موقع النيلين:
2024-09-27@15:34:59 GMT

مقتل الوطن في محو السياق

تاريخ النشر: 27th, September 2024 GMT

الهشاشة الفكرية من أمراض الخطاب السياسي السوداني. أحد أخطر تجليات هذه الهشاشة في الفترة الأخيرة ظاهرة التسطيح بمحو السياق.

فمثلا قد يدين البعض جهات لوقوفها مع بقاء الدولة السودانية أو بقاء مؤسسة الجيش (وقوفا يتعدي قيادته الحالية كلحظة عابرة في كتاب التاريخ ). أو قد يهاجم آخر مجموعات مسلحة ويعيب عليهما الوقوف مع الجيش في معركة الفاشر.

ما يجعل هذه الإدانات شاذة، حتي في نسبية السياسة، هو محو السياق وإطلاق هذه الأحكام في ذهول تام عن تعرض السودان لغزو خارجي علي يد مليليشا ثابت عليها إرتكاب التطهير العرقي والعنف الجنسي واسع النطاق وجرائم الحرب وطرد ملايين المواطنين من دورهم وقراهم ومدنهم.

ويذهل موزعو الإدانات – من يسار وليبرال وإسلام فيرشن تووو كاره للمسلمين أينما كانوا ومحتفل بكل مصيبة حلت بهم ومساند لكل جلاديهم من منطلق طائفي مجروح من رفض مسلمو فيرشن ون لمدرسته – يذهلون عن طبيعة الجنجويد الذين استباحوا أي شبر دخلوه فاغتصبوا جماعيا وقتلوا ونهبوا وشردوا ومارسوا جرائم الحرب والتطهير العرقي. وهذا الذهول العمد ينطبق أيضا علي الجماعات المحايدة بتاعة مسافة واحدة من طرفي الصراع بعد أن تتم مساواة كاذبة بينهما.

في أمنيزيا السياق الإختيارية تنسي المجموعات أعلاه أن لا مبالاتها أو أمنياتها بهزيمة الجيش تعني إنتصار الغزو الجنجويدي وإعادة إستعمار السودان وزوال الدولة السودانية كما نعرفها.

ياتي عمي السياق الطوعي من جهات متحالفة مع الغزو والجنجويدي أو من جهات غير متحالفة ولكنها لا تملك الشجاعة للوقوف مع الحق لان ذلك قد يكلفها جفاء الحلف الجنجويدي بإمكانياته الضاربة في الحاضر والمستقبل.

ولكن المصيبة الأكبر أن نفس هذا العمي الذي يسهل لمشروع الغزو الجنجويدي الأجنبي ياتي أيضا من جماعات لا شك في وطنيتها ونزاهتها. لكن تكمن مشكتلها في أن عقلها “معسم” وغير قادر علي استيعاب ومواكبة تطورات تاريخية تسارعت, ما يجعله يفكر في الدولة السودانية ومؤسساتها بنفس منهج تفكير ما قبل الحرب. و يتمترس في تموقعه وكأن الحرب لم تحدث وكأن الجنجويد لم يخرجوا الملايين من ديارهم إلي مصير مظلم وكان الأجنبي لم يحشد أشد الأسلحة فتكا لفرض إرادته علي السودان.

بالنسبة لهذه الجماعات فان ترويع الجنجويد لعشرات الملايين وتشريدهم ليست قضية مركزية. والغزو الخارجي بالتسليح والتمويل وتجنيد مئات الآلاف من الأجانب لاستباحة عرض السوداني وماله وارض قضية جانبية لا تصلح – معية العنف الجنجويدي – لان تكون أهم مرجعية للتموقع السياسي.

واكثر المشاهد فداحة هو أن فقر وعي السياق والقصور عن إدراك أن أهم جوانب السياسة هو الترتيب الصحيح للأولويات لا ينحصر علي بسطاء القوم أو صغار الشباب تحت التدريب ولكنه يمتد ليشمل جماعات كان المتوقع منها الكثير.

يقال أنه في أوقات الشدائد الوطنية في بلاد فارس، يجتمع مجلس الأمن القومي ويقيم الموقف ويعرض لكبير أيات الله الخيارات المتاحة في شكل عدة كؤوس من السم عليه أن يختار أن يشرب أحدها.

ويختار المرشد الكاس الذي يحتوي علي سم أقل شرا فما يسبب وجع البطن ليس مثل ما يقتل . وفي هذا إدراك أن السياسة لا تتيح دائما خيارات نظيفة مقابل خيارات شيطانية في حدوتة تصلح للأطفال.

وليست كل الخيارات العكرة سواء. وكثيرا ما يكون فرق المقدار باهمية حاسمة. فأن تفرض علي فتاة أن تغطي شعرها قسرا أو أن تجلد شابا أحتسي كاسا من الجعة سلوك عدواني سخيف، تجب مقاومته، ولكنه يختلف نوعيا من إغتصاب الفتاة أمام أخوتها وطردهم إلي منافي الفقر والذل والمسغبة.

معتصم اقرع

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

الجيش الباكستاني يعلن قتل 8 مسلحين

إسلام أباد (وكالات)

أخبار ذات صلة مقتل شرطي بانفجار قنبلة في باكستان مقتل 12 إرهابياً و6 جنود في عمليات لقوات الأمن الباكستانية

أعلن الجيش الباكستاني، أمس، قتل ثمانية مسلحين على الأقل على يد قوات الأمن الباكستانية في إقليم «خيبر بختونخوا» شمالي باكستان المتاخم لأفغانستان.
وذكرت دائرة العلاقات العامة للجيش الباكستاني، في بيان أصدرته أمس، أن قوات الأمن نفذت عمليةً أمنية، الأربعاء الماضي، بناءً على معلومات استخباراتية تفيد وجود إرهابيين في منطقة (رمزاك) في الإقليم.
وأضاف البيان أنه جرى تبادلٌ كثيف لإطلاق النار بين قوات الأمن والمسلحين، مما أسفر عن مقتل ثمانية من أعضاء حركة «طالبان» الباكستانية المحظورة. 
وأوضح البيان أن قوات الأمن صادرت خلال العملية كمياتٍ مِن الأسلحة والذخائر بحوزة المسلحين الذين شاركوا في أنشطة إرهابية ضد قوات الأمن وفي قتل المدنيين الأبرياء.
وتأتي هذه العملية في وقت شهدت فيه باكستان تصاعداً في الهجمات الإرهابية خاصة في إقليمي «خيبر بختونخوا» وبلوشستان المتاخمين للجارة أفغانستان.

مقالات مشابهة

  • الجيش والبرهان ايقونة الوطن
  • الجيش الباكستاني يعلن قتل 8 مسلحين
  • كيف سيكون يوم النصر الكبير عندما يكون السودان خالي من الجنجويد ؟!
  • الإمارات: لا بد أن تعمل الأطراف السودانية على إيجاد حل سلمي عبر الحوار
  • لاستعادة العاصمة من قبضة الدعم السريع.. الجيش السوداني يشن هجوما غير مسبوق بالخرطوم
  • مركز بحوث الأراضي والمياه: الجنجويد دمروا هيئة البحوث الزراعية بنسبة 100%
  • الخارجية السودانية: البرهان يلقي غدا “خطاب السودان” من نيويورك
  • الخارجية السودانية: البرهان يلقي غدا خطاب السودان من نيويورك
  • السودان: مقتل طفل وإصابة آخرين في «الأبيض» جراء قصف مدفعي للدعم السريع