••متى استطاع أحدنا الانسجام مع ذاته، حصل في الوقت نفسه على أغلب الحلول لقضاياه ومشاكله، ولربما أتاح له الانسجام في اللحظة ذاتها التفكير في كثير مما كان بعيدا عن تفكيره في أغلب الأوقات، ولأننا - في غالب أوقاتنا - غير منسجمين مع ذواتنا، لذلك نحن عالقون في مساحات تائهة تبحث عن عنوان يوصلها إلى الضفة الأخرى من النهر، حيث تضيع الخرائط، وتتشابه الطرقات، فلا نحن مع قضايانا الخاصة فنحركها نحو الصواب، ولا مع قضايا العامة لنسهم في جزء من حلولها، فشتات الذهن يغيبنا عن كثير مما نود أن نكون عليه، وربما قد نحتاج إلى زمن طويل لنسترجع جزءا من هذا الانسجام للملمة شتات أنفسنا.
•لعل أقسى اللحظات التي نتصادم فيها مع ذواتنا هي تلك اللحظات التي يطلق عليها اللحظات الحرجة، وما أكثرها في حياتنا اليومية، وهذا الصدام هو جزء من عدم الانسجام، حينها نرفض منطق الأشياء، وعندما يواجهنا الآخرون، نرى في مواجهتهم الكثير من الـ«حشرية» ولذلك نسارع بالقول: «هذا شيء لا يعنيك» نقولها حتى لأقرب الناس إلينا، من الذين يودوننا، ويخافون علينا، ويجلون قدرنا، ويدركون خطأنا، ويعرفون مآلات تصرفاتنا الغبية، ومع ذلك نواجههم بقوة، وبتعنت، وكأننا ملكنا نواصي الأمور، وأدركنا نتائج الأقدار.
•ربما، في ظروف بالغة القسوة، نعيش حالات من عدم الاتزان، فـ«المرء في المحنة عي» كما هو الفهم السائد، ولذلك يحتاج إلى كثير من التبصير، وهذا لا نجده إلا عند المخلصين، كما نحتاج إلى كثير من التبصر، وهذا لا نجده إلا عند أنفسنا، والخطورة الكبرى في هذه الحالة عندما نفتقد بوصلة التوجيه لا إلى هذا، ولا إلى ذاك، فتغرقنا التفاصيل، ونتوه في مساحات ممتدة من اللاوعي، ولذلك تأتي النصيحة دائما في حالة الهيجان أو الاحتقان التي نمر فيها لظرف ما، إن كنا واقفين فعلينا الجلوس، وإن كنا جالسين، فعلينا الاضطجاع، وفي التوجيه النبوي علينا بوضوء الصلاة، كل ذلك لنعيد أنفسنا المستنفرة إلى طبيعتها، وطبيعتها إنسانية بلا جدال، فالإنسان لن يخرج عن إنسانيته إلا في «ظروف اللحظة الحرجة».
•في كثير من مواقف امتحانات الذات، تغالبنا العزة، فندفع ثمنها بالإثم، هو نوع من التكبر والنرجسية، وربما، الغطرسة في بعض المواقف، ونظن بذلك قد كسبنا رهان الاستحقاق لما نقف معه أو ضده، وهذا التقييم ليس صحيحا، والدليل، أنه بعد لحظة زمنية، قد لا تطول، نتعرض لسيل قاس من عتاب النفس، ونقول لأنفسنا: ما كان ينبغي أن ننتصر للباطل، وننأى بالحق جانبا، فالانتصار للباطل هو ظلم للآخر، مهما كانت المبررات، وأجزم أن ليس هناك عاقل يسعى إلى حتفه باعتناق الباطل للضرر بالآخرين، فهذه كلها صور تؤكد أن هناك مواقف كثيرة تعكس حالات الانفصام التي نعيشها مع أنفسنا، أدركنا ذلك مع «سبق الإصرار والترصد» أو لم ندرك ذلك، حيث يتغشانا الدرن على كل مفاصل تصرفاتنا.
•في مشهد مؤثر جدا في بلد غير إسلامي، كان هناك طفل لا يتجاوز عمر السنوات العشر الأولى يتلو آيات من القرآن الكريم في أحد برامج مسابقات الأصوات، فاستطاعت آلة التصوير أن تعمل مسحا سريعا على وجوه من حضر على المسرح، وعلى لجنة التحكيم، فإذا بالعيون تذرف دموعا غزيرة ترطبت بها الخدود، حيث عندها، تحقق انسجام الأنفس مع ذاتها، بفعل آيات القرآن الكريم.، وهذا يعودنا إلى المعنى الكبير في حديث رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: «ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه...» فالانسجام واحد من تحققات الفطرة السوية.
أحمد بن سالم الفلاحي كاتب وصحفي عماني
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: کثیر من
إقرأ أيضاً:
كبسولات في عين العاصفة : رسالة رقم [152]
بقلم / عمر الحويج
كبسولة رقم [1]
حكومتان دون شرعية :
تهللون بإعلان الدول رفضها لتقسيم السودان وهذا موقف دولي عقلاني
لمصلحة المجتمع الدولي نفسه والسودان لن يعترفوا للحكومتين بشرعية
فرحون بخيباتكم وهذا وذاك ماجناه إجرامكم وما جنينا نحن على أحد .
حكومتان دون شرعية :
تهللون بإعلان الدول رفضها لتقسيم السودان وهذا موقف دولي عقلاني
أقرأوا ما تحت سطور رفضهم فهم وأنتم معاً حكومات موازية بلا شرعية
فرحون بخيباتكم وهذا وذاك ماجناه إجرامكم وما جنينا نحن على أحد .
[ لا للحرب .. نعم للسلام .. والدولة مدنية ]
***
كبسولة رقم [2]
ذكرى فائتة .. بتاريخ 3 / مارس 2024م
الكوزنة الحولاء :
يكرمون علناً شريرهم الإنصرافي داعية الموت والخراب
مرسل البشر إلى الله وبقراره يزيلهم من أرضهم الخراب
ثم يصيح بتعبئة موثقة وهو منهم وإليهم ( نعم للحرب) .
الكوزنة الحولاء :
يعتقلون سراً شيخ الأمين منقذ المواطن من طعن الحراب
وإكرام دفن موتى الشوارع تطوعاً وإغاثة جوعى الحراب
ثم يصدح بتعبئة موثقة وهو منهم وإليهم ( لا للحرب) .
[ لا للحرب .. نعم للسلام .. والدولة مدنية ]
***
كبسولة رقم [3]
ذكرى فائتة .. بتاريخ 3 / مارس / 2022 م
عصابة فاغنر : بعينها هي التي قدمت الدعوة لعصابة حمدان
لا بوتين السجمان .
عصابة فاغنر : بعينها التي قبلت الدعوة هي عصابة حمدان
لا البرهان السجمان .
إنتبهوا : مافي مليشيا بتحكم دولة [ يا بوتين ويا البرهان ]
[ لا للحرب .. نعم للسلام .. والدولة مدنية ]
***
omeralhiwaig441@gmail.com