عين ليبيا:
2024-09-27@18:11:38 GMT

الاستعلاءُ النُّخبوي والغَرقُ في وحلِ إيران

تاريخ النشر: 27th, September 2024 GMT


لطالما أدّت النُخب المثقفة ورجال الفكر أدواراً محورية في الظروف التاريخية الحرجة، وتزخر صفحات تاريخنا العربي والإسلامي بأمثلة لا حصر لها. غير أن الأحداث الراهنة، وعلى وجه الخصوص حرب غزة، والهجوم الإسرائيلي على جنوب لبنان، كشفت بوضوح عن انسياق شريحة معروفة من النخب والمفكرين العرب والمسلمين خلف المشروع الإيراني، سواء عن قصد أو من دون قصد، تحت ذريعة أن إيران الدولة الوحيدة التي ناصرت قضية فلسطين، بعدما خذلتها الحكومات العربية.

وقد بلغ هؤلاء درجةً من الانحدار في خطابهم، دفعنا إلى مراجعة المفاهيم، ومحاولة إعادة تعريف المثقف. وبالرجوع إلى معاجم اللغة العربية، وجدت أن “المثقف” مشتق من الجذر “ثَقِفَ”، الذي يدل على الحذق والفطنة في مجال ما، سواء كان مادياً أو فكرياً، إلا أن استخدام هذا المصطلح في السياق العربي والإسلامي لا يتجاوز نصف قرن، فيما يُستمد في الثقافة الغربية من المصطلح الإنجليزي”Intellect”، الذي يشير إلى الشخص المنتمي إلى طبقة “العُمال الفكريين”.

وقد تعمق الغربيون في دراسة دور المثقف العضوي، وكان من أبرز من تناول هذا الطرح المفكر الإيطالي أنطونيو غرامشي، في كتابه “دفاتر السجن”، مطلع القرن العشرين. ووفقاً لغرامشي، فإن المثقف العضوي لا يَقتصر دوره على التعليم أو العمل الأكاديمي، بل هو فاعل نشط في الكفاح الاجتماعي والسياسي لتحقيق تغييرٍ ملموسٍ. وتأثر به المفكر الفلسطيني إدوارد سعيد، حيث رأى أن للمثقف دوراً اجتماعياً محورياً، وقسم المثقفين إلى فئتين: المثقف العضوي، الذي يحمل هموم الطبقات الاجتماعية كافةً، ويواصل العطاء عبر الأجيال. والمثقف التقليدي، الذي يبقى منعزلاً في “برجه العاجي”، متصوراً أنه أعلى من الجميع. فيما رأى المفكر المصري نصر حامد أبو زيد أن المُثقَّف هو الإنسان الذي ينخرط في عملية إنتاج الوعي الديني والشعوري والفكري والأخلاقي. ومن ثم فإن النخبة المثقفة تدل على المثقفين الذين يمتلكون دوراً رئيسياً في توجيه الرأي العام، والإسهام في تشكيل الأفكار، والقيم الثقافية للمجتمع.

علة الوعي في فهم المشروع الإيراني

يعاني بعض المثقفين والنخب العربية والإسلامية من إشكالية عميقة في فهم المشروع الإيراني، إذ انغلقوا في رؤاهم التي تدعو إلى “وحدة الأمة” و”التضامن الإسلامي”، مما جعلهم أدوات إعلامية تخدم مشروع “الولي الفقيه” في إيران. وهذا المشروع السياسي والعقائدي الذي أعاد صياغة نفسه مؤخراً، وأعلن بصورة صريحة فلسفته العدائية تحت شعار “الجبهة الحسينية ضد الجبهة اليزيدية للأبد”، في إشارة واضحة إلى الصراع الذي يراه مستمراً ضد خصومه من أبناء الأمة الإسلامية.

وبدلاً من أن يقرأ هؤلاء المثقفون أحداث التاريخ بعين فاحصة، ويُمعنوا النظر في خطاب “الولي الفقيه”، الذي بُثّ بلغتهم العربية، راح بعضهم يلتمس تأويلات إيجابية لهذا الخطاب لا يحتملها النص الصريح، ولم تخطر أساساً في بال قائلها نفسه، وانخرطوا في دعوات للوحدة الإسلامية الشاملة بين جميع المذاهب والأعراق، وكأن أبناء الأمة العربية والإسلامية هم المتسببون في الطائفية، وتعميق العداء التاريخي، وهو ما دفع الباحث الفلسطيني مضر أبو عبد الله للقول: “التصور الإسلامي تجاه المشروع الإيراني عليل”، حيث ينظر هؤلاء المثقفون إلى المذهب الاثني عشري بمنظور فقهي تقليدي، دون إدراك للتحولات التي أضافتها عقيدة “الولي الفقيه” في الإيديولوجيا السياسية الإيرانية المعاصرة.

هذا المشروع لم يعد محصوراً في الإطار الفقهي اليوم، بل تحول إلى مشروع سياسي وعسكري توسعي، يمتلك جيوشاً، وقدرات مالية وإستراتيجية، وفي طريقه لامتلاك سلاح نووي، وهذا ما جعله لاعباً خطيراً في تدمير المجتمعات العربية من داخلها، حيث استفادت إيران من تقارب مصالحها مع القوى الغربية في المنطقة، مما جعلها قوة فاعلة في المشهد السياسي، وسيطرت خلال عقدين من الزمن على أربع عواصم عربية “مهد الحضارة العربية والإسلامية”.

فوقية ونرجسية نخبوية!

لم تستفد النخب العربية والإسلامية من دروس التاريخ في فهم طبيعة الدور الإيراني تاريخياً، والأدهى من ذلك أن بعضهم أصبح بعد الطوفان يعتبر إيران جزءاً من الأمة، دون أن يُكلفوا أنفسهم عناء البحث عن معنى “الأمة” في المعاجم اللغوية. فالأمة، وفق المفهوم “Nation”، تشير إلى جماعة من البشر يجمعهم رابط مشترك واحد، سواء كان دينياً أو ثقافياً أو لغوياً أو تاريخياً، وبذلك تُعبر عن حالة من الوحدة الجماعية التي تتجاوز الحدود الجغرافية. فأين هي تلك المقومات الجامعة التي تربطنا بالإيرانيين وأتباعهم في المنطقة العربية؟!
وأخذ أولئك المثقفون العرب، بكل نرجسيةٍ وتَعالٍ، يروجون في كتاباتهم، ومداخلاتهم الإعلامية، أن حرب إيران ليست ضد عدو صائل، بل حرب داخلية، وترافقت هذه الرؤية السطحية مع اتهام كثير من الناس بالجهل، والانسياق وراء الطائفية، وحتى الاتهام بالصهينة والخيانة، حتى غدت هذه السمات طاغية على خطاب النخب الذين قصدناهم، وأصبح الاستعلاء، والتمادي على الناس، والاستخفاف بمعاناتهم، سمة بارزة لتلك الفئة.

ونتيجة تماهي هؤلاء المثقفين مع المصالح الإيرانية، تحولت خطاباتهم إلى مجرد شعارات جوفاء، فاقدة إلى المصداقية، وهو ما أدى إلى تراجع مكانتهم بين الفئات التي كانت تنظر إليهم باحترام، وتقدر علمهم، وفكرهم؛ فلا هم حفظوا مكانتهم بصمتهم، ولا هم نَطقوا بخير حين نطقوا، أو أصلحوا أحوال أمتهم بحكمة وعقل واتزان، وقد صدق قول أحد المفكرين فيهم: “هناك فئة مثقفة تسعى دائماً إلى تعزيز استعلائها على الهياكل الاجتماعية والثقافية، بينما تترك الناس في الهامش”.

ما حاجة الناس إلى علمٍ لا ينفع صاحبه؟!

حين قرر خوض غمار السياسة كاد يشعل حرباً إقليمية بين بلدين مسلمين، في ظل أوضاع متأزمة بينهما. وعندما قال: “زمن الريسوني قد ولى إلى غير رجعة”، استبشرنا خيراً بأن الرجل سيعود إلى ميدانه الذي أبدع فيه، حتى وصفه المختصون بأنه “شاطبي العصر في مقاصد الشريعة”. غير أنه عاد مع اندلاع حرب غزَّة ليقف في وجه المشككين في الدور الإيراني، ويصرح بأن “المسلمين الشيعة قد أيدوا ونصروا إخوانهم المجاهدين في أرض فلسطين.. وبذلوا في ذلك أرواحاً وأموالاً وأسلحة، وتضحياتٍ جساماً، لم يقدم أهل السنة شيئاً منها”، متناسياً الجرائم الشنيعة، والانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها إيران وميليشيات “حزب الله” في سورية والبلدان العربية، وما زالت، من قتل وتشريد واغتصاب، بل استخف بقاعدة شعبية عريضة من أبناء الأمة، والتي تمثل “الحاضنة التاريخية” لشعب فلسطين، وقضيته العادلة.

أكثر الشيخ من مؤلفاته ومداخلاته، لكن للأسف لم تنعكس هذه الإنتاجات الفكرية على مواقفه السياسية والإنسانية. بل على العكس، بقي متمسكاً برواية من تاريخنا الإسلامي يتهم فيها بني أمية بشتم آل البيت على منبر رسول الله ﷺ حتى عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز، ناسياً دور تلك الدولة في حفظ عقيدة المسلمين، والدفاع عن شرف الأمة، وبناء شخصيتها الحضارية، ولم يتذكر من حاضر الأمة إلا دور إيران المزعوم في نصرة المسجد الأقصى وفلسطين. وبدا لي الإشكال الأكبر في عقلية الشيخ حينما بادرناه بالنصح، فاستقبل ذلك بإصرار على الرأي، بقوله: “يا ولدي، إن نُرد إلا الإصلاح بين أبناء الأمة”. ولم يفكر بعواقب موقفه، وإن نخشاه هو أن إيران التي يحاول تحسين صورتها في المغرب الأقصى، بدأت تلقى دعايتها الشيعية قبولاً لدى محبيه، وخاصة أن البيئة الصوفية هناك مستعدة لاستقبال مثل هذه الأفكار.

وينبري أكاديمي آخر “مثقف” كان له وزنٌ كبيرٌ بين المفكرين الإسلاميين، وذلك حين كان همه الأساسي التصدي للظلم، ونصرة المستضعفين، ورغم أنه حاول جاهداً في تنظيراته السياسية أن يبين أن المشكلة الجوهرية للأمة نابعة من عهد بني أمية “العهد السفياني”، فإننا كنا نقول: هذه وجهة نظره، ونحسن الظن بأن هدفه هو محاولة بناء الوعي، والتعلم من أحداث التاريخ. ولكن المفاجأة كانت حين شمر عن ساعديه في حرب غزة، محاولاً إثبات أن الجهاد في هذه الأمة مشروع واحد، يضم في خندقٍ واحد السني والشيعي، أيّ الإيراني والسوري واليمني والعراقي واللبناني والفلسطيني، وأبناء الأمة جمعاء من جاكرتا إلى طنجة، وأن العدو الصائل هم اليهود.

وبدأ بنشر سلسلة من التغريدات والمقالات التي أظهرت تخبطه الفكري، وسطحية طروحاته، وضعف مقارباته السياسية، حتى غرق الرجل في الوحل الإيراني بكل معنى الكلمة. والغريب أنه كان نموذجاً يحتذى به لدى عدد من الشباب الملتزمين بقضايا الأمة، خاصةً أنه على دراية بمعاناة الناس الذين هشمت إيران عظامهم، وقتلت أبناءهم. ورغم ذلك أحذ يُكرر بأن إيران ليست “عدواً صائلاً”، بل “شقيقٌ جائر”. ونشر على حساباته أن “إيران جزءٌ من نسيج الأمة، وإسرائيل كيان لقيط غريب، وإيران جار دائم باقٍ، وإسرائيل جار مؤقت زائل”، وأخذ يستصغر شباب الأمة، ويحظر كل من يُعقب على آرائه في حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي.

أيها المفكر الحذق؛ أيهما أخطر: عدو يحتل فلسطين بناءً على أكاذيب تاريخية مفضوحة عند القاصي والداني، أم عدو يخترق الأمة كالسرطان من داخلها، ويفكك مجتمعاتنا، ويُفسد أبناءها؟ وهل انتهت مأساة الشعب السوري والعراقي واليمني واللبناني؟ وهل توقف الإيرانيون وأذرعهم الميليشياوية عن أعمالهم الإجرامية في بلادنا؟ وهل تطلبون من الشعب السوري الحرّ، الذي يُقتل كل يوم من إيران وحزبها اللبناني، أن ينسى واقعه الأليم، ويتصالح مع المجرمين الظلمة الذين لم يُظهروا أي ندم على جرائمهم، أو اعتذار عن مساندة الطاغية الأسد الذي قتل شعبه؟! ألا ترى أعينكم بأن في سورية وحدها أكثر من 47 ميليشيا شيعية إيرانية موزعة في 515 نقطة عسكرية، و55 قاعدة عسكرية، ويساندون الأسد والروس في قتل وإذلال الشعب السوري!؟.

الذاكرة الضائعة.. وأوميغا 3 هو الحل

إن “أوميغا 3” يمثل حلاً ناجعاً لاستعادة الذاكرة الضائعة، ففي الوقت الذي تتناسى فيه بعض المثقفين العرب والمسلمين ما ارتكبته إيران بحق الفلسطينيين في العراق، بعد الغزو الأمريكي في أعوام 2004 وحتى 2007، إذ قتلوا منهم المئات قبل أن يُهاجروا إلى دول أمريكا الجنوبية، فإنه يغيب عن هؤلاء ما ارتكبته قوات إيران وحزب الله من جرائم بشعة خلال حصار مخيم اليرموك الفلسطيني، وتجويع سكانه، وتدميره بالكامل، إضافة إلى تدمير تجمعاتهم في ريف دمشق، وحمص، واللاذقية، وكذلك موت العشرات من الفلسطينيين – السوريين تحت التعذيب في سجون الأسد وإيران.

وفي مقابل هذا الاستعلاء لدى بعض النخب والمثقفين العرب والمسلمين، والغرق في وحل المشروع الإيراني، نجد صمتاً غريباً من بعض العلماء ورجال الفكر، إذ كان دورهم سلبياً في انسحابهم، وعدم تحملهم المسؤولية، وتركهم الناس بلا توجيه أو قيادة أو توعية. فأين هم من مراقبة الله؟ وأين هم من كشف خطر مشروع “ولاية الفقيه”، الذي يشوه عقيدتهم وتاريخهم، ويهدد مستقبل أبنائهم؟

إن الرسالة السامية التي يحملها رجال الفكر والإعلام والدعوة تجاه مجتمعاتهم وأمتهم، ذات قيمة بالغة، إذ يمثل هؤلاء الرأس للجسد في زمن الأزمات، وحين يتحلى أحدهم بالمسؤولية الكاملة، يُوصف بالمثقف العضوي، وهو الذي يُحرّك الذاكرة التاريخية، ولا يفصل بين القضايا المصيرية بتأويلات واجتهادات مزاجية، ولا يقرأ التاريخ قراءة مجتزأة، بل يُعيد إحياء الأفكار والمعاني الروحية والجمعية في نفوس الثائرين، ويقول كلمته بجرأة. وتتمثل مهمته الأولى والأخيرة في البحث عن الحقيقة، وبذلك يستحق بجدارة لقب “مثقف المجتمع”، أو “المثقف العضوي”.

وأختم بالقول: إن القضية المركزية في هذه المعركة ليست الجغرافيا فحسب، بل العقيدة والقيم والدماء والأعراض والتاريخ والمجتمع والثقافة “منظومة متكاملة”، ويكون المثقف أمام اختبارٍ وتحدٍّ أخلاقي ووجداني، وعليه أن يتحول من مغرّد إعلامي أو متفلسف سياسي إلى قائد اجتماعي وفكري على منهج الرسول ﷺ وصحبه الكرام (رضوان الله علبهم)، ورجال الفكر والتنوير في هذه الأمة، رافعاً مستوى الوعي الجمعي، وحاملاً مهمة الإصلاح بين الناس على أساس الوفاء والعدل والإحسان.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: العربیة والإسلامیة المشروع الإیرانی أبناء الأمة الذی ی

إقرأ أيضاً:

مبادرة علماء الأمة لنصرة الطوفان تنطلق في إسطنبول

إسطنبول – انطلقت فعاليات "مبادرة علماء الأمة لنصرة الطوفان" بمناسبة مرور عام هجري على معركة "طوفان الأقصى"، عبر مهرجان جماهيري حاشد في مدينة إسطنبول.

وشهد المهرجان -أمس الخميس- مشاركة كوكبة من علماء العالم الإسلامي بحضور شخصي أو بكلمات مسجلة، كان من أبرزهم الداعية ذاكر نايك، ومفتي ليبيا الشيخ الصادق الغرياني، والشيخ محمد الحسن الددو، بجانب المئات من الأتراك وأبناء الجاليات العربية المقيمين في إسطنبول.

وصلى الحاضرون ركعتين ودعوا دعاء القنوت، حيث رفعوا أكفهم تضرعا لله، داعين لنصرة أهل غزة وفك الحصار عنهم.

وتنظم العديد من مؤسسات علماء المسلمين حول العالم هذه المبادرة بالتنسيق مع هيئة علماء فلسطين، بهدف توحيد الجهود الإسلامية لدعم القضية الفلسطينية والدعوة لتقديم الدعم المادي والمعنوي للشعب الفلسطيني، والتنديد بالمعاناة التي لا يزال يعيشها الفلسطينيون في غزة منذ قرابة العام.

وركز المتحدثون في كلماتهم على ضرورة استمرار النضال ضد الاحتلال الإسرائيلي، مشددين على أهمية توسيع دائرة الدعم والمقاومة.

رئيس هيئة علماء فلسطين نواف تكروري (الجزيرة) "النفير واجب شرعي"

وأكد رئيس هيئة علماء فلسطين نواف تكروري أن مرور عام على "طوفان الأقصى" يمثل "حافزا لمواصلة النضال ضد الاحتلال الإسرائيلي، الذي لم يحقق سوى مزيد من القتل والدمار في غزة خلال العام الماضي".

وأوضح تكروري أن الاحتلال، بعد فشله في تحقيق أهدافه في غزة، يحاول فتح جبهات جديدة في لبنان، مما يستدعي الاستعداد الكامل لمواجهته في كل مكان.

كما دعا تكروري الشباب في أنحاء العالم إلى السير على خطى مجاهدي غزة، مؤكدا أن المعركة القادمة يجب أن تنتقل إلى كل بقاع الأرض.

من جهته، أشاد الشيخ التركي إحسان جان أوشاك بصمود غزة، قائلا إن "أهل غزة كتبوا تاريخا جديدا، وأثبتوا للعالم أن المسلم، حين يكون مع الله عز وجل، لا يخضع للطغاة بل يجعلهم هم من يركعون".

وتابع: "نوجه تحياتنا من أرض الخلافة لأهلنا في غزة، ونؤكد أن الامتحان ليس يوميا أو سنويا، بل يمتد طوال الحياة، كما صبر الصحابة 13 عاما حتى أتاهم النصر".

وفي كلمته، أكد الشيخ محمد الحسن الدَّدوْ على أهمية أن يستمر البذل والعطاء والدعاء والمظاهرات "كطوفان لا يتوقف"، موضحا أن الأمة الإسلامية يجب أن تظل منشغلة بما أصاب إخوانها في غزة ولبنان، وأن تقف بجانبهم في هذه الأوقات العصيبة.

وأشار الشيخ الددو إلى "خطورة التعود على رؤية المجازر التي يرتكبها العدو على مدار عام كامل"، داعيا إلى رفض الصمت أمام هذه الجرائم. كما شدد على أن الشهداء قد قدموا أرواحهم في سبيل هذه القضية، وأن الأمة يجب ألا تخذلهم، بل تواصل السير على نهجهم حتى يتحقق النصر.

الداعية الإسلامي ذاكر نايك (الجزيرة) "الإنسانية تذبح نفسها"

في السياق، قال الرئيس السابق للشؤون الدينية في تركيا، محمد غورماز إن "حرب غزة ليست مجرد حرب ضد غزة وحدها، بل هي حرب العالم على غزة، وحصار العالم لها وإبادته لأهلها".

ورأى أن الإنسانية "تذبح نفسها ومعانيها على أعتاب غزة، حيث مضى عام كامل على المجازر التي ترتكب بحق الفلسطينيين دون أن يتحرك العالم أو يتخذ خطوات فعلية لوقف هذه المذبحة".

واختتم غورماز كلمته قائلا: "ما يحدث في غزة هو مخاض عسير، لكنه سيولد منه مستقبل جديد للإنسانية، وسيكون هذا الفصل الحاسم بين من يقف مع الحق والخير، وبين من يقف مع الأشرار والظلم".

من جانبه، قال الداعية الإسلامي ذاكر نايك في كلمة مسجلة خلال المهرجان، إن ما يقوم به أهل غزة هو فرض كفاية عن الأمة الإسلامية، ما يجعل فضلهم عظيما على الأمة جمعاء.

وأضاف أن التاريخ شهد العديد من الإبادات الجماعية، لكنها لم تكن بهذه البشاعة، إذ كسرت جميع القواعد الأخلاقية والإنسانية. وأكد أن ما يحدث في غزة يجب أن يكون درسا لكل مسلم حول كيفية تمسك أهل غزة بتعاليم الإسلام وصمودهم رغم المعاناة، وأن يتعلموا الصبر من أمهات الشهداء ومن ثبات الأطفال.

وأشار نايك إلى أن صمود أهل غزة كان سببا في اعتناق الكثير من الناس للإسلام، بينما بدأ الملايين حول العالم في التعرف على تعاليم الدين الإسلامي.

ولفت الانتباه إلى أن الملايين خرجوا في مظاهرات في أوروبا تضامنا مع المسلمين في غزة، مما يعكس التحول الذي أحدثته هذه المعاناة في الوعي العالمي.

الشيخ إحسان جان أوشاك (الجزيرة) دعوات لتوحيد الصفوف

وقال رئيس الهيئة العالمية لأنصار النبي (عليه الصلاة والسلام)، الشيخ محمد الصغير، في حديثه للجزيرة نت إن هذا المهرجان يمثل الانطلاقة الرسمية لمبادرة علماء الأمة لنصرة الطوفان، والتي تأتي مع مرور عام على المجازر الجماعية التي ينفذها الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

وأشاد الصغير بالدور الهام الذي تؤديه المؤسسات والجمعيات الإسلامية، وعلى رأسها هيئة علماء فلسطين، التي أخذت على عاتقها مسؤولية تنظيم هذه المبادرة في ظل الحاجة الملحة لأن يكون الجميع صوتا داعما لأهل غزة.

كما أكد الشيخ الصغير أن هذه المبادرة تهدف إلى توحيد الجهود الإسلامية وتعزيز الدعم العملي والإعلامي لقضية الشعب الفلسطيني، مشددا على أن مثل هذه الفعاليات تسهم في تسليط الضوء على معاناة غزة وفضح ممارسات الاحتلال أمام العالم.

من جانبه، قال الداعية التركي فاتح جونتشكتي في حديثه للجزيرة نت إن من واجب علماء المسلمين، وما زال، أن يكونوا على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقهم، للتحرك والوقوف إلى جانب المسلمين في قطاع غزة. وأكد أن هذا المهرجان يأتي جزءا من سلسلة فعاليات وخطوات تم اتخاذها سابقا لدعم أهل غزة ماديا ومعنويا.

وأكد جونتشكتي على أهمية توعية الأمة الإسلامية بالمخاطر التي تواجهها في حال استمرار الصمت على ما يحدث في غزة، مشددا على ضرورة التوعية الدينية التي تعرف المسلمين بواجباتهم تجاه إخوانهم في القطاع.

كما دعا الحكومات الإسلامية، التي وصفها بالمتخاذلة، إلى ضرورة التحرك العاجل لوقف المجازر، وإدخال المساعدات الإنسانية، والبدء في إعادة إعمار غزة.

حشود من الأتراك والعرب شاركت في المهرجان الذي أقيم في إسطنبول (الجزيرة) برامج علمية وإغاثية

وتستمر فعاليات المبادرة حتى السابع من أكتوبر/تشرين الأول المقبل. وتشمل مؤتمرات علمية تُعقد في 27 و28 سبتمبر/أيلول الجاري، حيث تتم خلالها مناقشة الفتاوى الشرعية المرتبطة بدور الأمة في "طوفان الأقصى"، بالإضافة إلى جلسات تركز على دور العلماء في دعم المقاومة الفلسطينية.

وفي 29 سبتمبر/أيلول، ستُعقد فعالية دولية تشارك فيها عالمات وداعيات من مختلف الدول الإسلامية لتسليط الضوء على أهمية دور المرأة في نصرة القضية الفلسطينية. وسيُخصص يوم 30 سبتمبر للحديث عن أهمية المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل ودورها كأداة فعالة في مواجهة الاحتلال.

وتستمر المبادرة بتنظيم حملات إغاثية وإنسانية في الأول والثاني من أكتوبر/تشرين الأول، لدعم أهل غزة في ظل الأزمة الإنسانية المتفاقمة. ويُخصص الثالث من أكتوبر للدعاء والضراعة، حيث سيتم أداء صلاة ركعتي القيام في المساجد والساحات تضامنا مع غزة.

وتختتم المبادرة فعالياتها في السابع من أكتوبر، بإحياء الذكرى السنوية الأولى لانطلاق معركة "طوفان الأقصى"، عبر تنظيم إضراب عالمي وصيام جماعي، إلى جانب مسيرات مليونية ووقفات احتجاجية في العديد من الدول الإسلامية، للمطالبة بوقف العدوان الإسرائيلي ودعم الشعب الفلسطيني.

مقالات مشابهة

  • مبادرة علماء الأمة لنصرة الطوفان تنطلق في إسطنبول
  • ممثل الجامعة العربية بالأمم المتحدة: نتنياهو يسعى لتحقيق أي انتصار ضد إيران
  • التصنيع العسكري اليمني.. نواة لاستعادة كرامة الأمة
  • إيران تتوسط في صفقة صواريخ .. تعرف على الدوافع التي تدعو موسكو إلى تسليح مليشيا إيران في اليمن
  • ‏الرئيس الإيراني: إسرائيل تسعى بأفعالها لجر إيران إلى الحرب
  • وزير الخارجية الإيراني: إيران لن تقف مكتوفة الأيدي في حال اندلاع حرب شاملة في لبنان
  • الهاتفُ المحمولُ أو دَآبَّةُ الأرضِ التي تكلمُ الناسَ وتفعلُ أشيآءً أخرى
  • المقاومة الشعبية كخيار إستراتيجى للأمة
  • تصريحات مثيرة للرئيس الإيراني بشأن الحوثيين في اليمن.. هل تخلت إيران عن حلفائها؟