عربي21:
2024-09-27@14:16:28 GMT

الواقع العربي والقابلية للهزيمة

تاريخ النشر: 27th, September 2024 GMT

اثنان وأربعون ألف شهيد في غزة وحدها، وستة وتسعون ألف جريج منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. 138 ألف مواطن عربي ضحية الاعتداء الإسرائيلي الهمجي والمستمر على قطاع غزة، وما يزال الدم الفلسطيني يسيل وينزف في غزة والضفة، حتى كتابة هذه السطور، وأعمال الإبادة الجماعية مستمرة، والمجازر بحق الآمنين -لم يعد أحد في غزة آمن، ولم يعد مكان آمن- في مدارس الإيواء لا تتوقف، وأعداد الشهداء كل دقيقة في زيادة، وتدمير القطاع أصبح بشكل كامل، بحيث لم يترك العدو الصهيوني لسكانه مكانا يذهبون إليه، أو بيتا صالحا للسكن يقيهم حر الصيف، وبرد الشتاء وأمطاره؛ يأوون إليه إلا وقصفه.



ثم يفتح الجيش الإسرائيلي جبهة جديدة في لبنان يُشعل فيها النار، ويحرق ويقتل ويغتال ويهدم المنازل فوق رؤوس ساكنيها ويُهجر الآلاف، فقد وصل عدد الشهداء إلى قرابة ألف لبناني، وآلاف الجرحى، وأكثر من 200 ألف نازح.

ولبنان الدولة العربية الثانية بعد فلسطين، وسوريا الثالثة، التي ينتهك العدو الصهيوني سيادتها، وتطالها اعتداءاته وصواريخه وقذائف طيرانه. وفي الوقت التي تعربد فيه إسرائيل وتنتهك وتقتل في بعض غرف الدار العربية، كانت بقية الأسرة العربية، والأشقاء العرب، كلٌ في غرفته يقف وراء بابه ينظر ويتفرج ويسمع ويرى؛ ولكنه في الحقيقة لا يسمع صرخات الثكالى والأطفال، ولا أنين الجرحى والمرضى، ولا يرى القتلى، ولا دماءهم التي لا تتوقف عن النزيف، ولا يرى أشلاء الأطفال والنساء، ولا يرى المدينة التي تمت تسويتها بالأرض.

يقف الشقيق لا يحرك ساكنا، إن لم يتعاون ويعترف ويُطبع ويصالح العدو نفسه الذي يقتل شقيقه، وما هي إلا بعض التنديدات التي خرجت على استحياء. والبعض لا يجد نصرة لأخيه غير استجداء العون من أمريكا
يقف الشقيق لا يحرك ساكنا، إن لم يتعاون ويعترف ويُطبع ويصالح العدو نفسه الذي يقتل شقيقه، وما هي إلا بعض التنديدات التي خرجت على استحياء. والبعض لا يجد نصرة لأخيه غير استجداء العون من أمريكا -الداعم الرئيسي والرسمي لإسرائيل- والغرب، وكلاهما يحتقر الذين يستجدون.

ويجب أن نذكر هنا بأن العلاقة بين واشنطن وتل أبيب هي علاقة عضوية بين حليفين، ومعنى ذلك أن واشنطن لا يمكن أن تتبنى سوى وجهات نظر ومصالح الكيان الصهيوني، وعلى الذين يحجون إلى واشنطن أن يفهموا جميع هذه الحقائق، وأن يعوا حقيقة اللعبة الدولية التي تدور رحاها حول المنطقة، وأن أمريكا تحمي الوضع العربي القائم بجميع الوسائل، وتقف من إمكانيات التغيير في المنطقة موقف الرفض العنيف، إلا إذا كان التغيير فقط لصالح سياستها. الوضع القائم يعني التخلف، والتجزئة، والضعف، والتبعية المطلقة.. كما يقول الدكتور حامد ربيع.

من هنا نفهم هذا الدعم الأمريكي اللامحدود لإسرائيل؛ مليارات الدولارات، وعشرات السفن المحملة بالأسلحة الفتاكة والصواريخ والذخائر الذكية بل الغبية التي لا تعرف ولا يعرف من يستخدمها سوى القتل والفتك، والسماح بفتح خزائن الأسلحة الأمريكية الاستراتيجية المخزنة في إسرائيل منذ سنوات واستخدامها، وإرسال حاملات الطائرات العسكرية للمنطقة، واستخدام حق النقض الفيتو في الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وهرولة الرئيس الأمريكي بايدن لدعم إسرائيل وزيارتها، وزيارات شهرية لوزير الخارجية الأمريكي للكيان، وجولته لبعض العواصم العربية الكبرى لكسب الدعم لإسرائيل وضمان صمتها، وقوس الدعم الأمريكي مفتوح لا يُغلق..

واقع عربي مخزي ومحزن، عنوانه: لا أسمع، لا أرى، لا أتكلم، وحاله: حالة من الوهن والضعف والقابلية النفسية للهزيمة، والاعتقاد بأن لا سبيل لمواجهة أمريكا وإسرائيل، والاكتفاء بالسباب والدعاء عليهم، ولو جمعنا ما كُتب من سباب وأحرقناه لانتهت إسرائيل. رغم ما يملك العرب من جيوش يتجاوز تعداد بعضها الآلاف، وتسمى بالقوات الباسلة والشجاعة والبطلة، وتعج ترساناتها بالأسلحة والمعدات والبوارج والطائرات، ورغم ما تملك من إمكانات اقتصادية هائلة، ونفط وغاز واستثمارات، وجماهير بالملايين لو هتفت لعمل لها الأعداء ألف حساب، ولكن كل شيء معطل عن عمد وتواطؤ أو ضعف وهوان.

وعلى العرب أن يعلموا بأن إسرائيل خطر داهم على الوجود العربي كله، وليس على فلسطين ولبنان فقط، وأطماعها في قيام دولتها الكبرى ما يزال يراودها، وما تصريح بن غفير بأن مساحة إسرائيل صغيرة وغير كافية لها، منا ببعيد!! وما لم يستيقظ العرب ويتحصنوا بوحدتهم وقوتهم ودفاعهم المشترك، والالتحام بشعوبهم درع حمايتهم، فإن الأطماع اليهودية ستبتلعهم، وساعتها يقولون أُكلنا يوم أُكل الثور الأبيض.

وعلينا جميعا أن نعي أن إسرائيل دولة لها حلمها الاستعماري للمنطقة وإخضاعها لها، ومشروعها الصهيوني لاستعادة أرض إسرائيل، كما أنها دولة ذات طابع استيطاني يقوم على تهجير أصحاب الأرض، وطردهم والعدوان عليهم، ووسيلتهم القتل وسفك الدماء والإرهاب عبر المذابح والمجازر. كما يجب أن نتذكر بأن إسرائيل جيش له دولة، ومجتمع عسكري مسلح، إما ضمن الجيش العامل، أو جيش الاحتياط، ومن هنا يصعب التفرقة بين الدولة والمجتمع.

وهذا الضعف العربي والهوان والعجز والاستسلام والاكتفاء بمقعد الفرجة والمشاهدة لهذه الفظائع الرهيبة، ومشاهد قتل الأطفال والنساء وكبار السن، وهدم البيوت، والتهجير، والإبادة الجماعية التي تتمدد وتتسع من مدينة عربية إلى أخرى، دون أن يحرك أحد لها ساكن، لهو حقا محنة العرب الكبرى ومصيبتهم العظمى.

وقد كان العرب قديما يقولون:

لو كنتُ مِن مَازِنٍ لم تَسْتَبِحْ إِبِلِي   بنو الَّلقِيطَةِ مِن ذُهْلِ بنِ شَيْبَانَا
 إذن لَقَامَ بِنَصْرِي مَعْشَرٌ خُشُنٌ      عندَ الحَفِيظةِ إِنْ ذو لُوثَةٍ لانَا
قومٌ إذا الشَّرُّ أَبْدَى نَاجِذَيْهِ لَهُمْ     قاموا إليه زَرَافَاتٍ وَوِحْدَانَا
لا يَسْأَلُونَ أَخَاهُمْ حينَ يَنْدُبُهُمْ      في النَّائِبَاتِ على ما قال بُرْهَانَا

إننا لن نُهزم أمام إسرائيل إلا إذا هيمنت علينا القابلية للهزيمة في داخلنا أولا، والاستسلام للعجز وشعار ليس في الإمكان خير مما كان. وهذا ما تعمل عليه الدعاية الصهيونية" فـ"الحرب النفسية الإسرائيلية هي ذلك الشكل العملي للدعاية الصهيونية والموجه ضد الشعب العربي والقوات المسلحة العربية، وذلك بغية النيل من الشعب والجيش وتحطيم إرادة القتال والصمود عند الجيش، لتتمكن إسرائيل بذلك من حسم الصراع لصالحها".

ويقول وزير دفاع اسرائيلي سابق: "إننا نستهلك كمية كبيرة من الذخيرة الغالية، لندمر موقعا واحدا من مدافع العدو، ولكن أليس الأفضل والأرخص أن نستعمل الدعاية والحرب النفسية لشل الأصابع التي تضغط علي زناد هذا المدفع" (كتاب الحرب النفسية للدكتور أحمد نوفل).

فهل نعي الدرس الأهم بأن الهزيمة تبدأ أولا من داخلنا وقابليتنا للهزيمة؟ ونحن نشاهد المقاومة الفلسطينية تتحدى أقوى جيش في المنطقة، وتنال من هيبته، وتضرب استراتيجياته القتالية في مقتل، وتظل صامدة قرابة عام من المواجهة معه ومن خلفه الداعمين الغربيين رغم كل الآلام والخسائر والأثمان.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإسرائيلي الفلسطيني نصرة الهزيمة إسرائيل فلسطين العالم العربي الهزيمة نصر مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

السيد القائد: برغم التخاذل العربي غير المسبوق تجاه فلسطين إلا أن صمود المقاومة لا يزال مستمرا

يمانيون/ خاص

أكد السيد القائد أن المعركة واحدة والعدوان على الشعب اللبناني هو في إطار العدوان على الشعب الفلسطيني.

وقال السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي في كلمة له، اليوم الخميس، حول تطورات تصعيد العدو الإسرائيلي في لبنان ومستجدات العدوان في غزة، أن رصيد العدو الإجرامي في غزة هائل ولا مثيل له في نوعية وأسلوب الإجرام مقترنا بحجم الفشل في تحقيق الأهداف.

وأوضح قائد الثورة أن العدو الإسرائيلي لم يستعد أسراه، ولم يتمكن من القضاء على المجاهدين بغزة، وبات في مستنقع يتكبد فيه خسائر يوميه، وأنه فشل في تحقيق أهدافه رغم حجم المجازر والتدمير والتجويع والدعم والمشاركة الأمريكية والغطاء السياسي لكل ذلك.

وأشار السيد القائد إلى أنه وبرغم التخاذل العربي غير المسبوق تجاه فلسطين، إلا أن الصمود الفلسطيني لا يزال مستمرا.. لافتاً إلى أن العدو الإسرائيلي يسعى لإبادة المدنيين كل يوم في غزة، وأعداد الشهداء والمفقودين قد تكون أكثر مما يتم الإعلان عنه.

وقال السيد عبدالملك أن قطعان المستوطنين يواصلون اقتحام المسجد الأقصى منتهكين حرمته بحفلات الرقص وترديد الخرافات والإساءة للإسلام والمسلمين، وأن العدو يرتكب جرائم يومية في الضفة مع توسيع الاستيطان، وأن الانتهاكات وصلت إلى مستوى تسميم الماشية.

ولفت قائد الثورة إلى أنه ومع استمرار عمليات المقاومة، بات واضحا للعدو أن كتائب القسام متماسكة وأنها قد استعادت الزخم العملياتي، وتطور قدراتها الهجومية.

مقالات مشابهة

  • صدور العدد الجديد من مجلة التراث العربي عن اتحاد الكتاب العرب
  • عاجل | عبد الملك الحوثي: بحر العرب وخليج عدن والبحر الأحمر مناطق محظورة على العدو الأميركي والإسرائيلي
  • السيد القائد: برغم التخاذل العربي غير المسبوق تجاه فلسطين إلا أن صمود المقاومة لا يزال مستمرا
  • “الصحفيين العرب” يدين الجرائم التي يرتكبها العدو الصهيوني ضد المدنيين في لبنان
  • اجتماع خبراء تحضيري للدورة 15للمجلس الوزاري العربي للكهرباء بالجامعة العربية
  • أبي رميا: محاولات الترهيب التي يعتمدها العدو لن تصل إلى ما يرجوه
  • الغارات مُتواصلة في جنوب لبنان... إليكم البلدات التي قصفها العدوّ
  • ستغرق في النهاية.. قصة الجزيرة التي ظهرت في بحر العرب (صور)
  • مجلس النواب يدين استمرار العدوان الصهيوني على لبنان ويجدّد استهجانه للصمت العربي