عربي21:
2025-03-17@15:26:25 GMT

الواقع العربي والقابلية للهزيمة

تاريخ النشر: 27th, September 2024 GMT

اثنان وأربعون ألف شهيد في غزة وحدها، وستة وتسعون ألف جريج منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. 138 ألف مواطن عربي ضحية الاعتداء الإسرائيلي الهمجي والمستمر على قطاع غزة، وما يزال الدم الفلسطيني يسيل وينزف في غزة والضفة، حتى كتابة هذه السطور، وأعمال الإبادة الجماعية مستمرة، والمجازر بحق الآمنين -لم يعد أحد في غزة آمن، ولم يعد مكان آمن- في مدارس الإيواء لا تتوقف، وأعداد الشهداء كل دقيقة في زيادة، وتدمير القطاع أصبح بشكل كامل، بحيث لم يترك العدو الصهيوني لسكانه مكانا يذهبون إليه، أو بيتا صالحا للسكن يقيهم حر الصيف، وبرد الشتاء وأمطاره؛ يأوون إليه إلا وقصفه.



ثم يفتح الجيش الإسرائيلي جبهة جديدة في لبنان يُشعل فيها النار، ويحرق ويقتل ويغتال ويهدم المنازل فوق رؤوس ساكنيها ويُهجر الآلاف، فقد وصل عدد الشهداء إلى قرابة ألف لبناني، وآلاف الجرحى، وأكثر من 200 ألف نازح.

ولبنان الدولة العربية الثانية بعد فلسطين، وسوريا الثالثة، التي ينتهك العدو الصهيوني سيادتها، وتطالها اعتداءاته وصواريخه وقذائف طيرانه. وفي الوقت التي تعربد فيه إسرائيل وتنتهك وتقتل في بعض غرف الدار العربية، كانت بقية الأسرة العربية، والأشقاء العرب، كلٌ في غرفته يقف وراء بابه ينظر ويتفرج ويسمع ويرى؛ ولكنه في الحقيقة لا يسمع صرخات الثكالى والأطفال، ولا أنين الجرحى والمرضى، ولا يرى القتلى، ولا دماءهم التي لا تتوقف عن النزيف، ولا يرى أشلاء الأطفال والنساء، ولا يرى المدينة التي تمت تسويتها بالأرض.

يقف الشقيق لا يحرك ساكنا، إن لم يتعاون ويعترف ويُطبع ويصالح العدو نفسه الذي يقتل شقيقه، وما هي إلا بعض التنديدات التي خرجت على استحياء. والبعض لا يجد نصرة لأخيه غير استجداء العون من أمريكا
يقف الشقيق لا يحرك ساكنا، إن لم يتعاون ويعترف ويُطبع ويصالح العدو نفسه الذي يقتل شقيقه، وما هي إلا بعض التنديدات التي خرجت على استحياء. والبعض لا يجد نصرة لأخيه غير استجداء العون من أمريكا -الداعم الرئيسي والرسمي لإسرائيل- والغرب، وكلاهما يحتقر الذين يستجدون.

ويجب أن نذكر هنا بأن العلاقة بين واشنطن وتل أبيب هي علاقة عضوية بين حليفين، ومعنى ذلك أن واشنطن لا يمكن أن تتبنى سوى وجهات نظر ومصالح الكيان الصهيوني، وعلى الذين يحجون إلى واشنطن أن يفهموا جميع هذه الحقائق، وأن يعوا حقيقة اللعبة الدولية التي تدور رحاها حول المنطقة، وأن أمريكا تحمي الوضع العربي القائم بجميع الوسائل، وتقف من إمكانيات التغيير في المنطقة موقف الرفض العنيف، إلا إذا كان التغيير فقط لصالح سياستها. الوضع القائم يعني التخلف، والتجزئة، والضعف، والتبعية المطلقة.. كما يقول الدكتور حامد ربيع.

من هنا نفهم هذا الدعم الأمريكي اللامحدود لإسرائيل؛ مليارات الدولارات، وعشرات السفن المحملة بالأسلحة الفتاكة والصواريخ والذخائر الذكية بل الغبية التي لا تعرف ولا يعرف من يستخدمها سوى القتل والفتك، والسماح بفتح خزائن الأسلحة الأمريكية الاستراتيجية المخزنة في إسرائيل منذ سنوات واستخدامها، وإرسال حاملات الطائرات العسكرية للمنطقة، واستخدام حق النقض الفيتو في الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وهرولة الرئيس الأمريكي بايدن لدعم إسرائيل وزيارتها، وزيارات شهرية لوزير الخارجية الأمريكي للكيان، وجولته لبعض العواصم العربية الكبرى لكسب الدعم لإسرائيل وضمان صمتها، وقوس الدعم الأمريكي مفتوح لا يُغلق..

واقع عربي مخزي ومحزن، عنوانه: لا أسمع، لا أرى، لا أتكلم، وحاله: حالة من الوهن والضعف والقابلية النفسية للهزيمة، والاعتقاد بأن لا سبيل لمواجهة أمريكا وإسرائيل، والاكتفاء بالسباب والدعاء عليهم، ولو جمعنا ما كُتب من سباب وأحرقناه لانتهت إسرائيل. رغم ما يملك العرب من جيوش يتجاوز تعداد بعضها الآلاف، وتسمى بالقوات الباسلة والشجاعة والبطلة، وتعج ترساناتها بالأسلحة والمعدات والبوارج والطائرات، ورغم ما تملك من إمكانات اقتصادية هائلة، ونفط وغاز واستثمارات، وجماهير بالملايين لو هتفت لعمل لها الأعداء ألف حساب، ولكن كل شيء معطل عن عمد وتواطؤ أو ضعف وهوان.

وعلى العرب أن يعلموا بأن إسرائيل خطر داهم على الوجود العربي كله، وليس على فلسطين ولبنان فقط، وأطماعها في قيام دولتها الكبرى ما يزال يراودها، وما تصريح بن غفير بأن مساحة إسرائيل صغيرة وغير كافية لها، منا ببعيد!! وما لم يستيقظ العرب ويتحصنوا بوحدتهم وقوتهم ودفاعهم المشترك، والالتحام بشعوبهم درع حمايتهم، فإن الأطماع اليهودية ستبتلعهم، وساعتها يقولون أُكلنا يوم أُكل الثور الأبيض.

وعلينا جميعا أن نعي أن إسرائيل دولة لها حلمها الاستعماري للمنطقة وإخضاعها لها، ومشروعها الصهيوني لاستعادة أرض إسرائيل، كما أنها دولة ذات طابع استيطاني يقوم على تهجير أصحاب الأرض، وطردهم والعدوان عليهم، ووسيلتهم القتل وسفك الدماء والإرهاب عبر المذابح والمجازر. كما يجب أن نتذكر بأن إسرائيل جيش له دولة، ومجتمع عسكري مسلح، إما ضمن الجيش العامل، أو جيش الاحتياط، ومن هنا يصعب التفرقة بين الدولة والمجتمع.

وهذا الضعف العربي والهوان والعجز والاستسلام والاكتفاء بمقعد الفرجة والمشاهدة لهذه الفظائع الرهيبة، ومشاهد قتل الأطفال والنساء وكبار السن، وهدم البيوت، والتهجير، والإبادة الجماعية التي تتمدد وتتسع من مدينة عربية إلى أخرى، دون أن يحرك أحد لها ساكن، لهو حقا محنة العرب الكبرى ومصيبتهم العظمى.

وقد كان العرب قديما يقولون:

لو كنتُ مِن مَازِنٍ لم تَسْتَبِحْ إِبِلِي   بنو الَّلقِيطَةِ مِن ذُهْلِ بنِ شَيْبَانَا
 إذن لَقَامَ بِنَصْرِي مَعْشَرٌ خُشُنٌ      عندَ الحَفِيظةِ إِنْ ذو لُوثَةٍ لانَا
قومٌ إذا الشَّرُّ أَبْدَى نَاجِذَيْهِ لَهُمْ     قاموا إليه زَرَافَاتٍ وَوِحْدَانَا
لا يَسْأَلُونَ أَخَاهُمْ حينَ يَنْدُبُهُمْ      في النَّائِبَاتِ على ما قال بُرْهَانَا

إننا لن نُهزم أمام إسرائيل إلا إذا هيمنت علينا القابلية للهزيمة في داخلنا أولا، والاستسلام للعجز وشعار ليس في الإمكان خير مما كان. وهذا ما تعمل عليه الدعاية الصهيونية" فـ"الحرب النفسية الإسرائيلية هي ذلك الشكل العملي للدعاية الصهيونية والموجه ضد الشعب العربي والقوات المسلحة العربية، وذلك بغية النيل من الشعب والجيش وتحطيم إرادة القتال والصمود عند الجيش، لتتمكن إسرائيل بذلك من حسم الصراع لصالحها".

ويقول وزير دفاع اسرائيلي سابق: "إننا نستهلك كمية كبيرة من الذخيرة الغالية، لندمر موقعا واحدا من مدافع العدو، ولكن أليس الأفضل والأرخص أن نستعمل الدعاية والحرب النفسية لشل الأصابع التي تضغط علي زناد هذا المدفع" (كتاب الحرب النفسية للدكتور أحمد نوفل).

فهل نعي الدرس الأهم بأن الهزيمة تبدأ أولا من داخلنا وقابليتنا للهزيمة؟ ونحن نشاهد المقاومة الفلسطينية تتحدى أقوى جيش في المنطقة، وتنال من هيبته، وتضرب استراتيجياته القتالية في مقتل، وتظل صامدة قرابة عام من المواجهة معه ومن خلفه الداعمين الغربيين رغم كل الآلام والخسائر والأثمان.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإسرائيلي الفلسطيني نصرة الهزيمة إسرائيل فلسطين العالم العربي الهزيمة نصر مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

زوكربيرج: الهواتف المحمولة ستنتهي والنظارات الذكية ستحل محلها

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

الهواتف الذكية عند ظهورها كانت أكبر اختراع شهده البشر خلال الثلاثة عقود الأخيرة، ولا يستطيع البشر التخلي عن الهواتف التي أصبحت شيء أساسي في الحياة اليومية، ولا يعتقد البشر ان تظهر اختراع يسبب هذه الضجة مثل الهواتف المحمولة او حتى اختراع اخر يحل محلها، وجاءت تصريحات مارك زوكربيرج، ليتوقع أن تصبح النظارات الذكية وسيلة اتصالنا الرئيسية بالعالم الرقمي، مما يجعل الهواتف الذكية شيئًا من الماضي.

وتنبأ زوال الهواتف المحمولة، الجهاز الذي نعتمد عليه يومياً، وقد يصبح من الماضي قريباً، وتوقع الملياردير المؤسس لشركة "ميتا" التي تمتلك فيسبوك، واتساب، وانستجرام، أن تصبح النظارات الذكية خلال أقل من عقد، وسيلة اتصالنا الرئيسية بالعالم الرقمي، ما يجعل الهواتف الذكية شيئاً من الماضي، وقد يبدو الأمر مُستحيلًا، لكن السباق قد بدأ بالفعل، حيث تُنفق ميتا وآبل وغيرهما من عمالقة التكنولوجيا مليارات الدولارات في الواقع المُعزز والذكاء الاصطناعي لجعل هذا المستقبل واقعًا ملموسًا.

والهواتف المحمولة نتحقق منها مئات المرات يوميًا،إنها تسيطر على جداولنا، وحياتنا الاجتماعية، وحتى على كيفية تسوقنا، لكن الهواتف الذكية أصبحت عبئًا أكثر منها وسيلة راحة، فمع الإشعارات التى لا تنتهي، وإرهاق الشاشة، والحاجة المُستمرة للبقاء على اتصال دائم، حيث سئم الناس من التحديق في شاشات الأجهزة المحمولة طوال اليوم، ويعتقد خبراء التكنولوجيا أن الابتكار الكبير القادم لا يتمثل في ترقية الهواتف الذكية، بل في استبدالها كليًا.

ويقول: زوكربيرج سيكون عالمًا لن تضطر فيه أبدًا لإخراج جهاز من جيبك مرة أخرى، وبدلاً من ذلك، سيتم عرض جميع تفاعلاتك الرقمية، الرسائل النصية والمكالمات والملاحة والترفيه، بسلاسة أمام عينيك باستخدام النظارات الذكية، لكن رؤية زوكربيرج ليست مجرد تكهنات، بل إنها تتشكل بالفعل حيث يوصف مشروع أوريون من ميتا، الذي كشف عنه في فعالية ميتا كونيكت 2024، بأنه أكثر النظارات الذكية تطورًا على الإطلاق.

وتتميز هذه النظارات المستقبلية بشاشات ثلاثية الأبعاد تعرض صورًا افتراضية في العالم الحقيقي، مما يتيح إرسال الرسائل النصية أو المكالمات أو التنقل دون الحاجة إلى استخدام الهاتف، وعلى عكس تجارب الواقع المعزز السابقة، فإن أوريون ليس مجرد جهاز، بل هو مصمم ليحل محل الهاتف الذكي تمامًا، وبفضل تتبع العين والأوامر الصوتية وإيماءات اليد، يمكن للمستخدمين التفاعل مع المحتوى الرقمي بسهولة.

وتجمع نظارات ميتا الذكية بين تصميم راي بان المميز وتقنية ميتا المدعومة بالذكاء الاصطناعي، حيث تجمع الكاميرات ومكبرات الصوت والتحكم الصوتي في إطار أنيق، وعلى الرغم من أنها ليست متقدمة مثل أوريون، إلا أن هذه النظارات تمثل خطوة حاسمة نحو جعل أجهزة الواقع المعزز القابلة للارتداء شائعة الاستخدام، وإذا اعتاد الناس على استخدام النظارات للموسيقى والصور والمكالمات، فسيكون التحول عن الهواتف الذكية أكثر طبيعية.

وتواجه النظارات الذكية حاليًا تحديات هائلة فعمر البطارية، وقوة المعالجة، ومخاوف كبيرة تتعلق بالخصوصية، هل ستشعر بالراحة مع وجود كاميرات تعمل دائمًا وذكاء اصطناعي يتتبع كل ما تراه، وبالإضافة إلى ذلك، يُظهر التاريخ أن التكنولوجيا القديمة لا تختفي بين عشية وضحاها. فقد استمرت الخطوط الأرضية لعقود بعد أن حلت الهواتف المحمولة محلها. 

ولا يزال بعض الناس يفضلون أجهزة الكمبيوتر المكتبية على أجهزة الكمبيوتر المحمولة، وقد لا يختفي الهاتف الذكي تمامًا ولكنه قد يتلاشى في الخلفية مع احتلال النظارات مركز الصدارة.

مقالات مشابهة

  • زوكربيرج: الهواتف المحمولة ستنتهي والنظارات الذكية ستحل محلها
  • مجددًا.. إسرائيل تستهدف آلية في الجنوب وسقوط إصابات (صور)
  • ليلى عز العرب تستعرض فترة السبعينيات وتأثيرها على المشاهد العربي
  • رئيس شؤون الضباط في وزارة الدفاع العميد محمد منصور: الجيش العربي السوري كان وسيبقى عماد السيادة الوطنية، واستعادة الكفاءات والخبرات العسكرية التي انشقت وانحازت للشعب في مواجهة نظام الأسد البائد والتي خاضت معارك الدفاع عن الوطن أمرٌ ضروري لتعزيز قدرات جيشن
  • الطواف العربي في رحاب التغيير : البحث عن دور
  • سيرة الفلسفة الوضعية (12)
  • حماس: المجزرة المروعة التي ارتكبها جيش العدو في بيت لاهيا تصعيد خطير
  • الهروب من الواقع
  • عاجل | واشنطن بوست عن مصادر: إسرائيل تطبق قواعد جديدة صارمة على منظمات الإغاثة التي تساعد الفلسطينيين
  • كاتس: إسرائيل ستبقى في المواقع الخمسة التي أنشأتها في جنوب لبنان