لجريدة عمان:
2025-05-01@19:24:14 GMT

الانسجام مع الذات

تاريخ النشر: 27th, September 2024 GMT

••متى استطاع أحدنا الانسجام مع ذاته، حصل في الوقت نفسه على أغلب الحلول لقضاياه ومشاكله، ولربما أتاح له الانسجام في اللحظة ذاتها التفكير في كثير مما كان بعيدا عن تفكيره في أغلب الأوقات، ولأننا - في غالب أوقاتنا - غير منسجمين مع ذواتنا، لذلك نحن عالقون في مساحات تائهة تبحث عن عنوان يوصلها إلى الضفة الأخرى من النهر، حيث تضيع الخرائط، وتتشابه الطرقات، فلا نحن مع قضايانا الخاصة فنحركها نحو الصواب، ولا مع قضايا العامة لنسهم في جزء من حلولها، فشتات الذهن يغيبنا عن كثير مما نود أن نكون عليه، وربما قد نحتاج إلى زمن طويل لنسترجع جزءا من هذا الانسجام للملمة شتات أنفسنا.

•لعل أقسى اللحظات التي نتصادم فيها مع ذواتنا هي تلك اللحظات التي يطلق عليها اللحظات الحرجة، وما أكثرها في حياتنا اليومية، وهذا الصدام هو جزء من عدم الانسجام، حينها نرفض منطق الأشياء، وعندما يواجهنا الآخرون، نرى في مواجهتهم الكثير من الـ«حشرية» ولذلك نسارع بالقول: «هذا شيء لا يعنيك» نقولها حتى لأقرب الناس إلينا، من الذين يودوننا، ويخافون علينا، ويجلون قدرنا، ويدركون خطأنا، ويعرفون مآلات تصرفاتنا الغبية، ومع ذلك نواجههم بقوة، وبتعنت، وكأننا ملكنا نواصي الأمور، وأدركنا نتائج الأقدار.

•ربما، في ظروف بالغة القسوة، نعيش حالات من عدم الاتزان، فـ«المرء في المحنة عي» كما هو الفهم السائد، ولذلك يحتاج إلى كثير من التبصير، وهذا لا نجده إلا عند المخلصين، كما نحتاج إلى كثير من التبصر، وهذا لا نجده إلا عند أنفسنا، والخطورة الكبرى في هذه الحالة عندما نفتقد بوصلة التوجيه لا إلى هذا، ولا إلى ذاك، فتغرقنا التفاصيل، ونتوه في مساحات ممتدة من اللاوعي، ولذلك تأتي النصيحة دائما في حالة الهيجان أو الاحتقان التي نمر فيها لظرف ما، إن كنا واقفين فعلينا الجلوس، وإن كنا جالسين، فعلينا الاضطجاع، وفي التوجيه النبوي علينا بوضوء الصلاة، كل ذلك لنعيد أنفسنا المستنفرة إلى طبيعتها، وطبيعتها إنسانية بلا جدال، فالإنسان لن يخرج عن إنسانيته إلا في «ظروف اللحظة الحرجة».

•في كثير من مواقف امتحانات الذات، تغالبنا العزة، فندفع ثمنها بالإثم، هو نوع من التكبر والنرجسية، وربما، الغطرسة في بعض المواقف، ونظن بذلك قد كسبنا رهان الاستحقاق لما نقف معه أو ضده، وهذا التقييم ليس صحيحا، والدليل، أنه بعد لحظة زمنية، قد لا تطول، نتعرض لسيل قاس من عتاب النفس، ونقول لأنفسنا: ما كان ينبغي أن ننتصر للباطل، وننأى بالحق جانبا، فالانتصار للباطل هو ظلم للآخر، مهما كانت المبررات، وأجزم أن ليس هناك عاقل يسعى إلى حتفه باعتناق الباطل للضرر بالآخرين، فهذه كلها صور تؤكد أن هناك مواقف كثيرة تعكس حالات الانفصام التي نعيشها مع أنفسنا، أدركنا ذلك مع «سبق الإصرار والترصد» أو لم ندرك ذلك، حيث يتغشانا الدرن على كل مفاصل تصرفاتنا.

•في مشهد مؤثر جدا في بلد غير إسلامي، كان هناك طفل لا يتجاوز عمر السنوات العشر الأولى يتلو آيات من القرآن الكريم في أحد برامج مسابقات الأصوات، فاستطاعت آلة التصوير أن تعمل مسحا سريعا على وجوه من حضر على المسرح، وعلى لجنة التحكيم، فإذا بالعيون تذرف دموعا غزيرة ترطبت بها الخدود، حيث عندها، تحقق انسجام الأنفس مع ذاتها، بفعل آيات القرآن الكريم.، وهذا يعودنا إلى المعنى الكبير في حديث رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: «ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه...» فالانسجام واحد من تحققات الفطرة السوية.

أحمد بن سالم الفلاحي كاتب وصحفي عماني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: کثیر من

إقرأ أيضاً:

بوقرة: “لم يكُن لدي وقت كافٍ وهذا تحدٍ بالنسبة لي”

اعترف مدرب المنتخب المحلي، مجيد بوقرة، بأن ضيق الوقت، سيكون هاجسه في طريق قيادة أشباله إلى نهائيات كأس إفريقيا للاعبين المحليين “الشان”.

وأكد بوقرة، بأن التحضيرات لمواجهتي غامبيا، في الدور التصفوي الأخير، لم تكن مثلما جرت عليه العادة في المرات السابق.

مضيفا في ندوته الصحفية التي عقدها اليوم الثلاثاء. بقاعة المحاضرات التابعة لملعب “نيسلون مانديلا” ببراقي: “لم يكن لدي متسع من الوقت، ولكن هذا تحدٍ اخترته من أجل تقديم كل شيء وبلوغ الشان”.

كما استغل بوقرة، الفرصة من أجل التأكيد على أنه واجه صعوبات في التربص السابق، الذي سبق تربص أفريل الجاري.

وختم مدرب المنتخب المحلي: “تربص مارس كان صعبا، بسبب تزامنه مع شهر رمضان. واللاعبون كانوا مرهقين بسبب توالي اللقاءات، بالإضافة إلى كوننا لم نجد منافسا وديا”.

مقالات مشابهة

  • عندما يلتقي الواقع بالذات.. أنرى الحقيقة أم أنفسنا فقط؟
  • نائب رئيس اتحاد العمال: نظام الأجور في مصر تغير كثيرًا منذ تولي الرئيس السيسي الحكم
  • نائب رئيس اتحاد العمال: نظام الأجور تغير كثيرًا منذ تولي الرئيس السيسي الحكم
  • محمد بن راشد : نهنئ أنفسنا ورئيسنا وشعبنا بأن بلادنا أصبحت وجهة للعالم
  • محمد بن راشد: نهنئ أنفسنا ورئيسنا وشعبنا بأن بلادنا أصبحت وجهة للعالم.. ونموذجنا ضمن الأفضل عالمياً
  • «اللايف كوتشينج» يتصدر مبادرة «المرأة الأقصرية تتحدث» لتمكين السيدات وتنمية الذات
  • ديباك شوبرا: الذكاء الاصطناعي أداة لاكتشاف الذات
  • هايدي هشام تكتب: مسلسل "لام شمسية "أثبت أنه صوت من لا صوت له
  • التصالح مع الذات (السعادة الأبدية)
  • بوقرة: “لم يكُن لدي وقت كافٍ وهذا تحدٍ بالنسبة لي”