً ونضجاً، حيث قدمت فاطمة الحوسني في مسلسل «دارت الأيام» شخصية المرأة المتعلمة والمثقفة التي تسعى لفرض نفسها في مجتمع يفرض عليها قيوداً صارمة.
صنع الحكاية
مع الألفية الجديدة، أصبحت المرأة العربية مركز الدراما، وقادت نيللي كريم مسلسل «سجن النسا» الذي قدم شخصية المرأة التي تعاني من قسوة المجتمع، وتحتفظ بصلابة داخلية تجعلها قادرة على مواجهة الظلم.
وفي الخليج، تألقت هدى حسين في مسلسل «أم هارون»، الذي عرض قصة امرأة قوية تتحدى تقاليد مجتمعها التي فُرضت عليها، لتصنع لنفسها مكاناً جديداً وسط التحولات الاجتماعية الكبرى التي تشهدها منطقة الخليج.
وفي الدراما الشامية، عُرض مسلسل «خمسة ونص» قوة المرأة في مواجهة الظلم، حيث قدمت نادين نسيب نجيم دوراً مميزاً يعبر عن معاناة المرأة اللبنانية وسط الاضطرابات الاجتماعية والسياسية.
انعكاس للواقع
تقول الناقدة الفنية منّة عبيد: «لم تقتصر رحلة المرأة العربية في الدراما على التحول في الأدوار التمثيلية فحسب، بل كانت أيضاً انعكاساً لواقع اجتماعي وثقافي متغير، فقد ارتفعت نسبة الأعمال التي تركز على قضايا النساء بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، مما يعكس تغييراً في التوجهات الثقافية والاجتماعية».
ومن المتوقع أن تستمر المرأة في توسيع دورها في الدراما، حيث تسهم التكنولوجيا الحديثة والبث الرقمي في فتح آفاق جديدة للتعبير عن قضاياها، وقد نرى أعمالاً تتناول موضوعات مثل التمرد الاجتماعي والتغيير الثقافي بطرق مبتكرة، مما يعزز صورة المرأة كقوة فاعلة في تشكيل المجتمع.
تشكيل المفاهيم
شددت الناقدة منّة عبيد على أن دراما المرأة تظل مرآة تعكس واقعاً معقداً، وبفضل تطورها، لم تعد مجرد متفرجة على التغيرات، بل صانعة لها، تسهم في إعادة تشكيل المفاهيم الثقافية والاجتماعية، مؤمنة بأن رحلتها لم تنته، وفي صعود مستمر نحو مستقبل أكثر عدالة.
تحدي القيود
في الدراما الشامية، أبرز مسلسل «أبناء وأمهات» تطور صورة المرأة من خلال تقديم شخصيات نسائية تتحدى القيود، وتبحث عن فرص جديدة في المجتمع.
وتميزت هذه الشخصيات بالقوة والاستقلالية، مما ساعد في تعزيز صورة المرأة الشامية كمحور أساسي في الحكايات الدرامية.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الدراما الدراما التلفزيونية المرأة العربية الدراما المصرية الدراما الخليجية الدراما العربية الدراما السورية قضايا المرأة الشخصیات النسائیة القرن الماضی صورة المرأة وفی الدراما فی الدراما فی مسلسل حیث قدم
إقرأ أيضاً:
80 باكو.. دراما نسائية تقتحم عالم صالونات التجميل وما وراءها
بعد غياب 11 عاما، تستجمع الكاتبة والسيناريست غادة عبد العال شجاعتها وتعود لخوض السباق الرمضاني بمسلسل "80 باكو" الذي تطرقت خلاله لمجتمع العشوائيات والحارة الشعبية لأول مرة بعد ما اعتادت مغازلة الطبقة المتوسطة والطبقات الأعلى بمسلسلي "عايزة أتجوز" و"البحث عن علا" على الترتيب، وهو تجربتها الدرامية الأولى بعيدا عن حليفتها الدائمة هند صبري.
ينتمي مسلسل "80 باكو" لدراما الـ15 حلقة ويُعرض بالنصف الأول من رمضان 2025، وهو البطولة الأولى لهدى المفتي التي تتحدى نفسها سواء من حيث مساحة الدور وأهميته أو نوعيته.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2أبو أنس يصنع فرحة رمضان لأطفاله رغم قسوة ظروف غزةlist 2 of 2من الرواية إلى الشاشة.. كيف نقل مسلسل "شارع الأعشى" ماضي الرياض إلى الدراما؟end of listيحكي العمل عن بوسي (هدى المفتي) التي تعمل بصالون تجميل نسائي ومن أجل إتمام زيجتها تحتاج 80 ألف جنيه خلال شهرين فقط لا غير، الأمر الذي يضطرها إلى الخروج إلى عالم النساء خارج جدران الصالون والذهاب للعميلات في البيوت لتجميلهن.
وهو ما يفتح أعينها على عالم لم تعرف عنه شيئا، في حين نتلصص نحن -المشاهدين- على حياة النساء على اختلاف طبقاتهن وأوجاعهن، بالتزامن مع المتابعة عن كثب لما يجري داخل الصالون مع باق العاملات وعلى رأسهن النجمة انتصار في دور مدام "لولا" صاحبة الصالون.
البرومو الرسمي لمسلسل " 80 باكو"
– بطولة: هدى المفتي ، انتصار، رحمة أحمد
– تاليف: غادة عبد العال
– اخراج: كوثر يونس
– انتاج: E producers pic.twitter.com/YraT1F5417
— abdou Santi Giménez???????? (@abdou_attari) February 10, 2025
إعلان التفاصيل سيدة الموقفلم يُعرض من العمل حتى الآن سوى الخمس حلقات الأولى لكن يمكن التعرّف إلى بعض نقاط القوة والضعف، أفضل ما جاء به حتى الآن هو اهتمام صانعيه بالتفاصيل، بداية من تفاصيل الديكور والأزياء التي تعبر عن الشخصيات وعوالمهم، مرورا بالإخراج والسيناريو العامرين بالملاحظات الدقيقة حول ما تمر به النساء وما يعتمر بدواخلهن من مخاوف وأمنيات وأوجاع بعضها شخصي وبعضها جراء المجتمع وشروطه التي يفرضها لقبولهن.
لم تكن تلك التفاصيل المُلهمة من نصيب الأبطال الرئيسيين فحسب وإنما مع ضيوف الشرف من النساء أيضا، في حين لم يتحقق ذلك في الحلقة التي جاء ضيوفها من الرجال وتحديدا حمزة العيلي وشهاب متولي، كذلك لم يأت الخط الدرامي الخاص بخالد مختار بنفس زخم الخطوط الأخرى وإنما أكثر مباشرة.
مما يُشير إلى أن المخرجة كوثر يونس والكاتبة غادة عبد العال تُجيدان التقاط التفاصيل حين يتعلق الأمر بالحس النسائي وليس عالم الذكور.
مسلسل ٨٠ باكو تحفة التفاصيل اللى فيه من اللبس والديكور والاماكن مفيش احلى من كده على عكس ماتوقعت خالص
— KMZ (@Kareem7md) March 2, 2025
إقحام الضحكوفقا لأصحاب العمل، يُصنّف "80 باكو" ضمن فئتي الدراما الاجتماعية والكوميديا، وهو ما يمكن تبريره بكون مؤلفته تحرص دوما على وجود الكوميديا بين جنبات أعمالها، ويفسر وجود خالد مختار ووليد المغازي القادمين من عالم منصات التواصل الاجتماعي والتيك توك، بجانب دنيا سامي ورحمة أحمد الذين عرفهم الجمهور من بوابة الكوميديا.
ورغم وجود المواقف الكوميدية التي تمر بها الشخصيات الرئيسية وبعض الإفيهات الصريحة، بدت الكوميديا بمعظم الأحوال مقحمة أو على أقل تقدير لا تُثير الضحك من القلب، خاصة تلك التي كانت بطلتها هدى المفتي أو خالد مختار الذين بدوا أشبه بأبطال فيديوهات التيك توك المبالغين بردود أفعالهم والمنفصلين عن الواقع المحيط أو الحكاية البائسة التي هم جزء منها.
أداء هدى المفتي في مسلسل 80 باكو قالقني على باقي المسلسل
— Mohammed Deifallah (@Mohammed_Deif6) March 1, 2025
إعلان المجد لأصحاب الأدوار الثانويةقد تكون هدى المفتي هي بطلة العمل الأساسية، لكنها ليست الأفضل، وإن كان يُحسب لها جرأتها على اختيار عمل خارج "الكومفرت زون" ومنطقتها الآمنة والانتصار دوما للورق الأفضل في محاولة مستمرة لتغيير جلدها مثلما سبق أن قدمت خلال الفترة الماضية مسلسلي "مطعم الحبايب" و"مفترق طرق" وفيلم "بضع ساعات في يوم ما".
الأفضل بلا منازع تتربع على عرشه الفنانة انتصار التي تُجسد شخصية صاحبة الصالون من دون أي مجهود، كما لو أنها قد تلبست الشخصية بالكامل بين الخفة والحزن والكثير من الشجن، فجاءت مشاهدها مع هدى المفتي أو ألفت إمام هي الأفضل حتى الآن بالمسلسل.
٨٠ باكو:
المقابل الصارخ اللي هيورينا قصور كاتب سيناريو مسلسل اخواتي
مشاعر و حوارات و تفاصيل و نظرات نسائية حقيقية و متعوب فيها من غير حزق
و ممثلات شباب بيحاولوا يطلعوا برة الكومفورت زون و اقنعوني
و انتصار بتعمل عظمة كدة كدة
— Harmonika (@s24amya96) March 2, 2025
كذلك برعت ألفت إمام بدورها خفيف الظل رغم ما به من أوجاع تعرفها الكثير من السيدات، الأمر نفسه تكرر مع النجمة القديرة إنعام سالوسة التي لم تظهر على الشاشة سوى لحظات لكنها لم تمر مرور الكرام وينتظر الجمهور ظهورها مرة أخرى بالحلقات القادمة.
انتصار ف ٨٠ باكو مبدعة بجد . فنانة عظيمة و الله ف تمثيلها و ظبطها الدور
المسلسل جميل ♥️????
— ????????Loka???????? (@Ali355Zizi) March 3, 2025
قص ولصقظهر العمل ببعض الأوقات أشبه بالقص واللصق، بداية من الفكرة التي تُشبه تلك التي تمحورت حولها رواية "بنات الباشا" للكاتبة والروائية المصرية نورا ناجي، والتي تحولت إلى فيلم سينمائي إخراج ماندو العدل وبطولة زينة وسوسن بدر وصابرين، ودار أيضا حول العاملات في الصالون النسائي ورواده من السيدات ولكن بشكل أكثر ثقلا ونضجا، هذا التناقض الصريح والشديد يفضح عيوب سيناريو "80 باكو" مؤكدا سطحيته ومروره على أوجاع النساء بشكل باهت.
إعلانومرورا بعالم الطبقات الشعبية مما يُعيد إلى أذهاننا الحالة التي شاهدناها في رمضان الماضي بمسلسل "أعلى نسبة مشاهدة" لسلمى أبو ضيف، وصولا إلى اعتراف هدى المفتي نفسها أنها استوحت جزءا من أداء الشخصية التي تلعبها من "سوزي الأردنية" إحدى فتيات التيك توك الشهيرات.
مسلسل 80 باكو الوحيد اللي حسيت اني عاوزة أتابعه رمضان دا خفيف ولذيذ اوي
— lily of the valley ၄၃ (@soliles28) March 2, 2025
"80 باكو" دراما اجتماعية خفيفة من 15 حلقة تناسب محبي الدراما النسائية وهو خطوة مختلفة تُحسب لطاقمه، العمل تأليف غادة عبد العال، إخراج كوثر يونس، وبطولة كل من هدى المفتي، وانتصار، ودنيا سامي، ورحمة أحمد، ومحمد لطفي، مع الكثير من ضيوف الشرف مثل سماح أنور وألفت إمام وأنعام سالوسة وآخرين.