رئيس وزراء المجر يتبرّأ من تصريح مستشاره عن الاستسلام لروسيا
تاريخ النشر: 27th, September 2024 GMT
نأى رئيس وزراء المجر، فيكتور أوربان بنفسه عن أحد كبار مستشاريه، الذي أكد أن المجر كانت ستستسلم إلى القوات الروسية، لو كانت في وضع أوكرانيا، قبل عامين.
وكان بالاز أوربان، المدير السياسي لرئيس وزراء المجر، قد قال في وقت متأخر من أمس الأول الأربعاء إن دفاع أوكرانيا ضد روسيا "كان غير مسؤول" ، مشيراً إلى أن المجر، العضو في حلف شمال الأطلسي "ناتو"، لم تكن لتقاوم، حيث استشهد بمقارنات مع انتفاضة البلاد الفاشلة ضد السوفييت في عام 1956 ، حسب وكالة بلومبرغ للأنباء، اليوم الجمعة.
وأثارت تصريحاته ضجة في المجر، حيث ينظر إلى ضحايا الثورة بوصفهم أبطالاً وطنيين. ودعا زعيم حزب المعارضة الرئيسي، بيتر ماجيار المستشار إلى الاستقالة.
Hungary's Prime Minister Viktor Orban distances himself from a top adviser who asserted that the country would have surrendered to invading Russian troops if it were in Ukraine’s position two years ago https://t.co/fqpFKv0p81
— Bloomberg Asia (@BloombergAsia) September 27, 2024وقال رئيس وزراء المجر إن التعليقات المتعلقة بالمجر "مضللة"، وأشار إلى أن المجر كانت ستدافع عن نفسها كما فعلت في عام 1956. وفي الوقت نفسه، لم يشر إلى ما إذا كان يتفق مع مساعده بأنه كان يتعين على أوكرانيا أن تستسلم إلى روسيا، في اليوم الأول من الحرب في عام 2022.
وقال أوربان للإذاعة الحكومية "مستشاري السياسي قال شيئاً بأسلوب مضلل، وهو خطأ". وأضاف "لقد نشأ مجتمعنا السياسي من ثورة 1956، لم نكن لنكون هنا لولا أبطال عام 1956".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: إسرائيل وحزب الله تفجيرات البيجر في لبنان رفح أحداث السودان الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية أوكرانيا الحرب الأوكرانية المجر وزراء المجر
إقرأ أيضاً:
استقلال السودان التاسع والستون (1956-2024): إطلالة على الماضي وتدبر في الحاضر ودعوة لاستشراف المستقبل
أحمد إبراهيم أبوشوك
تمهيد
ظلَّ السُّودانيُّون يحتفلون سنويًّا باستقلال السُّودان في الفاتح من يناير 1956، مع العِلْم بأنَّ القرارات الأربعة الَّتي أصدرها مجلسا النُّوَّاب والشُّيوخ (البرلمان) في يوم الإثنين الموافق 19 ديسمبر 1955 قد شكَّلت القاعدة الَّتي استند إليها إعلان الاستقلال الرَّسميِّ. والسَّبب في التأجيل إلى الفاتح من يناير 1956 يُعزى إلى اعتراف دولتي الحكم الثُّنائيِّ، الذي وصل آخرهما إلى الخرطوم في 29 ديسمبر 1955، وكذلك إجازة دستور السودان المؤقت واختيار العلم ذي الألوان الثلاثة (الأزرق والأصفر والأخضر) في الجلسة البرلمانية رقم (53)، والمنعقدة في يوم السبت الموافق 31 ديسمبر من العام نفسه؛ ولهذه الأسباب مجتمعةً كان الفاتح من يناير 1956 أقرب الآجال المتاحة وأفضلها. وسأعرض في الفقرات الآتية نصوص القرارات الأربعة، ثمَّ أعلِّق عليها.
(1)
نص القرار الأول:
"الاثنين 19 ديسمبر 1955.
قرار بالإجماع:
إنه من رأي هذا المجلس أن مطالب الأعضاء الجنوبيين لحكومة فيدرالية للمديريات الجنوبية الثلاث ستُعطى الاعتبار الكافي بواسطة الجمعية التأسيسية."
التوقيعات:
بابكر عوض الله، رئيس مجلس النواب.
مبارك زروق، زعيم الأغلبية بمجلس النواب.
محمد عامر بشير فوراوي، كاتب المجلس.
(2)
نص القرار الثاني:
"في الاثنين 19 ديسمبر 1955.
يا صاحب المعالي،
قرر مجلس النواب بالإجماع في يوم الاثنين الموافق 19 ديسمبر سنة 1955 أن يتقدم لمعاليكم بخطاب بالنص التالي:
نحن أعضاء مجلس النواب في البرلمان مجتمعًا نعلن باسم الشعب السودان أن السودان قد أصبح دولة مستقلة كاملة السيادة، ونرجو من معاليكم أن تطلبوا من دولتي الحكم الثنائي الاعتراف بهذا الإعلان فورًا."
التوقيعات:
بابكر عوض الله، رئيس مجلس النواب.
مبارك زروق، زعيم الأغلبية بمجلس النواب.
محمد عامر بشير فوراوي، كاتب المجلس.
(3)
نص القرار الثالث:
"الاثنين 19 ديسمبر 1955.
قرار بالإجماع:
بما أنه يترتب على الاعتراف باستقلال السودان قيام رأس دولة سوداني فإنه من رأي المجلس أن ينتخب البرلمان لجنة من خمسة سودانيين لتمارس سلطات رأس الدولة بمقتضى أحكام دستور مؤقت يقره البرلمان الحالي حتى يتم انتخاب رأس الدولة بمقتضى أحكام دستور السودان النهائي، كما أنه من رأي هذا المجلس أن تكون الرئاسة في اللجنة دورية في كل شهر، وأن تضع اللجنة لائحة لتنظيم أعمالها."
التوقيعات:
بابكر عوض الله، رئيس مجلس النواب.
مبارك زروق، زعيم الأغلبية بمجلس النواب.
محمد عامر بشير فوراوي، كاتب المجلس.
(4)
نص القرار الرابع:
"الاثنين 19 ديسمبر 1955.
قرار بالإجماع:
إنه من رأي هذا المجلس أن تقوم جمعية تأسيسية منتخبة لوضع وإقرار الدستور النهائي للسودان، وقانون الانتخابات للبرلمان السودان المقبل."
التوقيعات:
بابكر عوض الله، رئيس مجلس النواب.
مبارك زروق، زعيم الأغلبية بمجلس النواب.
محمد عامر بشير فوراوي، كاتب المجلس.
(5)
صياغة القرارات
أشرف على صوغ القرارات الأربعة باللُّغتين العربيَّة والإنجليزيَّة وليام لوس (William Luce)، مستشار الحاكم العامِّ في الشُّؤون الدُّستوريَّة والخارجيَّة، وجون دنكان (John Duncan)، مساعد مستشار الحاكم العامِّ، وجاك مفرقورداتو (Jack Mavrogodato)، المستشار القانون لمكتب الحاكم العامِّ، ومحمَّد عامر بشير فوراوي، كاتب مجلس النُّوَّاب، وبعض قيادات الأحزاب السِّياسيَّة. وقد حصل اختلاف في وجهات النظر بشأن القرار الثَّاني، إذ اعترض وليام لوس على عبارة "قد أصبح دولةً مستقلَّةً كاملةً السِّيادة"، واقترح عبارةً "أنَّ السُّودان سيصبح دولةً مستقلَّةً كاملةً السِّيادة". وأُجرى التَّعديل على النُّسخة الإنجليزيَّة، إلا أنَّ النُّسخة العربيَّة ظلَّت على حالها، دون علم وليام لويس. علَّق الدُّكتور فيصل عبد الرَّحمن علي طه على هذا الإجراء قائلاً: "لاحظ لوس ذلك لاحقًا، وقال إنَّ السُّودانيِّين قد خدعوه، وأرادوا بذلك تحقيق غرضين: الحصول على استحسان الجماهير بطرح النَّصِّ العربيِّ (قد أصبح)، ومراعاة الدِّقَّة في النَّصِّ الإنجليزيِّ (سيصبح). (لمزيد من التفصيل ينظر: فيصل عبد الرحمن علي طه، السودان على مشارف الاستقلال الثاني، 1954-1956، أم درمان مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي، 2010، ص 336).
أمَّا القرار الثَّالث على الرَّغم من أنَّه قد صدر بالإجماع لتشكيل لجنة خماسيَّة تمثِّل رأس الدَّولة إلى أن يتمَّ انتخاب رأس لها، إلَّا أنَّ حسن الطَّاهر زرُّوق اعترض على ترشيح عبد الفتَّاح المغربيِّ وأحمد محمَّد يسن، ورشَّح أحمد خير وأحمد مختار، بحجَّة أنَّ التَّرشيح للمناصب العليا المرتبط باستقلال البلاد يجب أن يكون قائمًا على تاريخ المرشَّح الوطنيِّ وجهاده في سبيل الاستقلال. بَيْدَ أنَّ الأغلبيَّة الميكانيكية قد رفضت ترشيحات ممثل الجبهة المعادية للاستعمار، وشكَّلت اللَّجنة الرِّئاسيَّة من: (1) أحمد محمَّد صالح، (2) عبد الفتَّاح المغربيِّ، (3) سرسيو إيرو، (4) أحمد محمَّد يسنُّ، (5) الدَّرديريّ محمَّد عثمان، والتي أصبح يطلق عليها مجلس السِّيادة الأوَّل.
(6)
خاتمة: هل نُفذت القرارات الأربعة؟
لم يُنفِّذ القرار الأوَّل الخاصُّ بإعطاء المديريَّات الجنوبيَّة الثَّلاث (الاستوائيَّة وبحر الغزال، وملكال) حكمًا فيدراليًّا، بحجَّة أنَّ الحكم الفيدراليَّ ربما يُفضي إلى انفصال جنوب السُّودان. ويبدو أنَّ هذا المبرِّر غير المدروس كان واحدًا من الأسباب، الَّتي أدَّت إلى فقدان ثِّقة السياسة الجنوبيين في قادة العمل السياسي في الخرطوم. ويُؤكد ذلك الكلمة التي ألقاها الأب سترنينو لاهوري أمام البرلمان السوداني في حزيران/ يونيو 1957: "إن الجنوب لا ينوي الانفصال عن الشمال كهدف بحدِّ ذاته، بل يريد أن يعيش في ظل وحدة فدرالية بكامل إرادتها، ولكن الجنوب سينفصل عن الشمال حتمًا بسبب الأعمال والتصرفات غير المسؤولة التي يقوم بها السياسيون الشماليون." ولا شك في أن فقدان الثقة المتراكم قد ساهم في اندلاع سلسلة من الحروب الأهليَّة، الَّتي انتهت باتِّفاقيَّة السَّلام الشَّامل لسنة 2005، والاستفتاء الشعبيّ العامّ، الذي أُجري في جنوب السُّودان، وكانت نتيجته أنَّ 98% من سكَّان الجنوب صوتوا لخيار الانفصال، وقيام دولة جنوب السُّودان في 2011. وبذلك فقد السودان ما يقدر بربع مساحته وسكانه ونسبة كبيرة من إيراداته النفطية، التي أضحت في نصيب دولة جنوب السودان الناشئة.
لمّ ينفِّذ القرار الرَّابع أيضًا بصفة كاملة؛ لأنَّ الجمعيَّة التَّأسيسيَّة فشلت في إعداد دستورٍ دائمٍ لحكم دولة السُّودان المستقلَّة، بل اكتفت آنذاك بتعديل قانون الحكم الذَّاتيِّ لسنة 1953، وأطلقت عليه دستور السُّودان المؤقَّت لسنة 1956، الذي أُجيز في جلسة البرلمان (مجلسا النواب والشيوخ)، المنعقدة في 31 ديسمبر 1966. والآن بلغ عمر دولة "56" المستقلَّة تسعة وستِّين عامًا؛ لم يستطع الساسة السُّودانيُّون أن يجتمعوا على كَلَمَةٍ سَوَاء بينهم، تمكنهم من إعداد دستورٍ دائمٍ لحكم بلادهم. بل ظلَّ السِّياسيُّون والعسكريُّون في السُّودان يتقاتلون على الثريد الأعفر، ومن النتائج المترتبة على ذلك اندلاع حرب الخامس عشر من أبريل 2023، التي أدخلت السُّودان في نفق مظلم، ودمرت معظم بنياته التحتية، وجعلت ثلث أهله بين حالتي نزوحٍ ولجوء بائستين.
وظل القرار الثالث كابحاً لتفكير النخبة السياسية، القائم على الترضيات الحزبية أكثر من الحلول السياسية المستدامة؛ فتحولت اللجنة المؤقت إلى مجلس سيادي برأسٍ وعضوية خماسية، يمارس سلطات رأس الدولة التي كان يمارسها الحاكم العام البريطاني منفردًا. وبلغ أسلوب الترضيات ذروته في تشكيل آخر مجلس سيادي بعد اتفاق جوبا لسلام السودان لسنة 2020؛ إذ بلغ عدد أعضائه أربعة عشر عضوًا، دون أن يكون لهم أعباء سياسية معلومة.
إذًا أين يكمن خلل العقل السياسي الذي قاد إلى الحرب الدائرة الآن في السودان؟ وهل له رؤية واضحة لإيقاف هذه الحرب اللعينة وإعادة النازحين واللاجئين إلى ديارهم؟ وهل هناك إجابة موضوعية لسؤال كيف يُحكم السودان؟ وهل هناك من طريق ثالث لإعادة بناء دولة سودان ما بعد الحرب، بعيدًا عن إخفاقات النخب السياسية والعسكرية المتراكمة؟ ليس لدي إجابات واضحة لهذه الأسئلة الصعبة، ولذلك أترك الأمر لأهل الرأي وسدنة العقل الاستراتيجي في السودان (إن وجدوا)، علهم يدلوا بدلائهم.
ahmedabushouk62@hotmail.com