لجريدة عمان:
2024-09-27@18:15:19 GMT

الانسجام مع الذات

تاريخ النشر: 27th, September 2024 GMT

••متى استطاع أحدنا الانسجام مع ذاته، حصل في الوقت نفسه على أغلب الحلول لقضاياه ومشاكله، ولربما أتاح له الانسجام في اللحظة ذاتها التفكير في كثير مما كان بعيدا عن تفكيره في أغلب الأوقات، ولأننا - في غالب أوقاتنا - غير منسجمين مع ذواتنا، لذلك نحن عالقون في مساحات تائهة تبحث عن عنوان يوصلها إلى الضفة الأخرى من النهر، حيث تضيع الخرائط، وتتشابه الطرقات، فلا نحن مع قضايانا الخاصة فنحركها نحو الصواب، ولا مع قضايا العامة لنسهم في جزء من حلولها، فشتات الذهن يغيبنا عن كثير مما نود أن نكون عليه، وربما قد نحتاج إلى زمن طويل لنسترجع جزءا من هذا الانسجام للملمة شتات أنفسنا.

•لعل أقسى اللحظات التي نتصادم فيها مع ذواتنا هي تلك اللحظات التي يطلق عليها اللحظات الحرجة، وما أكثرها في حياتنا اليومية، وهذا الصدام هو جزء من عدم الانسجام، حينها نرفض منطق الأشياء، وعندما يواجهنا الآخرون، نرى في مواجهتهم الكثير من الـ«حشرية» ولذلك نسارع بالقول: «هذا شيء لا يعنيك» نقولها حتى لأقرب الناس إلينا، من الذين يودوننا، ويخافون علينا، ويجلون قدرنا، ويدركون خطأنا، ويعرفون مآلات تصرفاتنا الغبية، ومع ذلك نواجههم بقوة، وبتعنت، وكأننا ملكنا نواصي الأمور، وأدركنا نتائج الأقدار.

•ربما، في ظروف بالغة القسوة، نعيش حالات من عدم الاتزان، فـ«المرء في المحنة عي» كما هو الفهم السائد، ولذلك يحتاج إلى كثير من التبصير، وهذا لا نجده إلا عند المخلصين، كما نحتاج إلى كثير من التبصر، وهذا لا نجده إلا عند أنفسنا، والخطورة الكبرى في هذه الحالة عندما نفتقد بوصلة التوجيه لا إلى هذا، ولا إلى ذاك، فتغرقنا التفاصيل، ونتوه في مساحات ممتدة من اللاوعي، ولذلك تأتي النصيحة دائما في حالة الهيجان أو الاحتقان التي نمر فيها لظرف ما، إن كنا واقفين فعلينا الجلوس، وإن كنا جالسين، فعلينا الاضطجاع، وفي التوجيه النبوي علينا بوضوء الصلاة، كل ذلك لنعيد أنفسنا المستنفرة إلى طبيعتها، وطبيعتها إنسانية بلا جدال، فالإنسان لن يخرج عن إنسانيته إلا في «ظروف اللحظة الحرجة».

•في كثير من مواقف امتحانات الذات، تغالبنا العزة، فندفع ثمنها بالإثم، هو نوع من التكبر والنرجسية، وربما، الغطرسة في بعض المواقف، ونظن بذلك قد كسبنا رهان الاستحقاق لما نقف معه أو ضده، وهذا التقييم ليس صحيحا، والدليل، أنه بعد لحظة زمنية، قد لا تطول، نتعرض لسيل قاس من عتاب النفس، ونقول لأنفسنا: ما كان ينبغي أن ننتصر للباطل، وننأى بالحق جانبا، فالانتصار للباطل هو ظلم للآخر، مهما كانت المبررات، وأجزم أن ليس هناك عاقل يسعى إلى حتفه باعتناق الباطل للضرر بالآخرين، فهذه كلها صور تؤكد أن هناك مواقف كثيرة تعكس حالات الانفصام التي نعيشها مع أنفسنا، أدركنا ذلك مع «سبق الإصرار والترصد» أو لم ندرك ذلك، حيث يتغشانا الدرن على كل مفاصل تصرفاتنا.

•في مشهد مؤثر جدا في بلد غير إسلامي، كان هناك طفل لا يتجاوز عمر السنوات العشر الأولى يتلو آيات من القرآن الكريم في أحد برامج مسابقات الأصوات، فاستطاعت آلة التصوير أن تعمل مسحا سريعا على وجوه من حضر على المسرح، وعلى لجنة التحكيم، فإذا بالعيون تذرف دموعا غزيرة ترطبت بها الخدود، حيث عندها، تحقق انسجام الأنفس مع ذاتها، بفعل آيات القرآن الكريم.، وهذا يعودنا إلى المعنى الكبير في حديث رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: «ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه...» فالانسجام واحد من تحققات الفطرة السوية.

أحمد بن سالم الفلاحي كاتب وصحفي عماني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: کثیر من

إقرأ أيضاً:

مختص يعلق على عودة ارتفاع سعر صرف الدولار في بغداد

بغداد اليوم - بغداد 

علق الباحث والمختص في الشأن المالي والمصرفي مصطفى حنتوش، اليوم الخميس (26 أيلول 2024)، على عودة ارتفاع سعر صرف الدولار في بغداد.

وقال حنتوش في حديث لـ"بغداد اليوم"، ان "سعر صرف الدولار في السوق المحلي ليس في حالة ارتفاع مستمر ولا في حالة انخفاض مستمر، بل هو بحالة تذبذب، وهذا يعني ان الحلول ممكنة للسيطرة على هذا السعر، والحكومة بدأت تعمل على بعض الحلول منها توجيهات رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لعودة المنافسة المصرفية وعدم احتكار حوالات الدولار وغيرها على بعض المصارف، فهذه المنافسة ستؤدي الى استقرار اكبر لسعر صرف الدينار العراقي امام الدولار ".

وبين، ان "هناك توجهًا حكوميًا لدعم النظام المصرفي العراقي حتى لا تبقى هناك مصارف محددة مسيطرة على الحوالات الخارجية، وهذا خطوة جيدة ومهمة، بالإضافة الى تطوير العلاقات الدولية المالية والمصرفية، خاصة مع الجانب الأمريكي عبر لقاء رئيس الوزراء مع نائب وزير الخزانة الأمريكي ومناقشة وضع النظام المصرفي والدولار ولقاء البنك المركزي العراقي قبل اقل من شهر مع الخزانة والاتفاق على التعاقد مع شركة (اولفر وايمن) الاستشارية لمراجعة وضع النظام العراقي (المقيد من الدولار) والتي من المفترض توقيع العقد معها قريبا مما سيؤثر بشكل إيجابي على ملف سعر صرف الدولار، وهذا الامر يطمئن الشارع ويطمئن السوق".

وأضاف ان "الحكومة العراقية بإمكانها العمل لإيجاد منصة رسمية لقضية التجارة مع ايران وسوريا باستخدام الحوالات او الذهب، لأجل ان تكون الاستيرادات بصورة شرعية، وهذا يقلل من الطلب الكبير على الدولار عبر السوق الموازي، الذي هو السبب الرئيسي بارتفاع الدولار اكثر من سعره الرسمي ".

وشهدت أسعار صرف الدولار الأمريكي خلال الأيام الماضية ارتفاعًا ملحوظًا وصل إلى 152 ألف دينار عراقي مقابل كل 100 دولار أمريكي في البورصات الرئيسية بالعاصمة بغداد فضلا عن الأسواق المحلية، بعد أن شهد تراجعًا وصل إلى 147 ألف دينار مؤخرًا.

 

مقالات مشابهة

  • المسائل الكبرى.. ما بين منطق منحرف ومنطق مفقود
  • مختص يعلق على عودة ارتفاع سعر صرف الدولار في بغداد
  • ملحقش يلبس بدلة الفرح.. وفاة عريس ببنى سويف قبل حفل زفافه بساعات
  • تفسير رؤية الفأر في المنام.. يحمل خيرًا كثيرًا لصاحبه في هذه الحالة
  • خبر هام وردنا من العاصمة صنعاء.. وهذا ما سيحدث بعد ساعات قليلة من الآن
  • الخطة (ب)!
  • شعرية الفضاء في مجموعة «الصمت يأتي للاعتراف»
  • القيم المهدرة .. والتناقض الوقح
  • سؤال المكان وقلق الذات في مجموعة «الرجل النائم إلى جوارك»