دمشق- يتوافد آلاف اللبنانيين والسوريين المقيمين في لبنان بكثافة، منذ الاثنين الماضي، إلى مناطق متفرقة من سوريا عبر مختلف المعابر الحدودية بين البلدين، لا سيما معبر "جديدة يابوس" في ريف دمشق، منذ تصاعد الغارات الإسرائيلية المكثفة قبل أيام.

وأشار مسؤولون في حكومة النظام السوري لوسائل إعلام محلية، خلال اليومين الفائتين، إلى وجود تنسيق مع المنظمات الخيرية وغير الحكومية لتقديم الخدمات الضرورية "للوافدين".

وأعلنت الجهات الرسمية عن تجهيز محافظات طرطوس وحمص ودمشق عددا من مراكز الاستقبال للوافدين، فضلا عن وضع المستشفيات العامة في المناطق الحدودية في حالة جهوزية تامة لاستقبال الجرحى وغيرهم من الحالات.

عدد الوافدين إلى سوريا عبر معبر "جديدة يابوس" بلغ 42 ألفا (مواقع التواصل) مبادرات

وأطلق سوريون عددا من المبادرات الجماعية والفردية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لتأمين المساكن والطعام والدواء وغيرها من الاحتياجات الرئيسية للوافدين من لبنان.

من جهته، كشف جاسم المحمود نائب محافظ ريف دمشق، عن عدد الوافدين إلى سوريا عبر معبر "جديدة يابوس" حتى أمس الخميس، والذي بلغ 42 ألف شخص، من بينهم 31 ألف سوري و11 ألف لبناني. في حين بلغ عدد الوافدين عبر معبري "الجوسيه" و"المطرية" -في آخر إحصاء- 1813 وافدا، بينهم 1230 لبنانيا و583 سوريا.

وتزامنا مع توافد مئات العائلات اللبنانية والسورية إلى المناطق الحدودية السورية وإلى دمشق وريفها، تنشط مجموعات أهلية ومتطوعون سوريون في الميدان وعبر وسائل التواصل لتوفير الاحتياجات الأساسية لتلك العائلات من مأوى وغذاء ورعاية صحية. ولا تزال المجموعات الأهلية في دمشق وريفها تعمل على تنظيم نفسها، بحشد مزيد من المتطوعين وتوفير الموارد اللازمة لتحقيق أفضل استجابة ممكنة.

وفي حديث للجزيرة نت، تقول "صفاء ن" (29 عاما)، وهي متطوعة في "الحملة الأهلية السورية"، إنها أعلنت ومجموعة من أصدقائها عن مبادرة أهلية لدعم الوافدين اللبنانيين والسوريين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وإنهم يعملون على جمع أكبر عدد من المتطوعين لضمان الاستجابة السريعة والمواكبة الفعلية لاحتياجاتهم.

وتضيف "لا نزال في انتظار الموافقات والتصاريح الحكومية الضرورية لمباشرة العمل بشكل آمن وفعال دون التعرض للمُساءلة، وإلى حينها لن نقف مكتوفي الأيدي، فقد وجهنا المجموعة للعمل على تحضير المطابخ الميدانية بهدف تقديم وجبات غذاء للعائلات القادمة من لبنان خلال الأيام القليلة القادمة".

وبينما ينتظر منظمو الحملة حصولهم على التصاريح، يكتفون حاليا بالنشر على مواقع التواصل بحثا عن متطوعين لتأمين السكن والفراش والاحتياجات الأخرى، أو استقبال الأسر النازحة في مختلف المحافظات السورية، حسبما توضح صفاء.

رحلة نزوح

وبدأت عدة مجموعات أهلية تطوعية بتنظيم حملات مشابهة في مختلف المحافظات السورية التي يفِد إليها القادمون من لبنان. وأطلق سوريون مبادرات فردية على مواقع التواصل تتضمن الدعوة للتواصل معهم من أجل تقديم كل ما يلزم.

ويروي علي نور الدين (42 عاما)، وهو وافد من محافظة النبطية في جنوب لبنان إلى دمشق، واقعة نزوحه إلى سوريا بالقول: "اشتد القصف وطال عددا من الأمكنة على مقربة من موقعي السكني. لذا، قررت وعائلتي (8 أفراد) المغادرة على الفور إلى مكان آمن، اتصلت بأحد معارفي في دمشق وأخبرني أنه بإمكاننا القدوم إليه".

ويضيف للجزيرة نت أنهم بالكاد استطاعوا أخذ أوراقهم الرسمية وبعض الأمتعة ليصلوا إلى الحدود السورية عند الخامسة فجرا، و"كانت الإجراءات مُيسرة رغم الازدحام".

وفي حي "دويلعة" القريب من العاصمة دمشق، استقرت العائلة في شقة تعود ملكيتها لأحد المهاجرين السوريين، ويقول علي "أمَّن لنا أحد معارفي في الشام -جزاه الله خيرا- هذه الشقة لنسكنها بشكل مؤقت، وهي تعود لقريبه المقيم في النمسا. وفي حال استمرت الحرب، وأطلنا المكوث هنا، سأستأجر شقة على حسابي الخاص".

ويشير إلى أنه يواجه وعائلته صعوبة في التكيف في دمشق نظرا "لانقطاع الخدمات الرئيسية من مياه وكهرباء لوقت طويل خلال اليوم، وغياب تغطية شبكة الخلوي وتقطعها المستمر، مما يحول دون إمكانية تواصله بشكل جيد مع أقربائه في لبنان للاطمئنان عليهم ومواكبة ما يجري في بلده".

ويخشى علي أن تطول "زيارته" إلى دمشق، فهو هنا بصحبة والدته المسنة وشقيقته الأرملة وأطفالها بالإضافة لزوجته وأطفاله. ويقول: "السوريون أشقاء كرماء ومضيافون لا شك، ولكن إذا طالت الحرب لن أستطيع وعائلتي الصمود لوقت طويل هنا، فما بحوزتنا من مال سينفد عاجلا أو آجلا، والسوريون أنفسهم يعانون لإيجاد فرص العمل والاستقرار، فكيف بي أنا اللبناني؟".

استعداد وتنسيق

في المقابل، تعمل مجالس محافظات دمشق وحمص وطرطوس وعدد من المؤسسات الحكومية المعنية بالتنسيق مع المنظمات الخيرية وغير الحكومية على تنفيذ خطة استجابة سريعة لاحتياجات الوافدين من لبنان.

وأشار محافظ دمشق محمد كريشاتي، في تصريح إذاعي أمس الخميس، إلى تخصيص عدد من الحافلات لنقل القادمين إلى سوريا من معبر "جديدة يابوس" باتجاه العاصمة دمشق، حيث تم تجهيز مركز استضافة يتسع لـ1200 شخص -بالتعاون مع منظمتي الهلال الأحمر والأمانة السورية للتنمية- مزود بكافة الخدمات اللوجستية والطبية.

من ناحيتها، تنشط فرق الهلال الأحمر السوري، حسب منشور للمنظمة على فيسبوك، على المعابر الحدودية مع لبنان على مدار الساعة لتقديم الخدمات الطبية وتوزيع المواد الغذائية وقوارير المياه والخبز على الوافدين.

وفي محافظة حمص، تعمل فرق الهلال الأحمر مع منظمات خيرية لتقديم المساعدات الفورية للنازحين القادمين عبر معبر "الجوسيه" ممن استقروا في منازل مقدمة من أبناء المجتمع المحلي في المحافظة، حسب تصريح أدلى به أمين سر اللجنة الفرعية للإغاثة في حمص عدنان ناعسة لإذاعة محلية، الخميس.

وأضاف ناعسة أن المحافظة خصصت 3 مدارس و4 مراكز إيواء في مدينتي القصير وتلكلخ، ومركزين آخرين في منطقة دير مار إلياس والسيدة العذراء في ريف مدينة القصير لاستقبال النازحين.

بدوره، أكد نائب محافظ ريف دمشق جاسم المحمود، لوسائل إعلام محلية أمس الخميس، توزع الوافدين من لبنان إلى دمشق على مراكز الإيواء التي جهزتها المحافظة في 3 فنادق بمنطقة السيدة زينب، جنوبي العاصمة، ومراكز إيواء أخرى في مناطق الحرجلة والدوير ويبرود والنبك وداريا بريف دمشق.

بينما خصص الهلال الأحمر السوري خطوطا ساخنة للتواصل والإبلاغ عن وجود وافدين بحاجة إلى مساعدات إغاثية وإنسانية في مختلف المحافظات السورية.

وتستمر أزمة النزوح اللبناني لليوم الخامس على التوالي بعد الهجوم الإسرائيلي المكثف على لبنان، الذي تسبب حتى الآن في مغادرة نحو نصف مليون لبناني مناطق سكنهم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الهلال الأحمر مواقع التواصل جدیدة یابوس إلى سوریا من لبنان إلى دمشق عبر معبر ریف دمشق

إقرأ أيضاً:

مسؤول إيراني لمبعوث يونامي في بغداد: نحذر من سريان الانفلات الأمني في سوريا إلى العراق

بغداد اليوم - متابعة

قال رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية كمال خرازي، اليوم الأربعاء (18 كانون الأول 2024)، إن "الخطة الكبرى لتقليص قوة دول المنطقة في مواجهة عدوان النظام الصهيوني، بما في ذلك تدمير سوريا كدولة داعمة للمقاومة، كانت دائما على أجندة الولايات المتحدة والكيان الصهيوني"، محذراً من انتشار الانفلات الأمني من سوريا إلى العراق وطالب باتخاذ إجراءات فورية من الأمين العام ومجلس الأمن الدولي في هذا الصدد.

وذكرت وسائل إعلام رسمية إيرانية، إن حديث خرازي جاء خلال استقباله محمد الحسان الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للشؤون العراقية الذي وصل إلى طهران في وقت متأخر من مساء الثلاثاء.

وبحسب الإعلام الإيراني، استعرضت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق" المعروفة بـ"يونامي" أهم التطورات التي تشهدها المنطقة وتأثيراتها على العراق.

وأوضح خرازي أن الخطة الكبرى لتقليص قوة دول المنطقة في مواجهة العدوان الصهيوني إن تدمير سوريا كدولة داعمة للمقاومة، كان دائما على جدول أعمال الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، لذلك وكانت هذه هي المرة الأولى التي يقول فيها أوباما إن "الأسد يجب أن يرحل".

وأعرب خرازي وهو وزير خارجية إيران الأسبق عن قلقه إزاء التطورات في سوريا، لا سيما بسبب استغلال النظام الصهيوني لفراغ السلطة في سوريا وانتهاك سيادة ذلك البلد ووحدة أراضيه من خلال القصف المكثف والبنى التحتية العسكرية والمدنية.

وحذر من "خطر تفكك سوريا بسبب لتعدد مصالح الأجانب فيما يتعلق بانتشار الانفلات الأمني، وحث العراق على اتخاذ إجراءات أمنية صارمة لمنع تسرب ما يحدث في سوريا إلى العراق".

وأكد رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية استعداد الجمهورية الإسلامية الإيرانية لمساعدة الأمم المتحدة في تنفيذ مهامها.

بدوره أعرب الحسان في هذا اللقاء عن أمله في نجاح مهمة بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق، رغم المخاوف القائمة من خلال تقديم تقرير عن أنشطة يونامي.


مقالات مشابهة

  • الحدود السورية الأردنية تشهد توافدا متواصلا للعائدين
  • عودة الحركة تدريجيا إلى معبر نصيب الحدودي بين سوريا والأردن
  • مسؤول إيراني لمبعوث يونامي في بغداد: نحذر من سريان الانفلات الأمني في سوريا إلى العراق
  • الأردن يسمح بدخول شاحناته إلى سوريا.. دمشق تلغي الرسوم على معبر نصيب
  • هواجس لبنانية من تطورات سورية
  • المجلس الوطني الارثوذكسي: ما حصل في سوريا إنذار لنا
  • ميقاتي يوجه بإعادة فتح سفارة لبنان في سوريا بعد سقوط نظام الأسد
  • كشفت ظروف خروجه من سوريا.. الرئاسة السورية تنشر بيانا وتنسبه إلى بشار الأسد
  • تحدث للمرة الأولى.. الرئاسة السورية تكشف كواليس خروج الأسد من سوريا
  • سيطرة “إسرائيل” على سوريا.. مقدّمة لحرب ضدّ إيران