وزير الإعلام العُمانى يستقبل رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام المصرىالخطاب الإعلامى العُمانى أسهم فى ترسيخ القيم الوطنية وتعزيز تماسك المجتمع

فى إطار السعى المتواصل لتعزيز العلاقات بين سلطنة عُمان ومصر فى مختلف المجالات، استقبل الدكتور عبدالله الحراصى، وزير الإعلام العُمانى، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام الأستاذ كرم جبر، الذى يزور سلطنة عُمان حاليًّا.

تناول اللقاء عددًا من القضايا الإعلامية، منها تبادل الخبرات فى مجالات المحتوى الإلكترونى والتطورات التقنية التى تدعم وسائل الإعلام الحديثة، بالإضافة إلى أهمية التدريب ودور الإعلام العربى فى ترسيخ الهوية الحضارية وتنشئة الأجيال على القيم الأصيلة وتعزيز الفهم المتبادل بين مختلف الثقافات.

حضر اللقاء محمد بن سعيد البلوشى، وكيل وزارة الإعلام، والسفير خالد محمد عبدالحليم راضى سفير جمهورية مصر العربية المعتمد لدى سلطنة عُمان، وعدد من المسئولين بوزارة الإعلام.

ونائب رئيس الوزراء العُمانى يستقبل كرم جبر

كما استقبل فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء العُمانى، الأستاذ كرم جبر، وفى مستهل المقابلة نقل تحيات القيادة السياسية فى مصر وتمنياتهم الطيبة للقيادة الحكيمة فى سلطنة عُمان بالتوفيق الدائم، وللشعب العُمانى استمرار التقدم والازدهار.

أكد رئيس الوزراء أن الحكومة تولى الإعلام العُمانى كلَّ الرعاية والدعم إيمانًا بأهمية دوره البناء فى مسيرة التنمية الشاملة التى تعيشها سلطنة عُمان، وأشاد بالإعلاميين العُمانيين وما يبذلونه من جهود فى القيام بالتغطية الإعلامية التى تستند إلى المصداقية فى الاضطلاع بمسئوليتهم فى التوعية المجتمعية.

جرى خلال المقابلة استعراضُ العلاقات الثنائية القائمة والمتنامية بين البلدين الشقيقين انطلاقًا من الروابط الوثيقة التى تجمعهما وسُبل تعزيز التعاون الإعلامى فى العديد من المجالات، من بينها تبادل الخبرات والزيارات للإعلاميين فى إطار الحرص المشترك الذى توليه القيادتان فى البلدين. كما تم استعراض عدد من القضايا الراهنة على الساحة الإقليمية والجهود المبذولة لوضع حدٍّ للتجاوزات دعمًا لاستتباب الأمن والاستقرار فى المنطقة.

من جانبه، أشاد الأستاذ كرم جبر، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، بالسياسة الحكيمة والمتوازنة التى تنتهجُها سلطنة عُمان، ودورها فى دعم جهود التفاهم والحوار البنّاء بين الدول مما أكسبها احترام وتقدير الجميع، مؤكدًا على أهمية المحادثات التى أجراها مع المسؤولين بسلطنة عُمان لما لها من انعكاسات إيجابية على العلاقات بين البلدين.

جبر يزور وكالة الأنباء العمانية وجريدة عُمان ومجمع الأستوديوهات

وفى إطار زيارته المهمة لسلطنة عُمان، قام الأستاذ كرم جبر بزيارة وكالة الأنباء العُمانية، ومركز الأخبار ومجمع الأستوديوهات الرقمية، بالإضافة إلى مبنى جريدة عُمان.

وخلال الزيارة، استمع جبر إلى شرح شامل عن المحتوى الإعلامى والإخبارى الذى تقدمه وزارة الإعلام العمانية من خلال هذه المؤسسات، وتعرف على الأدوات والبرامج التقنية الحديثة التى تواكب متطلبات العمل الإعلامى.

وأشاد كرم جبر بالعلاقات الثنائية بين سلطنة عُمان ومصر، مؤكدًا أن البلدين يمتلكان مقومات حضارية وفكرية وتقنية تتيح لهما التعاون المشترك وتبادل الخبرات فى مختلف المجالات.

وأشار إلى الدور المهم للإعلام فى تقريب العلاقات بين الدول والشعوب، وتعزيز الفهم المتبادل من خلال التركيز على القواسم المشتركة، فضلاً عن رفع الوعى بشأن الهوية الوطنية وتنمية شعور الانتماء لدى النشء. كما لفت إلى أهمية التكيف مع الثورة التكنولوجية، مشددًا على ضرورة توافق المحتوى الإعلامى مع القيم الأخلاقية والدينية لمجتمعاتنا.

وأكد جبر أهمية تعظيم الجوانب الإيجابية لوسائل التواصل الاجتماعى، والابتعاد عن المحتوى السلبى الذى يتعارض مع قيم الدين الإسلامى والعادات والتقاليد، مثل العنف والتطرف، وأشار إلى التحديات التى تواجه الإعلام والصحافة الورقية، بما فى ذلك انخفاض نسب القراءة والإعلانات، مؤكدًا أن هذه التحديات ليست محصورة على دول معينة. وأوضح أن الصحافة الورقية ستبقى مهمة، داعيًا إلى ضرورة الحفاظ عليها كونها تمثل جزءًا من القوى الناعمة للمجتمعات.

 

الإعلام العُمانى ومعركة بناء الوعى وترسيخ القيم

استطاع الإعلام العمانى خلال مسيرته الماضية أن يقوم بدور كبير جداً فى معركة بناء الوعى المجتمعى وترسيخ القيم الوطنية المستمدة من القيم الإنسانية الأصيلة المتوافقة مع الفطرة السوية.

وعمل بحرفية كبيرة فى ترسيخ الوحدة الوطنية العمانية وفى نقل صورة عُمان الحقيقية إلى الداخل والخارج، وتمثيل السياسات العمانية بحرفية واتزان، ما ساهم فى بناء مجتمع واعٍ ومتماسك، وفى الوقت نفسه، تعزيز العلاقات السياسية والدبلوماسية مع مختلف دول العالم.

لا يمكن تجاوز دور الإعلام العمانى فى بناء الصورة الذهنية فى الداخل والخارج حول اتزان السياسة العمانية ومصداقيتها وانطلاقها من فهم تاريخ المنطقة ومسارات المستقبل.

وهذا بدوره ساهم فى تمثيل كل العمانيين لسياسة بلدهم حتى كأن كل واحد فيهم هو وزير خارجية مسؤول مسؤولية كاملة عن خطاب بلده السياسى، وعن دوره فى البناء الداخلى.. وأدى الإعلام العمانى دوراً بارزاً فى ترسيخ هذا الفهم وتعزيز الشعور بالمسؤولية الاجتماعية والوطنية سواء على المستوى الفردى أو الجماعى.

 

ترسيخ القيم الوطنية وتعزيز تماسك المجتمع

كما ساهم الخطاب الإعلامى العمانى فى ترسيخ القيم الوطنية وتعزيز تماسك المجتمع عبر نشر مبادئ التسامح والتعاون والاحترام المتبادل وقبول الآخر. هذه القيم، التى تشكل أساس الهوية العمانية، كانت دائمًا جزءًا لا يتجزأ من الرسالة الإعلامية، ما ساعد على بناء جيل واعٍ ومتفاعل مع التحديات المعاصرة.

ورغم هذا الدور الذى قام به الإعلام العمانى، فإن المجتمع، فى عُمان كما فى كل مجتمعات العالم، يمر بتحولات كبرى فرضتها عليه التحولات العالمية سياسياً وثقافياً واقتصادياً. لقد أصبح العالم فى كل مكان يعيش أزمة وعى ما يضاعف المهام الملقاة على الإعلام فى كل مكان نظراً لقدرته فى الوصول للجميع ولكن عبر تطوير أدواته ومواءمتها مع كل التحولات التى يشهدها العالم.

وبدون بناء هذا الوعى عبر الإعلام فى المقام الأول فإن المجتمعات فى كل مكان ذاهبة نحو المزيد من الهشاشة والضعف والمزيد من الصراعات.

لذلك ليس جديداً الحديث عن أهمية تمكين الإعلام الرصين والمتزن والملتزم ودعمه ليمارس دوره الريادى فى بناء الوعى فى لحظة تاريخيّة فارقة تمر بها البشرية، وعلى كل إعلامى أن يتمثل هذه المسئولية وهذا الدور وهو يمارس عمله كل يوم.. وليكن الدور الأول والأساسى للإعلام بناء الوعى حتى قبل أن يكون دوره الإخبار، رغم أن الإخبار بالحقيقة هو جزء أساسى من معركة بناء الوعى.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مختلف العلاقات الثنائية وقضايا المنطقة مختلف المجالات رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام كرم جبر بناء الوعى فى ترسیخ

إقرأ أيضاً:

المفسدون فى الأرض.. كيف خلصت 30 يونيو الجامعات من اختراق الإخوان؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

نظرت جماعة الإخوان الإرهابية بحقد شديد للكتلة الطلابية فى الجامعة المصرية، وتربصت بها فى وقت مبكر، لما لهؤلاء الطلاب من أهمية كبيرة، فهم وقود الثورات، والمخزون النشط لأي حزب سياسي قوي، والرقم الأصعب فى أى معادلة سياسية.
وبحسب وصف الراحل فكرى أباظة فإن التنظيمات الطلابية كانت جيش الوفد، لذا أرادت الجماعة الوليدة آنذاك أن تدخل عالم الجامعة وتخترق صفوف الطلبة وتسحبهم إلى عالمها لينقضوا على حزب الوفد، الحزب الشعبى الأقوى أمام الملك وضد الإنجليز. 
وحول ظروف نشأة جماعة الإخوان، رأى المفكر الراحل طلعت رضوان، أن الجماعة تمثل بامتياز نموذجا للوعي الزائف والحل السحري لعودة المحتل الأجنبي، ويعتقد "رضوان" أن نمو الوعي القومي في أعقاب ثورة المصريين ١٩١٩ شكلَّ خطرًا كبيرا على الوجود الإنجليزي في مصر، ما دفع المحتل للبحث عن حلول سحرية لمواجهة مثل هذا الوعي بوعي بديل زائف يمكن تغذيته لضمان وجودهم وشعورهم بالأمان، فكان الحل في دعم جماعة الإخوان لتمكين شعارات الانتماء للدين بدلا من الانتماء للوطن الذي يسهل معه الجمع بين كل طوائف الشعب في هدف واحد.
كرست جماعة الإخوان الإرهابية بمساعدة بقية التيارات المتطرفة دورها فى اختراق الجامعات وإفراغ الحركة الطلابية من دورها الوطنى، واستغلت التجمعات الطلابية لبث أفكارها، وتجنيد الطلاب الذين جاءوا للجامعة من مناطق بعيدة، لضمان انتشار أفكارهم لكل مكان في ربوع الوطن، خاصة وأن هؤلاء الطلبة هم الذين يتولون الوظائف والمناصب في الدولة.
وفى الوقت الذى نادى فيه طلاب حزب الوفد مثلا بالعودة لدستور ١٩٢٣ ورفض دستور ١٩٣٠، فإن أعضاء الجماعة يتظاهرون أنه لا دستور إلا القرآن، وهى محاولة لضرب الحركة الوطنية التى تحرز مكتسبات وترفض التفريط فيها، لصالح نقل المعركة إلى ساحة أخرى وأن تكون المعركة حول القرآن فتضيع المكتسبات، وتخطو الحركة الوطنية مع الجماعة آلاف الخطوات إلى الوراء.
وفى اللحظة التى يهتف فيها الطلبة للوفد أو للحياة النيابية بتنوعها نلاحظ طلاب الإخوان يرفعون شعار حسن البنا المؤسس والمرشد الأول للجماعة وهو «لا للحزبية»، وهو شعار يروجه لضرب الحياة الحزبية وقطع الطريق أمام أى مكتسبات ديمقراطية لتكون فى صالح الحزب الواحد.
والملاحظ لتاريخ الجماعة، فإن مرشدها الأول نادى بحل الأحزاب، وهي المتنفس الصحي للمشاركة في الحياة السياسية في الأنظمة الديمقراطية، إنما نادى بحلها لصالح الحزب الواحد، والملاحظ أيضا حاليا أن الجماعة انقلبت على أفكار مؤسسها، وأصبح للجماعة حزب أو أكثر في كل دولة، وهو المنطق النفعي الذي تعمل به الجماعة الإرهابية دائما. 

استغلال القضية الفلسطينية

ويستطيع المراقب لنشاط وتاريخ الجماعة أن يلمس انتهازيتها ببساطة وطريقها لتخريب الجامعات وتفريغها من دورها العلمى والوطنى وإبطال مفعولها وتحويل طلابها لكتائب غاضبة وحاقدة مستعدة للمشاركة فى المظاهرات وتنفيذ مطالب الجماعة لاستغلالهم فى الصفقات السياسية، وللمزيد من الأضواء حول طريق جماعة الإخوان فى اللعب بمشاعر الطلبة وتحويل قضاياهم لقضايا شكلية، ومن معركة حول تحرير الوطن والنهوض به إلى معركة حول استعادة الخلافة ونصرة الإسلام، والتكريس فى ذهن الجموع باستمرار أن هناك قوى تتربص باستمرار بالإسلام لتقضى عليه مما تجعله مستعدا ومتحمسا للمشاركة فى الجهاد والدفاع عن الإسلام ونصرته، فى تجاهل تام للأوطان التى تسقط سريعا بمثل هذه الأفكار فى يد هذه الجماعات المتطرفة والعميلة.
فى كتابه «الإخوان أحداث صنعت التاريخ»، يعترف مؤرخ جماعة الإخوان محمود عبدالحليم أن تأثيرهم فى طلاب الجامعة كان محدودا للغاية وغير مقنع، فالطلبة لم يستجيبوا للشعارات الكاذبة التى أطلقتها الجماعة حول ما أسموه بـ«الفكرة الإسلامية» وهو مصطلح يحبذون استخدامه للتعبير عن مجمل أفكار ومشروع الجماعات الإسلاموية.
يحكى عبدالحليم، أنه بمشاركة آخرين توجهوا لإدارة كلية الزراعة وكان طالبا بها، للمطالبة بتجديد فرش المُصلى للطلبة لما بها من حصير متهالك.
كما طالبوا بإنشاء مساجد فى الكليات وأولها كلية الآداب، وغير المطالبة بالمساجد تمسك الإخوان بالحديث باستمرار عن القضية الفلسطينية فوجدوا التفاتا شديدا من الطلبة وغير مسبوق مما دفعهم إلى الإطالة والتمسك بموضوع فلسطين لما وجدوه فيها من حيلة وخدعة تنطلى على الطلبة، وهو ما يلفت إليه مؤرخ الإخوان محمود عبدالحليم بقوله إن الإخوان اختصروا كثيرا من الوقت لمجرد أن رددوا هتافات من أجل فلسطين، ولم تختصر فى رأيه الزمن لانتشار الإخوان داخل الجامعة فحسب بل وفرت عليهم الكثير من الخطب والمحاضرات التعريفية. وقال: «لو ١٠٠ خطيب راح يشرح معانى الفكرة الإسلامية والإخاء والجهاد للناس لما كان له تأثير مثل خطب الجمعة عن بيع فلسطين وواجب إنقاذها وجمع التبرعات لها».
وقفزا إلى الأمام، تاركين مرحلة التأسيس مع حسن البنا وطلاب الجامعة فى مرحلة مبكرة، لنلاحظ بعض الأمور التى استقرت وتكرست بشدة فى ذهن أعضاء الجماعة وهى سحب بساط الطلبة من تحت أقدام أى فكر وطنى أو قومى لصالح فكر يبحث عن القضايا التى لا طائل منها، وهى حماسية وتلعب على المشاعر وليست حقيقية أبدا، فلقد عملت على المطالبة بإنشاء أماكن للصلاة وهتفت فى قضية فلسطين لأنها اكتشفت أن مثل هذه الأمور تزيد من التفاف الطلاب حولها وتختصر لها الوقت اختصارا.

استغلال الطلبة في الصراعات والمؤامرات

حاولت جماعة الإخوان أن تحرج الرئيس جمال عبدالناصر بإطلاق الشائعات وبثها بين الطلبة وبين الفئات الشعبية المحبة للزعيم ناصر، فقالت إنه جعل الإنجليز يحتفظون بقاعدة عسكرية في السويس لضمان عودتهم، ووقفوا يبثون الشائعات ضده أثناء المفاوضات مع الإنجليز، فكانوا ضد الجلاء، وادعوا أنهم يفضلون الكفاح المسلح. ووسط الصراع الدائر بين الجماعة من ناحية وبين الضباط الأحرار من ناحية، جرى تجنيد واستغلال الطلبة ضد المشروع الناصري آنذاك، ولم يشغلهم أن يطلقوا المزيد من الأكاذيب والشائعات لضمان إحراج ناصر أو الوصول إلى السلطة.
شرح علي عشماوي، قائد التنظيم الخاص والمنشق عن الجماعة لاحقا، في كتابه "التاريخ السري لجماعة الإخوان المسلمين" كيفية استغلال الجماعة لمفاوضات الجلاء من أجل إحراج ناصر، قائلا: "الواقع أن اختلاف الإخوان في هذا الأمر (يقصد الجلاء) كان نابعًا من إحساسهم بخروج عبدالناصر ومن معه على قيادتهم، وقد تم اختيار هذا الموضوع ليكون سببا للصدام لما له من ثقل وطني في حس الناس، مما يعطي للإخوان تأييدًا شعبيًا في صدامهم مع رجال الثورة".
وأضاف: "بدأت المنشورات توزع على الإخوان في الشُعب وفي أماكن تجمعهم تشرح الخلاف من وجهة نظر الإخوان، فقد كانوا يرون أن احتفاظ الإنجليز بقاعدة قناة السويس هو بيع للقضية وأن الإخوان يفضلون الكفاح المسلح".
في مذكرات عشماوي، يلاحظ القارئ الشائعات التي أطلقتها الجماعة بعد مظاهرات عابدين فبراير ١٩٥٤، منها أن الحكومة تنوي اغتيال المرشد العام، فوضعت الجماعة حراسة له.
تحدث عشماوي تفصيليا عن خطة الصدام ومؤامرة الإخوان لتنفيذ انقلاب دموي يطيح بمجلس القيادة يتمثل في: أولا، تأمين الجيش عن طريق بعض الإخوان الذين كانوا في الخدمة ولا يعلم بهم عبدالناصر، وكان على هؤلاء واجب تحييد الجيش فقط والتأكد من عدم تحرك وحدات أخرى لقمع الحركة الشعبية المخططة. ثانيا، القبض على بعض الشخصيات المهمة والتي لها ثقل عند الصدام، وإذا لم يتمكن من القبض عليهم هناك خطة بديلة لاغتيالهم. ثالثا، قيام جميع الإخوان على مستوى الجمهورية بالاستيلاء على أقسام البوليس والمباني المهمة كلٌ في حدوده مستعينا بأقل عدد من الإخوان المدربين. رابعا، تقوم المجموعات الوافدة إلى القاهرة بالانضمام إلى إخوان القاهرة في عملية الاستيلاء على المباني الحكومية ذات التأثير مثل مبنى الإذاعة، أقسام البوليس، قطع الطرق المؤدية من ثكنات الجيش إلى داخل القاهرة، قطع الطرق الداخلة إلى القاهرة من جهة الإسماعيلية. خامسًا، حصار الطلبة بعد مظاهرات مسلحة للقصر الجمهوري والاستيلاء عليه.
وفي النقطة الأخيرة تجدر الإشارة لانتفاخ الجماعة بعد المظاهرات التي وقفت أمام قصر عابدين ولم تهدأ إلا بعد استعانة الرئيس محمد نجيب بعبدالقادر عودة، أحد قيادات الجماعة، الذي لمحه في الصفوف يلوح بقميص ملوث بالدماء، هذه الحادثة أشاعت وسط الإخوان أن هذه اللحظة كانت فرصة للانقضاض على القصر وإلقاء القبض على مجلس قيادة الثورة، ومن ثم الانفراد بالسلطة، ما سيجعلهم يفكرون بجدية في استعادة هذه الفرصة مجددا.

توحش طلبة الإخوان 

وبالقفز إلى مرحلة السبعينيات نلاحظ فى كتاب «عبدالمنعم أبوالفتوح شاهد على تاريخ الحركة الإسلامية فى مصر» لمؤلفه حسام تمام، فإن أبوالفتوح يحقد لكون الجامعة فى هذه الفترة كانت مليئة بالتيارات القومية والناصرية واليسارية، هى التى تسيطر على الجامعات واتحادات الطلاب فيها وكانت أفكار هذه التيارات خاصة اليسارية بمثابة الصدمة لى ولأمثالى من الشباب البسيط المتدين.
ويروج أبوالفتوح فى شهادته لهذه الصدمة، ويزعم أن هذه التيارات كانت تتعمد العداء للإسلام والسخرية منه وسبه ومثل هذه التهم التى هى من عادة جماعة الإخوان أن تلصقها بأى تيار مخالف لها مهما كان موقفه من الدين، فيقول إن "مجلات الحائط التى يعلقها اتحاد الطلاب تنتقد الإسلام وتخوض فيه بجرأة". وهذا الزعم أيضا يؤيد فكرة تجييش الشباب لما يسمونه بنصرة الإسلام وما هو إلا هجوم على أحزاب مخالفة أو عقد صفقات سياسية.
ويعترف أبو الفتوح أن اللقاء بين تيار الإسلاميين فى الجامعة وشباب التيارات الأخرى ينتهى بفوز الشباب، فيوضح: «كان أن تصادمنا مع اليساريين والشيوعيين فى حوارات كنا الذين ننال الهزيمة فيها غالبا نظرا لثقافتنا القليلة السطحية وعدم خبرتنا بالحوار والجدل النظرى فلم تكن لدينا القدرة على الرد أمام القضايا التى يثيرها هؤلاء الطلاب المثقفون المدربون جيدا على مثل هذه المناقشات».
من ضمن اعترافات أبوالفتوح، ما قاله عن اللجنة الفنية: «هدفنا من الترشح للجنة الفنية والفوز بها هو إيقاف المنكر والانحلال الذى تبثه بين الطلاب ومن ثم عطلنا عملها بمجرد أن فزنا بها، ولا أتذكر لها نشاطا يذكر لسنوات حتى بدأنا وقتها بالأناشيد الثورية والجهادية».
وهكذا فقد كرست جماعة الإخوان الإرهابية بمساعدة بقية التيارات المتطرفة دورها فى اختراق الجامعات وإفراغ الحركة الطلابية من دورها الوطنى والعلمى لصالح الجماعة التى انطلقت لتمكين مشروعها التدميرى لا فى الجامعة فحسب، بل فى الوطن ككل وفى كامل المنطقة، وهو ما استطاعت مصر أن تتخلص منه مع ثورة الثلاثين من يونيو فى العام ٢٠١٣، كى تستعيد عافيتها مجددا بعيدا عن فصيل متواطئ لا يرضى بغير الخراب والتدمير.

مقالات مشابهة

  • «بنت سمير ودلال».. دنيا سمير غانم موهبة فطرية ونجاح من أول لحظة
  • دنيا سمير غانم.. «شعلة إبداع»
  • من خلال هذين المثالين، تدرك اختلاف القيم والمبادئ بيننا وبينهم
  • في القيم الجمالية!
  • المفسدون فى الأرض.. كيف خلصت 30 يونيو الجامعات من اختراق الإخوان؟
  • مواطنون: "وقف الأب" مبادرة إنسانية تكرّم العطاء وتخلّد القيم
  • ريهام عبدالغفور.. «الاستثنائية»
  • أهالي غزة.. معاناة لا تنتهي مع السرطان
  • الداخلية تكشف حقيقة مقتل شاب في القاهرة
  • الداخلية تكشف تفاصيل مقتـ ل شخص على يد نجل عميد شرطة بالمعاش