«الإفتاء»: التفضيل بين الجهر والإسرار عقب الصلاة يعتمد على الأشخاص والظروف
تاريخ النشر: 27th, September 2024 GMT
أشارت دار الإفتاء المصرية، أن الجهر بالذكر بعد الصلاة أو الإسرار به من الأمور الواسعة التي لا ينبغي أن تكون محلًا للخلاف الكبير، حيث إن المسألة متسعة والأقوال فيها متقاربة. فقد ورد في القرآن الكريم أمر الله تعالى بذكره عقب الصلاة بصفة عامة، وذلك في قوله تعالى: ﴿فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قيامًا وقعودًا وعلى جنوبكم﴾ [النساء: 103]، وهذا الأمر المطلق يُؤخذ على إطلاقه ما لم يرد في الشرع ما يقيده.
وأكدت دارالإفتاء، عبر موقعها الإلكتروني، أنه جاء في السنة ما يشير إلى الجهر بالذكر عقب الصلاة، حيث روى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الصحابة كانوا يرفعون أصواتهم بالذكر بعد الصلاة المكتوبة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وكان ابن عباس يعرف انتهاء الصلاة من خلال سماعه لذلك الذكر، كما ورد عنه قوله: «كنت أَعرف انقضاء صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالتكبير».
وأوضحت الإفتاء، أنّ بعض العلماء ذهبوا إلى مشروعية الجهر بالذكر استنادًا إلى ظاهر الحديث، بينما رأى آخرون أن الجهر كان للتعليم، لذا فضلوا الإسرار بالذكر. لكن الجميع اتفق على جواز كلا الأمرين.
هل التفضيل بين الجهر والإسرار يعتمد على شروط معينة؟وأضافت الإفتاء، أن أفضل ما يمكن قوله في هذا الموضوع هو ما قاله العلامة الطحطاوي في «حاشيته» على «مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح»، حيث ذكر أن التفضيل بين الجهر والإسرار يعتمد على الأشخاص والأحوال والظروف. فإذا خشي الشخص الرياء أو كان جهره يؤذي أحدًا، كان الإسرار أفضل، وإذا انتفت هذه الموانع كان الجهر أولى.
وينبغي على المسلمين ألا يجعلوا هذا الأمر سببًا للخلاف والتفرقة بينهم، خاصة أن المسألة من مسائل الخلاف التي لا يُنكر فيها. الأفضل هو ترك الناس على ما يميل إليه قلبهم: فمن شاء جهر ومن شاء أسر، لأن الذكر أمر واسع، والمهم أن يجده المسلم حاضرًا في قلبه.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: السنة النبوية الإفتاء المصرية القرآن الكريم الصلاة المكتوبة الجهر بالذکر
إقرأ أيضاً:
هل من مات في رمضان يدخل الجنة بغير حساب؟ الإفتاء ترد
أجابت دار الإفتاء المصرية عن سؤال ورد إليها عبر موقعها الرسمي مضمونه: "هل من مات في رمضان يدخل الجنة بغير حساب؟ حيث توفي أحد أقاربي في شهر رمضان وهو صائم، وأثناء دفنه قال أحد الناس لأبنائه بغرض مواساتهم: "إن مَنْ مات في شهر رمضان سيدخل الجنة بغير حساب"، لكن أحد الحاضرين أنكر عليه قوله هذا، بحجة أن ذلك القول مخالف للسنة؛ لأنه لم يرد به نص. فما حكم الشرع في ذلك؟".
لترد دار الإفتاء موضحة أن العبد المؤمن إذا مات وهو صائم في شهر رمضان فإنه يُرجَى له دخول الجنة كما نصت بذلك الأحاديث النبوية الصحيحة، أما بالنسبة لما يقوله البعض بأن مَنْ مات في شهر رمضان فإنه سيدخل الجنة بغير حساب، فإنه يحمل على الرجاء وإحسان الظن بالورود على الله، وخصوصًا وقد اختار للمتوفى من الأيام ما يوافق حسن الوعد النبوي المذكور في الحديث، حيث إن الجنة قد فتحت وزخرفت لمن مات في شهر رمضان.
هل من مات في رمضان يدخل الجنة بغير حساب؟
أما بالنسبة لما يدور على ألسنة بعض الناس: أن مَنْ مات في شهر رمضان فإنه سيدخل الجنة بغير حساب. فهذا وإن لم يرد به نص، لكنه موافق في معناه للأحاديث التي ذكرناها من كون صيام شهر رمضان سبب في مغفرة الذنوب، وأن العبد إذا مات وهو صائم دخل الجنة.
قال القاضي عياض في "إكمال المعلم بفوائد مسلم" (4/ 6، ط. دار الوفاء): [قد يكون فتح أبواب الجنة هنا عبارة عما يفتح الله على عباده مِن الطاعات المشروعة فى هذا الشهر الذى ليست فى غيره من الصيام والقيام وفعل الخيرات، وأنَّ ذلك أسباب لدخول الجنة وأبواب لها، وكذلك تغليق أبواب النار] اهـ.
وقال أبو العباس القرطبي في "المفهم" (3/ 136، ط. دار ابن كثير): [وقوله: «فُتِّحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين»، فتحت: بتخفيف التاء، وتشديدها. ويصح حمله على الحقيقة، ويكون معناه: أن الجنة قد فتحت وزخرفت لمن مات في شهر رمضان؛ لفضيلة هذه العبادة الواقعة فيه، وغلقت عنهم أبواب النَّار؛ فلا يدخلها منهم أحدٌ مات فيه] اهـ.
بناءً على ما سبق، فإن العبد المؤمن إذا مات وهو صائم في شهر رمضان فإنه يُرجَى له دخول الجنة كما نصت بذلك الأحاديث النبوية الصحيحة، أما بالنسبة لما يقوله البعض بأن مَنْ مات في شهر رمضان فإنه سيدخل الجنة بغير حساب، فإنه يحمل على الرجاء وإحسان الظن بالورود على الله، وخصوصًا وقد اختار للمتوفى من الأيام ما يوافق حسن الوعد النبوي المذكور في الحديث، حيث إن الجنة قد فتحت وزخرفت لمن مات في شهر رمضان.
الموت على طاعة الله تعالى سبب في حصول حسن الخاتمة ودخول الجنة
أنعم الله عزَّ وجلَّ على هذه الأمة بشهر رمضان الكريم، فما مِن مسلم يتقرب إلى مولاه في هذا الشهر بالصيام والقيام والصدقة وقراءة القرآن وغير ذلك من أنواع الطاعات إلا ونال الثواب الجزيل والأجر العظيم؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا كَانَتْ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ، وَمَرَدَةُ الْجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَنَادَى مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ» أخرجه ابن ماجه في "سننه".
وقد جاء في السنة النبوية أحاديث تؤكد أن المسلم إذا أخلص نيته لله في صيام شهر رمضان كان ذلك سببًا لغفران ذنوبه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» أخرجه البخاري.
ومعلوم أن غفران الذنوب والموت على طاعة الله تعالى سبب في حصول حسن الخاتمة ودخول العبد المؤمن الجنة؛ فعن حذيفة رضي الله عنه قال: أَسْنَدْتُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى صدري فقال: «مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ خُتِمَ لَهُ بِهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ صَامَ يَوْمًا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ خُتِمَ لَهُ بِهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ خُتِمَ لَهُ بِهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ» أخرجه الأئمة: أحمد في "المسند"، والبيهقي في "الأسماء والصفات"، وأورده الإمام السيوطي في "شرح الصدور بشرح حال الموتى والقبور" تحت باب "أحسن الأوقات للموت"