كأس العالم 2030: تحضيرات مكثفة بفاس استعدادا للزيارة التفقدية لوفد الفيفا
تاريخ النشر: 27th, September 2024 GMT
تستعد مدينة فاس، إحدى المدن المغربية الست المرشحة لتنظيم كأس العالم لكرة القدم فيفا 2030، على قدم وساق، لاستقبال وفد من الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) في إطار زيارة تفقدية.
وتكتسي هذه الزيارة التي تهدف إلى تقييم تقدم أشغال مشاريع البنيات التحتية المرتبطة بتنظيم كأس العالم، أهمية كبيرة بالنسبة للمدينة وللمغرب بشكل عام.
وسيقوم وفد الفيفا بزيارة معمقة للمواقع الرئيسية التي يمكن أن تستضيف هذه المسابقة العالمية. وستشمل هذه الزيارة الملعب الكبير لفاس وفضاءات التدريب التي ينتظر أن تخصص للمنتخبات المشاركة، وكذا البنيات التحتية الفندقية التي يتعين أن توفر إقامة مريحة للاعبين والطاقم التقني.
وتعد هذه الزيارة، وهي الأولى من نوعها منذ التقديم الرسمي للترشيح المشترك للمغرب، لحظة حاسمة في مسلسل قرار الاتحاد الدولي لكرة القدم. وسيركز وفد الفيفا على كافة التفاصيل، وسيعمل على تقييم الملاعب المقترحة والبنية التحتية للنقل، والقدرة الإيوائية والخطط الأمنية، والتدبير الشامل للتظاهرات. والهدف هو إظهار القدرات التي يمتلكها المغرب، ولاسيما مدينة فاس، لتنظيم حدث من هذا الحجم.
وتسود بمدينة فاس أجواء مفعمة بالطاقة والحيوية، حيث تتواصل الأشغال بوتيرة جيدة، تعكس الإرادة التي تحدو المدينة في التحضير لاستقبال عالم كرة القدم. فأشغال توسعة وتأهيل الشوارع الرئيسية للمدينة، على غرار طريق صفرو وشارع علال الفاسي، بادية للعيان، مما يؤكد الجهود الكبيرة المبذولة.
ويوجد المركب الرياضي لفاس، الركيزة الأساسية لهذا المشروع، في قلب هذا التحول. حيث تتسارع وتيرة الأشغال لإنجاز بنيات تحتية تستجيب لمتطلبات الفيفا. وسيزور الوفد أيضا مواقع رياضية أخرى، ضمنها ملعب الحسن الثاني، ومعهد الرياضة التابع لجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس.
ويهدف تنوع المنشآت المقترحة من قبل مدينة فاس والمناطق المحيطة بها، إلى إطلاع مسؤولي الفيفا على غنى وجودة البنيات التحتية الرياضية المتوفرة.
ومن أجل تعزيز انسيابية التنقل، تراهن مدينة فاس على مشروع “الباص واي”. وسيمكن نظام النقل هذا من الربط، من بين أمور أخرى، بين المطار والمركب الرياضي ووسط المدينة، وتسهيل تنقل الزوار والمشجعين. ويندرج هذا المشروع ضمن إرادة شاملة لتحسين التنقل وتقليل الأثر البيئي.
وبالموازاة مع البنيات التحتية الرياضية، سيطلع وفد الفيفا أيضا على الطاقة الاستيعابية الفندقية بفاس. وينتظر أن تقترح المدينة عرضا متنوعا يتسم بالجودة، لاسيما بفضل فنادقها من فئة 5 و 4 نجوم. ويتمثل الهدف في الوصول إلى أزيد من 7600 غرفة فندقية مصنفة في أفق سنة 2028، للاستجابة للتدفق الكبير المرتقب للزوار في حال تنظيم كأس العالم.
ويتضمن هذا البرنامج الاستثماري، إنشاء فنادق جديدة، وتأهيل مؤسسات قائمة حتى تستجيب للمعايير الدولية. كما أن من شأن إدراج السكن الجامعي في العرض الإيوائي أن يساهم في الرفع من القدرة الإيوائية للمدينة.
المصدر: مملكة بريس
كلمات دلالية: البنیات التحتیة کأس العالم وفد الفیفا مدینة فاس
إقرأ أيضاً:
مصانع العقول: الجامعات التي تغير العالم (الحلقة 5)
فبراير 20, 2025آخر تحديث: فبراير 20, 2025
محمد الربيعي
بروفسور متمرس ومستشار علمي، جامعة دبلن
في قلب ولاية كاليفورنيا المشمسة، حيث تتراقص اضواء التكنولوجيا وتتلاقى عقول المبتكرين، تقبع جامعة ستانفورد، شامخة كمنارة للعلم والمعرفة. ليست مجرد جامعة، بل هي قصة نجاح ملهمة، بدات بحلم، وتحولت الى صرح عظيم، يضيء دروب الاجيال.
منذ سنوات خلت، تشكلت لدي قناعة راسخة بجودة جامعة ستانفورد، وذلك من خلال علاقات علمية بحثية مشتركة في مجال زراعة الخلايا. فقد لمست عن كثب تفاني علماء الجامعة وتميزهم، وشهدت انجازات علمية عظيمة تحققت بفضل هذا التعاون المثمر.
ولعل ما يزيد اعجابي بهذه الجامعة هو شعار قسم الهندسة الحيوية (الرابط المشترك بيننا) والذي يجسد رؤيتها الطموحة: “بينما نستخدم الهندسة كفرشاة، وعلم الاحياء كقماش رسم، تسعى الهندسة الحيوية في جامعة ستانفورد ليس فقط الى الفهم بل ايضا الى الابداع”. انه شعار ينم عن شغف اعضاء القسم بالابتكار وتطوير المعرفة، ويؤكد التزامهم بتجاوز حدود المالوف.
البداية: قصة حب ملهمة
تعود جذور هذه الجامعة العريقة الى قصة حب حزينة، ولكنها ملهمة. ففي عام 1885، فقد حاكم ولاية كاليفورنيا، ليلاند ستانفورد، وزوجته جين ابنهما الوحيد، ليلاند جونيور. وبدلا من الاستسلام للحزن، قررا تحويل محنتهما الى منحة، وانشا جامعة تحمل اسم ابنهما، لتكون منارة للعلم والمعرفة، ومصنعا للقادة والمبتكرين.
ستانفورد اليوم: صرح شامخ للابداع
تقف جامعة ستانفورد اليوم شامخة كواحدة من اعرق الجامعات العالمية، ومنارة ساطعة للابداع والابتكار. فهي تحتضن بين جدرانها نخبة من الاساتذة والباحثين المتميزين الذين يساهمون بشكل فعال في اثراء المعرفة الانسانية ودفع عجلة التقدم الى الامام. ولا يقتصر دور ستانفورد على تخريج العلماء والمهندسين المهرة، بل تسعى جاهدة ايضا الى تنمية مهارات ريادة الاعمال لدى طلابها، لتخريج قادة قادرين على احداث تغيير ايجابي في العالم.
ويعود الفضل في هذا التميز لعدة عوامل، لعل من ابرزها تبنيها لمفهوم الحريات الاكاديمية. وكما اجاب رئيس الجامعة على سؤال لماذا اصبحت ستانفورد جامعة من الطراز العالمي في غضون فترة قصيرة نسبيا من وجودها اجاب لان: “ستانفورد تكتنز الحرية الاكاديمية وتعتبرها روح الجامعة”. هذه الحرية الاكاديمية التي تمنح للاساتذة والباحثين والطلاب، هي التي تشجع على البحث العلمي والتفكير النقدي والتعبير عن الاراء بحرية، مما يخلق بيئة محفزة للابداع والابتكار.
من بين افذاذ ستانفورد، نذكر:
ويليام شوكلي: الفيزيائي العبقري الذي اخترع الترانزستور، تلك القطعة الصغيرة التي احدثت ثورة في عالم الالكترونيات، وجعلت الاجهزة الذكية التي نستخدمها اليوم ممكنة.
جون فون نيومان: عالم الرياضيات الفذ الذي قدم اسهامات جليلة في علوم الحاسوب، والفيزياء، والاقتصاد. لقد وضع الاسس النظرية للحوسبة الحديثة، وكان له دور كبير في تطوير القنبلة الذرية.
سالي رايد: لم تكن ستانفورد مجرد جامعة للرجال، بل كانت حاضنة للمواهب النسائية ايضا. من بين خريجاتها المتميزات، سالي رايد، اول امراة امريكية تصعد الى الفضاء، لتثبت للعالم ان المراة قادرة على تحقيق المستحيل.
سيرجي برين ولاري بيج: هذان الشابان الطموحان، التقيا في ستانفورد، ليؤسسا معا شركة كوكل، التي اصبحت محرك البحث الاكثر استخداما في العالم، وغيرت الطريقة التي نجمع بها المعلومات ونتفاعل مع العالم.
هؤلاء وغيرهم الكثير، هم نتاج عقول تفتحت في رحاب ستانفورد، وتشربت من علمها ومعرفتها، ليصبحوا قادة ومبتكرين، غيروا وجه العالم. انهم شهادة حية على ان ستانفورد ليست مجرد جامعة، بل هي منارة للعلم والمعرفة، ومصنع للاحلام.
وادي السيلكون: قصة نجاح مشتركة
تعتبر ستانفورد شريكا اساسيا في نجاح وادي السيلكون، الذي اصبح مركزا عالميا للتكنولوجيا والابتكار. فقد ساهمت الجامعة في تخريج العديد من رواد الاعمال الذين اسسوا شركات تكنولوجية عملاقة، غيرت وجه العالم. كما انشات ستانفورد حاضنات اعمال ومراكز ابحاث، لدعم الطلاب والباحثين وتحويل افكارهم الى واقع ملموس.
ولكن، كيف اصبحت ستانفورد شريكا اساسيا في هذا النجاح؟
الامر لا يتعلق فقط بتخريج رواد الاعمال، بل يتعدى ذلك الى عوامل اخرى، منها:
تشجيع الابتكار وريادة الاعمال: لم تكتف ستانفورد بتدريس العلوم والتكنولوجيا، بل عملت ايضا على غرس ثقافة الابتكار وريادة الاعمال في نفوس طلابها. وشجعتهم على تحويل افكارهم الى مشاريع واقعية، وقدمت لهم الدعم والتوجيه اللازمين لتحقيق ذلك.
توفير بيئة محفزة: لم تقتصر ستانفورد على توفير المعرفة النظرية، بل انشات ايضا بيئة محفزة للابتكار وريادة الاعمال. وشجعت على التواصل والتفاعل بين الطلاب والباحثين واعضاء هيئة التدريس، وتبادل الافكار والخبرات.
انشاء حاضنات الاعمال ومراكز الابحاث: لم تكتف ستانفورد بتخريج رواد الاعمال، بل انشات ايضا حاضنات اعمال ومراكز ابحاث، لتوفير الدعم المادي والمعنوي للطلاب والباحثين، ومساعدتهم على تحويل افكارهم الى شركات ناشئة ناجحة.
جذب الاستثمارات: لم تكتف ستانفورد بتوفير الدعم للطلاب والباحثين، بل عملت ايضا على جذب الاستثمارات الى وادي السيليكون، من خلال بناء علاقات قوية مع الشركات والمستثمرين، وعرض الافكار والمشاريع المبتكرة عليهم.
وبفضل هذه العوامل وغيرها، اصبحت ستانفورد شريكا اساسيا في نجاح وادي السيليكون، وساهمت في تحويله الى مركز عالمي للتكنولوجيا والابتكار.
ومن الامثلة على ذلك:
شركة غوغل: التي تاسست على يد اثنين من طلاب ستانفورد، وهما سيرجي برين ولاري بيج.
شركة ياهو: التي تاسست ايضا على يد اثنين من طلاب ستانفورد، وهما ديفيد فيلو وجيري يانغ.
شركة هيوليت-باكارد: التي تاسست على يد اثنين من خريجي ستانفورد، وهما ويليام هيوليت وديفيد باكارد.
هذه الشركات وغيرها الكثير، هي دليل على الدور الكبير الذي لعبته ستانفورد في نجاح وادي السيليكون، وتحويله الى مركز عالمي للتكنولوجيا والابتكار.
ستانفورد: اكثر من مجرد جامعة
ستانفورد ليست مجرد جامعة، بل هي مجتمع حيوي، يجمع بين الطلاب من جميع انحاء العالم، ليتبادلوا الافكار والخبرات، ويبنوا مستقبلا مشرقا لانفسهم ولوطنهم. كما انها مركز للبحث العلمي، حيث تجرى ابحاث رائدة في مختلف المجالات، تساهم في حل المشكلات العالمية، وتحسين حياة الناس.
الخلاصة: ستانفورد، قصة نجاح مستمرة
باختصار، جامعة ستانفورد هي قصة نجاح ملهمة، بدات بحلم، وتحولت الى واقع ملموس. انها صرح شامخ للعلم والمعرفة، ومصنع للقادة والمبتكرين، ومركز للابداع والابتكار. وستظل ستانفورد تلهم الاجيال القادمة، وتساهم في بناء مستقبل مشرق للانسانية جمعاء.