ترامب يتعهّد بـحل الحرب بأوكرانيا ويصف زيلينسكي بأفضل بائع في العالم
تاريخ النشر: 27th, September 2024 GMT
تعهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، اليوم الجمعة، بـ"حل" الحرب في أوكرانيا بعد اجتماع حساس في نيويورك مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في ظل انتقادات الجمهوريين للمساعدات الأميركية الضخمة لأوكرانيا.
وقال المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية التي ستجري في 5 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل "لم يكن ينبغي لهذه الحرب أن تحدث أبدا، لكننا سنحلّها"، من دون أن يوضح كيف.
ووصف الملياردير النزاع بأنه "أحجية معقّدة"، داعيا إلى "صفقة عادلة للجميع".
ووصل زيلينسكي إلى هذا الاجتماع ضامنا دعم الإدارة الحالية، لكنه في الوقت نفسه قلق بشأن المساعدة الأميركية في حال فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية.
وكانت الرئاسة الأوكرانية أعلنت الأسبوع الماضي أن زيلينسكي يعتزم لقاء الرئيس السابق خلال زيارته للولايات المتحدة، لكنّ اللقاء أُرجئ بداية بحسب الصحافة الأميركية، لأن ترامب امتعض من مقابلة أجراها زيلينسكي مع مجلة "نيويوركر" أكد فيها أن المرشح الجمهوري "لا يعرف حقا كيف يوقف هذه الحرب" الروسية على بلاده.
وصرّح ترامب مرارا بأنه إذا أعيد انتخابه، سيضع حدا للحرب بين روسيا وأوكرانيا "في غضون 24 ساعة" من دون أن يوضح بأي طريقة.
وكرر ذلك الخميس قائلا "أرى بأنني سأتمكن من إبرام اتفاق بسرعة بين الرئيس (الروسي فلاديمير) بوتين والرئيس زيلينسكي"، مؤكدا أنه لا يريد "استسلام" أوكرانيا كما تتّهمه منافسته الديمقراطية في السباق إلى البيت الأبيض كامالا هاريس.
وقبل يوم من ذلك، هاجم ترامب الرئيس الأوكراني بشكل مباشر متهما إياه بـ"رفض إبرام اتفاق" مع موسكو.
والأربعاء، قال ترامب خلال تجمع انتخابي في ولاية كارولينا الشمالية "نحن نواصل تقديم مليارات الدولارات للرجل الذي يرفض إبرام اتفاق، زيلينسكي".
وأضاف مازحا "كل مرة كان يأتي فيها إلى بلادنا، كان يغادر ومعه 60 مليار دولار، أعتقد أنه أفضل بائع في العالم".
ويأتي اللقاء بين ترامب وزيلينسكي غداة زيارة الرئيس الأوكراني لواشنطن حيث تحدث مع الرئيس جو بايدن وهاريس بعد زيارة للكونغرس الأميركي.
وأكد بايدن لدى استقباله زيلينسكي في البيت الأبيض أن "روسيا لن تنتصر". وبهدف "مساعدة أوكرانيا على الانتصار في هذه الحرب" أعلن قبل ذلك "زيادة المساعدات العسكرية" لكن دون إعطاء الضوء الأخضر الذي كانت كييف تأمل في الحصول عليه لتتمكّن من استخدام صواريخ بعيدة المدى لضرب العمق الروسي.
من جهته، قال الرئيس الأوكراني الذي جاء لتقديم "خطة النصر" الرامية إلى إنهاء الحرب التي بدأت في 24 فبراير/شباط 2022، "يمكن الانتصار في هذه الحرب وإبرام سلام عادل لكن فقط مع الولايات المتحدة".
من جهتها، أكّدت هاريس لزيلينسكي أن "دعمها للشعب الأوكراني راسخ"، مندّدة بالمشاريع التي تحض أوكرانيا على "الاستسلام"، في إشارة إلى خصمها الجمهوري.
وأضافت في إشارة إلى منافسها الجمهوري "هناك أشخاص في بلدي يريدون إجبار أوكرانيا على التخلي عن أجزاء كبيرة من أراضيها السيادية، ويطالبون أوكرانيا بإعلان نفسها محايدة، ويطالبون أوكرانيا بالتخلي عن العلاقات العسكرية مع دول أخرى. هذه المقترحات هي مقترحات بوتين نفسها وهي ليست مقترحات سلام، إنها مقترحات استسلام".
والخميس، أعلنت موسكو أن قواتها حققت تقدما في الأشهر الأخيرة ضد القوات الأوكرانية، وسيطرتها على بلدة أوكرايينسك في منطقة دونيتسك في شرق أوكرانيا.
وتعتبر السيطرة على دونباس، الحوض الصناعي الأوكراني الذي يضم منطقة دونيتسك، "أولوية" بالنسبة إلى بوتين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الرئیس الأوکرانی هذه الحرب
إقرأ أيضاً:
ترامب ظاهرة الرئيس الصفيق الذي كشف وجه أمريكا القبيح !
صلاح المقداد
حتى وإن بدأ الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب المُثير للجدل لدى الكثيرين، لا سيما أولئك الذين تنحصر نظرتهم على بعض القشور، الظاهرة رجلاً معتوهًا وكثير التخبط، ونوع من رجال السياسة الذين عدا طوره بما يصدر عنه من تصريحات وتصرفات غير مقبولة تُعبر عن الدولة الأعظم قوة في العالم ، ويعتبرونه بذلك إنسان غير مُتزن تجاوز حدود الممكن والمقبول والمعقول، ويكتفون بهذا التوصيف والتحليل لشخصية ترامب كظاهرة أمريكية قديمة جديدة وتتكرر في التاريخ بإستمرار مع اختلاف في بعض التفاصيل، فإن هذا كله لا يعني كل الحقيقة أو حتى أقل القليل منها .
وتأسيسًا على ما ترسخ في أذهان من انحصرت نظرتهم لترامب على جوانب مُعينة، فلا غرابة أن تقتصر نظرتهم لهذا الرئيس الأمريكي على الإعتقاد الخاطئ بأنه “سوبرمان زمانه وأوانه”، وهؤلاء لا يجدون غضاضة من أن يعتبروا بأن ترامب الذي تم الدفع به للبيت الأبيض تلبيةً لمتطلبات تقتضيها المرحلة، هو أول رئيس أمريكي يستطيع أن يفعل ما يشاء ومتى شاء بلا أي عائق ومانع واعتراض، وتنحصر نظرتهم للرجل عند هذا الحد فقط.
والأكثر غرابة من ذلك أن بدأ ترامب لهؤلاء الذين ينظرون إليه تلك النظرة القاصرة والمحدودة كذلك، وكأنه خارق للعادة ومُغاير لما هو مألوف ومعهود من أمريكا وديمقراطيتها الزائفة التي وصلت اليوم لأسوأ المراحل في تاريخها الأسود لأكثر من سبب يطول شرحه، ويخال لهم أن ترامب جاء بما لم يستطع أن يأتي به من سبقوه في الوصول إلى البيت الأبيض والتربع على كرسي رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية .
وفي الحقيقة أن ما بناه أصحاب هذا الإعتقاد عن ترامب يُجافي أهم مضامين الحقيقة التي تُؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن ترامب لا يعدو عن كونه رجل المرحلة العُتل الصفيق بالنسبة لأمريكا ولما تحتاجه هذه الدولة الشريرة المارقة التي أشغلت العالم، وقد جاء ترامب هذا ليؤدي دوره ومهمته المحددة والمطلوبة منه ثم يمضي لحال سبيله.
فضلاً عن أن حقيقة ظاهرة ترامب التي حجبت عن الكثيرين هي ذاتها من تشير صراحةً إلى أن ترامب هذا ينتمي لعالم البزنس والمال ويمثل طبقة الإقتصاد الرأسمالي الإستغلالي الجشع وخصوصياته البرجوازية والإحتكارية بكل مساوئه.
ووفقًا لنفس الحقيقة التي تستعصي على الحجب والتغييب، فإن ترامب كظاهرة أمريكية ميكيافيلية مرحلية لا يمكن في الواقع اعتباره استثناء ومن أكثر الرؤساء الأمريكيين صرامة وقدرة على اتخاذ القرار وبأنه يمتلك كل الصلاحيات التي تخوله وتعطيه حق التصرف ليفعل ما يريد، وتصور أنه يتصرف من تلقاء نفسه بحسب رؤية البعض الضيقة واعتقادهم الخاطئ بشأن الظاهرة الترامبية هذه.
والرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب الذي تم انتخابه عن الحزب الجمهوري وينتمي إلى طبقة رجال المال والأعمال، هو رجل أمريكا الذي يمثلها في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخها، وما يصدر عنه يعبر عنها في كل الأحوال، والأهم من ذلك أنه يُؤدي مهمة وظيفية محددة ومرحلية طُلبت منه أو كُلف به، وما كان له أن يتصرف من رأسه كما يتصور البعض.
وقد أستهل ترامب فترة رئاسته الثانية بسلسلة من التصريحات الصاخبة واصدار القرارات المُثيرة للجدل التي لاقت استهجانًا وانتقادات دولية واسعة، ومنها اعلانه اعتزام ضم الولايات المتحدة، كندا وجزيرة غيرلاند وخليج بنما وأجزاء من المكسيك إليها، ورفع الرسوم الجمركية على عدد من الدول، والتهديد بإستخدام القوة في بعض القضايا والأماكن في العالم، والدعوة إلى تهجير سكان غزة وتأجيرها للولايات المتحدة وتهديد سكانها بالجحيم إن رفضوا التهجير القسري .
ولم يكتف ترامب بذلك بل وجه الدعوة مُطالبًا دول عربية واسلامية بدفع مليارات الدولارات لأمريكا نظير حماية وخلافه.
حيث طالب السعودية التي وصفها في فترة رئاسته السابقة بـ”البقرة الحلوب” بدفع خمسة ترليون دولار مقابل حماية وعقود سلاح قال أنها سددت ترليون منها قبل زيارته المرتقبة لها قريبا، وطالب دولة الكويت بالتنازل لبلاده عن نصف ايرادات نفطها لمدة 50 عاماً كنفقات خسرتها أمريكا حسب زعمه في تسعينيات القرن الماضي عند تحرير الكويت من القوات العراقية، وردت عليه الكويت بسداد إلتزامتها المالية تلك في حينه.
كما طالب البحرين خلال لقاء جمعه بولي عهدها قبل أيام بدفع الأموال لأمريكا وقال إن امتلاك دولة كالبحرين مبلغ 750 مليار دولار كثيرُ عليها وعليها دفع نصف هذا المبلغ لواشنطن نظير حماية، وطالب مصر بدفع نصف إيرادات قناة السويس للولايات المتحدة، وهذه المطالب من قبل رئيس الولايات المتحدة لدول معينة اعتبره عدد من المحللين والمراقبين بأنها نوع من الإبتزاز الرخيص والإستغلال الفج الذي تلجأ إليه واشنطن عادة وكانت تطلب تلك المطالب في السابق سراً واليوم اعلنتها وطالبت بها جهاراً بلا تحرج ولا خجل .
وما كان ترامب الذي لا يمكن مقارنته بأطنابه من رؤساء وزعماء العالم الثالث الذين يختزلون دولهم وحكوماتهم وقوانينها في شخصياتهم، كون أمريكا دولة مؤسسات وترامب مجرد موظف له صلاحيات محددة لا يتجاوزها، فيما الأمر يختلف بالنسبة لزعماء وحكام العالم الثالث الذين يمسكون بأيديهم مقاليد الأمور ويعتبرون كل شيء في بلدانهم ومصدر كل شيء وفوق كل القوانين.
وترامب الذي يثير اليوم الجدل والإهتمام وتسلط عليه الأضواء، نظراً لتصريحاته الغريبة ومواقفه الأكثر عجبا وإثارة للجدل في قضايا عدة على مستوى العالم، يمثل ظاهرة خاصة بالولايات المتحدة ويعبر عنها، وبإختصار شديد يمكن القول اجمالاً : إن ترامب بصفاقته وجرأته وحدة وقاحته وصراحته هو الرجل الذي اسقط القناع عن وجه أمريكا القبيح وكشف بما يصدر عنه حقيقتها وهذا هو التعليل الأنسب والأصدق للظاهرة الترامبية وما يترتب عليها من آثار وتداعيات.