صحيفة الاتحاد:
2024-09-27@23:17:13 GMT

د. عبدالله الغذامي يكتب: عصر القارئ

تاريخ النشر: 28th, September 2024 GMT

التراث هو ما تنتجه البشرية، بمعنى أن كل ما ننتجه هو تراث ينتسب إلينا، بوصفنا فئةً بشريةً لها لغة ولها أرض ولها هوية ثقافية وحضارية، وهذه معانٍ متصلة لا تقف عند حد، وفيما يخص الجانب المعرفي والثقافي فإن الآداب والفنون والفلسفة هي أبرز المعالم التي تصف حال أي أمة من الأمم، على أن الأمم كلها قد انتقلت من الأمية إلى الكتابية في فترات مبكرة من تواريخها، والنقلة تلك خلدت موروثها الفكري والأدبي، وقد ساد مصطلح التراث ليعني ما حفظته اللغة والذاكرة من قيم ثقافية بكافة أنواع الخطابات اللغوية شعراً ونثراً وسرديات، ومن أبرز المورثات الأساطير والحكايات والأمثال، وجرى التعامل معها على أنها مدونات كبرى تمثل ذاكرة الأمة وقيمتها المعنوية، غير أن مصطلح التراث ملتبس من حيث كونه يوحي بالقديم دون الجديد، ومن ثم جاء مصطلح الحداثة وكأنه يعني المواجهة مع القديم، غير أن النظر الواقعي يكشف أن كل قديم كان جديداً في زمنه، وكل حداثي سيكون قديماً لدى الآتين من بعده، بينما مصطلح التراث سيشمل الجانبين معاً، بما في ذلك كلامنا هذا الذي سيدخل في ذاكرة الثقافة بمجرد نشره، ومن هنا فإن الصراع بين الحداثة والتراث هو صراع في (التأويل) وفي التوظيف، وهذا يعني أننا نحن كبشر أحياء نظل نستعيد الأموات عبر قراءتنا لهم، وكل استعادة هي توظيفٌ متجدد لما تم إنجازه من قبل، لأن القراءة تفعل حالة إحياءٍ للمقروء، وأي مكتوب لن يفعل فعله إلا عبر قراءتنا له، ومن ثم فإننا نعيد استيحاء المتنبي كلما ذكرنا اسمه وقرأنا نصوصه، وسيتبع ذلك أننا سنقوم بتفسير نصه حسب مهاراتنا، أي أن النص للمتنبي نسبةً وانتساباً ولكنه لنا توظيفاً وتأويلاً وتفعيلاً، ومن هنا فما نسميه بالتراث هو فعلٌ من أفعال القراءة وفعلٌ من أفعال الإنتاج أو إعادة الإنتاج.

والعصور كلها ستتساوى في فعل القراءة بينما ستتنوع القراءات. ومقولة عصر القارئ تقوم على ثنائية المشاكلة والاختلاف، فنحن مع القراءة نقف مع مؤلف النص المقروء على موقع واحد، هو نص قديم بين يدي قارئ حديث أو نص لمؤلف ميت ولكنه نص بين يدي قارئ حي، ومن هنا يتحول النص نفسه من نص قديم إلى نص حديث حسب مهارة القارئ في فعل القراءة، وفرق بين القراءة المجردة وبين قراءة التأويل؛ أي بين قراءة الشرح والفهم وقراءة التفسير والتحليل، وهذه حالة تشاكل واختلاف في آن واحد، وهي حالة موت للمؤلف وحياة للقارئ. والنصوص دوماً تسير مسار اللغة بمعناها العام، وكلما اتسعت حال اللغة اتسعت معها حال النص، أي أننا سنمنح ألفاظ المتنبي مثلاً معاني لم تكن مما خطر له ببال.
كاتب ومفكر سعودي
أستاذ النقد والنظرية/ جامعة الملك سعود - الرياض

أخبار ذات صلة د. عبدالله الغذامي يكتب: المشاكلة والاختلاف د. عبدالله الغذامي يكتب: أبو الطيب/ أبو محسد

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الغذامي عبدالله الغذامي

إقرأ أيضاً:

شومان تنظم فعالية “ماراثون القراءة” تحت شعار “الأردن يقرأ”

عمان 25 أيلول – تنطلق في مؤسسة عبد الحميد شومان، وعشرات المواقع في جميع محافظات المملكة، يوم الاحد المقبل 29 أيلول، فعاليات “ماراثون القراءة”، تحت شعار “الأردن يقرأ”، بالتزامن مع اليوم الوطني للقراءة، وذلك بالتعاون والشراكة مع العديد من الجهات المعنية بالشأن الثقافي والأدبي.

وأكدت الرئيسة التنفيذية للمؤسسة فالنتينا قسيسية، خلال مؤتمر صحفي عقد الأربعاء، للإعلان عن فعاليات الماراثون، أن المؤسسة تسعى على الدوام لتعزيز ورفع الوعي بأهمية القراءة على المستوى الوطني، لافتة إلى العديد من البرامج التي تنفذها المؤسسة في هذا السياق.

وأشارت إلى أن المكتبات العامة باتت اليوم مصدرا معرفيا مهما، وترتبط كثيرا بالفعل المعرفي، كما تعد مصدرا مهما لبناء الذات، والتزود بمعارف العصر الجديد.

مقالات ذات صلة مهرجان “تخيّل” في دورته الثالثة 2024/09/25

ورحبت قسيسية بممثلي وسائل الاعلام، مؤكدة على دورهم المهم في التوعية بأهمية القراءة التي تسهم في بناء حياة الإنسان وتطوره، كما تعد القراءة من أهم أدوات اكتشاف الذات ومعرفة الآخرين وثقافاتهم.

وأشارت إلى أن المؤسسة تعمل على نشر الثقافة في مختلف مناطق المملكة من خلال استحداث فروع جديدة لمكتباتها، وقد بادرت في هذا السياق إلى افتتاح فروع في مناطق الاشرفية والمقابلين في عمان، وفي جامعة الحسين التقنية، إضافة إلى فرع محافظة الزرقاء وفرع محافظة معان، إلى جانب المكتبة العامة في جبل عمان، وذلك ايمانا من المؤسسة بأهمية تحقيق العدالة الثقافية.  

وقال رئيس قسم خدمات المستفيدين للمكتبة العامة وفروعها نزار الحمود، إن مكتبة “شومان”، تؤمن بأهمية أن تتخطى دورها في توفير مكان للقراءة فقط، بل تسعى لتكون مكانا يشجع على القراءة ويزيد من عدد القرّاء، لذلك استحدثت مكتبة “شومان” العديد من برامج المعرفة التفاعلية، منها برنامج ماراثون القراءة، وهو فعالية ثقافية بدأت عام 2020، وتقام سنويا لإشاعة ثقافة القراءة، وتقوم فكرته على الترويج لممارسة القراءة بطريقة تفاعلية، حيث يقرأ فيه مجموعة من الروّاد، خلال ساعات معينة، عددا محددا من صفحات الكتب.

وأوضح أن ماراثون القراءة هو نشاط مُنفذ في العديد من المكتبات حول العالم، وتقوم فكرته على الترويج لممارسة فعل القراءة بطريقة جماعية وتفاعلية، عن طريق عقد شراكات مع جهات عديدة لنشر الفكرة وتطبيقها في مساحات خارج المكتبة أو داخلها، مبينا أنه يتخلل الماراثون أنشطة تكسر إيقاعه وتعيد له الحيوية، للحد من شعور الملل خلال فترة القراءة المستمرة، ولتشجيع المشاركين على الاستمرار بالقراءة، مثل الألعاب الثقافية، تواقيع الكتب، أو القراءات القصصية، نادي القراءة، وغيرها من الأنشطة الثقافية والقرائية.

وأستعرض الحمود الإجراءات التي اتخذتها مكتبة “شومان” العامة لتوفير الأجواء المناسبة لإقامة الماراثون بحسب المعايير المعتمدة لتنفيذ مثل تلك الفعاليات عالميا من حيث الإضاءة والأماكن المريحة والاحتياجات اللازمة من مواد وأدوات، وتجهيزات لوجستية، وخدمات تكنولوجية، وأنترنت.

ونوه إلى أن المؤسسة في إطار سعيها لنشر رسالة الماراثون عبر مختلف الوسائل المتاحة، استحدثت خلال فعالية “ماراثون القراءة” العام الماضي (استديو الماراثون) الذي يستضيف العديد من الأدباء والمثقفين ورواد المكتبة للحديث حول أهمية القراءة ودورها في تنمية وتطور الشعوب.

من جانبه ثمن مسؤول النشاط الثقافي في إدارة النشاطات التربوية في وزارة التربية والتعليم الدكتور طارق الوحوش في كلمته، لمؤسسة “شومان” مبادراتها وبرامجها التي تعنى بتثقيف الجيل وتنشئته على حب القراءة وتعزيزها لديهم.

كما بين الوحوش إجراءات الوزارة المتعلقة بفعالية ماراثون القراءة، مشيرا إلى أنه جرى التعميم على جميع مدارس المملكة للمشاركة في الماراثون من خلال تخصيص حصة دراسية للقراءة، إضافة إلى تخصيص الإذاعة المدرسية في ذلك اليوم للحديث عن اليوم الوطني للقراءة والتعريف بماراثون القراءة وأهمية القراءة.

من جانبها استعرضت مديرة دائرة المكتبات العامة في أمانة عمان الكبرى المهندسة جلنار الهواري دور الدائرة البارز في دعم الحركة المكتبية في الأردن، حيث تقوم بتقديم مجموعات من الكتب على سبيل الاهداء للمكتبات العامة على اختلاف أنواعها وتساهم أيضا بنشر وطباعة الكتب الثقافية.

وقالت إن الأمانة شاركت العام الماضي مع مؤسسة عبد الحميد شومان في ماراثون القراءة كشريك رئيسي، حيث قامت الأمانة بتقديم 1000 كتاب بموضوعات متنوعة ليتم توزيعها من قبل مؤسسة شومان بالإضافة إلى تخصيص خمس مكتبات (المركزية والراية الهاشمية وقتيبة ومرج الحمام والاميرة بديعة) للمشاركة في فعالية ماراثون فيها.

رئيسة قسم النشر الإلكتروني في وزارة الثقافة الدكتور سناء العبداللات قالت إن الاحتفال باليوم الوطني للقراءة يعد التفاتة واعية لتعزيز مكانة القراءة والاهتمام بها كمصدر للمعرفة والثقافة والتنمية المستدامة، مشيرة إلى أنه في اليوم الذي نحتفي فيه بالقراءة؛ فأننا ننحاز إلى المستقبل ونعمل على تحصين هويتنا الوطنية والحفاظ عليها وعلى منجزنا الحضاري.

وأضافت أن هذا اليوم يشكل التزاما مؤسساتيا لتعزيز الوصول إلى مصادر المعرفة ويمثل التزاما بدعم حركة التأليف والترجمة وحماية المؤلف والملكية الفكرية بوصفها جزءا مهما من الصناعات الثقافية، مؤكدة أن إعلاء شأن القراءة بين أفراد المجتمع يحتاج إلى تظافر الجهود بتوفير الكتاب بشكله التقليدي الورقي والإلكتروني ومصادر المعرفة على اختلاف أنواعها لجميع فئات المجتمع بعدالة.

يشار إلى أنه خلال ماراثون العام الماضي 2023 تم قراءة (3.115.583) صفحة، مثلما تم التعاون مع أكثر من أربعين جهة معنية بالشأن الثقافي والأدبي من مختلف مناطق المملكة.

مقالات مشابهة

  • عضو مجمع البحوث الإسلامية: التصوف ينطلق من كتاب الله وهدي النبي
  • د.حماد عبدالله يكتب: أنا وانت ظلمنا الحب
  • «الإمارات للإبداع» تنظم مختبراً لدعم مبادرة «اقرأ أنت في الشارقة»
  • نائب رئيس المؤتمر الشعبي العام أحمد علي عبدالله صالح يهنئ أبناء الشعب اليمني بالعيد الثاني والستين لثورة 26 سبتمبر الخالدة (النص)
  • حوادث قصر العنكبوت.. رواية للدكتور إياد ناجي تجمع بين الغموض والتاريخ في دمشق
  • شومان تنظم فعالية “ماراثون القراءة” تحت شعار “الأردن يقرأ”
  • د.حماد عبدالله يكتب: أهمية التكاتف مع الحق والعدل !!
  • يوسف إدوراد يكتب: الهوية الدينية وتحديات الحفاظ على التراث الأخلاقي والثقافي
  • د.حماد عبدالله يكتب: إختفاء مركز المأثورات الشعبية المصرية !!