عادل الباز: غادر الجيش ثكناته.. انفتح أفق الخلاص
تاريخ النشر: 27th, September 2024 GMT
1 بالأمس غادر الجيش ثكناته وانفتح على جميع المحاور… ولكن لماذا الآن ؟ وما مستقبل هذا التحرك؟ وما الغرض من ورائه؟.. هل يسعى الجيش لكسب نقاط في الحرب تصرف على طاولة أي مفاوضات قادمة؟ أم هو بداية لدحر الجنجويد في كافة البلاد وتجريعهم هزيمة ساحقة، أم هى محاولة لكسر عظم المليشيا لحملها على تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في جدة.
2
لم يكن الإعداد والوصول لهذه الخطوة سهلاً، فمن خلال المتابعة وسؤال المعنيين، اتضح لى إنه كان يتوجب على قيادة الجيش أن تقطع أشواطاً بعيدة للوصول لبوابة انفتاح شاملة لكل المتحركات. كان عليها في البدء امتصاص صدمة الانقلاب الذي سرعان ما تحول إلى حرب، ثم عليها التكيف مع حصار متطاول لأغلب المناطق العسكرية بالعاصمة والأقاليم اتخذت لأجل ذلك تكتيكات عديدة تقوم على وعي عميق بطبيعة المعركة وتعقيداتها ومداها الزمني والاستعداد اللازم لها بنفس طويل وخطة محكمة لابد ان تتوفر لها كافة الإمكانات..
أربع خطوات كانت ضرورية اتخذتها القيادة منذ اللحظات الأولى للحرب، الخطوة الأولى هى التمسك بالمواقع العسكرية الاستراتيجية مهما كان الثمن، ولقد نجحت فى تحقيق ذلك فلم تسقط داخل العاصمة من المواقع الاستراتيجية العسكرية إلا قاعدة جبل أولياء، ما عدا ذلك بقيت كل معسكرات الجيش متماسكة وصامدة رغم الحصار المطبق عليها استطاعت أن تدافع عن نفسها وترد المعتدين مئات المرات وتدحرهم في معارك المهندسين والمدرعات وقبلها القيادة العامة التي كانت نموذجاً باهرا لقدرة المواقع العسكرية في الدفاع عن نفسها في ظروف بالغة التعقيد.
الخطوة الثانية كان القرار الذي اتخذته قيادة الجيش بعدم التمسك بالأرض لأنها كما هو معلوم في حرب المدن الأرض لا قيمة لها، فاتجهت مباشرة وهي في تلك الوضعية لإضعاف قدرات العدو المادية والبشرية وأعمال تكتيك الاستدراج إلى أرض القتل، فأضحت تستدرج قوات العدو إلى ساحاتها التي تعرفها جيداً كما حدث في المدرعات الأمر الذي أضعف قوات المليشيا لحد بعيد وأفقدها الآلاف من مقاتليها.
الخطوة الثالثة وهي الحاسمة عمدت قيادة القوات المسلحة على تجميع قوتها وتعزيزها بالمسارعة باستدعاء ضباط وضباط صف وجنود العسكريين خارج الخدمة ثم فتحت الأبواب لعشرات الآلاف من المستنفرين الذين تلقوا خلال فترة العام والنصف تدريباً جيداً ومتقدما، إضافة إلى آلاف من المجاهدين الذين سارعوا بالانضمام لقوات الجيش، ثم أخيراً خرجت قوات الحركات المسلحة من الحياد إلى ساحات القتال المباشر مع الجيش، فانشأت ماعرف بـ(القوات المشتركة) التي صنعت الفارق في غرب السودان وصمدت مدينة الفاشر بسببها وتفوقت في دفاعها المستميت عن المدينة.
الخطوة الرابعة وكانت هي المعضلة الكبرى، وهي الخطوة التي كانت تحقيقها أو إنفاذها بحاجة لمعجزة، ليس سراً أن كل المخازن التي كان الجيش يخزن فيها أسلحته قد فقدها منذ أول يوم للحرب حين استولت المليشيا على المخازن واستولت كذلك على كل مصانع الأسلحة بالخرطوم.
3
المعضلة كانت أن الجيش بفقده لتلك المواقع افتقد الذخائر والأسلحة الكافية للمعركة، كما فقدت الدولة أكثر من 80% من مواردها، فأصبحت تواجه عدواً مدججاً بالسلاح، وكفيله ماشاء خزائنه تفيض بمليارات الدراهم ولا توجد لديه مشكلة تسليح ولا ذخائر. إزاء هذا الوضع كان التحدي هو معالجة كل هذه المعضلات في آن واحد في زمن حرج، الحصول على موارد مالية مهولة للصرف العسكري وغيره وفي ذات الوقت الاسراع في الحصول على الأسلحة والذخائر نفسها من الخارج. ليس بالضرورة الكشف الآن عن كيف استطاعت قيادة الدولة تدبير تلك الموارد دون أي دعم خارجي ولا المعارك التى كانت تجري حول العالم للحصول على الذخائر والسلاح، تلك قصة طويلة تجلت فيها مقدرات أبناء الشعب السوداني والقوات المسلحة في صنع المستحيل وهي قصة تستحق أن تروى يوماً ما، المعركة لا زالت مستمرة.
هنالك جوانب أخرى تستحق النظر إليها بتقديرٍ كافٍ في تلك المعركة وهي الحصول و استخدام التكنولوجيا الحديثة والأسلحة الاستراتيجية ذات الفعالية العالية وكيف غيرت تلك الاسلحة وستغير موازين القوى في الأرض. سنترك كل ذلك للمستقبل.
4
كانت دعوة (فك اللجام) قد تصاعدت بين قطاعات واسعة من الشعب لا تعلم ماهى حقيقة الأوضاع داخل الجيش، امكاناته، سلاحه، إعداده النفسي والبدني، ووصلت صيحات (فك اللجام) إلى الاتهام المباشر لقيادة الدولة واتهامها بالتخاذل عن خوض المعركة، ولم يكن يدركون أن لهم ذلك، إن فك اللجام دون أن تعلف الحصان جيداً يعني أنك تدفعه للمجهول وقد تعرضه للخسران المبين والتفكك، ولذا ظلت القيادة صامتة، إذ لا يمكنها أن تُكاشف الشعب بحقائق وضع الجيش وقتها ولا يمكنها الاستجابة غير الواعية للصيحات بفك اللجام وأعتقد أن ذلك أقسى ما يمكن أن تواجهه قيادة لجيش وهو تقود معركة مصيرية هى ان تجد نفسها فريسة للاتهامات، في وقت هى عاجزة عن كشف الحقائق للشعب.!.
5
الآن حين وجدت قوات الجيش التسليح الكافي واكتمل بناؤها النفسي والبدني وإعدادها من كل النواحي، سارعت بالبدء في إنفاذ مهامها دون حاجة لمن يذكرها بفك اللجام، وانفتحت في كافة مسارح العمليات بالعاصمة والأقاليم في وثبة أو موجة أولى، استطاعت خلالها وفي ساعات أن تستلم أهم كباري العاصمة وتوغلت إلى وسطها، في انتظار موجات أخرى بالعاصمة والأقاليم تغير كثيراً في موازين الحرب.
أما مستقبل هذا التطور الذي حدث بالأمس فلقد أعلنه الرئيس البرهان أمس في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة… حين قال (إن خارطة طريق لإنهاء الحرب واضحة المعالم، يجب أن تنتهي العمليات القتالية، ولن يتم ذلك إلا بانسحاب المليشيات المتمردة من المناطق التي احتلتها وشردت أهلها، وتجميعهم في مناطق محددة وتجريدهم من السلاح.). إذن هى ذات الأجندة والمواقف التي حددها منذ وقت مبكر الرئيس البرهان وهاهو يكررها أمام العالم، بهذا فالمستقبل يقبع بين خيارين أما التزام المليشيات المتمردة بما وقعت عليه في إعلان جدة أو الانتحار بمواجهة هذه الموجات المتصاعدة من الضربات المميتة في كافة مسارح العمليات. فأي الخيارين ستختار؟، إذا اختارت الأول فخير وبركة، أما إذا اختارت الثاني، فإن إرادة الشعب السوداني ستنتصر أو كما قال الرئيس بالأمس
عادل الباز
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
مساعي إسرائيل لإلغاء فئة الـ200 شيكل يثير قلق سكان وتجار غزة
غزة- أثار توجّه الحكومة الإسرائيلية لإلغاء قيمة فئة الـ 200 شيكل من عملاتها المتداولة داخل قطاع غزة، قلق المواطنين والتجار، نظرا للتداعيات الخطيرة لهذا القرار، إن تم تنفيذه، وفق مراقبين.
وبادر إلى الدعوة لاتخاذ هذه الخطوة، وزير الخارجية الإسرائيلي غدعون ساعر، قبل أن يُبدي رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو تأييده لهذه الخطوة التي وصفها بـ"الممتازة"، وإعلان نيته مناقشة الأمر مع محافظ البنك المركزي، حسبما كشفت عدة وسائل إعلام عبرية، الجمعة.
وبزعم ساعر، فإن هذه الخطوة من شأنها أن تدمر القدرات الاقتصادية لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، كونها تمتلك كميات كبيرة من هذه الفئة من العملة.
وتفرض إسرائيل، منذ احتلالها للضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967، على الفلسطينيين التداول بعملة الشيكل، واستمر هذا الأمر بعد إنشاء السلطة الفلسطينية عام 1994، نظرا لعدم امتلاكها عملة وطنية خاصة.
وثمة عدة فئات من عملة الشيكل المتداولة في الضفة وغزة، أعلاها 200 شيكل، ويليها على التوالي: 100، 50، 20، 10، 5، 2، 1 (الدولار يساوي 3.6 شواكل).
تداعيات خطيرةويرى مراقبون ومسؤولون أن تداعيات خطيرة ستنجم عن اتخاذ هذه الخطوة، في حال وافق البنك المركزي الإسرائيلي عليها، خاصة أن قطاع غزة يعاني من مشكلة كبيرة في توفر العملات النقدية المتداولة.
إعلانوبسبب عدم إدخال النقد الورقي والمعدني للقطاع منذ بداية الحرب، بالتزامن مع إغلاق البنوك أبوابها، اهترأت وتلفت الكثير من فئات العملات الإسرائيلية، وهو ما تسبب في نقص حاد في السيولة النقدية المتداولة في أيدي المواطنين والتجار.
ونظرا لإغلاق البنوك وشح النقد، لا يتمكن السكان من سحب أموالهم من البنوك، وهو ما أوجد سوقا سوداء موازية، يديرها سماسرة وتجار، يضطر خلالها الراغبون بتسلم أموالهم من حساباتهم البنكية إلى دفع عمولات مالية كبيرة يصل قيمتها إلى نحو 30% من قيمة المبلغ المراد سحبه.
وخلال الشهور الماضية، توقف سكان غزة عن تداول فئة الـ 10 شواكل المعدنية نظرا لاهترائها، ويبدو أنهم في الطريق للتوقف عن التعامل مع فئة الـ 20 شيكلا، للسبب ذاته.
يرى رئيس غرفة تجارة وصناعة قطاع غزة عائد أبو رمضان، أن هذا التوجه يأتي ضمن الحرب الاقتصادية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على المواطنين في غزة، من "أجل التضييق على كافة سُبل العيش أمامهم، في كل المجالات".
وأضاف أبو رمضان للجزيرة نت "نأخذ هذا التوجه على محمل الجد، وهو يندرج ضمن العقاب الجماعي ضد سكان غزة".
ورأى أن تداعيات هذا القرار -إن تم تنفيذه- ستكون خطيرة جدا على المواطنين الفلسطينيين بالدرجة الأولى، وقال "وضع الناس صعب جدا وهش للغاية، وهذا سيزيد من صعوبة الحياة على المواطنين".
أما بخصوص تأثيره على القطاع الاقتصادي "المدمر بالكامل"، فرأى أنه سيعمق من خسائره الهائلة التي تكبدها خلال الحرب.
وحذر أبو رمضان من أن هذه الخطوة، ستُفقد التجار والمواطنين رؤوس أموالهم، كونها تتكون أساسا من هذه الفئة من الشيكل، لأنها الأكبر في قيمتها.
وأضاف "إن تم تنفيذ هذه الخطوة، بكل تأكيد ستتآكل رؤوس أموال التجار، وقدرتهم على التعافي ستقل"، محذرا من أنها ستعمّق من أزمة نقص السيولة النقدية في القطاع، وهو ما سيعد ضربة إضافية للواقع الهش.
وطالب أبو رمضان سلطة النقد الفلسطينية (القائم بأعمال البنك المركزي) بمخاطبة المؤسسات الدولية ذات العلاقة، بغرض ممارسة الضغوط على إسرائيل لعدم اتخاذ هذه الخطوة.
إعلانكما دعا سلطة النقد إلى طمأنة سكان قطاع غزة بخصوص العملات النقدية المهترئة والتالفة، ودعوتهم إلى التداول بها دون خوف أو قلق، إلى حين إتاحة الفرصة لاستبدالها.
ودعا رئيس الغرفة التجارية سكان قطاع غزة، من التجار والمواطنين، إلى الاتجاه للتداول الإلكتروني كونه "يخلصنا من التبعية للاحتلال، ويحمي العملات من التلف والضياع".
ضربة لكل السكانويرى المختص بالشؤون الاقتصادية أحمد أبو قمر، أن تنفيذ إسرائيل لهذه الخطوة، سينعكس سلبا على جميع سكان القطاع، مواطنين وتجارا.
ورفض أبو قمر في حديث للجزيرة نت، الادعاءات الإسرائيلية بأن هذه الفئة من النقد موجودة لدى حركة المقاومة الإسلامية حماس، مؤكدا أنها منتشرة بين كافة فئات السكان والتجار.
ويرى أن إسرائيل تهدف من هذه الخطوة -إن قررت تنفيذها- إلى "توجيه ضربة لكل الفلسطينيين في غزة، وليس فقط حركة حماس، بل تريد إيذاء الأفراد العاديين، وكذلك التجار".
وأضاف "القيمة النقدية للأموال من فئة 200 شيكل تعادل نحو 70% من قيمة النقد الإسرائيلي الموجود في غزة، وهذا طبيعي كونها الأعلى من حيث القيمة، وبالتالي تداعيات هذه الخطوة ستكون خطيرة".
وتابع "أموال الناس ومدخراتهم هي من هذه الفئة، وإلغاؤها فيه هلاك لأموال الناس بالجملة، وستكون هناك خسائر هائلة للسكان".
واتفق مع أبو رمضان في أن إلغاء هذه الفئة من العملة سيعمق أزمة نقص السيولة النقدية، داعيا في الوقت ذاته إلى الاتجاه نحو استخدام "التداول الإلكتروني".
يقول تاجر المواد الغذائية أحمد حسان إنه يمتلك مبلغا نقديا قدره 50 ألف شيكل، وجميعه من فئة الـ 200 شيكل.
ويضيف للجزيرة نت "جميع التجار والصيارفة والسماسرة لا يتعاملون إلا بفئة الـ 200 شيكل، ويرفضون التعامل بغيرها، لأنها الأعلى قيمة أولا، وثانيا لأنها من العملات التي لم تهترئ أو تتلف حتى الآن على عكس الفئات الأخرى".
إعلانوعليه، يبدي حسان قلقه الشديد من إقدام إسرائيل على اتخاذ خطوة إلغاء هذه الفئة، معتبرا أن الأمر سيكون "حكما بالإعدام على الجميع".
وقال إن "إلغاءها سيؤدي إلى انهيار التجارة وسوق النقد والعملات لأنهم لا يتعاملون إلا بها حاليا.. والجميع سيفلس".
و أضاف حسان "هدفهم تدمير الاقتصاد، المدمر أصلا، وخاص أنه لا يوجد سيولة نقدية، والأموال اهترأت".
تخوّف وترّقبأثار التوجه الإسرائيلي قلقا كبيرا لدى المواطنين في غزة، خاصة مع اشتداد الحصار، وارتفاع الأسعار الكبير، وشح البضائع، وعدم توفر السيولة النقدية.
ويقول المواطن محمد الغزالي للجزيرة نت "الناس لا تتعامل بفئة الـ10 شواكل، والأغلب يرفض أيضا الـ20 شيكلا لأنها تالفة، وإذا ألغوا الـ200 شيكل، فماذا سيتبقى؟".
وأضاف "الأوضاع سيئة، والأسواق منهارة والفقر يتفاقم والغلاء يزداد والمعابر مغلقة، وإذا اتخذوا هذه الخطوة فهي هلاك للجميع".
وتابع الغزالي "يريدون تدمير ما تبقى من الاقتصاد المنهار، قريبا الناس سيموتون من الجوع لأنهم حتى لو وجدوا طعاما في السوق، فلا يملكون المال ليشتروا به.. سيكون هناك انهيار كامل ومعاناة ومأساة".
بدوره، يقول المواطن إبراهيم أبو ليلة إنه وأفراد أسرته، يسحبون المال من البنك (عبر السوق السوداء) من خلال فئة الـ 200 شيكل فقط، وهي الفئة الوحيدة التي يتعامل بها التجار والسماسرة.
ويضيف أبو ليلة للجزيرة نت "أخشى أن ينفذوا هذه الخطوة، سيكون هناك انهيار شامل، لأنه بسبب قلة السيولة النقدية، فالاعتماد كله على هذه الفئة، وكل التجار وأصحاب رؤوس الأموال يرفضون التعامل إلا من خلال هذه الأوراق النقدية".
وختم قائلا "سينهار كل شيء، هذا خراب كبير، من سيعوض الناس عن خسائرهم؟ ندعو الله ألا يحدث هذا".